الهدنة تسقط في الشمال السوري وفصائل الجنوب تتفرغ لقتال «داعش»

المستشار القانوني لـ«الحر»: لم نتخذ القرار بإلغائها لكننا متمسكون بحقنا في الرد

الهدنة تسقط في الشمال السوري وفصائل الجنوب تتفرغ لقتال «داعش»
TT

الهدنة تسقط في الشمال السوري وفصائل الجنوب تتفرغ لقتال «داعش»

الهدنة تسقط في الشمال السوري وفصائل الجنوب تتفرغ لقتال «داعش»

كشف التصعيد الميداني في شمال سوريا، وانتشار المعارك على نطاق واسع جدًا شمل جميع المحافظات الشمالية، أن اتفاق الهدنة انهار عمليًا، رغم أن اتفاق الهدنة المعروف تحت اسم «اتفاق وقف الأعمال العدائية» الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو، لا يزال صامدًا في جنوب سوريا، حيث «تتفرغ قوات المعارضة لمهاجمة القوات الحليفة لتنظيم داعش وحركة المثنى المتشددة».
وانفجرت المعارك أمس على نطاق واسع في شمال سوريا، تمددت من ريف اللاذقية باتجاه ريفي حماه وحمص الشمالي، كما اتسعت المعارك من تلة العيس الاستراتيجية بريف حلب الجنوبي، إلى مناطق أخرى في المنطقة، بموازاة قصف استهدف أحياء الشيخ مقصود الذي يسكنه الأكراد في مدينة حلب، وغارات جوية استهدفت مناطق واسعة في محافظات الشمال.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن مؤشرات انهيار الهدنة في الشمال، باتت واضحة جدًا، بدليل «المعارك التي اندلعت في ريف حماه الشمالي وريف حمص الشمالي»، مشيرًا إلى أن ذلك يوضح أن «الاتفاق الروسي الأميركي على الهدنة حول دمشق وفي الجنوب ما زال صامدًا، بينما الاتفاق الإيراني – التركي في الشمال ينهار تدريجيًا».
وبينما أكد عبد الرحمن أن التطورات العسكرية الحالية «هي انهيار عملي لاتفاق الهدنة»، قال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «لم نتخذ القرار بإلغاء الهدنة، لكننا متمسكون بحقنا في الرد»، مشيرًا إلى أن الهجمات التي نفذتها قوات المعارضة «تأتي في سياق الرد الطبيعي على خروقات النظام للهدنة»، وأن ما يحصل «هو بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي أننا لا نتفرج على خروقات النظام الذي لم يظهر جدية باحترام هذا الاتفاق».
وأوضح أبو زيد أن النظام «واظب على خرق الهدنة بالغوطة الشرقية، كما ارتكب مجزرة بحق الأطفال في مدرسة في زبدين، ونحن لا نرضى أن تستمر تلك الخروق، ما يمنحنا الحق بالرد، خصوصا أن المجتمع الدولي لم يقدم أي شيء لجهة منع النظام من إيقاف القتل واستخدام البراميل المتفجرة».
وأمام هذا المشهد، رأى أبو زيد أن «ثبات الهدنة بات في خطر، فالنظام لم يلتزم بتطبيق المدخل الإنساني للعملية السياسية على صعيد تطبيق بنود الهدنة المرتبطة بالإفراج عن المعتقلين وفك الحصار عن المناطق وإدخال المساعدات إليها، وهي شروط لنا لإكمال المفاوضات في جنيف».
وفي مقابل العمليات العسكرية بين النظام وقوات المعارضة مدعومة بمقاتلين من «جبهة النصرة»، تنشغل قوات المعارضة في قتال لواء «شهداء اليرموك» التابع لتنظيم داعش في ريف درعا في جنوب سوريا، بينما تتواصل بعض المعارك في الغوطة الشرقية، أبرزها على جبهة المرج في الغوطة الشرقية. وقال أبو زيد: «الجيش الحر توصل إلى الهدنة مع قوات النظام قبل ضلوع النظام في الخروقات، وبقيت الهدنة قائمة إلى حد كبير في منطقة جنوب سوريا، لكن مع (داعش)، لا وجود للهدنة أساسًا، حيث تواصلت المعارك ضد التنظيم ولواء (شهداء اليرموك) وحركة المثنى».
وانفجرت سيارة مفخخة، أمس، وسط مدينة معرة النعمان الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف إدلب الشرقي، أسفرت عن مقتل امرأة وإصابة آخرين بجروح، إضافة لأضرار مادية كبيرة، بينما اندلعت اشتباكات بين القوات النظامية وفصائل المعارضة، في محيط قرية خنيفس بريف حماه الجنوبي، في محاولة من الفصائل للسيطرة عليها، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهما.
هذا، وشن الطيران الحربي النظامي، أربع غارات بالصواريخ الفراغية على قرية عز الدين في ريف حمص الشرقي، فيما ألقى الطيران المروحي برميلين متفجرين، على محيط قرية دير فول في الريف الشمالي، مما أدى لأضرار مادية، بحسب ما أفاد ناشطون.
بدوره، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات النظام قصفت مناطق في بلدة عندان بريف حلب الشمالي، في حين قضى قائد عسكري وهو مقدم منشق عن قوات النظام خلال اشتباكات مع وحدات حماية الشعب الكردي بمحيط حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، بينما ارتفع إلى 7 بينهم مواطنة عدد القتلى الذين قضوا الأحد جراء قصف الفصائل الإسلامية والمقاتلة مناطق سيطرة قوات النظام في حيي الأعظمية والحمدانية بمدينة حلب، كذلك ارتفع إلى 10 بينهم 3 أطفال وسيدة مسنة عدد الشهداء الذين قضوا جراء القصف المستمر للفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة على حي الشيخ مقصود.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.