اليونان تعيد أول دفعة من اللاجئين إلى تركيا وفقًا للاتفاق الأوروبي

جرت بهدوء في ليسبوس.. وجرحى في اشتباك الشرطة مع سكان محتجين في خيوس

مهاجرون ولاجئون يرددون هتافات وهم يقطعون طريقا قرب الحدود اليونانية ــ المقدونية أمس (رويترز)
مهاجرون ولاجئون يرددون هتافات وهم يقطعون طريقا قرب الحدود اليونانية ــ المقدونية أمس (رويترز)
TT

اليونان تعيد أول دفعة من اللاجئين إلى تركيا وفقًا للاتفاق الأوروبي

مهاجرون ولاجئون يرددون هتافات وهم يقطعون طريقا قرب الحدود اليونانية ــ المقدونية أمس (رويترز)
مهاجرون ولاجئون يرددون هتافات وهم يقطعون طريقا قرب الحدود اليونانية ــ المقدونية أمس (رويترز)

أبحرت، صباح أمس، سفينتان تركيتان استأجرتهما قوات حرس الحدود الأوروبية (فورنتكس)، من ميناء ليسبوس شرق اليونان باتجاه تركيا، حيث تمت إعادة 136 مهاجرا، معظمهم من باكستان، واثنان فقط من سوريا، ولم يكن وسط المبعدين أي سيدات أو أطفال، وجميعهم مهاجرون اقتصاديون وليسوا لاجئين، قد وصلوا إلى اليونان بعد 20 من مارس (آذار).
وأبحرت السفينتان الصغريان من جزيرة ليسبوس اليونانية إلى بلدة ديكيلي التركية الساحلية الواقعة قبالة بحر إيجه، ووفقا للمصادر فإن «نحو 750 لاجئا ستتم إعادتهم إلى تركيا بين أمس وغد (الأربعاء)، في مرحلة أولى من عمليات الترحيل». ومن دون أن يظهروا علامات رفض أو غضب، غادر المهاجرون مراكز الإيواء التي وضعوا فيها منذ 20 مارس في موريا (ليسبوس) وفيال (خيوس) في حافلات تحرسها عناصر من الشرطة اليونانية ومن الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود (فرونتكس).
وفي صورة تم تداولها على موقع «تويتر»، ويبدو أنها التقطت على متن أحد القوارب، يسود جو كئيب. إذ بدا كل اثنين من المهاجرين يرافقهما عنصران من عناصر «فرونتكس»، ووضعوا أقنعة على وجوه أغلبيتهم.
وأشارت السلطات اليونانية إلى أن «المجموعة التي تم ترحيلها تضم سوريين اثنين، بالإضافة إلى باكستانيين وأفغان وبنغلادشيين. ولم يتقدم هؤلاء بطلبات لجوء. وكان سيتم ترحيلهم في كل الأحوال بوجود اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا أو بغيابه».
وقالت مصادر في شرطة ليسبوس إن اللاجئين تزاحموا في اللحظة الأخيرة لتقديم طلبات اللجوء تجنبا لترحيلهم، وبموجب الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، فإن أنقرة ستستعيد جميع المهاجرين واللاجئين، ويشمل ذلك السوريين الذين يدخلون اليونان بطريقة غير مشروعة مقابل استيعاب الاتحاد آلاف اللاجئين السوريين من تركيا مباشرة ومنح أنقرة مزيدا من الأموال، إلى جانب إحراز تقدم في المفاوضات الرامية إلى انضمامها لعضوية الاتحاد. ويدعو الاتفاق إلى دراسة حالة كل لاجئ على حدة، لكن كثيرين اشتكوا من أنهم لم يعطوا وقتا كافيا لإنهاء إجراءات اللجوء الخاصة بهم، وهناك أكثر من 52 ألف لاجئ حاليا في اليونان وفق الأرقام الرسمية، وتحاول السلطات اليونانية إيجاد مساحة لثلاثين ألفا إضافيين في مخيمات جديدة.
وتم ترحيل المهاجرين وسط احتجاجات من قبل المنظمات الحقوقية التي ترى أن الاتفاق الأوروبي التركي غير إنساني وغير قانوني، ولكن لم تحدث أي عمليات عنف أو مواجهات أثناء الترحيل، ورافق كل مهاجر شرطي من قوات السواحل الأوروبية (فورنتكس).
ووفقا لتقارير السلطات اليونانية فإن مجموعة ما تم إبعاده أمس 202 شخص، من ليسبوس 136، ومن جزيرة خيوس 66 شخصا، والـ136 لاجئا من ليسبوس، بينهم 124 من باكستان، وأربعة من سريلانكا، واثنان من الهند، وثلاثة من بنغلاديش، وواحد من العراق، واثنان من سوريا، وفي الوقت نفسه تقريبا غادرت من جزيرة خيوس سفينة على متنها 66 مهاجرا، بينهم عشر نساء، وهم: 42 من أفغانستان، وعشرة من إيران، وستة من باكستان، وواحد من كل من الهند وساحل العاج والصومال، وخمسة من الكونغو.
في غضون ذلك، ساد التوتر مساء أول من أمس في جزيرة خيوس، إثر اشتباك وقع بين سكان محتجين ووحدة لمكافحة الشغب، وبدأ الإشكال عندما رفض السكان نقل المهاجرين المبعدين إلى منطقتهم، وبالتحديد إلى أحد المباني إلى حين استكمال إجراءات تسجيلهم وتحديد هوياتهم ونقلهم إلى الميناء.
ووفقا للمصادر فإن السكان كانوا يعترضون بصورة سلمية على مرور حافلات الشرطة، فهاجمتهم شرطة مكافحة الشغب، مما أدى إلى إصابة ثلاثة من السكان بجروح ونقلهم إلى المستشفى. من جانبها قالت المفوضية الأوروبية إن تركيا أوفت بالتزاماتها القانونية المتعلقة باستعادة مهاجرين من اليونان بموجب خطة مثيرة للجدل للاتحاد الأوروبي لوقف طريق تهريب البشر عبر بحر إيجه. وردت متحدثة باسم المفوضية على سؤال عما إذا كانت تركيا أوفت بجميع التزاماتها فيما يتعلق بأول زوارق مهاجرين تصل أمس الاثنين، قائلة «نعم». وأضافت أن إعادة المهاجرين واللاجئين إلى تركيا بموجب اتفاق مع الاتحاد الأوروبي للتحكم في الهجرة إلى أوروبا تعد «سياسة طبيعية» حتى الآن، لكنها ستتابع تنفيذها.
وذكرت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين، ميليسا فليمينغ، أن عاملين بالمفوضية سبق أن تحدثوا مع الأشخاص المرحلين، وأنهم «لم يعبروا عن نيتهم طلب اللجوء». وأضافت أن السلطات اليونانية تواجه مصاعب في بحث طلبات اللجوء وتحتاج المساعدة. وتابعت فليمينغ أن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا من المتوقع أن يحمي الأشخاص الذين يخشون على حياتهم أو «لديهم مخاوف مبررة من الاضطهاد» إذا أرسلوا إلى بلادهم أو دولة أخرى.
وبمقتضى الاتفاق الأوروبي التركي، فإنه من المتوقع إعادة المهاجرين الذين يصلون بشكل غير شرعي لليونان إلى تركيا إذا لم يتقدموا بطلب لجوء أو إذا تم رفض طلبهم، ومقابل كل مهاجر سوري يعود إلى تركيا، فإنه من المقرر أن يأخذ الاتحاد سوريا آخر قدم طلبا مشروعا. وحصلت تركيا على مساعدات مالية وتنازلات سياسية باعتبارها جزءا من الاتفاق.
وأثارت هذه الترتيبات قلق الجماعات الحقوقية التي تقول إن تركيا ليست بلدا آمنا للمهاجرين، وتتهم منظمة العفو الدولية تركيا بأنها تجبر وبشكل غير مشروع السوريين على العودة إلى بلادهم، وهو ما تنفيه تركيا، ووصفت منظمة «أنقذوا الأطفال» الاتفاق بأنه «غير شرعي وغير إنساني»، قائلة إن الناس أبلغوها بأنهم سيقتلون أنفسهم إذا تمت إعادتهم إلى تركيا.
ومنذ تم التوصل إلى الاتفاق في مارس الماضي، يصل نحو 400 شخص يوميا إلى الجزر اليونانية، ووجد الآلاف منهم أنفسهم محتجزين في اليونان بعد إغلاق دول الشمال حدودها. وتقع اشتباكات في المخيمات التي تعيش ظروفا قاسية.
على صعيد آخر، زارت نادية مراد باسي طه، الفتاة الإيزيدية التي تعرضت للسبي على أيدي تنظيم داعش، وزارت مخيم اللاجئين في إيذوميني على حدود اليونان مع جمهورية يوغسلافيا السابقة، وجمهورية مقدونيا، وكانت قد التقت نادية مراد قبل أيام في أثينا رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس.
وتبادلت نادية مراد الحديث مع أبناء جلدتها الموجودين مع لاجئين آخرين في إيذوميني، كما أجرت اتصالات مع اللاجئين الذين أغلقوا منذ يوم السبت الطريق الدولي الذي يربط ثيسالونيكي مع إيفذونون عند محطة البنزين في بوليكاسترو. ووصفت الفتاة الإيزيدية الوضع في إيذوميني وبيريوس بغير المقبول وقالت إن «ما يحدث يمثل أزمة إنسانية».
وذكرت الفتاة الإيزيدية أنها لمست خلال اتصالاتها مع اللاجئين حالة إحباط، وجميعهم تقريبا قالوا إنهم ينتظرون فتح الحدود رغم أنها أوضحت لهم أن الحدود لن تفتح، وأن من مصلحتهم الانتقال إلى مراكز الاستضافة المؤقتة،



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».