رئيس الحركة الشعبية المسلحة في السودان: السلام خيارنا الاستراتيجي.. ولا دعم من جوبا

مالك عقار أكد لـ «الشرق الأوسط» أن حركته لن توقع على وثيقة ثابو مبيكي لمخالفتها قرار مجلس السلم

مالك عقار
مالك عقار
TT

رئيس الحركة الشعبية المسلحة في السودان: السلام خيارنا الاستراتيجي.. ولا دعم من جوبا

مالك عقار
مالك عقار

أكد رئيس الحركة الشعبية المسلحة في السودان، مالك عقار، أن «الخيار السلمي» يمثل استراتيجية حركته، وكذلك كل أطياف المعارضة، وأن الحرب ضد الحكومة السودانية «ليست خيارا». لكنه في المقابل أكد أن حركته لن توقع على وثيقة خريطة الطريق للحل السلمي التي قدمتها الآلية الأفريقية الرفيعة ووقعت عليها الحكومة السودانية على نحو انفرادي، في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا «مهما كانت الضغوط»، معتبرًا أن الوساطة خالفت قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم 539 الذي نص على دعوة الحكومة والمعارضة بكل أطرافها لعقد لقاء تحضيري يسبق الحوار الوطني، وهي دعوة للاستسلام. ونفى عقار في حوار مع «الشرق الأوسط» أجري عبر الهاتف، وجود أي دعم من دولة جنوب السودان لقوات الجيش الشعبي التابعة للحركة، التي تقاتل القوات الحكومية في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وقال: «هذه شماعة وتضليل لدفن الرؤوس في الرمال»، مشيرًا إلى أن الحكومة السودانية لديها 3 آلاف عين داخل جوبا وتعلم كل شيء هناك.
* لماذا رفضت الحركة الشعبية وقوى المعارضة الأخرى التوقيع على خريطة الطريق الأفريقية في أديس أبابا؟
- أولاً، مجلس السلم والأمن الأفريقي هو الذي منح رئيس الوساطة الأفريقية ثابو مبيكي (رئيس جنوب أفريقيا السابق) التفويض والصلاحية وفق القرار (539) للدعوة إلى مؤتمر تحضيري يضم الحكومة السودانية، والمعارضة من الجبهة الثورية بشقيها، قوى الإجماع وحزب الأمة القومي ومنظمات المجتمع المدني، وقد قدم مبيكي هذه الدعوة في سبتمبر (أيلول) العام الماضي، لكن الحكومة رفضت اللقاء بحجة أن قوى الإجماع موجودة في الخرطوم، ويمكن أن تتحاور معها في الخرطوم.. والحركات المسلحة وحزب الأمة في الخارج يمكن أن يجري معها لقاء في أديس أبابا.
غير أن مبيكي انقلب على قرار مجلس السلم والأمن، ودعا إلى لقاء تشاوري لإرضاء الحكومة بعد رفضها اللقاء التحضيري، ومع ذلك وافقت المعارضة على أن تشارك في اللقاء التشاوري، الذي عقد في أديس أبابا، واقتصر اللقاء على جمع وفدي الحكومة، الحركة الشعبية، وحزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، وحركتي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والعدل والمساواة. وظلت الحكومة متمسكة برفض مشاركة القوى الأخرى، ومنها قوى الإجماع، باعتبار أنها موجودة في الداخل، وللأسف مبيكي اتفق مع رؤية الحكومة برفض دعوة قوى الإجماع ثم قام بوضع وثيقة خريطة الطريق على نهج الخرطوم التي ظلت تعمل على تقسيم المعارضة وتجزئة الحلول، قد يكون للآلية الأفريقية وجهة نظر نحن لا نعلم بها، نحن في الحركة الشعبية نرفضها ولن نوقع عليها مهما تكاثرت الضغوط علينا.
* ولكن ما خلافكم مع الوثيقة نفسها (خريطة الطريق)؟
- نحن مع الحل الشامل الذي يوقف الحرب، وحوار وطني شامل لا يعزل أي طرف، وتحقيق دولة المواطنة التي يجد الجميع حقه فيها بما فيه المؤتمر الوطني، ونرفض الحلول الجزئية، ولذلك لن ندخل في أي حوار ثنائي أو حلول تعيد إنتاج الأزمة. ونحن في المعارضة لدينا خريطة طريق وقعنا عليها في باريس، ويمكن أن يستعين بها مبيكي.
* هل طالبتم باستبدال رئيس الآلية الأفريقية ثابو مبيكي بشخص آخر بعد الأزمة التي حدثت مؤخرًا أم ستتمسكون به؟
- لم نطالب بتغيير رئيس الآلية ثابو مبيكي، ولكن اطلعنا على ذلك من خلال التواصل الاجتماعي والإعلام، لكن نحن في الحركة الشعبية لم نطالب بتغيير الوسيط، ولكن عليه أن يقوم بعملية تقييم لمسيرة وساطته ليرى إلى أي مدى نجح وفيم أخفق.
* كيف ستتعاملون معه إذا دعا إلى لقاء جديد معكم وطلب منكم التوقيع على الوثيقة؟
- لم يقدم الرئيس ثابو مبيكي أي دعوة لنا منذ انتهى الأمر بوثيقة خريطة الطريق، وليس لدينا مانع من تلبية دعوته ولن نرفضها، ولكن لن نوقع على خريطة الطريق ولن نكون جزءًا منها، ومن الحكمة والذكاء ألا يدعو مبيكي لهذه الوثيقة مرة أخرى. بوضوح قلنا وسنظل نردد ذلك أن أي وثيقة لا توقف الحرب وتعالج قضاياها لن نوافق عليها، ونعتقد أن خريطة طريق مبيكي ما هي إلا دعوة للحركات، لكي تستسلم بطريقة غير معلنة. ومبيكي لا يعرف الطريق إلى الخرطوم أكثر منا، والاستسلام لا يحتاج إلى وساطة.
* المعارضة منقسمة على نفسها - كما يردد البعض - كيف ستواجهون الحكومة بانقسامكم؟
- نعم، المعارضة فيها تكوينات مختلفة من أحزاب أو حركات لديها أفكار وأهداف متباينة، لكن هذه القوى متفقة على أن مستقبل السودان في الديمقراطية، والحرية، والمساواة والعدالة، ووقف الحرب. نحن متفقون على الأهداف واللغة مشتركة.
* تم الإعلان عن اجتماع لقوى نداء السودان، هل هي الفرصة الأخيرة لتحالف المعارضة؟
- الآن نعمل على هيكلة قوى نداء السودان وأعتقد في مايو (أيار) المقبل سنكمل هذه الخطوة لندخل في مرحلة تليها بضم الأحزاب المعارضة الأخرى، وهذا هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يوحد المعارضة. قد تكون هنالك أحزاب معارضة لكنها تتفق مع الحكومة في المنهج والفكر وتختلف في الوسائل، لذلك علينا أن نراجع من هو الحزب المعارض الحقيقي عن الآخر، الذي يريد أن يلعب على كل الحبال، علينا خلق التوازن لكي نحقق دولة المواطنة والتعددية.
* ظهر تحالف جديد باسم قوى المستقبل يضم قيادات سابقة في الحزب الحاكم، هل يمكن أن تتعاملوا معه لاحقًا؟
- موقفنا واضح من قضايا العمل المعارض، لا حجر على أي جهة من أن تعلن معارضتها للحكومة، وموقفنا من قوى المستقبل أنها تضم قيادات وأحزاب لدينا تحفظات واضحة عليها بدءًا من أهدافها وأفكارها التي لا تتماشى مع أهدافنا ورؤيتنا ولا تتوافق معنا، ونحن لا نجامل في ذلك.
* ماذا عن الجبهة الثورية التي انشقت، هل يمكن أن يعاد توحيدها؟
- تم تشكيل مجموعة من الجبهة الثورية (أ) التي تشكل طرفنا للمناقشة مع الجبهة الثورية (ب) وتمثل الطرف الآخر لتقريب وجهات النظر، لا أعتقد أن تعود الجبهة الثورية كتنظيم واحد في وقت قريب، ولكن هناك اتفاق بين الطرفين بأن يتم التنسيق في المواقف السياسية الكبيرة مثل المفاوضات التي جرت في أديس أبابا مؤخرًا، حيث اتفقنا على تقديم موقف تفاوضي موحد وسنفعل ذلك في كل مفاوضات.
* الحكومة تقول إن دولة جنوب السودان وإسرائيل تقدمان دعمهما العسكري لكم، ما ردكم على ذلك؟
- عندما نحقق انتصارات.. يأتي اتهامنا بأن إسرائيل وجنوب السودان تقفان وراءنا. لكن الجديد هذه المرة أنه لم يتم اتهام الولايات المتحدة، التي كان يشملها الاتهام مع جنوب السودان وإسرائيل.. ويبدو أن الحكومة تنتظر شيئًا ما من واشنطن. الحكومة السودانية تعرف بالدقيقة والثانية ما يحدث في دولة جنوب السودان، لأن لديها أكثر من 3 آلاف عين هناك. هذه شماعة وتضليل لدفن الرؤوس في الرمال.. ليس لدينا علاقة مع جوبا، وهي لا علاقة لها بالحرب الجارية في السودان.
* ولماذا ترفضون إذن اللحاق بالحوار الجاري في الخرطوم؟
- كما تعلم أن هذه الحرب ليست خيارنا كما أنها ليست حربنا، نحن في حالة دفاع عن الناس، والحوار له شروط منها إجراء اللقاء التحضيري قبل الحوار للاتفاق على آلية الحوار ورئاسته وأجندته. لا يمكن أن تدير الخرطوم الحوار ونبصم عليه نحن. لاحظنا في الحوار الجاري في الخرطوم أن مخرجاته تم تغييرها ثلاث مرات، لأنها لم تتوافق مع مزاجها، نحن لا نقبل أن يتم إلحاقنا، وهي كلمة مستفزة جدًا. نحن مع الخيار السلمي والحوار الذي يرضي الجميع، وهذا خيارنا الاستراتيجي. نريد معالجة العلاقة بين المركز والهامش ونوقف الحرب لأنها ليست خيارنا، ونعالج أسبابها، والاتفاق على الهوية السودانية.
* أعلنت قيادية في المؤتمر الوطني الحاكم نهاية الشهر الماضي أنها ستقوم بعملية انتحارية لقتل قيادة الحركة.. هل تأخذون هذا الإعلان مأخذ الجد؟
- لا أعرف قائدًا سياسيًا يقول إنه يريد أن يقوم بعملية انتحارية ضد خصومه، هذا يعبر عن إفلاس سياسي. هذا نهج «داعشي». هي أدلت بتصريحها في منبر وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، ومع ذلك، فإن الحزب الحاكم لم يتبرأ أو ينفي تلك التصريحات.
* الخرطوم أصبحت لديها علاقات متميزة في الإقليم ومع المجتمع الدولي، خاصة مع أوروبا.. هل تعتقد أن ذلك يؤثر عليكم؟
- لا أعرف مقاييسك للنظر في تحسن العلاقات بين الدول، هذه أحداث عارضة ومؤقتة، مثلا يحدث في أوروبا، حيث تشهد هجرة غير شرعية، ويعتبر السودان دولة مصدر ومعبر للمهاجرين، لكن كل هذه أمور وقتية وستنتهي.
* هناك من يعتقد أن أي تغيير في السودان سيقود إلى فوضى وظهور «داعش» في قلب الخرطوم كما يحدث في ليبيا.. ما تعليقكم؟
- هذا الكلام سمعنا به منذ أيام حكم الرئيس الأسبق إبراهيم عبود (1958 - 1964).. وحدثت الانتفاضة الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) 1964، والتي أطاحت بحكمه، ثم تكرر الحديث ذاته في حكم الرئيس السابق جعفر نميري (1969 - 1985) وأيضًا خلعته عن كرسيه انتفاضة أبريل (نيسان) 1985، ونحن نعيش ذكراها هذه الأيام.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.