واشنطن تتجه لتعديل خطّة تدريب المعارضة منعًا لسيطرة النظام على مناطق «داعش»

الإدارة الأميركية تدرس خطة لزيادة عدد قواتها الخاصة التي أرسلت إلى سوريا

طفلة سورية مع أسرتها في إحدى الخيام بمعسكر اللاجئين في بلدة دانا جنوب إدلب (رويترز)
طفلة سورية مع أسرتها في إحدى الخيام بمعسكر اللاجئين في بلدة دانا جنوب إدلب (رويترز)
TT

واشنطن تتجه لتعديل خطّة تدريب المعارضة منعًا لسيطرة النظام على مناطق «داعش»

طفلة سورية مع أسرتها في إحدى الخيام بمعسكر اللاجئين في بلدة دانا جنوب إدلب (رويترز)
طفلة سورية مع أسرتها في إحدى الخيام بمعسكر اللاجئين في بلدة دانا جنوب إدلب (رويترز)

رأت المعارضة السورية في الإعلان الأميركي الأخير حول نيتها إعادة العمل على برنامج تدريب وتجهيز جديد للفصائل، إشارة إلى استدراك الولايات المتحدة أهمية تقديم الدعم للمعارضة لقطع الطريق أمام النظام ومنع سيطرته على المناطق التي يتم تحريرها من تنظيم «داعش»، وذلك بناء على مستجدات عسكرية كانت فصائل معارضة قد حقّقتها في الفترة الأخيرة.
وكان متحدث عسكري أميركي أعلن أن الجيش الأميركي يعمل حاليا مع «عشرات» من مقاتلي المعارضة السورية في إطار برنامج تدريب وتجهيز مجدد بعد مبادرة سابقة لم تنجح، فيما قال مسؤولون أميركيون لوكالة «رويترز» أن الإدارة الأميركية تدرس خطة لزيادة عدد القوات الخاصة الأميركية التي أرسلت إلى سوريا بشكل كبير مع تطلعها للتعجيل بالمكاسب التي تم تحقيقها في الآونة الأخيرة ضد تنظيم داعش.
وامتنع المسؤولون الذين على علم مباشر بتفاصيل الاقتراح عن كشف النقاب عن الزيادة التي يجري دراستها على وجه الدقة. ولكن أحدهم قال إنها ستجعل وحدة عمليات القوات الخاصة الأميركية أكبر عدة مرات من حجم القوة الموجودة حاليا في سوريا والمؤلفة من نحو 50 جنديا، حيث يعملون إلى حد كبير كمستشارين بعيدا عن خطوط المواجهة.
وقال القيادي في «الجيش الحر» أبو أحمد العاصمي، لـ«الشرق الأوسط»: «المستجدات العسكرية الأخيرة وضعت المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية أمام خيارين إما أن يستولي النظام على المناطق الخاضعة لسيطرة داعش كما حصل في تدمر، وهو الأمر الذي قد يمنحه المزيد من القوة لرفض الحل السياسي أو عليها تقديم الدعم اللازم للمعارضة، وبالتالي، فإن التصريحات الأخيرة لمسؤولين أميركيين، تشير إلى أنّهم سيتخذون الخيار الثاني». وأضاف: «كذلك فإن الدعم غير المحدود للأكراد ولا سيما حزب الاتحاد الديمقراطي سيعزّز طموح هؤلاء نحو الفيدرالية أو الانفصال، وهو الأمر الذي سبق أن أكد رفضهم له مسؤولون أميركيون، كما أنه إذا تحقّق قد يضع المعارضة في مواجهة مع الأكراد لا سيما في ظل الحديث أنّهم سيقودون معركة الرقة».
ولفت العاصمي إلى أن التجربة الأميركية مع «جبهة الأصالة والتنمية» التي نجحت في تحرير معبر التنف على الحدود العراقية بعد خضوع العشرات من عناصرها لتدريبات أميركية في الأردن، أثبتت أن خطة التدريب، إذا درست ونفذت بطريقة صحيحة تؤدي إلى نتائج إيجابية. من هنا، يرى العاصمي، أن الخطة الأميركية الجديدة قد تلحظ الأخطاء السابقة، خاصة تلك المتعلقة باستبعاد فصائل معارضة لها حضورها الأساسي على الأرض، على غرار، «أحرار الشام والجبهة الشامية وفيلق الشام والفرقة 13»، إذ أن عدم التنسيق معها سيحول دون نجاح الخطة، مؤكدا «لذا فإن غياب أي استراتيجية واضحة سيؤدي إلى الفشل السابق»، وأضاف: «يبدو أن هناك تغيرا في هذا الإطار لدى الجانب الأميركي بعدما أثبتت بعض الفصائل نجاحها على الأرض، إضافة إلى أن بعضها على علاقة جيدة مع تركيا التي قد تلعب دورا إيجابيا نحو تصويب الخطة الأميركية».
من جهته، قال مصدر قيادي في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم البحث لغاية الآن مع المعارضة العسكرية في خطّة التدريب الأميركية، مضيفا: «سبق لنا أن طرحنا هذا الموضوع مع الجانب التركي للمساعدة في مواجهة داعش، ويبدو أن أنقرة تضغط على الجانب الأميركي في هذا الإطار». وأضاف: «وتركزت المباحثات مع المسؤولين الأتراك على أهمية سدّ الثغرات التي كانت تشوب الخطط الأميركية القديمة سواء لجهة أعداد المقاتلين القليلة، أو لجهة دعمنا بأنواع الأسلحة الضرورية لمحاربة التنظيم، إذ إنه وإضافة إلى حظر تلك المضادة للطيران كان يمنع علينا الحصول على أجهزة خاصة بإزالة الألغام، وهو الأمر الذي يكلفنا في كل مواجهة مع داعش خسارة عدد كبير من مقاتلينا».
وقبل بدء الهدنة المستمرة منذ أكثر من شهر، كانت المعارضة قد تلقت وعودا من قبل المبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني لممثلي الهيئة العليا التفاوضية بحصولها على الدعم والسلاح في حال تم خرق الهدنة من قبل النظام السوري، بحسب ما أشارت مصادر قيادية في المعارضة السورية في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط».
مع العلم، أن وزارة الدفاع الأميركية كانت تعرضت لانتقادات حادة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ إن البرنامج الذي بدأته مطلع العام 2015 بكلفة 500 مليون دولار كان يتضمن تدريب نحو خمسة آلاف معارض سوري «معتدل» سنويا لقتال تنظيم داعش، لكن الفشل كان ذريعا بحيث إنه لم يسمح سوى بتدريب عشرات المقاتلين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».