رأت المعارضة السورية في الإعلان الأميركي الأخير حول نيتها إعادة العمل على برنامج تدريب وتجهيز جديد للفصائل، إشارة إلى استدراك الولايات المتحدة أهمية تقديم الدعم للمعارضة لقطع الطريق أمام النظام ومنع سيطرته على المناطق التي يتم تحريرها من تنظيم «داعش»، وذلك بناء على مستجدات عسكرية كانت فصائل معارضة قد حقّقتها في الفترة الأخيرة.
وكان متحدث عسكري أميركي أعلن أن الجيش الأميركي يعمل حاليا مع «عشرات» من مقاتلي المعارضة السورية في إطار برنامج تدريب وتجهيز مجدد بعد مبادرة سابقة لم تنجح، فيما قال مسؤولون أميركيون لوكالة «رويترز» أن الإدارة الأميركية تدرس خطة لزيادة عدد القوات الخاصة الأميركية التي أرسلت إلى سوريا بشكل كبير مع تطلعها للتعجيل بالمكاسب التي تم تحقيقها في الآونة الأخيرة ضد تنظيم داعش.
وامتنع المسؤولون الذين على علم مباشر بتفاصيل الاقتراح عن كشف النقاب عن الزيادة التي يجري دراستها على وجه الدقة. ولكن أحدهم قال إنها ستجعل وحدة عمليات القوات الخاصة الأميركية أكبر عدة مرات من حجم القوة الموجودة حاليا في سوريا والمؤلفة من نحو 50 جنديا، حيث يعملون إلى حد كبير كمستشارين بعيدا عن خطوط المواجهة.
وقال القيادي في «الجيش الحر» أبو أحمد العاصمي، لـ«الشرق الأوسط»: «المستجدات العسكرية الأخيرة وضعت المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية أمام خيارين إما أن يستولي النظام على المناطق الخاضعة لسيطرة داعش كما حصل في تدمر، وهو الأمر الذي قد يمنحه المزيد من القوة لرفض الحل السياسي أو عليها تقديم الدعم اللازم للمعارضة، وبالتالي، فإن التصريحات الأخيرة لمسؤولين أميركيين، تشير إلى أنّهم سيتخذون الخيار الثاني». وأضاف: «كذلك فإن الدعم غير المحدود للأكراد ولا سيما حزب الاتحاد الديمقراطي سيعزّز طموح هؤلاء نحو الفيدرالية أو الانفصال، وهو الأمر الذي سبق أن أكد رفضهم له مسؤولون أميركيون، كما أنه إذا تحقّق قد يضع المعارضة في مواجهة مع الأكراد لا سيما في ظل الحديث أنّهم سيقودون معركة الرقة».
ولفت العاصمي إلى أن التجربة الأميركية مع «جبهة الأصالة والتنمية» التي نجحت في تحرير معبر التنف على الحدود العراقية بعد خضوع العشرات من عناصرها لتدريبات أميركية في الأردن، أثبتت أن خطة التدريب، إذا درست ونفذت بطريقة صحيحة تؤدي إلى نتائج إيجابية. من هنا، يرى العاصمي، أن الخطة الأميركية الجديدة قد تلحظ الأخطاء السابقة، خاصة تلك المتعلقة باستبعاد فصائل معارضة لها حضورها الأساسي على الأرض، على غرار، «أحرار الشام والجبهة الشامية وفيلق الشام والفرقة 13»، إذ أن عدم التنسيق معها سيحول دون نجاح الخطة، مؤكدا «لذا فإن غياب أي استراتيجية واضحة سيؤدي إلى الفشل السابق»، وأضاف: «يبدو أن هناك تغيرا في هذا الإطار لدى الجانب الأميركي بعدما أثبتت بعض الفصائل نجاحها على الأرض، إضافة إلى أن بعضها على علاقة جيدة مع تركيا التي قد تلعب دورا إيجابيا نحو تصويب الخطة الأميركية».
من جهته، قال مصدر قيادي في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتم البحث لغاية الآن مع المعارضة العسكرية في خطّة التدريب الأميركية، مضيفا: «سبق لنا أن طرحنا هذا الموضوع مع الجانب التركي للمساعدة في مواجهة داعش، ويبدو أن أنقرة تضغط على الجانب الأميركي في هذا الإطار». وأضاف: «وتركزت المباحثات مع المسؤولين الأتراك على أهمية سدّ الثغرات التي كانت تشوب الخطط الأميركية القديمة سواء لجهة أعداد المقاتلين القليلة، أو لجهة دعمنا بأنواع الأسلحة الضرورية لمحاربة التنظيم، إذ إنه وإضافة إلى حظر تلك المضادة للطيران كان يمنع علينا الحصول على أجهزة خاصة بإزالة الألغام، وهو الأمر الذي يكلفنا في كل مواجهة مع داعش خسارة عدد كبير من مقاتلينا».
وقبل بدء الهدنة المستمرة منذ أكثر من شهر، كانت المعارضة قد تلقت وعودا من قبل المبعوث الأميركي إلى سوريا مايكل راتني لممثلي الهيئة العليا التفاوضية بحصولها على الدعم والسلاح في حال تم خرق الهدنة من قبل النظام السوري، بحسب ما أشارت مصادر قيادية في المعارضة السورية في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط».
مع العلم، أن وزارة الدفاع الأميركية كانت تعرضت لانتقادات حادة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ إن البرنامج الذي بدأته مطلع العام 2015 بكلفة 500 مليون دولار كان يتضمن تدريب نحو خمسة آلاف معارض سوري «معتدل» سنويا لقتال تنظيم داعش، لكن الفشل كان ذريعا بحيث إنه لم يسمح سوى بتدريب عشرات المقاتلين.
واشنطن تتجه لتعديل خطّة تدريب المعارضة منعًا لسيطرة النظام على مناطق «داعش»
الإدارة الأميركية تدرس خطة لزيادة عدد قواتها الخاصة التي أرسلت إلى سوريا
واشنطن تتجه لتعديل خطّة تدريب المعارضة منعًا لسيطرة النظام على مناطق «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة