الاقتصاد التركي.. مخاطر في وجه مؤشرات على الصمود

قطاع السياحة أول المتضررين بعد هجمات الإرهاب

تستحوذ صناعة السياحة على أكثر من 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التركي
تستحوذ صناعة السياحة على أكثر من 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التركي
TT

الاقتصاد التركي.. مخاطر في وجه مؤشرات على الصمود

تستحوذ صناعة السياحة على أكثر من 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التركي
تستحوذ صناعة السياحة على أكثر من 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التركي

يواجه الاقتصاد التركي حاليًا صعوبات في تحقيق معدلات النمو المستهدفة للعام الحالي مع زيادة معدلات البطالة، وتأثر قطاع السياحة بالسلب، وهو أحد القطاعات الحيوية في البلاد التي تشغل ما يزيد على مليون عامل، وتحقق إيرادات تفوق 20 مليار دولار سنويًا.
وأدت ستة اعتداءات انتحارية في الثمانية أشهر الماضية، بالإضافة إلى الأزمة مع روسيا، إلى تزايد المخاوف على مستقبل الاقتصاد التركي المهدد بسبب تراجع عدد السياح وتنامي قلق المستثمرين الأجانب من الأوضاع الأمنية المضطربة في البلاد.
وأظهرت بيانات وزارة السياحة التركية أن إجمالي عدد الزائرين الأجانب إلى تركيا بلغ 24.36 مليون في 2015، بانخفاض قدره 61.1 في المائة مقارنة بالعام السابق. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) زار تركيا 46.1 مليون سائح بانخفاض قدره 29.7 في المائة عن الشهر نفسه من العام السابق.
وبعد أيام على هجوم انتحاري في شارع الاستقلال المزدحم الممتد على كيلومترين في قلب إسطنبول، خفت كثافة الحشد الذي يرتاده يوميًا، وبدأت الفنادق والمطاعم والمحلات الكثيرة على جانبيه تعدد خسائرها.
وكان انتحاري قد فجر نفسه في 19 مارس (آذار) وسط الناس وقتل أربعة سياح أجانب، وأصاب نحو 30 شخصًا آخر، وهو ما سيكون له تبعاته على المدى القصير في بلد يعاني أصلاً من معدلات نمو ضعيفة وعجز عام كبير.
«هذه الهجمات قد تكلف الاقتصاد كثيرًا، على مستوى الاستثمار على المدى الطويل والسياحة»، وفقا لرؤية المحلل الاقتصادي ويليام جاكسون، من كابيتال إيكونوميكس في لندن، لوكالة الصحافة الفرنسية.
* الأوضاع المضطربة فاقمت الأزمة
ومنذ استئناف النزاع الكردي في جنوب شرقي البلاد والاعتداءات الأولى المنسوبة إلى تنظيم «داعش» في الصيف الماضي تباطأ ارتفاع عدد السياح الأجانب الذي كان هائلاً من قبل.
وانعكس هذا التوجه منذ توصية روسيا الحازمة رعاياها تجنب زيارة منتجعاتهم السياحية المفضلة جنوب تركيا بعد إسقاط الجيش التركي إحدى طائراتها الحربية فوق الحدود التركية السورية في نوفمبر (تشرين الثاني).
وقدر الخبراء الانخفاض في عدد السياح الروس بنحو مليون سائح العام الماضي، إلى 3.6 مليون، وإن ذلك الهبوط قد يتفاقم العام الحالي. وقال مدير سلسلة فنادق «دوسو دوسي» الفاخرة في إسطنبول حكمت إراسلان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه اضطر إلى تخفيض إيجار الغرف إلى النصف لملء فنادقه بعد تراجع إشغال الغرف بمعدلات غير مسبوقة. وفي ذات السياق، على بعد دقائق من شارع الاستقلال، يشغل فندق «غولدن إيغ» المرمم للتو، نصف غرفه الـ180 بالكاد، وأغلب زبائنه إيرانيون أتوا للاحتفال بعيد النوروز (رأس السنة الفارسية) في تركيا.
* تراجع عائدات السياحة وارتفاع البطالة
وتوقع اينان ديمير، المحلل في «فينانسبنك»، تراجع عائدات السياحة إلى 17 مليار دولار هذا العام، مقابل 21 مليارًا في العام الماضي، وتأثر قطاع التوظيف، بينما تجاوزت البطالة عتبة 10 في المائة من السكان العاملين. وفي يناير (كانون الثاني) وحده سجل انخفاض 20 في المائة في عدد السياح مقارنة بالشهر نفسه قبل عام.
وأضاف ديمير أن المستثمرين الأجانب كذلك سيبدون «أكثر حذرًا بكثير في مجيئهم إلى تركيا، من أجل سلامتهم وستنخفض مساهمتهم في الاقتصاد التركي».
ورغم التباطؤ يبدي الاقتصاد مؤشرات مشجعة على الصمود، مدعومًا باستمرار انخفاض أسعار الوقود، فقد سجل تحسن الإنتاج الصناعي بنسبة 5.6 في المائة في يناير، وارتفاع مؤشر ثقة الهيئات الاقتصادية في مارس بعد تراجعه ثلاثة أشهر. لكن المخاوف ما زالت قائمة، وأولها يتعلق بتعيين خلفًا لحاكم البنك المركزي إردم باشدغي. والذي يقف قدر الإمكان في وجه ضغوط الرئيس رجب طيب إردوغان لتخفيض معدلات الفائدة لإنعاش النمو.
وقد يؤدي تعيين حاكم جديد أكثر تقبلاً لدعوات السلطة إلى قلق المستثمرين على استثماراتهم، والذي تعزز بالفعل يوم الخميس الماضي مع قرار المصرف المركزي التركي تخفيض إحدى فوائده الموجهة.
هذا القرار «يعكس أثر السياسة على قرارات بشأن الاقتصاد الكلي في تركيا»، وفقا لديمير الذي أضاف أن تعيين شخصية موالية لإردوغان على رأس البنك المركزي «سيلحق مزيدًا من الإضرار بثقة المستثمرين».
* الاقتصاد الكلي سيتأثر بالأزمة
ومن المتوقع أن تهبط إيرادات السياحة في تركيا بنسبة 25 في المائة هذا العام، وهو ما سيكلف البلاد نحو ثمانية مليارات دولار، وفقا لتوقعات خبراء اقتصاديين.
أما الهبوط الحاد في قطاع السياحة فقد يؤثر على الاقتصاد الأوسع، فتراجع الإيرادات بنحو ثمانية مليارات دولار سيمحو ما يزيد على نصف نقطة مئوية من النمو الاقتصادي الذي تستهدفه الحكومة هذا العام والبالغ 4.5 في المائة، مع تزايد معدلات البطالة، في حين جاءت توقعات صندوق النقد الدولي لمعدلات نمو الاقتصاد التركي متفائلة بعض الشيء، إذ توقع الصندوق ارتفاع معدّل النّمو الاقتصادي في تركيا العام الحالي، في حين خفض توقّعه لمعدّل النّمو بالنسبة للعام القادم. وفي تقريره بعنوان «التطلعات العالمية والتحديات السياسية»، رفع الصندوق توقعاته للنمو في تركيا للعام الحالي من 2.9 في المائة إلى 3.2 في المائة. في خفض الصندوق توقعه لمعدلات النمو الاقتصادي في تركيا، خلال عام 2017 من 3.7 في المائة، إلى 3.6 في المائة.
ومن ناحية أخرى، تتزايد المخاطر الاقتصادية بانخفاض عائدات الخدمات والسلع المرتبطة بالسياحة، وذلك لأن السياح الميسورين مثل الألمان سيختارون أماكن أخرى لقضاء عطلاتهم بينما سيضطر الروس الذين يحتلون المرتبة الثانية في سوق السياحة التركية إلى الابتعاد بسبب أزمة اقتصادية في الداخل، وتوترات السياسية بين البلدين.
وكان السياح من الدول الأكثر ثراء، الذين يغدقون في الإنفاق هم الأكثر قلقا بشأن تردي الأوضاع الأمنية. وفي العام الماضي على سبيل المثال انخفض عدد السياح الإيطاليين الذين زاروا تركيا بنسبة 27 في المائة بينما هبط عدد السياح اليابانيين نحو 40 في المائة.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن الحجوزات إلى تركيا للصيف المقبل انخفضت بنسبة 40 في المائة عن العام الماضي، إلى جانب هبوط نسب الإشغال في الفنادق بأكثر من النصف، وذلك وفقا لأرقام من صناعة السياحة. وذلك في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني.
وتستحوذ صناعة السياحة على أكثر من نسبة 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي التركي ويعمل بها أكثر من مليون شخص أو نحو 7 في المائة من السكان العاملين، وفقا لبيانات حكومية.
ومع اقتراب ذروة الموسم السياحي في تركيا خلال الفترة من مايو (أيار) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، يواجه الاقتصاد التركي تحديات لاستعادة ثقة السائحين في العالم وتعويض خسائر القطاع خلال هذه الأشهر، وهي الفترة التي تجني فيها تركيا في العادة نحو 70 في المائة من إيراداتها السياحية.



الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
TT

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، المهندس صالح الجاسر، تسجيل قطاع الطيران نمواً استثنائياً خلال عام 2024، حيث ارتفعت أعداد المسافرين بنسبة 15 في المائة، لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر، بزيادة نحو 24 في المائة على مستويات ما قبل الجائحة، فيما زادت أعداد الرحلات الجوية بنسبة 11 في المائة، إلى أكثر من 902 ألف رحلة.

وأضاف الجاسر خلال الاجتماع الـ15 للجنة التوجيهية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطيران، المُنعقد في الرياض، الخميس، أن نطاق الربط الجوي شهد زيادة بنسبة 16 في المائة، حيث أصبحت المملكة مرتبطة بـ172 وجهة حول العالم تنطلق منها الرحلات وإليها، وسجل الشحن الجوي نمواً استثنائياً بنسبة 34 في المائة؛ ليصل لأول مرة إلى أكثر من مليون طن خلال عام 2024.

من جانبه، بين رئيس هيئة الطيران المدني، عبد العزيز الدعيلج، أن النجاح الذي تحقق خلال العام الماضي يعود إلى الجهود التكاملية لجميع العاملين في القطاع، مشيراً إلى أن الطيران المدني السعودي حقق نمواً قياسياً خلال عامي 2023 و2024، بعد إحرازه قفزات كبيرة في الربط الجوي وأعداد المسافرين وخدمات الشحن الجوي.

وقال: «إن هذا التقدم يعكس التزام منظومة الطيران السعودي بتحقيق مستهدفات (رؤية 2030) في قطاع الطيران، من خلال الاستراتيجية الوطنية للطيران المنبثقة عن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية».

ولفت الدعيلج النظر إلى أن قطاع الطيران حقق منجزات استثنائية غير مسبوقة منذ اعتماد مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية للطيران قبل أربع سنوات، التي كانت بمنزلة محرك للتحول؛ حيث ساهمت في تعزيز النمو والابتكار؛ لتواصل ريادتها العالمية.

رئيس هيئة الطيران المدني عبد العزيز الدعيلج (واس)

وقد شهد قطاع الطيران المدني في المملكة تقدماً ملحوظاً منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للطيران قبل أربع سنوات، بما في ذلك خصخصة المطارات ونقل تبعيتها إلى شركة «مطارات القابضة»، وتأسيس شركة «طيران الرياض»، وإطلاق المخطط الرئيسي لمطار الملك سلمان الدولي والمخطط العام لمطار أبها الدولي الجديد، وتدشين المنطقة اللوجيستية المتكاملة في مدينة الرياض التي تعد أول منطقة لوجيستية خاصة متكاملة في المملكة، واستقطاب كبرى الشركات العالمية في المنطقة ومنحها تراخيص الأعمال التجارية في المنطقة.

كما جرى إطلاق لائحة جديدة لحقوق المسافرين، وإجراء أكبر إصلاح تنظيمي في اللوائح الاقتصادية لقطاع الطيران خلال 15 عاماً، وإطلاق برنامج الاستدامة البيئية للطيران المدني السعودي وتفعيله، مع إطلاق خريطتي طريق التنقل الجوي المتقدم والطيران العام.

وحققت المملكة نسبة 94.4 في المائة في تدقيق أمن الطيران؛ لتحتل بذلك المركز السابع على مستوى دول مجموعة العشرين، في مجال قطاع أمن الطيران، وتحقيقها المرتبتين الـ18 والـ13 في معدل الربط الجوي الدولي خلال العامين السابقين، مقارنة بعام 2018، حيث كانت في المرتبة الـ27؛ وذلك وفقاً لتقرير مؤشر الربط الجوي الصادر عن اتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا).

وكان الاجتماع الخامس عشر للجنة التوجيهية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للطيران، قد شهد حضور عدد من قادة قطاعي الرياضة والسياحة في المملكة، من بينهم الفريق المسؤول عن ترشيح المملكة لاستضافة كأس العالم، لمناقشة دور قطاع الطيران المدني في الاستعداد لاستضافة المملكة لبطولة عام 2034، وغيرها من الأحداث العالمية الكبرى التي ستقام في المملكة خلال العقد المقبل.