بات من المألوف أن تزدحم العاصمة العراقية بغداد، بمواكب أعراس الطلبة، بسياراتهم المزينة بالأشرطة الملونة والبالونات والزهور، ترافقهم الموسيقى الشعبية التي تستخدم، عادة، في حفلات الزفاف.
في مثل هذا الوقت من السنة، تنطلق حفلات تخرج طلبة الجامعات والمعاهد؛ لكنها هذه المرة بدت أكثر غرابة، لما تحمله من فقرات فكاهية وإبداعية.
يجري الاستعداد لمعظم الحفلات قبل أشهر، والدافع هو التنافس بين طلبة الجامعات المختلفة، على الرغم من أنّ نفقاتها تكلف الطالب تأمين أكثر من مليون دينار.
وفي ذلك، يقول ياسر حسن، طالب المرحلة الرابعة في قسم هندسة مدنية في جامعة بغداد: «أجمل أيام الدراسة الجامعية هي أيام التخرج، وحفلاتها التي لا تنسى. بعد ذلك سيكون مصيرنا المنزل. والسبب أزمة العمل الخانقة وحالة التقشف التي يعانيها البلد. لذلك نحاول الاستمتاع بأجواء التخرج قدر الإمكان».
زميلته الطالبة رويدة حنا قالت: «أستعد لحفلة التخرج منذ أشهر، إذ اخترت مع زميلاتي أزياء السلطانة هيام ووصيفاتها في مسلسل حريم السلطان، ونحضّر أيضا لتمثيل مشهد من ذلك العمل». مضيفة «إنها مناسبة للخروج من المألوف، وإبراز مواهب الطلبة، وإمكاناتهم، وهي لا تضر أحدًا، بل على العكس، نلمس إعجاب الجمهور بها ورغبة الكثيرين في حضور فعالياتها».
أحد الخريجين رغب في ارتداء زي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وتأدية التحية للجنود العراقيين آنذاك. فكانت لقطة مميزة أثارت إعجاب الجمهور. وتعدّ حفلات التخرج في الجامعات العراقية، من بين أهم المناسبات، خلال العام الدراسي. حيث يرتدي الخريجون الأزياء المختلفة وتُزيّن مباني الكليات. وغالبا ما يُحتفل بالمناسبة مرتين، الأولى صباحًا في الجامعة والثانية في نادٍ اجتماعي.
يبدأ موسم الحفلات مع بداية شهر أبريل (نيسان) من كل عام. وقد تحول بعضها إلى مهرجانات فنية ورحلات جماعية إلى المتنزهات أو الأماكن السياحية. في كلية الآداب، جامعة بغداد، اختارت طالباتها ارتداء أزياء منوعة، مثل الأزياء الكردية والتركمانية والتراثية والشعبية وغيرها، وشكّل تجمعهم لوحة مزدانة بالألوان وهم يلتقطون الصور التذكارية.
وعلى الرغم من الإجراءات الصارمة التي تتخذها بعض الجامعات العراقية بشأن تفاصيل هذه الحفلات، كمنع ارتداء بعض الأزياء أو منع تصوير الحفل، فإنّ الطلبة عادة ما يكسرون طوق الممنوعات ويبدأون في ابتكار «تقليعات» غريبة، لأجل إضافة الغرابة وجذب الانتباه إليهم.
ويرحب المدرس فؤاد ناظم، في كلية الجامعة العراقية، بتنظيم حفلات التخرج قائلًا، «إنها فرصة لإخراج مواهب الطلبة وفسحة للفرح والتجمع في آخر أيام الدراسة في حرم الجامعة، وهذه الأيام ليس من الممكن مسحها من الذاكرة».
ومن بين الفقرات الاحتفالية لحفلات التخرج، تنظيم مهرجان الأزياء التنكرية والشعبية المتقنة، وتقليد الأزياء العربية والكردية والهندية والغربية وأفلام الكاو بوي، وتقمص حركات وأشكال أهم الشخصيات الكارتونية والفنية والسينمائية الشهيرة، واختيار أجمل زفة عرس، بعضها يكون حقيقيا، ما بين طالب وطالبة يقرران تتويج قصة حبهما بالزواج والاحتفال به في يوم حفل التخرج، وقد ينتقيان جسرا من جسور بغداد، مصطحبَين فرقة موسيقية وعدسات التصوير.
اختار الطالب سهيل نادر، من قسم المسرح في أكاديمية الفنون الجميلة، وزملاؤه، ارتداء زي الهنود الحمر مع الرسم على وجوههم بألوان مميزة. وعن سبب الاختيار قال: «في هذا اليوم أحببنا أن نمارس حريتنا بالكامل، وعمادة الجامعة لم تضع أي شروط على ملبسنا وطريقة احتفالنا، وهذا هو سر فرحتنا. لكنها فرحة تشوبها الأحزان والقلق، لأننا سنفارق جدران الجامعة التي عشنا فيها أربع سنوات، وسنمضي في محنة البحث عن وظيفة مناسبة لتأمين المستقبل المجهول».
بينما فضلت الطالبات ندى وسمر ونرجس وميسم، ارتداء الأزياء المصرية الشعبية، ممثلة في الطرحة والعباءة والجلابية الزاهية والخلخال، وغيرها من إكسسوارات التي تناسب الزي. وقدمن عرضًا قلدن فيه حركات المرأة الشعبية المصرية، الأمر الذي أضفى جوا من البهجة على الحفل، كما التقطن الصور مع زميلاتهن وزملائهن.
حفلات التخرج تتربع على عرش المناسبات العراقية وتكاليفها الأغلى
طلاب يملأون شوارع بغداد فرحة ويخشون المستقبل المجهول
حفلات التخرج تتربع على عرش المناسبات العراقية وتكاليفها الأغلى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة