مطعم الاسبوع: «زيان».. مطعم مغربي بمذاق نجوم ميشلان

أحدث عنوان للأكل في «نوتينغ هيل»

طبق شرمولا مع الطماطم  -  سلطة الأخطبوط
طبق شرمولا مع الطماطم - سلطة الأخطبوط
TT

مطعم الاسبوع: «زيان».. مطعم مغربي بمذاق نجوم ميشلان

طبق شرمولا مع الطماطم  -  سلطة الأخطبوط
طبق شرمولا مع الطماطم - سلطة الأخطبوط

يوجد في لندن أكثر من 350 مطبخًا إثنيًا، وهذا كاف ليتحول لقب المدينة من «عاصمة الضباب» إلى «عاصمة الطعام».
ولكن تبقى هناك بعض المطابخ التي لم تأخذ حقها في لندن من خلال مطاعم مميزة، والمطبخ المغربي أكبر دليل على ذلك، فعلى الرغم من ثراء المطبخ الشمال أفريقي إلا أن هناك نقصًا واضحًا في المطاعم المغربية في لندن، وهذا ما دفع سيدة الأعمال مغربية الأصل ميريام مورتيل إلى افتتاح مطعم «زيان» المغربي بقالب عصري حديث في قلب منطقة «نوتينغ هيل» السياحية الجميلة في لندن.
وأشرفت مورتيل على الديكور وكانت النتيجة لمسة مغربية أنثوية عصرية، فوانيس تتدلى من السقوفية، جلسات مريحة على شكل أرائك، طاولتان من الحديد والزخرفات المغربية في الخارج إلى جانب مدفأتين تقفان على مدخل المطعم.
وأجمل ما تراه على الجدار الرئيسي في المطعم، إطارًا عملاقًا يضم بداخله فستانا تقليديا بألوان زاهية، فسألنا عن قصة هذا الفستان الجميل فردت مورتيل، هذا الرداء يجسد الزي «الزياني» الأصيل، وهذا الفستان هو لجدتها التي تعدى عمرها المائة عام.
وتقول ميريام لـ«الشرق الأوسط»: «(زيان) هو حصيلة مزجي ما بين المغرب بلدي ولندن بيتي الثاني الذي تبناني، المطبخ المغربي ليس غريبا أو جديدا في لندن أما ما يقدمه الشيف بووير فهو مختلف، إذ استطاع تحقيق ما هو غير موجود سابقا في لندن».
يتسع المطعم لـ68 شخصًا، ويقوم فنانان من المغرب بالعزف على العود والغناء كل مساء فينقلانك إلى أجواء المغرب الجميل.
الأهم من هذا كله هو الطعام، فقد تم اختيار الطاهي البريطاني كريس بووير صاحب نجوم ميشلان والذي كان يعمل في مطعمي «ذا آيفي» و«ثاكيريز» مهمة المطبخ، فكانت النتيجة أطباقا تستحق تقدير دليل ميشلان، لأنها تستوفي الشروط، فالمذاق أكثر من رائع وطريقة التقديم لا تشبه الطريقة التقليدية للمأكولات الشمال أفريقية، ويركز بووير على استخدام الأسماك وسلطعون البحر وأفضل أنواع اللحوم والدجاج التي يأتي بها من مزارع محلية في حين يتم جلب كل البهارات والمنكهات من المغرب.
كل شيء جميل وتمت العناية به وبتفاصيله، حتى إناء الطاجين مميز، فتقول ميريام وهي تحمل طبق الدجاج «بوسين»: «ها قد وصلت الأواني الخاصة بالطاجين من المغرب، قمت بتصميمها بنفسي»، وتشعر كم هي فخورة بتقديم الأطباق المغربية التي تربت عليها في الدار البيضاء مدينة والدتها، ووالدها من قبيلة «زيان» وهذا ما يفسر اسم المطعم.
من الأطباق التي يشتهر المطعم بتقديمها، «سكالوب شرمولا مع الحمص والكمون» و«سلطة الأخطبوط» و«باسطيلا بيض السمان مع الجزر والزبيب» ومن ألذ الأطباق الرئيسية: «لحم الضأن المشوي مع الباذنجان» و«سلطعون البحر وكريمة الكمون» و«سمك الترويت وصلصة السمك»، ومن الأطباق المميزة جدا طبق الدجاج «Poussin» وتم التفنن حتى بمذاق الكسكس، حيث يقدم ممزوجا بالقرنبيط المبروش ليزيده نكهة.
ويقدم المطعم أيضًا لائحة طعام مناسبة للغداء السريع، بحيث يتم تقدم طبقين أو ثلاثة في غضون ستين دقيقة، بالإضافة إلى تقديم لائحة خاصة بالطعام الخفيف أو ما يعرف بـLight Bites وينفرد «زيان» بتقديم الـ«برانش» (فترة ما بين الفطور والغداء) كل يوم أحد من الساعة 11 صباحا ولغاية الساعة 5 بعد الظهر، وتكون لائحة الطعام مختلفة أيضًا ولكن الصفة المشتركة في جميع الأطباق هي أنها جميعها خفيفة ومبتكرة وعصرية تترجم المطبخ المغربي بطريقة غير مسبوقة.
ويقول الشيف كريس بووير المسؤول عن ابتكار الأطباق: «(زيان) هو بمثابة مغامرة جديدة بالنسبة لي، الطهو بالبهارات المغربية أضاف شيئا مميزا لخبرتي في الطبخ والمطبخ». يشار إلى أن بووير حائز نجمة ميشلان و3 «إي إي روزيت».

Zayanne - 91 Golborne Road, London W10 5NL



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».