اتهمت فرنسا، أمس، نظام بشار الأسد بخرق الهدنة في سوريا بقصفه المدنيين من الجو، وضرب الجهود التي تبذلها الأسرة الدولية لإيجاد حل سياسي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، رومان نادال، إن الهجوم أول من أمس على ضاحية دمشق «الذي استهدف عمدا مدنيين يظهر أن النظام يواصل ممارساته وينتهك الهدنة». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية «أن هذا العمل الدنيء يهدف إلى ترويع الشعب السوري وتقويض جهود الأسرة الدولية لإيجاد حل سياسي» للنزاع. وتابع نادال أن فرنسا «تدعو النظام إلى وقف كل هجوم ضد المدنيين والمعارضة المعتدلة فورا».
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر أن 33 شخصا على الأقل بينهم 12 طفلا وتسع نساء، قتلوا أول من أمس (الخميس) في قصف جوي نفذته قوات النظام على مدينة دير العصافير في الغوطة الشرقية في ريف دمشق. وتوجد في دير العصافير فصائل عدة بينها «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن»، فضلا عن جبهة النصرة، «لكنها ليست الأقوى»، بحسب المرصد. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «يُعد هذا القصف الخرق الأكبر للهدنة في الغوطة الشرقية، ولكن ليس في كل المناطق السورية التي يسري فيها وقف الأعمال القتالية». ويستثني اتفاق وقف الأعمال القتالية، الذي لا يزال ساريا منذ 27 فبراير (شباط)، مناطق سيطرة تنظيم داعش وجبهة النصرة.
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة «صدمت» بالغارات التي شنها الطيران السوري «ضد مدرسة ومستشفى في ريف دمشق (..)، ونحن ندين بأشد العبارات جميع الهجمات التي تستهدف المدنيين مباشرة». وأضافت الخارجية الأميركية أن «النظام تعهد بالتنفيذ الكامل للقرار (2254) الصادر من مجلس الأمن للأمم المتحدة، الذي يدعو إلى وقف فوري لجميع الهجمات ضد المدنيين».
وخرجت مناطق من الغوطة الشرقية شرق دمشق، حيث تقع دير العصافير عن سيطرة الأسد منذ بداية الاضطرابات التي نشبت في سوريا قبل خمس سنوات وتطورت إلى حرب أهلية. وقالت منظمة الدفاع المدني السوري إن المتطوع وليد غوراني قتل عندما استهدفت واحدة من سيارات الإسعاف التابعة لها. ونشرت المنظمة تسجيلا مصورا عن سيارة إسعاف تصل إلى دير العصافير وعامل إغاثة يرتدي خوذة بيضاء يحمل نقالة على كتفه يسرع عبر زقاق يملأه الحطام باتجاه ما بدا أنه موقع انفجار. كما نشرت صورا أظهرت تدمير مقر الدفاع المدني في دير العصافير بما في ذلك مخزن للوقود. وبدت خراطيم المياه وعبوات الغاز بين ركام المبنى المدمر. وخرجت أمس مظاهرات حاشدة في عدد من قرى وبلدات الغوطة الشرقية جدد خلالها المتظاهرون إطلاق الهتافات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، واستمرار الثورة. ودعوا فصائل المعارضة المسلّحة إلى «التوحد، والعمل تحت راية واحدة من أجل تحرير سوريا، ورفض الفيدرالية وبقاء سوريا دولة موحدة».
وتعدّ هذه المظاهرات بمثابة التحدي الواضح لنظام الأسد غداة تصعيده العسكري في الغوطة الشرقية. ورأى عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، سمير النشار، أن في هذه المظاهرات تسليطًا للضوء على الأهداف الأساسية التي خرجت من أجلها الثورة. وأكد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سوريا بكل مكوناتها لا تزال عند أهدافها الأساسية التي بدأت وقدمت من أجلها تضحيات هائلة، سواء في عدد الشهداء أو بالتدمير أو مئات آلاف المعتقلين وملايين المهجرين». وقال النشار: «رغم التدخل الروسي والإيراني يثبت الشعب السوري اليوم أنه مصمم على المضي في ثورته حتى إسقاط بشار الأسد ومنظومته الأمنية»، معتبرًا أن «هذه المظاهرات تعزز الوجه المدني الديمقراطي لثورة السوريين، خصوصا ضد التشوهات التي لحقت بها من قبل بعض المنظمات الإرهابية». ورأى أن «خروج الآلاف بمظاهرات في معرة النعمان ضدّ جبهة النصرة جاءت لتقول للعالم كلّه نحن معتدلون ولا نريد مشروعًا عابرًا للحدود السورية».
أما في المردود السياسي لهذه المظاهرات، فقد لفت النشار إلى أنها «تؤكد وطنية الثورة بعدما حاول النظام وإيران تشويه وجهها، وهي تأكيد إضافي على أنه لا مكان للإرهاب والتطرف في سوريا».
ووجد أبناء المناطق المحاصرة في الهدنة رغم الخروقات الكثيرة لها، وفي تراجع منسوب القصف الجوي، فرصة لإعادة ضخّ الحياة في الثورة السلمية، وفق ما أعلن الناشط في معضمية الشام داني قباني، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «المظاهرات التي شهدتها الغوطة الشرقية ليست جديدة، إنما هي حلقة ضمن سيناريو إعادة النبض إلى الشارع، وتأكيد مطالب الشعب برحيل النظام والوصول إلى الحرية». وشدد على أن «المجزرة التي ارتكبها النظام أمس (الأول) في دير العصافير، حفّزت الشعب السوري على النزول بشكل أكبر، وتحدي سياسة القتل التي لا يجيد نظام الأسد سواها». وقال قباني: «الشعب السوري يجدد الآن مطالبه التي رفعها منذ خمس سنوات ولم تتحقق حتى الآن، وهي رحيل النظام وداعميه، وإطلاق سراح جميع المعتقلين، والمطالبة بالحرية، ورفض خيارات الفيدرالية والتقسيم»، مشددًا على أن سوريا «ستبقى دولة واحدة موحدة لكل طوائفها ومكوناتها، لكن من دون بشار الأسد ونظامه وكل الذين تورطوا في دم الشعب السوري».
الناشط الذي أوضح أن المظاهرات أمس عمّت أكثر من مائة نقطة في ريفي دمشق وحمص وغيرهما من المحافظات السورية، قائلا إن «السوريين الذين لم يرهبهم السلاح الكيماوي ولا قصف الطائرات والبراميل المتفجرة، لن يستكينوا قبل تحقيق أهدافهم التي من أجلها سالت أنهار من الدماء».
باريس تتهم نظام الأسد بانتهاك الهدنة.. والغوطة الشرقية تتحدى تصعيده العسكري
33 قتيلاً على الأقل بينهم 12 طفلاً و9 نساء ضحايا قصف دير العصافير
سوريون يتظاهرون ضد النظام في معرة النعمان في محافظة إدلب أمس (رويترز)
باريس تتهم نظام الأسد بانتهاك الهدنة.. والغوطة الشرقية تتحدى تصعيده العسكري
سوريون يتظاهرون ضد النظام في معرة النعمان في محافظة إدلب أمس (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
