البنتاغون يقرر إطلاق سراح 12 سجينًا في غوانتانامو

فيما ينتظر إعلان الأسماء بعد اطلاع الكونغرس

المعسكر الأول شديد الحراسة في غوانتانامو  («الشرق الأوسط») وفي الاطار السجين اليمني طارق باعوضة (رويترز)
المعسكر الأول شديد الحراسة في غوانتانامو («الشرق الأوسط») وفي الاطار السجين اليمني طارق باعوضة (رويترز)
TT

البنتاغون يقرر إطلاق سراح 12 سجينًا في غوانتانامو

المعسكر الأول شديد الحراسة في غوانتانامو  («الشرق الأوسط») وفي الاطار السجين اليمني طارق باعوضة (رويترز)
المعسكر الأول شديد الحراسة في غوانتانامو («الشرق الأوسط») وفي الاطار السجين اليمني طارق باعوضة (رويترز)

قال مصدر في البنتاغون، أمس، بأن أسماء 12 سجينا سيطلق سراحهم من القاعدة العسكرية الأميركية في غوانتانامو ستعلن بعد اطلاع الكونغرس على المذكرة حول هذا الموضوع التي أرسلها البنتاغون إلى الكونغرس مؤخرا.
وكانت وكالة «رويتر» قالت، أول من أمس، بأن البنتاغون أرسل المذكرة إلى لجنة الشؤون العسكرية في كل من مجلسي الشيوخ والنواب. وتوقعت الوكالة، اعتمادا على مسؤول في البنتاغون طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، أن يبدأ نقل السجناء في الأيام القليلة القادمة إلى عدة دول لم يعلنها البنتاغون.
ومن بين هؤلاء طارق باعوضة، يمني ظل مضربا عن الطعام منذ وقت طويل. يوجد حاليا 91 نزيلا في سجن غوانتانامو، وكان العدد وصل إلى لقرابة 800 شخص في بداية عهد الرئيس باراك أوباما عام 2008.
أمس، قالت صحيفة «واشنطن بوست» بأن إطلاق سراح 12 سجينا يعتبر «أحدث خطوة في مسعى أوباما لإغلاق السجن، قبل أن يترك منصبه في يناير (كانون الثاني) القادم، لتنفيذ تعهد قطعه على نفسه قبل ثماني سنوات، خلال حملته للترشح إلى الرئاسة».
لكن، يظل القادة الجمهوريون في الكونغرس يعارضون نقل السجناء إلى سجون أميركية، ويعارضون إغلاق السجن، توقعا لمزيد من السجناء مع استمرار الحرب ضد الإرهاب.
وقال رئيس مجلس النواب، بول رايان إن نقل «إرهابيين معتقلين إلى الأراضي الأميركية غير قانوني».
وقال ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، إن الكونغرس سيعارض نقل السجناء إلى الأراضي الأميركية، وسيعارض إغلاق السجن نهائيا.
وكان أوباما وصف استمرار فتح سجن غوانتانامو بأنه «مناف للقيم الأميركية».
يقع سجن غوانتانامو في قاعدة بحرية أميركية في جنوب شرقي كوبا. وافتتح في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش لسجن المشتبه بممارستهم الإرهاب من الأجانب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001.
في الشهر الماضي، في مقابلة صحافية، قال أوباما بأن السجن يكلف الخزينة الأميركية 445 مليون دولار سنويا، و«يمثل خطرا على الأمن القومي الأميركي». وأضاف: «يتعلق الموضوع بإغلاق حقبة من تاريخنا. ويعكس الدروس التي تعلمناها منذ الحادي عشر من سبتمبر، وهي دروس ينبغي أن تنير الدرب لأمتنا طريق المستقبل».
في الشهر الماضي، طالب قادة جمهوريون في الكونغرس بعدم إغلاق السجن توقعا لمعتقلين من تنظيم داعش. وأشاروا إلى إعلان البنتاغون بأن قوات الكوماندوز الخاصة اعتقلت مقاتلين «داعشيين» في العراق، وتبحث في مصيرهم. لكن، نفى البنتاغون، في ذلك الوقت، أن الداعشيين سيرسلون إلى غوانتانامو.
في ذلك الوقت، قال جيف ديفز، متحدث باسم البنتاغون: «سنعتقل اعتقالا مؤقتا كل من تأسره قواتنا في العراق خلال عملياتها المشتركة مع القوات العراقية. سنعتقلهم لفترات قصيرة، وبالتنسيق مع الحكومة العراقية». لكن، رفض ديفز الحديث عن مصير المعتقلين، وعددهم، ومكان اعتقالهم.
وقال جوش ايرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، من دون أن يشير إلى اعتقال «داعشيين»: «يقوم الكوماندوز، عادة في مثل هذه العمليات، بجمع معلومات يمكن أن تفيدهم في عملياتهم. هذا جزء من هذه الاستراتيجية». ورفض ايرنست، أيضا، الحديث عن مصير المعتقلين، وقال: إن هذا موضوع يهم البنتاغون.
ستكون هذه الدفعة الجديدة من الذين سيطلق سراحهم هي أول دفعة منذ يناير الماضي، عندما أعلنت حكومة غانا أنها قبلت اثنين من اليمنيين الذين كانوا معتقلين في غوانتانامو. في نفس اليوم، ومن دون إعلان تفاصيل، قال بيان البنتاغون: «اتفقنا (مع حكومة غانا) على ضمانات أمنية (حتى لا يعود الرجلان إلى العمل الإرهابي)». وقال البيان بأن الرجلين هما: محمد عمر محمد بن عاطف، وخالد محمد صالح الدهوبي.
في ذلك الوقت، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن الدهوبي عاش طوال حياته في السعودية، لكنه يحمل الجنسية اليمنية. ويعتقد أنه كان عضوا في تنظيم القاعدة، وتدرب في معسكر للجهاديين في أفغانستان. ويعتقد، أيضا، أنه شارك في عمليات عسكرية ضد قوات التحالف في أفغانستان.
وكان محمد عاطف، وهو يمني أيضا، مقاتلا في حركة طالبان، وقاتل في كتيبة كانت تابعة لأسامة بن لادن، مؤسس وزعيم القاعدة. وشارك، أيضا، في عمليات عسكرية ضد قوات التحالف في أفغانستان.
في العام الماضي، أطلق البنتاغون سراح خمسة من المعتقلين، وكلهم مواطنون يمنيون. وقال البنتاغون، في ذلك الوقت، بأنهم سيرحلون إلى الإمارات العربية المتحدة: «بعدما تأكد أنهم لا يمثلون أي خطر». وهم: علي أحمد محمد الرازحي، خالد عبد الجبار محمد عثمان القداسي، عادل سعيد الحاج عبيد البسيس، سليمان عوض بن عقيل النهدي، فهمي سالم سعيد العساني. كان كل واحد من المعتقلين الخمسة قضى ثلاثة عشر عاما في السجن، من دون أي تهمة لأي واحد منهم، غير التهمة العامة كانت أنهم «معتقلون أعداء».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.