«مايكروسوفت» تطلق منصة الكومبيوترات ذاتية الدردشة

«الشرق الأوسط» ترصد أحدث ابتكارات الشركة العملاقة في مؤتمر المطورين «بيلد»

«ساتيا ناديلا» الرئيس التنفيذي لـ«مايكروسوفت» يستعرض التطويرات الجديدة (رويترز)  -  نظارات «هولولينز» (رويترز)
«ساتيا ناديلا» الرئيس التنفيذي لـ«مايكروسوفت» يستعرض التطويرات الجديدة (رويترز) - نظارات «هولولينز» (رويترز)
TT

«مايكروسوفت» تطلق منصة الكومبيوترات ذاتية الدردشة

«ساتيا ناديلا» الرئيس التنفيذي لـ«مايكروسوفت» يستعرض التطويرات الجديدة (رويترز)  -  نظارات «هولولينز» (رويترز)
«ساتيا ناديلا» الرئيس التنفيذي لـ«مايكروسوفت» يستعرض التطويرات الجديدة (رويترز) - نظارات «هولولينز» (رويترز)

على الرغم من أن العام الحالي شهد قفزة ثورية في عالم التقنية تمثلت بإطلاق نظارات الواقع الافتراضي بشكل موسع على الكثير من المنصات، وانتشار «ويندوز 10» على أكثر من 270 مليون جهاز في العام، فإن هذا لم يمنع «مايكروسوفت» من تقديم المزيد من الابتكار، حيث كشفت من مؤتمرها «بيلد» Build للمطورين الذي تحضره وتغطيه «الشرق الأوسط» من مدينة سان فرانسيسكو، بأنها تؤمن بمستقبل قريب جدا تقوم فيه الكومبيوترات بالدردشة معنا وتساعدنا في مسائلنا اليومية، مع تكامل الآلات والإنسان عوضا عن تنافسهما ضد بعضهما البعض.
كما أعلنت في المؤتمر الذي انطلقت فعالياته مساء الأربعاء الماضي وتنتهي مساء اليوم الجمعة، عن إطلاق نظارات «هولولينس» HoloLens للواقع المعزز في وقت مقبل من العام الحالي، وتكامل المساعد الشخصي «كورتانا» داخل الكثير من التطبيقات اليومية عبر نظم التشغيل «ويندوز» و«آندرويد» و«آي أو إس».
وأكد «ساتيا ناديلا»، الرئيس التنفيذي لـ«مايكروسوفت»، في جلسته الافتتاحية، أن التقنية يجب أن تكون متوفرة للجميع بغض النظر عن نظم تشغيل المستخدم. وتأتي هذه التوجهات لتؤكد أن «مايكروسوفت» لن تتأخر عن متابعة أحدث التقنيات فحسب، ولكنها ستقود هذا القطاع بشكل مباشر من دون إقحام المستخدمين في حروب نظم التشغيل التي كانت موجودة في السابق، ذلك أن التقنية لا تحترم تاريخ وعراقة الشركات، بل تحترم الابتكار فقط.
* كومبيوترات ذاتية الحوار
وتشكل الكومبيوترات ذاتية الحوار Bot نقطة تحول كبيرة، حيث إنها تستطيع التحدث مع المستخدم عبر برامج الدردشة المعروفة، مثل «سكايب» و«لاين» و«واتسآب» والبريد الإلكتروني، وغيرها، لتحلل كلام المستخدم وتحوله إلى أوامر وترد عليه بشكل منطقي، وبكل سهولة. هذا، وسيفتح «فيسبوك» المجال أمام هذه الثورة التقنية في 12 أبريل (نيسان) الحالي عبر برنامج الدردشة «فيسبوك ميسنجر».
وقدمت «مايكروسوفت» أمثلة كثيرة على ذلك، مثل طلب وجبة «بيتزا» من متجر ما، ليقوم الكومبيوتر بسؤال المستخدم عن حجم البيتزا المرغوبة والمكونات المفضلة وسماكة العجين، وغيرها. وأوضح المثال الاحتمالات الضخمة لكل طلب وفقا للغة المستخدم، حيث يمكن للمستخدم انتقاء كلمات كثيرة للطلب واختيار الحجم والمكونات باللغة الفصحى أو الدارجة (العامية)، مع احتمال استخدام مختصرات للكلمات أو وجود أخطاء إملائية فيها، ليتعرف النظام عليها كلها بشكل آلي ويفهمها ويرد عليها. ومن شأن هذه الكومبيوترات ذاتية الحوار خفض تكاليف التشغيل على المتاجر بخفض عدد مراكز الاتصالات بشكل كبير، مع المحافظة على العنصر البشري في حال تعذر قدرة النظام على فهم كلام المستخدم، ليحول الكومبيوتر المكالمة إلى موظف مختص.
المثال الثاني يشكل نقطة تكامل بين الكثير من النظم، حيث يطلب المستخدم من هاتفه حجز تذكرة طائرة لحضور اجتماع في مدينة أخرى وقت الظهيرة (عبر المساعد الشخصي «كورتانا»). والخطوة الأولى هي حجز التذكرة آليا، ولكن «كورتانا» ذكية بما فيه الكفاية لتفهم أن موعد الظهيرة يعني وقت وجبة الغداء، لتقترح على المستخدم تحويل الاجتماع إلى غداء عمل في مطعم قريب، آخذة بعين الاعتبار ما يفضله المستخدم من أطعمة وفقا لخياراته السابقة. وتزيد «كورتانا» على هذا الأمر بالانتباه إلى أن تلك المدينة هي مدينة يقيم فيها صديق مقرب للمستخدم لم يره منذ سنوات كثيرة، لتقترح عليه زيارته. وفي حال وافق المستخدم على ذلك، ستعرض «كورتانا» رسالة على الشاشة يمكن إرسالها إلى الصديق عبر «سكايب» أو الرسائل النصية، مثلا، وهي الوسيلة الأكثر انتشارا حتى على الهواتف غير الذكية التي لا يتجاوز سعرها 10 دولارات. وبالإضافة إلى ذلك، ستنتبه «كورتانا» إلى أن موعد لقاء المستخدم مع صديقه سيكون في المساء، لتقترح عليه حجز فندق لتلك الليلة. وإن وافق المستخدم، فسترسل «كورتانا» رسالة إلى كومبيوتر ذاتي الحوار خاص بالفندق، ليكمل المستخدم الدردشة مع كومبيوتر الفندق بضغطات قليلة على الأزرار وتتم عملية الحجز من دون الحاجة للتحدث مع قسم الحجوزات في الفندق أو وكالة السياحة والسفر، وإزالة عامل الخطأ البشري من المعادلة، مع المحافظة على سرية البيانات وتشفير (ترميز) رقم بطاقة الائتمان لدى مشاركتها مع الكومبيوتر الآخر، وبشكل آلي.
وطورت «مايكروسوفت» منصة برمجة خاصة هذه الكومبيوترات ذاتية البرمجية اسمها Bot Framework تسهل عملية البرمجة وتحدد قوانين التعرف على الكلمات بكل سهولة، مع توفير وحدات خاصة يمكن تحميلها تقدم قدرات إضافة إلى المنصة، مثل التعرف على مفردات خاصة بكل قطاع في الأسواق، ولغات إضافية، وتكامل مع تطبيقات جديدة، وغيرها من القدرات الأخرى. وتشكل هذه الكومبيوترات نواة الذكاء الصناعي على النطاق الواسع والذي لا يتطلب دراية تقنية لاستخدامه في شتى المجالات. ويتوقع ظهور محركات بحث خاصة بهذه الكومبيوترات ذاتية الدردشة للعثور على أفضلها، وذلك في ظل انتشارها بين الكثير من الشركات والمتاجر.
* متجر تطبيقات موحد
هذا، وأعلنت الشركة أيضا أن متجر التطبيق الخاص بـ«ويندوز 10» سيندمج مع متجر «إكس بوكس وان» ليصبحا متجرا واحدا متكاملا، وذلك نظرا لأن التطبيقات أصبحت عالمية بين جمع الأجهزة التي تستخدم «ويندوز 10»، مع توفير برنامج خاص وظيفته تحويل التطبيقات القديمة (نحو 16 مليون تطبيق) لتعمل في بيئة «ويندوز 10» الجديدة، ومن دون تدخل المستخدم.
وكشفت الشركة أيضا عن بيئة العمل «زامارين» Xamarin البرمجية التي تسمح للمطورين إيجاد برامج تعمل على «ويندوز» و«آندرويد» و«أي أو إس» باستخدام لغات «دوت نيت» Net التي طورتها «مايكروسوفت». هذا، وستطلق الشركة تحديثا خاصا لنظام التشغيل «ويندوز 10» بمناسبة مرور عامه الأول، وسيقدم الكثير من المزايا الجديدة على الكثير من المنصات، وسيكون التحديث مجانيا.
* نظارات وأقلام ذكية
وكشفت الشركة كذلك أن نظارات الواقع الافتراضي «هولولينس» بدأت بالشحن للجهات المطورة بدءا من مساء الأربعاء، وأن وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» مهتمة بها لتطوير بيئة المعيشة على كوكب المريخ وفقا للصور التي ترسلها كاميرات المسح الخاصة بالوكالة، وذلك لتعليم الرواد وتدريبهم على بيئة الكوكب، وتعريف الجماهير بما يقوم به رواد الفضاء. وتطور الكثير من الجامعات والمراكز الطبية تطبيقات على هذه النظارات لتدريب طلاب الطب على التشريح البشري بشكل مجسم، وذلك لخفض عدد ساعات تحليل البيانات الخاصة بالمرضى من أيام إلى 10 دقائق وبشكل مصور، الأمر الذي يسمح للأطباء التركيز على تشخيص العلاج الأفضل بأسرع وقت.
وكشفت الشركة أن قلمها الخاص بجهاز «سيرفيس» اللوحي أصبح جزءا رئيسيا في بيئة العمل، وذلك بتقديم الكثير من المزايا الأساسية له وجعل تطبيقاته موجودة على الشاشة الرئيسية حتى لو كان الجهاز مقفلا. ولكن ما يميز هذا القلم هو قدرة النظام على التعرف و«فهم» خط يد المستخدم، حيث يحول النظام الخط إلى نصوص رقمية تظهر على الشاشة، ويحللها ليعرض معلومات مرتبطة بها فورا، مثل وضع خط تحت كلمة محورية كتبها المستخدم إلى جانب كلمات كثيرة، لينقر عليها المستخدم وتظهر نتائج البحث عنها. وبالعودة إلى أداة المساعدة الشخصية «كورتانا»، فستفهم خط المستخدم في حال كتب بخط يده «اجتماع مع مديري الساعة 4»، لتحجز موعدا له في دفتر عناوينه بشكل آلي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».