الجزائر: أحزاب تجدد ولاءها للرئيس.. وأخرى تسعى لإيجاد بديل لنظامه

«الموالاة» تغطي على اجتماع للمعارضة بمهرجان شعبي كبير

الجزائر: أحزاب تجدد ولاءها للرئيس.. وأخرى تسعى لإيجاد بديل لنظامه
TT

الجزائر: أحزاب تجدد ولاءها للرئيس.. وأخرى تسعى لإيجاد بديل لنظامه

الجزائر: أحزاب تجدد ولاءها للرئيس.. وأخرى تسعى لإيجاد بديل لنظامه

جدد نحو عشرين حزبا في الجزائر ولاءهم للرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال تجمع كبير نظموه أمس بالعاصمة، وخلال التوقيت نفسه تقريبا، اجتمع قادة أحزاب كثيرة تنتمي إلى المعارضة، بهدف بحث أدوات الضغط على الحكومة لدفعها إلى التفاوض معهم بخصوص إيجاد حل لما يسمونه وجود «أزمة متعددة الأبعاد تسبب فيها نظام غير شرعي».
وقاد تجمع «الموالاة» حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الأغلبية في البرلمان، الذي يملك عدة وزراء بالحكومة. وجرى المهرجان داخل «القاعة البيضوية» بالمركب الأولمبي، وحضره نحو عشرين ألف شخص، بحسب تقديرات منظمي المظاهرة السياسية الأكبر لكتلة «الموالاة».
وقال عمار سعداني، أمين عام جبهة التحرير، الذي كان أول من تناول الكلمة، إن الجزائر «بحاجة إلى جدار وطني تبنيه كل القوى الوطنية التي تدعم رئيس الجمهورية، وتساند الجيش الوطني الشعبي في صراعه يوميا مع المخاطر.. هذا الجيش الذي يضحي أفراده بحياتهم حتى ننعم نحن بالأمان».
وشن سعداني هجوما على بلدان غربية لم يسم أحدا منها، وقال إنها «زرعت (داعش) في سوريا والعراق ثم ليبيا، وتريد له أن يكون له موطئ قدم بالجزائر، ولكن هذا لن يحدث أبدا، لأن قواتنا الأمنية بالمرصاد لهذا المخطط». وبحسب سعداني فإن «كل المخاطر والتهديدات مصدرها الحدود». وقد تجاوب الآلاف مع خطابه الذي تابعه نصف أعضاء الحكومة، وممثل عن رئيس الوزراء عبد المالك سلال. كما انتقد سعداني بشدة المعارضة، التي قال إن «همَها الوحيد هو الطعن في شرعية الرئيس والبحث عن خليفة له». وتعمدت «الموالاة» تنظيم تجمع في اليوم نفسه الذي اجتمعت في المعارضة، بغرض إبعاد أنظار الرأي العام عنها. وشارك في التجمع الكبير حزب «تجمع أمل الجزائر»، الذي يقوده وزير السياحة عمر غول، و«التحالف الوطني الجمهورية» لوزير الجالية الجزائرية في الخارج سابقا، بلقاسم ساحلي، وغاب عنه أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» أحمد أويحي، وهو في الوقت نفسه وزير الدولة ومدير الديوان بالرئاسة. ويعود غيابه إلى خلاف حاد مع سعداني، إذ اقترح أويحي أن تنظم «الموالاة» نفسها في إطار «تحالف رئاسي» تلتقي فيه الأحزاب الكبيرة فقط. غير أن سعداني رفض ذلك مفضلا تأسيس جبهة وطنية لمساندي برنامج الرئيس، مفتوحة للجمعيات والتنظيمات والاتحادات النقابية، وليس فقط الأحزاب.
وغير بعيد عن «القاعة البيضوية»، وتحديدا بالمنتجع السياحي «زرالدة» بالضاحية الغربية للعاصمة، التقت «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، في اجتماعها الثاني منذ التأسيس عام 2014. وسمي لقاء أمس «مؤتمر مزافران2»، الذي بحث خطة عمل لبعث نشاط المعارضة، التي يعاب عليها أنها «ظلت حبيسة صالونات العاصمة»، بمعنى أنها غير قادرة على حشد التأييد الشعبي لمسعاها إيجاد بديل للسلطة الحالية بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وحضر الاجتماع قادة الأحزاب الإسلامية حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة، وحركة الإصلاح الوطني، وجبهة العدالة والتنمية، وناشطون في أحزاب ليبرالية مثل «جيل جديد». فيما كان غياب الحزب العلماني «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» لافتا. كما لوحظ غياب رئيس الحكومة سابقا مولود حمرش، بينما حضر رئيسا الحكومة سابقا أحمد بن بيتور وعلي بن فليس، وكثير من الوزراء السابقين، بعضهم اشتغل ضمن حكومات بوتفليقة.
وأجمع نشطاء «التنسيقية» على أن «الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر، هي نتيجة حتمية ومنطقية لتغيب الإرادة الشعبية في كل المحطات، والاعتماد على سياسة الإقصاء والانتقاء، وبناء المؤسسات عن طريق التزوير وشراء الذمم، وهي سبب كل الأزمات الأخرى، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، أو على مستوى مكانة الجزائر في الساحة الإقليمية والدولية، التي تتسم بحالة من التخبط».
وقال أمين عام «النهضة»، محمد ذويبي، في خطاب قرأه خلال الاجتماع، إن «المعارضة بلغت من النضج السياسي ما يجعلها تتخلى عن ذاتيتها، وتجدول عملها لإنقاذ البلد. وما لقاؤنا اليوم، رغم ممارسة الضغوط علينا من بعض دوائر السلطة، إلا رسالة أمل ونصر للجزائريين الذين يتوقون إلى مرحلة جديدة، بعيدا عن عالم الانهيار والانحطاط».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.