وقائع عسكرية تثبت أن انسحاب «داعش» من تدمر تم بتنسيق مع النظام

المعارضة تؤكد أن توقيت المعركة للضغط على المفاوضات

وقائع عسكرية تثبت أن انسحاب «داعش» من تدمر تم بتنسيق مع النظام
TT

وقائع عسكرية تثبت أن انسحاب «داعش» من تدمر تم بتنسيق مع النظام

وقائع عسكرية تثبت أن انسحاب «داعش» من تدمر تم بتنسيق مع النظام

أكدت المعارضة السورية أنّ النظام لم يخض معركة في مدينة تدمر وأن دخوله إليها لم يكن إلا نتيجة تنسيق أدى إلى انسحاب «داعش» كما دخلها قبل نحو عشرة أشهر، كما برزت تحذيرات من تعرض آثار المدينة للسرقة والنهب.
ورأى رئيس وفد المعارضة السورية في الهيئة العليا التفاوضية، العميد المنشق أسعد عوض الزعبي، أن «داعش» انسحب في هذا التوقيت بالتحديد، أي بين جولتي المفاوضات، ليمنح النظام ورقة ضغط. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «من المنطق العسكري كي يحقّق ما يعرف بـ(الهجوم من الحركة) مفاجأته، يجب أن ينفذ عن مواقع خلفية لا تبعد أكثر من 50 كيلومترًا، بينما ما قامت به قوات النظام كان عن بعد ما يزيد عن 225 كيلومترًا، كذلك فإن انتقال (داعش) خلال ست ساعات من دير الزور إلى تدمر على امتداد صحراء مكشوفة من دون أن يتعرض إلى قصف أو استهداف، يؤكد التساهل مع دخوله، وقبل ذلك كانت قوات النظام وبدل أن تعزّز مواقعها في المدينة عمدت إلى سحب قواتها، مما يعني أنها كانت على علم بالهجوم».
ويقول الزعبي: «خلال المعركة الأخيرة التي أدّت إلى سيطرة النظام على المدينة، كان (داعش) موجودًا من الغرب إلى الشرق بطول 150 كيلومترًا، وكذلك في الشمال وعلى جهة اليمين في مدينة القريتين، مما يؤكد أن الدخول إلى تدمر يتطلب معركة شرسة لا تنتهي في فترة قصيرة، إنما ما حصل أن التنظيم أفسح الطريق أمام النظام». وينفي الزعبي صحّة المعلومات التي قالت إن الطرقات كانت ملغّمة، معتبرًا أنه لو كان الأمر كذلك، لتطلب الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع بكثير، مضيفًا: «كذلك، فإن الطيران الروسي والسوري الذي كان يحلّق في سماء المدينة لم يكن يرتفع أكثر من 10 أمتار، وهو ما يسهّل عملية استهدافه، إذا كان هناك قرار بذلك، لكن ذلك لم يحصل». ويشير الزعبي إلى أن السيناريو الذي حصل خلال دخول «داعش» إلى المنطقة تكرّر في خروجه أيضًا، مشيرًا إلى أن دبابات التنظيم انسحبت من تدمر مرورًا بمناطق عدّة تقع تحت سيطرة النظام، من دون أن يتم التعرض لها.
وهنا، يؤكّد الزعبي أن القوات الروسية لا تزال موجودة في سوريا وقد شاركت في معركة تدمر، ورأى أن «ما أعلن عن انسحاب روسي ليس إلا لبعض الطائرات التي تحتاج إلى صيانة، بينما لا يزال في سوريا نحو 12 ألفًا من القوات الروسية منتشرين من الشمال إلى الجنوب».
في المقابل، نفى مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، ما قيل إن سيطرة النظام على تدمر جاءت نتيجة انسحاب «داعش» من المدينة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لو كان الأمر كذلك لما كان خسر (داعش) 400 عنصر من مقاتليه ووصل عدد قتلى قوات النظام إلى 194»، مشيرًا إلى أن قتال «داعش» في معركة تدمر تخطى طريقة قتاله في أي مواجهات سابقة، كما أن الغارات الجوية التي استهدفته وتجاوزت الألف غارة، كانت كفيلة بانهياره ولاحقت حتى المنسحبين منه. وقد شكّك الزعبي بعدد قتلى النظام، قائلا: «رأينا قبل ذلك كيف أعلن أنه خسر في مطار الطبقة 250 عنصرًا، وتبيّن بعد ذلك، أن أصحاب الجثث التي أعلن عنها في هذه المنطقة كانت تابعة لمعتقلين سياسيين معارضين، بينما العدد القليل منهم هو من قواته». وتبدي المعارضة تخوّفها من قيام قوات النظام بعمليات نهب وسرقة للآثار كما يحصل في بعض المناطق، وهو ما حذّر منه أيضًا خبير آثار سوري يقيم في المنفى في فرنسا، معتبرًا أن المدينة الأثرية لا تزال مهددة، لأن قوات الأسد قد تقوم بأعمال نهب فيها. وقال علي شيخموس الدكتور في علم آثار الشرق الأوسط القديم في جامعة ستراسبورغ الذي يدير شبكة مخبرين عن عمليات تدمير التراث السوري لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «استعادة نظام دمشق لمدينة تدمر نبأ سار، لكن على الجيش السوري تحمل مسؤولياته بحماية الموقع، والأمر ليس كذلك».
والخطر الفوري وفقًا لرئيس جمعية حماية الآثار السورية يهدد متحف المدينة. وباستثناء بعض التماثيل التي دمر «داعش» رؤوسها، بقيت محتويات المتحف بمنأى نسبيًا عن أعمال التخريب خلال الأشهر التسعة من سيطرة التنظيم على المدينة.
لكن مبنى المتحف تضرر جراء القصف وباتت أبوابه «مشرعة» ولا يوجد أي خبير آثار فيه لمنع القوات السورية من القيام بأعمال نهب. وقال شيخموس إن النظام قد يتهم التنظيم بالنهب خصوصًا أننا لا نملك أي قائمة بمحتويات المتحف. وأضاف أن «حماية الموقع ليست من أولويات الجيش إجمالاً ولا أي من أطراف النزاع».
ويخشى أيضًا من أن يعمد النظام أثناء أعمال تهيئة الأرض لنشر قواته إلى تدمير مناطق أثرية شاسعة لم يتم نبشها بعد كما حصل بين عامي 2012 و2015 «ولم يتم التحدث عن ذلك إلا نادرا».
وتابع أنه بسبب هذه الأشغال «خسرنا نحن - علماء الآثار - معلومات مهمة جدًا لا تعوض قيمتها بقيمة معبد بل (الذي دمره تنظيم داعش) أو حتى أهم». وشكّك في الفكرة التي سبق أن أعلنها مدير الآثار والمتاحف في سوريا بإعادة ترميم الآثار الرئيسية التي دمرها التنظيم خلال خمس سنوات. وأوضح أن «إعادة الترميم ممكنة لكن ليس في الظروف الحالية. لهذا النوع من العمليات قواعد وفي بلد في حالة حرب ستُرتكب بالتأكيد أخطاء كثيرة». وخلص إلى القول: «من الأفضل أن نترك الآثار على حالها، وأن نبني قربها نسخة عن الآثار المدمرة».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.