توماس كانتريمان: تهديد «داعش» باستخدام سلاح نووي ليس وشيكًا.. لكن لا يمكننا تجاهله

مساعد وزير الخارجية الأميركي للأمن الدولي: قمة الأمن النووي فرصة لتقييم إجراءات تأمين الترسانات النووية

توماس كانتريمان
توماس كانتريمان
TT

توماس كانتريمان: تهديد «داعش» باستخدام سلاح نووي ليس وشيكًا.. لكن لا يمكننا تجاهله

توماس كانتريمان
توماس كانتريمان

استبعد توماس كانتريمان، مساعد وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي ومنع الانتشار النووي، وجود تهديدات نووية وشيكة من قبل تنظيم داعش، لكنه أكد أن الولايات المتحدة لا يمكنها تجاهل هذه الفرضية، مشيرا إلى أن التدابير التي قامت بها كثير من الدول أدت إلى خفض احتمالات وقوع المواد النووية في أيدي الإرهابيين.
ويقود كانتريمان، مساعد وزير الخارجية الأميركي، جهود الولايات المتحدة لمنع انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، وقد عمل مستشارا لشؤون الشرق الأوسط لمادلين أولبرايت خلال عملها مندوبا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، كما شغل منصب ممثل البيت الأبيض في فريق عملية السلام الإسرائيلي - الفلسطيني التي قادها السفير دينيس روس في نهاية التسعينات، كما عمل مع لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في برامج الأسلحة العراقية.
وفي حواره لمجموعة صغيرة من الصحافيين الأجانب شاركت فيه «الشرق الأوسط» صباح أول من أمس (الاثنين)، أوضح مساعد وزير الخارجية الأميركي أن القمة هي عنصر حاسم في استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الجماعات الإرهابية من الحصول على المواد الانشطارية لاستخدامها في تصنيع أسلحة النووية، موضحا أن القمة هذا العام ستكون فرصة لتقييم ما تم إنجازه من نتائج، ليس فقط فيما يتعلق بالقضاء على مخزونات اليورانيوم والبلوتونيوم عالي التخصيب في كثير من البلدان، لكن أيضا تقييم مدى التحسن في مستويات الإجراءات الأمنية في كل البلاد التي تملك مخزونات كبيرة من المواد الانشطارية.
وأوضح كانتريمان أن «تحسن أمن المواد النووية هو جزء واحد من استراتيجية أوسع نطاقا لدينا في منع الانتشار النووي والحد من التسلح، ونحن نعمل كل يوم للحد من مخاطر الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية التي يمكن أن تشكل خطرا على الولايات المتحدة والعالم».
وفي سؤال حول تقييم الولايات المتحدة لمدى خطورة الإرهاب النووي وطبيعته واحتمالات الخطر، وما الذي يجب القيام به أمنيا ودبلوماسيا لضمان عدم حصول الإرهابيين على مواد نووية، سواء بإبرام اتفاقات أو استعدادات دولية خاصة، قال كانتريمان إنه «في تقييم خطر قادم من فاعل مجهول مثل جماعة إرهابية، لا أستطيع أن أحدد مدى خطورة التهديد النووي الإرهابي، وهل هو وشيك أم بعيد، لأن ذلك لا يمكن معرفته، لكن ما نعرفه هو أن التهديد قد تقلص إلى حد كبير بعد الإجراءات التي اتخذتها البلدان في إطار قمم الأمن النووي، وأصبحت المواد النووية في كل بلد (يملك مواد نووية) تحت سيطرة مشددة، وتم تعزيز الإجراءات الأمنية عما كانت عليه من قبل. إلى ذلك، وسّعنا قدراتنا لتعقب تجارة المواد النووية والمشعة، ولدينا الآن اتفاقات مع 14 بلدا كانت هناك احتمالات أن تتاجر في هذه المواد النووية».
وأضاف مساعد وزير الخارجية أن التهديد الإرهابي النووي انخفض بشكل كبير عما كان عليه عندما أدلى الرئيس أوباما بخطابه في براغ عام 2009. وهناك تهديدات أخرى وأمور يتعين علينا القيام بها لمكافحة الإرهاب، ولا أعتقد أننا بحاجة إلى اتفاقات إضافية.. ما نحتاجه هو اليقظة المستمرة من جميع البلدان في جميع أنحاء العالم لتتبع الإرهابيين، والقضاء على أي محاولات يقوم الإرهابيون باستغلالها للحصول على مواد نووية.
وحول مدى جدية التهديدات من تنظيم داعش الذي يتطلع للحصول على أسلحة نووية، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي: «نعم.. تنظيم داعش يرغب في وضع يده على أسلحة دمار شامل، ومرة أخرى أكرر أنه بفضل الخطوات التي تم اتخاذها من قبل البلدان في جميع أنحاء المنطقة، فضلا عن نجاح التحالف الدولي في محاربة (داعش) وإلحاق الهزائم به، أصبح تهديد امتلاك التنظيم أسلحة نووية ليس وشيكا، لكنه لا يعني أنه قضية يمكننا تجاهلها».
وبعد الهجمات الإرهابية التي قام بها تنظيم داعش في باكستان، والقلق حول قدرة باكستان على تأمين الأسلحة والمواد النووية لديها، أشار كانتريمان إلى أن باكستان تأخذ بجدية كبيرة قضية حماية الموارد النووية، واتّخذت خطوات مهمة في تعزيز وتشديد الإجراءات الأمنية.
وحول الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لمنع وقوع مواد نووية في أيدي الجماعات الإرهابية، أفاد كانتريمان بأن «لدينا جهدا دوليا في مبادرة حظر الانتشار النووي التي التزمت بها 105 دول لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتنص المبادرة على تعاون الدول في اعتراض الشحنات من المواد ذات الصلة بأسلحة الدمار الشامل. وتتشارك الولايات المتحدة مع روسيا في رئاسة المبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي، ولدى الولايات المتحدة خطط ثنائية مع 14 دولة للمساعدة في بناء القدرات لمكافحة التهريب النووي، ونواصل جهودنا داخل الولايات المتحدة لحشد الدعم من أجل المصادقة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. وهذه المعاهدة ستكون جيدة للولايات المتحدة ولأمن العالم، لأنه في حال إقرارها، سيكون من الصعب على أي دولة لا تملك أسلحة نووية أن تقوم بتطوير قدرات أسلحة متطورة».
وأضاف كانتريمان موضحا «ما تم إحرازه من تطور في منع انتشار الأسلحة النووية مبني على التزام الولايات المتحدة بتعهداتها، فقد صادقت في العام الماضي على اتفاقية مكافحة الإرهاب النووي، والاتفاقية المعدلة لحماية المواد النووية. وتحتاج هذه الاتفاقية الدولية المهمة إلى مصادقة أقل من عشر جهات حتى تدخل حيز التنفيذ، وأنا واثق بأن هذا سيحدث خلال العام الجاري».
وأشار مساعد وزير الخارجية إلى أن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية الذي تم التوصل إليه العالم الماضي لضمان أن برنامج طهران هو برنامج سلمي تماما، هو أحد النجاحات في هدف حظر الانتشار النووي، وقال إن «نجاح تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران يعني أن لدينا عددا أقل من المخاوف بشأن الانتشار النووي في المنطقة».
وحول مدى نجاح القمم الثلاث للأمن النووي السابقة في تحقيق النتائج المرجوة في منع انتشار الأسلحة النووية وتأمين الترسانات النووية، قال كانتريمان إن «قمة الأمن النووي لا تتعلق فقط بالأسلحة النووية والترسانات، لكن أيضا بتأمين المواد النووية، مثل اليورانيوم عالي التخصيب الذي يستخدم في المفاعلات النووية وفي الأبحاث العلمية والمواد الانشطارية التي تستخدم في المجالين المدني والعسكري. وقد عملت القمم الثلاث السابقة على التأكد من أن إجراءات تأمين هذه المواد مشددة في كل الدول التي تشارك في القمة».
أما عن التهديدات النووية من قبل كوريا الشمالية وإقدامها على تجربة نووية رابعة مؤخرا، فقال كانتريمان إن هذه قضية تثير كثيرا من القلق: «وقد اتحد المجتمع الدولي في تمرير قرار الأمم المتحدة (2270) الذي وضع أقسى مجموعة من العقوبات منذ أكثر من عقدين ضد كوريا الشمالية، وأرسل القرار رسالة واضحة للنظام في كوريا الشمالية أن العالم سيعمل بلا كلل في وقف ودحر برامجها النووية والصاروخية». وأضاف أنه يجب أيضا توضيح أن قمة الأمن النووي لا تحاول حل كل القضايا المتعلقة بالطاقة النووية أو الأسلحة النووية، وتركز على قضية محددة هي منع حصول الإرهابيين على مواد نووية من أجل صنع أسلحة نووية بدائية. وهناك قضايا واسعة، مثل نزع السلاح، تسير بشكل منفصل عن قمة الأمن النووي. فعلى سبيل المثال، تمّ إبرام الاتفاق النووي مع إيران باعتباره عملية منفصلة عن قمة الأمن النووي، وبالطبع سيكون هناك كثير من النقاش حول كوريا الشمالية باعتبارها التهديد الأكثر استفزازا للأمن في شرق آسيا، لكنها ليست محور القمة.
وللمرة الأولى، تتغيب روسيا عن حضور قمة الأمن النووي بعد مشاركتها في القمم الثلاث الماضية. وحول مدى تأثير غياب روسيا على نجاح القمة، يقول كانتريمان: «نعم روسيا.. لن تشارك في قمة الأمن النووي رغم مشاركتها في القمم الثلاث الماضية، وكانت جزءا من المفاوضات والاتفاقات. ونحن نتفهم أن روسيا اتخذت قرارها الخاص بعدم حضور القمة، لكننا نواصل العمل مع روسيا في قضايا مثل المبادرة العالمية لمكافحة الإرهاب النووي، حيث تتشارك الولايات المتحدة مع روسيا في رئاسة هذه المبادرة. وأود أن أشير إلى أن روسيا تمتلك كمية كبرى من المواد، مثل اليورانيوم عالي التخصيب والبلوتونيوم. وقد قامت بتحسين الضوابط وتشديد إجراءات الأمن منذ قمة الأمن النووي الأولى، وهذا يعدّ نتيجة التعاون فيما بيننا. وسنواصل العمل مع روسيا ودول أخرى ليست مشاركة في القمة، من أجل ضمان أن قضية الأمن النووي تتصدر اهتمامات المجتمع الدولي».
وحول النتائج المتوقعة من القمة التي تأتي في خضم سباق انتخابي لمنصب الرئاسة، وما إذا كان الرئيس الأميركي القادم سيواصل عقد مثل هذه القمم، قال كانتريمان: «أود أن أوضح أنه منذ عهد الرئيس أيزنهاور قبل ستين عاما، فإن كل رئيس أميركي يولي اهتماما كبيرا بمسائل نزع السلاح ومنع الانتشار النووي. وهذا الأمر ليس قضية معنيا بها حزب واحد، أو إدارة واحدة، بل قضية تدفع كل رئيس إلى الاهتمام الدقيق بها. واليوم لدينا أسلحة نووية أقل 80 في المائة من فترة ذروة الحرب البادرة، ولدينا آليات للتعاون مع روسيا وكثير من الشركاء في جميع أنحاء العالم، وسنواصل العمل والتعاون مع الدول لجعل العالم أكثر أمنا».



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».