«إف بي آي» تفك شفرة هاتف منفذ هجوم سان برناردينو

تحاشي قضايا دستورية معقدة

«إف بي آي» تفك شفرة هاتف منفذ هجوم سان برناردينو
TT

«إف بي آي» تفك شفرة هاتف منفذ هجوم سان برناردينو

«إف بي آي» تفك شفرة هاتف منفذ هجوم سان برناردينو

بعد مواجهة حادة بين وزارة العدل وشركة «ابل» حول فك شفرة هاتف سيد فاروق، الأميركي من أصل باكستاني، الذي قتل، مع زوجته تاشفين مالك، 14 شخصا في نهاية العام الماضي، وبعد توقع قضايا دستورية معقدة يمكن أن تصل إلى المحكمة العليا، أعلنت، مساء أول من أمس، ايلين ديكير، وزيرة العدل، أن مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) تمكن من فك شفرة الهاتف. وأعلنت شركة «آبل» نهاية المعركة.
وحسب بيان وزيرة العدل، سلمت الوزارة إقرارا قانونيا إلى محكمة كاليفورنيا الاتحادية التي تنظر في القضية بأن الحكومة «نجحت في الدخول إلى البيانات المخزنة على هاتف آيفون كان صاحبه هو سيد فاروق. لهذا، لم تعد مساعدة شركة آبل مطلوبة». وطلبت الوزارة من المحكمة إلغاء الطلب القضائي في فبراير (شباط) الماضي بإرغام «آبل» على مساعدة المحققين في فك شفرة الهاتف. قالت الوزيرة: «يستند قرارنا بوقف الإجراءات فقط على حقيقة أنه، بمساعدة طرف ثالث، صرنا قادرين على فتح هذا الهاتف من دون الإضرار بأي معلومات موجودة فيه». ولم تكشف الوزيرة الطرف الثالث، ولا الوسيلة التي استخدمت.
وقال مسؤول في «إف بي آي»، ديفيد باوديش، إن اختبارات سمحت بإبقاء بيانات الهاتف سليمة. وأضاف: «يستمر الفحص الكامل للهاتف، وتستمر إجراءات التحقيق الداخلية». وردت شركة آبل في بيان: «منذ البداية، اعترضنا على طلب (إف بي آي) بأن نكون مدخلا لهاتف معين، وذلك لأننا نعتقد أن هذا سيكون خطأ، وسيؤدي إلى سابقة خطيرة». وأضاف البيان: «بفضل القرار الذي اتخذته وزارة العدل أول من أمس لم يحدث هذا. لكن، هذه الدعوى ما كان يجب أن ترفع». وقال البيان: هذه القضية «أثارت مشاكل تستحق حوارا وطنيا حول حرياتنا المدنية، وحول أمننا، وحول الخصوصية الشخصية».
وكانت المواجهة وصلت إلى الأمم المتحدة، التي أيدت آبل، وانضمت شركات أميركية تكنولوجية أخرى إلى صف آبل، مثل شركة أمازون التي يملك صاحبها، جفري بيزو، صحيفة «واشنطن بوست». وقال متحدث باسم شركة أمازون: «نحس بفخر لتأييد حقوق الزبائن في المحافظة على خصوصياتهم». قبل ذلك، أعلنت شركات تويتر، وفيسبوك، وواتساب، ومايكروسوفت، تأييدها لشركة ابل. ثم انضمت شركات أخرى، من بينها: سناب جات، إي باي، ياهو، دروبوكس، موزيلا، ريدبيت.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، إن إرغام آبل على الانصياع لقرار محكمة بكسر شيفرة الهاتف الذكي الذي استخدمه فاروق «سيفتح الباب على مصراعيه لاحتمالات سلبية في العالم كله». وأضاف الحسين، في بيان: «بهدف تسوية مشكلة أمنية تتعلق بتشفير المعلومات في حالة محددة تماما، قد يتم فتح الباب على مصراعيه، والتسبب في ظهور نتائج ربما تلحق ضررا كبيرا جدا بحقوق ملايين الأشخاص، وتطال حتى سلامتهم الشخصية وأمنهم المالي». وقال إن «نجاح الدعوى المرفوعة ضد آبل في الولايات المتحدة سيشكل سابقة قد تجعل من المستحيل على آبل، وأي شركة معلوماتية أخرى كبرى، حماية الحياة الخاصة لزبائنها في سائر أنحاء العالم. سيكون هذا هدية إلى الأنظمة التسلطية، وإلى قراصنة المعلومات».
قبل ذلك، أعلن تيم كوك، رئيس شركة آبل، أمام مؤتمر للمستثمرين في الشركة أن مواجهة «إف بي آي» ضرورية «لحماية حرية وخصوصية زبائننا».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.