روسيا ترسل خبراء في نزع الألغام إلى تدمر وتدعو التحالف للانضمام

بوغدانوف لا يستبعد التنسيق بين واشنطن والجيش السوري في تحرير دير الزور والرقة

مدينة تدمر الأثرية كما بدت أمس بعد انسحاب «داعش» منها ودخول قوات النظام السوري إليها (غيتي)
مدينة تدمر الأثرية كما بدت أمس بعد انسحاب «داعش» منها ودخول قوات النظام السوري إليها (غيتي)
TT

روسيا ترسل خبراء في نزع الألغام إلى تدمر وتدعو التحالف للانضمام

مدينة تدمر الأثرية كما بدت أمس بعد انسحاب «داعش» منها ودخول قوات النظام السوري إليها (غيتي)
مدينة تدمر الأثرية كما بدت أمس بعد انسحاب «داعش» منها ودخول قوات النظام السوري إليها (غيتي)

تواصل روسيا محاولاتها لدفع الولايات المتحدة، ومعها التحالف الدولي الذي تقوده ضد الإرهاب، إلى تعاون أوسع في الشأن السوري. وفي ظل الأجواء التي خلفتها استعادة السيطرة على مدينة تدمر من «داعش» تسعى روسيا إلى إقناع الولايات المتحدة بالقيام بمهام التصدي للإرهاب داخل سوريا، بالتنسيق مع قوات النظام السوري، التي تقول الخارجية الروسية إنها امتلكت زمام المبادرة الاستراتيجية، وأثبتت قدرتها في التصدي على الإرهاب من خلال تحرير مدينة تدمر.
في هذا السياق، نقلت وكالة «تاس» عن مصدر عسكري - دبلوماسي قوله إن وزارة الدفاع الروسية تقترح على وزارات دفاع الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد الإرهاب بزعامة الولايات المتحدة، المشاركة في عمليات نزع الألغام في مدينة تدمر، لافتًا إلى أن «هذا الاقتراح الروسي سيتم تسليمه قريبًا إما للزملاء الأميركيين في عمان عبر المركز الروسي في مطار حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار، أو عبر ممثلي روسيا في جنيف العاملين ضمن مجموعة وقف إطلاق النار المنبثقة عن المجموعة الدولية لدعم سوريا»، معربًا عن أمله في أن يوافق التحالف الدولي كله على هذه المبادرة الروسية «وإن لم يكن فبعض الدول الأعضاء فيه على الأقل».
من جانبه، لم يستبعد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إمكانية التنسيق بين الولايات المتحدة والجيش السوري في عملية تحرير دير الزور والرقة من «داعش». وإذ لفت إلى أنه «لا يوجد تنسيق مباشر بينهما حاليًا»، رأى نائب وزير الخارجية الروسي أن هذا أمر ممكن لكن من خلال الجانب الروسي، أي بعبارة أخرى تنسيق غير مباشر، مؤكدًا في السياق ذاته وجود تنسيق مكثف بين العسكريين الروس والأميركيين إن كان في جنيف، أو عبر المركز الأميركي في عمان لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، بغية أن تكون الحرب ضد الإرهاب فعالة بأقصى درجة ممكنة، حسب قول بوغدانوف الذي شدد على أن القوة الرئيسية في التصدي للإرهاب على الأرض إن كان في سوريا أو في العراق، وفق الرؤية الروسية، هي القوات النظامية، أي الجيشين العراقي والسوري.
وجاء رد الولايات المتحدة على محاولات تسخير روسيا لتحرير تدمر من أجل تقديم جيش النظام السوري بأنه شريك في الإرهاب، على لسان المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية الذي أكد أن واشنطن على قناعة بأن «الجيش السوري بقيادة الأسد لا يمكنه أن يجلب السلام في سوريا»، مضيفًا أن «أفضل احتمال لسوريا والشعب السوري هو الحد من توسيع إمكانيات بشار الأسد في ترهيب السوريين»، وفق ما ترى الولايات المتحدة الأميركية. ومع هذه التباينات الحادة بين الراعيين للعملية السياسية في سوريا، فإن المشاورات بينهما حول الشأن السوري مستمرة دون انقطاع، حيث كشف سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي عن لقاء سيجمعه في موسكو اليوم الأربعاء مع توماس شينون، نائب وزير الخارجية الأميركي، حيث سيجريان محادثات تركز بصورة رئيسية على الشؤون السورية. وقال ريابكوف إن هناك «الكثير من المسائل (المتعقلة بالأزمة السورية) التي يجري بحثها بصورة يومية بالمعنى الحرفي للكلمة». في غضون ذلك أعرب خبراء روس عن قناعتهم بأن الاتفاق الأميركي - الروسي حول مراقبة وقف إطلاق النار لا يعني أن واشنطن مستعدة لتنسيق جهودها مع موسكو لتحرير المدن السورية من «داعش».
ويشكك ليونيد إيفاشوف مدير المركز الدولي للدراسات الجيوسياسية في إمكانية توحيد جهود الولايات المتحدة وروسيا في هذا المجال، معربًا عن قناعته بأنه «ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأميركية، أثناء التحضيرات للانتخابات الرئاسية، أن تقر بنجاح بشار الأسد وموسكو في تحرير تدمر. كما أنهم غير مستعدين لعملية عسكرية مشتركة لتحرير الرقة، الأميركيون لا يحبون مغادرة الصفوف الأولى».
وفي شأن متصل، ذكرت قناة تلفزيون «زفيزدا» الروسية أن المجموعة الأولى من خبراء المركز الدولي لنزع الألغام التابع لوزارة الدفاع الروسية، مزودة بأحدث المعدات، بما في ذلك روبوتات خاصة، قد اتجهت على متن طائرة نقل عسكري لتشارك في نزع الألغام في مدينة تدمر. في الشأن ذاته، نقلت وكالة «تاس» عن مصدر عسكري قوله إن روسيا أرسلت قرابة 100 خبير في مجال نزع الألغام إلى سوريا، وقد يتطلب الأمر عدة أشهر لإنجاز هذه المهمة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».