مواجهات بالأسلحة الثقيلة في شبوة.. والألغام الأرضية تؤخر تقدم المقاومة

«يونيسيف»: 10 آلاف طفل ماتوا بسبب غياب اللقاحات والرعاية الطبية

جوليان هارنيس ممثل اليونيسيف يقدم تقريره حول أطفال اليمن (إ.ب.أ)
جوليان هارنيس ممثل اليونيسيف يقدم تقريره حول أطفال اليمن (إ.ب.أ)
TT

مواجهات بالأسلحة الثقيلة في شبوة.. والألغام الأرضية تؤخر تقدم المقاومة

جوليان هارنيس ممثل اليونيسيف يقدم تقريره حول أطفال اليمن (إ.ب.أ)
جوليان هارنيس ممثل اليونيسيف يقدم تقريره حول أطفال اليمن (إ.ب.أ)

شهدت مديرية بيحان بمحافظة شبوة جنوب البلاد، مواجهات بالأسلحة الثقيلة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، والميليشيات الانقلابية من جهة ثانية. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الانفجارات المدوية التي سمعت أصواتها في أرجاء مختلفة كانت نتيجة تبادل قصف مدفعي وصاروخي بالكاتيوشا والهاون صباح أمس (الثلاثاء)، في جبهة مجبجب في مديرية بيحان شرق البلاد.
وقال قائد الكتيبة الثالثة دبابات في اللواء 19، العقيد أسعد هيثم الردفاني لـ«الشرق الأوسط» إن وضعية قوات الجيش الوطني والمقاومة في مكانة جيدة، لافتًا إلى أن الجبهة الشرقية لعسيلان حصل فيها انسحاب تكتيكي إلى بلاد العجي أسفل موقع نجد الحنش، لافتًا إلى أن هذا التراجع سببه انتشار الألغام، وأن فرقًا بدأت عملية استخراج هذه الألغام المزروعة في الصحراء.
وأضاف: «بالنسبة لجبهة عسيلان الشمالية، فإن المقاومة ما زالت تفرض حصارًا على جبل بن عقيل، وكذلك السليم الذي قطعت عنه الإمدادات تمامًا»، مشيرًا إلى أن قناصة تابعين للحرس الجمهوري المنحل تتمركز في جبل بن عقيل.
ولفت إلى أن رجال المقاومة يتمركزون في جبل شميس المحاذي لجبل بن عقيل الذي يبعد عن الأول نحو 400 متر، بينما جبل لخيضر تسيطر عليه الميليشيات وتأتي إمداداته من الحمى والنقوب، ويتمركز به أيضًا قناصة من الحرس الجمهوري المنحل، منوها بأن هناك تعزيزات للميليشيات التابعة للحوثي وصالح. وأشار إلى أن الجبهة الغربية يوجد بها اللواء 26، في حين تنتشر ميليشيات الحوثي وصالح في عدد من الجبال المطلة على مدينة العليا بيحان.
وأقدمت ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع صالح على قطع جميع وسائل المواصلات والاتصالات بمديرية بيحان غرب محافظة شبوة شرق اليمن، عقب أيام فقط من قيام الجيش الوطني ورجال المقاومة الشعبية في مأرب بتحرير مديرية حريب جنوب شرقي مأرب. وقالت مصادر محلية في مديرية بيحان لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات المسلحة التابعة للحوثي وصالح قطعت طريق مأرب عتق، مركز محافظة شبوة، في منطقة الساق، وتحديدًا من مفرق الحمى، منوهة بأن الميليشيات قامت ببناء جدران أحجار بالطريق الإسفلتي الرابط بين مأرب وشبوة، وبدأت تطلق النار على الشاحنات والسيارات عندما تقترب من الجدران التي بنتها من الأحجار بمنطقة الساق في شمال بيحان. وأضافت أن الاتصالات السلكية واللاسلكية ما زالت في وضع سيئ بعد مضي أسبوع على قطعها من قبل الميليشيات، موضحة أن الحصار إذا ما استمر، فإن أزمة إنسانية وشيكة خاصة مع نفاذ الوقود والمواد الغذائية والطبية في مديرية بيحان.
وطالبت السلطة الشرعية ودول التحالف العربي بضرورة التحرك العاجل والجاد لفك الحصار عن مديريات شبوة الثلاث عسيلان وعين وبيحان. وشنت مقاتلات التحالف غارات، مساء أول من أمس (الاثنين)، على مواقع ميلقة، وأطلقت قنابل ضوئية على شعب حفر بمنطقة القوبيل.
وتعاني مناطق بيحان العليا انقطاع التيار الكهربائي منذ ستة أيام، وكذا انعدام المحروقات بمختلف أنواعها وغاز الطبخ المنزلي. وأطلق مستشفى الشهيد الدفيعة الحكومي صرخة إغاثة، محذرًا من توقف قسم غسل الكلى وبقية أقسام المستشفى نتيجة لانعدام المحروقات.
وقال سكان محليون إن المواد الغذائية وحليب الأطفال والأدوية أوشكت على النفاد جراء الحصار الذي فرضته الميليشيات على مديرية بيحان بعد إقدامها على قطع الطريق.
من جهة، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، أمس (الثلاثاء)، أن ستة أطفال يقتلون أو يصابون بجروح يوميًا جراء الصراع الدائر منذ أكثر من عام في اليمن.
وقالت المنظمة في تقريرها الذي أصدرته، أمس (الثلاثاء)، إن أكثر من 900 طفل قتلوا وأصيب أكثر من 1300 بجروح خلال عام من النزاع، مشيرة إلى أن الأطفال يشكلون ثلث الضحايا المدنيين جراء الصراع.
وأوضح ممثل المنظمة الدولية في اليمن جوليان هارنيس، أن الأطفال ليسوا بمأمن في أي مكان، فحتى «اللعب والنوم يمكن أن ينطويا على مخاطر».
وكشف التقرير عن قرابة 10 آلاف طفل تقل أعمارهم عن الخمس سنوات ماتوا نتيجة أمراض بسبب غياب اللقاحات أو لعدم حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة، منوها بأن هؤلاء يضافون إلى قرابة 50 ألف طفل يموتون سنويًا في اليمن قبل أن يبلغوا عامهم الخامس.
إلى ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 21 مليون شخص في اليمن، (نحو 82 في المائة من إجمالي السكان)، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بمن فيهم نحو 2.5 مليون نازح، ويقطن أكثر من ثلث السكان المحتاجين في مناطق يستحيل أو يصعب الوصول إليها.
وأوضحت المنظمة، في بيان أصدرته أول من أمس (الاثنين)، أن ما يزيد على 14 مليون شخص يحتاجون للخدمات الصحية العاجلة، بمن فيهم أكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، إضافة للنساء الحوامل والمرضعات، ولكن رغم تلك الاحتياجات العاجلة، فإن نحو 25 في المائة من المرافق الصحية أغلقت أبوابها بسبب الأضرار التي تعرضت لها، أو بسبب نقص الفرق الطبية، والأدوية، وغيرها من الموارد.
وأشارت المنظمة إلى أن الأسبوع الحالي «يصادف مرور عام على اندلاع الصراع في اليمن، حيث خلفت أحداث العنف تأثيرًا مدمرًا على الملايين من المدنيين الأبرياء، وتسببت في معاناة لا حدود لها، فمنذ مارس (آذار) 2015، لقي ما يزيد على 6 آلاف و200 شخص حتفهم وأصيب أكثر من 30 ألفًا آخرين». وأضافت أن العنف الدائر أدى إلى المزيد من التدهور في الوضع الصحي في اليمن، مشيرة إلى أن ما يقرب من 19 مليون شخص يجدون صعوبة في الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، مما يجعلهم عرضة لخطر الإصابة بالأمراض المعدية، مثل حمى الضنك والملاريا والكوليرا.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، علاء الدين العلوان إن «حجم الاحتياجات الصحية في اليمن هائل، والعمل خلال فترات الصراع ليس بالأمر الهين. فخلال العام الماضي، اضطرت المنظمة إلى إيجاد حلول للوصول للسكان المحتاجين، لقد قمنا بإرسال الأدوية والمستلزمات المنقذة للحياة عبر القوارب عندما كانت الطرق مغلقة، ولجأنا إلى نقل المياه الآمنة للمرافق الصحية عبر عربات تجرها الدواب بسبب نقص الوقود». وأضاف العلوان: «رغم الجهود التي بذلناها حتى الآن، فإن هناك الكثير من العمل الذي يتعين فعله للاستجابة للاحتياجات الصحية للسكان في اليمن، وينتابني قلق شديد إزاء محدودية التمويل للقطاع الصحي، الذي لم يتلقّ حتى الآن إلا 6 في المائة فقط من الدعم المطلوب لعام 2016، ومع دخول الصراع عامه الثاني».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».