واشنطن تأمر بإجلاء دبلوماسييها وجنودها في قاعدة إنجرليك لمخاوف أمنية

نقل 700 دبلوماسي وعسكري وعائلاتهم من قاعدة القنصلية الأميركية في أضنة وموقعين آخريين في أزمير وموغلا بتركيا

واشنطن تأمر بإجلاء دبلوماسييها وجنودها في قاعدة إنجرليك لمخاوف أمنية
TT

واشنطن تأمر بإجلاء دبلوماسييها وجنودها في قاعدة إنجرليك لمخاوف أمنية

واشنطن تأمر بإجلاء دبلوماسييها وجنودها في قاعدة إنجرليك لمخاوف أمنية

أصدرت وزارتا الخارجية الأميركية والدفاع أوامر للدبلوماسيين الأميركيين وأفراد الجيش وعائلاتهم بمغادرة تركيا والعودة إلى الولايات المتحدة بسبب مخاوف أمنية مستمرة في المنطقة. ونقلت تقارير أن تنظيم داعش يخطط لشن هجوم وشيك في تركيا.
وصدرت الأوامر بالترحيل الإجباري من البنتاغون والخارجية للعاملين الأميركيين في القنصلية الأميركية في أضنة والجنود الأميركيين في قاعدة إنجرليك الجوية وموقعين عسكريين أخريين في أزمير وموغلا، وضرورة «المغادرة بالأمر»، وهو ما يعني أن الحكومة الأميركية ستقوم بتغطية تكلفة سفر ونقل الدبلوماسيين والجنود وعائلاتهم.
ويؤثر القرار على ما يقرب من 700 مسؤول دبلوماسي وعسكري وعائلاتهم الذين يبدأون مغادرة تركيا اليوم الأربعاء إلى قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا، ثم إلى الولايات المتحدة ومواقع قيادة أميركية - أوروبية، فيما يبقى عدد قليل من المسؤولين في الوظائف الأساسية بالقنصلية والقواعد العسكرية التركية.
وأشارت مصادر عسكرية بالبنتاغون إلى أن القرار بنقل عائلات الدبلوماسيين والعسكريين من جنوب تركيا هو قرار مؤقت، وليس بشكل دائم. من جهته، قال الجنرال فيليب بريدلوف، قائد القيادة المركزية الأوروبية، في بيان أمس: «تم اتخاذ قرار نقل المدنيين وعائلاتهم بالتشاور بين وزارة الدفاع والخارجية الأميركية والحكومة التركية للحفاظ على سلامتهم، وضمان الفعالية القتالية لقواتنا، في مهمة مساندة حليفنا القوي تركيا في مجال مكافحة الإرهاب».
وتأتي هذه الخطوة وسط تزايد المخاوف الأمنية في جميع أنحاء تركيا وبعد إصدار الخارجية الأميركية تحذيرات من السفر إلى تركيا، وبعد أسابيع من تشديد الإجراءات الأمنية على قاعدة إنجرليك العسكرية جنوب تركيا، التي يوجد بها أعداد كبيرة من العسكريين الأميركيين وعائلاتهم. ورفعت مستويات الحماية داخل القاعدة إلى أعلى مستوياتها، كما قامت السلطات التركية بإغلاق المدارس الابتدائية والثانوية قرب قاعدة إنجرليك منذ أسبوعين، خوفًا من أعمال إرهاب محتملة.
من جانب آخر، يصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العاصمة الأميركية واشنطن اليوم الأربعاء لحضور قمة الأمن النووي التي تبدأ أعمالها غدا الخميس، وسط مؤشرات على توتر العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة بسبب الأزمة السورية، والخلافات حول الأكراد، وتراجع حقوق الإنسان، والتضييق على المعارضة والصحافة التركية. وتشير التقارير إلى إحباط واشنطن المتزايد من عدم قيام أنقرة بالمزيد من الجهد لمكافحة تنظيم داعش، وتوتر العلاقات بسبب غضب أنقرة من تقديم الولايات المتحدة دعمًا عسكريًا للأكراد لقتال التنظيم الإرهابي.
وأشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أنه لن يكون هناك محادثات ثنائية بين أوباما وإردوغان على هامش القمة. كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن العلاقات بين الزعيمين متوترة، حيث رفض الرئيس الأميركي مشاركة نظيره التركي في مراسم افتتاح مسجد تركي في ولاية ميريلاند.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.