ساندرز يهزم كلينتون.. ويفوز بأغلبية في 3 ولايات

لكن أمامه معركة طويلة.. وينبغي أن يكسب غالبية كبيرة خلال الأشهر المقبلة

مؤيدو السيناتور بيرني ساندرز الساعي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة الأميركي في ألاسكا أمس (أ.ف.ب)
مؤيدو السيناتور بيرني ساندرز الساعي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة الأميركي في ألاسكا أمس (أ.ف.ب)
TT

ساندرز يهزم كلينتون.. ويفوز بأغلبية في 3 ولايات

مؤيدو السيناتور بيرني ساندرز الساعي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة الأميركي في ألاسكا أمس (أ.ف.ب)
مؤيدو السيناتور بيرني ساندرز الساعي للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة الأميركي في ألاسكا أمس (أ.ف.ب)

حقق السناتور الأميركي بيرني ساندرز فوزا كبيرا على منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في ولايات ألاسكا، وواشنطن، وهاواي. وصوت الديمقراطيون أول من أمس في مجالس انتخابية، أي اجتماعات عامة لناخبين بالاقتراع السري في هاواي، والمفتوح في ولايتي ألاسكا وواشنطن، ولم تكن هناك انتخابات للجمهوريين.
ونقلت هيئة إذاعة «إن بي سي نيوز» الأميركية ووسائل إعلام أخرى، أن التقديرات تشير إلى فوز ساندرز بـ71 في المائة من الأصوات في هاواي التي توفر 25 مندوبا، مقابل 29 في المائة لكلينتون.
وأعلنت هيئة الإذاعة الأميركية «سي إن إن» قبل منتصف ليلة أول من أمس فوز ساندرز بـ76 في المائة من الأصوات، في ولاية واشنطن الواقعة شمال غربي الولايات المتحدة قرب الحدود مع كندا، مقابل 24 في المائة لكلينتون.
وفي ألاسكا، أقصى شمال الولايات المتحدة، حقق ساندرز فوزا ساحقا أيضا بحصوله على 79 في المائة من الأصوات، مقابل 21 في المائة لوزيرة الخارجية السابقة.
وكانت ولاية واشنطن الأكثر أهمية في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين؛ إذ يبلغ عد المندوبين فيها 101 للاقتراع الديمقراطي. وخلال تجمع في ماديسون في ولاية ويسكونسن حيث تجرى المرحلة المقبلة من الانتخابات التمهيدية، عبر ساندرز عن سروره بهذه النتائج، وقال: «يبدو أننا حققنا فوزا كبيرا في ألاسكا وواشنطن وهاواي. ووسط هتافات أنصاره المتحمسين (بيرني.. بيرني)، أكد ساندرز: «نقلص بشكل واضح الفارق بيننا وبين وزيرة الخارجية كلينتون. وبحصولنا على عدد كبير من الأصوات هنا في ويسكونسن لدينا طريق مفتوح إلى النصر». وأضاف المرشح البالغ من العمر 74 عاما أنه «من الصعب إنكار أن حملتنا تتمتع بحيوية كبيرة».
ولم تعلق كلينتون، 68 عاما، على هزيمتها في شمال غربي الولايات المتحدة حيث سجلت نسبة مشاركة كبيرة، كما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وكشف استطلاع للرأي نشرته الأسبوع الماضي صحيفة «سياتل تايمز» أن «سياتل كبرى مدن شمال الغرب الأميركي التي تعد من الأكثر ميلا إلى اليسار، تتصدر لائحة لخمسين مدينة أميركية في تبرعات سكانها لساندرز». وحتى اليوم، توزع أكثر من نصف المندوبين الديمقراطيين بعد نحو ثلاثين عملية انتخابية لهذا الحزب. وقد حصلت كلينتون على 57 في المائة منهم إلى جانب الدعم المعلن لنحو 500 من «كبار الناخبين»، أي كبار المسؤولين والبرلمانيين الديمقراطيين الذين سيصوتون في مؤتمر الحزب خلال أربعة أشهر. وتفيد تقديرات شبكة «سي إن إن»، بأنها حصلت حتى الآن على 1711 مندوبا، مقابل 952 للسناتور عن ولاية فيرمونت. وللحصول على ترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية، يفترض أن يحصل المرشح على 2383 مندوبا. لكن وزيرة الخارجية السابقة جمعت على الرغم من عدم فوزها في نهاية الأسبوع، عددا أكبر بكثير من المندوبين، وما زالت الأوفر حظا في إحراز ترشيح حزبها للسباق الرئاسي. وليتفوق على كلينتون، ينبغي أن يفوز ساندرز في الانتخابات التمهيدية المتبقية بغالبية كبيرة. وقد حصل على تأييد نحو 80 في المائة من الأصوات في عدد من الولايات الصغيرة، لكنه لا يتمتع بفرص كبيرة للفوز في عدد من الولايات الكبيرة المقبلة في نيويورك وبنسلفانيا وميريلاند في أبريل (نيسان) المقبل.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.