السلطات البلجيكية أهدرت فرصة ثمينة لتجنب الهجمات

محققون فيدراليون يعترفون بالثغرات الأمنية.. لكن بعد فوات الأوان

أطفال العاصمة البلجيكية بعد انتهاء الهجمات في لحظات تأبين الضحايا (نيويورك تايمز)
أطفال العاصمة البلجيكية بعد انتهاء الهجمات في لحظات تأبين الضحايا (نيويورك تايمز)
TT

السلطات البلجيكية أهدرت فرصة ثمينة لتجنب الهجمات

أطفال العاصمة البلجيكية بعد انتهاء الهجمات في لحظات تأبين الضحايا (نيويورك تايمز)
أطفال العاصمة البلجيكية بعد انتهاء الهجمات في لحظات تأبين الضحايا (نيويورك تايمز)

أضاعت السلطات البلجيكية فرصة للضغط على إرهابي مشتبه به رئيسي للحصول منه على معلومات استخباراتية خلال الأيام السابقة مباشرة للتفجيرات الانتحارية التي ضربت العاصمة، حسبما أفاد محققون، الجمعة الماضي. واعترفوا بأن ثغرة أمنية خطيرة ربما سمحت لرفاقه بشن هجمات داخل العاصمة من دون رادع.
وفي الوقت الذي كان يسارع المتورطون في تفجيرات الثلاثاء لتنفيذ مخططاتهم، خوفًا من أن تحكم السلطات قبضتها عليهم، لم يكلف المحققون أنفسهم عناء سؤال رفيق المهاجمين المحتجز، صلاح عبد السلام المطلوب الأول في أوروبا، حول معرفته بمخططات مستقبلية، وذلك حسبما اعترف محققون فيدراليون بلجيكيون، الجمعة الماضي.
جدير بالذكر أن هجمات بروكسل خلفت وراءها 31 قتيلاً، في الوقت الذي دمرت عربة بمترو الأنفاق وتسببت في أضرار ودمار بالمطار الدولي في المدينة. من جانبهم، أعلن مسؤولون بالمطار، السبت، أنهم يستعدون لإعادة افتتاح «جزئي» - لكن ليس قبل غد (الثلاثاء)، ما يتزامن مع مرور أسبوع على الهجوم.
من المعتقد أن عبد السلام مسؤول الدعم اللوجيستي الرئيسي خلال هجمات نوفمبر (تشرين الثاني) التي تعرضت لها باريس. وقد ألقي القبض عليه في 18 مارس (آذار)، ما دفع أحد منفذي هجمات بروكسل لكتابة أنه يخشى إلقاء الشرطة القبض عليه. إلا أنه في أعقاب القبض على عبد السلام، اقتصر تركيز المحققين على هجمات باريس. وجرى استجواب عبد السلام لمدة ساعتين، السبت الماضي، في اليوم التالي لإلقاء القبض عليه في غارة ضد أحد المنازل الآمنة للإرهابيين في بروكسل - وبعد ذلك، لم تجر معه أي استجوابات حتى بعد هجمات الثلاثاء، عندما رفض الإدلاء بأي معلومات جديدة، حسبما أفاد محققون.
ويأتي هذا الفشل في الضغط على عبد السلام للحصول من على معلومات استخباراتية مهمة - رغم أن أقرب معاونيه كانوا لا يزالون فارين - ليكشف مزيدا عن وكالات الاستخبارات وقوات الشرطة والمحققين الجنائيين الذين أخفقوا مرارًا في استغلال فرص سانحة أمامهم لتجنب الهجمات التي ضربت العاصمة البلجيكية، الثلاثاء، وذلك في أسوأ أيام العنف التي تعيشها بروكسل على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية.
من جهته، قال كوين غينز، وزير العدل البلجيكي أمام جلسة خاصة للبرلمان، الجمعة الماضي، لاستجواب كبار المسؤولين الأمنيين حول الثغرات: «لا يمكننا استبعاد ذلك، فلو أن الجميع قاموا بعملهم على نحو مثالي، لكان الوضع مختلفًا».
وجاء هذا الاعتراف من قبل محققين في وقت شنت السلطات مداهمات بمختلف أرجاء بروكسل وداخل فرنسا وألمانيا، في مؤشر على أنهم لا يزالون يقتفون أثر مخططات إرهابية، وأن الشبكة الإرهابية قد تتوسع على نطاق واسع داخل أوروبا.
يذكر أن كثيرا من مظاهر الحياة العادية عادت إلى بروكسل، وأعيد تشغيل مترو الأنفاق بعد يوم واحد من الهجمات، وأصبحت الشوارع تعج الآن مجددًا بالمشاة والمرور. ومع ذلك، تبقى هناك مؤشرات على استمرار المخاوف. على سبيل المثال، ألغيت الجمعة حفلة للمغنية ماريا كاري كان من المقرر إقامتها الأحد. وذكرت المغنية العالمية عبر صفحتها الشخصية على «تويتر» أنه: «جرى نصحي بإلغاء الحفل حفاظًا على سلامة الجمهور والفرقة وطاقم العمل والجميع».
في المقابل، هدد اثنان من المقاتلين البلجيكيين في صفوف تنظيم داعش بأن «هذه مجرد بداية كابوسكم»، وذلك خلال مقطع فيديو جرى نشره الجمعة الماضي. وقال رجل يدعى أبو عبد الله البلجيكي، حسبما أفاد موقع «سايت إنتيليجنس غروب»، الذي يتولى مراقبة الدعايات المتطرفة: «اعلموا أن أمامنا أهدافا أخرى، وأننا عاقدو العزم على مهاجمتها».
من ناحية أخرى، اجتاحت قوات الكوماندوز ووحدات تفكيك المفرقعات، الجمعة الماضي، إحدى الضواحي في خضم التحقيق الحالي حول هجمات بروكسل. وأعقبت هذه المداهمات عمليات أخرى نفذتها الشرطة في فرنسا وألمانيا شكلت عمليات مداهمة واسعة النطاق تربط على نحو متزايد بين آخر صفعتين إرهابيتين منيت بهما أوروبا: هجمات باريس وهجمات بروكسل.
ومن بين الذين ألقي القبض عليهم خلال المداهمات الأخيرة مشتبه به فرنسي يعتقد مسؤولون أنه تولى توجيه مخطط لشن هجوم وشيك بفرنسا.
وتأتي هذه الإجراءات الشرطية في وقت أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري زيارة سريعة لبروكسل لمناقشة استراتيجيات كيفية مكافحة تنظيم داعش مع كبار قادة أوروبا. وخلال الزيارة، التقى كيري رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال، قبل الانضمام لاجتماع أمني موسع على مستوى القارة لفحص سبل التصدي للمسلحين داخل أوروبا. وحذر مسؤولون من التهديدات المحتملة الناشئة عن مواطنين عائدين من القتال في صفوف «داعش» وتنظيمات أخرى.
وفي حديث له مع عدد من الصحافيين بعد لقاء ميشال، دافع كيري عن الجهود الأمنية التي بذلتها بلجيكا، وقال إنه بدا له للوهلة الأولى أن منفذي هجمات بروكسل سارعوا لشن الهجمات لخشيتهم من إلقاء القبض عليهم.
وأضاف كيري: «يكشف هذا أن الخناق بدأ يضيق عليهم، وأن جهود فرض القانون تؤتي ثمارها. ورغم أن الأمر ربما لم يتحقق على النحو الذي يأمله الجميع هنا، تبقى تلك هي الحقيقة.. ويخبرنا كثيرا عن الإجراءات التي بدأت تتسم بالفاعلية».
من ناحية أخرى، نجد أنه حتى محامي عبد السلام لمح إلى أن موكله ربما امتلك معلومات كان بمقدورها الإسهام في تجنب هجمات إرهابية مستقبلية على الأراضي الأوروبية، ما يسلط مزيدًا من الضوء على إخفاق المحققين البلجيكيين في عدم الضغط على عبد السلام لاستخلاص معلومات استخباراتية منه قبل هجمات بروكسل. من جانبهم، ذكر محققون أن وتيرة استجواباتهم لعبد السلام كانت بطيئة نتيجة علاج الأطباء له من جرح تسبب فيه طلق ناري أصيب به في ساقه أثناء القبض عليه.
من جهته، قال سفين ماري، محامي عبد السلام، في تصريحات لشبكة راديو «أوروبا 1»، الخميس، إن عبد السلام «لم يطلع على مستجدات» هجمات بروكسل، لكنه استطرد بقوله: «لا أود أن يتوقف عن الحديث لأسباب كثيرة، منها أن توقفه عن الكلام قد يجعلنا نواجه مزيدا من الهجمات على غرار ما شهدته بروكسل وباريس، وبالطبع أتمنى أن نتجنب ذلك».
جدير بالذكر أنه خلال حملة مداهمة شرطية عبر أرجاء بروكسل، الجمعة الماضي، ألقت الشرطة القبض على ثلاثة أفراد، الأمر الذي أجج المخاوف داخل مدينة لا تزال تعاني من التوتر البالغ جراء الهجمات الأخيرة. داخل ألمانيا، احتجزت السلطات رجلاً جرى ترحيله من تركيا في يوليو (تموز)، بجانب انتحاري بروكسل إبراهيم البكراوي، 29 عامًا، بسبب الاشتباه في محاولتهما المشاركة في القتال داخل سوريا. وذكر مسؤول ألماني رفض كشف هويته أنه لم يتضح بعد ما إذا كان المشتبه فيه الذي ألقي القبض عليه، الخميس الماضي، على صلات مباشرة بالبكراوي.
*خدمة «نيويورك تايمز»



«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.