بان كي مون يدعو إلى بناء شراكة عالمية لمحاربة عصابة «داعش» الإرهابية

التقى عباس وبحث مع العاهل الأردني تعزيز قدرات بلاده في مواجهة أزمة اللجوء

بان كي مون يدعو إلى بناء شراكة عالمية لمحاربة عصابة «داعش» الإرهابية
TT

بان كي مون يدعو إلى بناء شراكة عالمية لمحاربة عصابة «داعش» الإرهابية

بان كي مون يدعو إلى بناء شراكة عالمية لمحاربة عصابة «داعش» الإرهابية

بحث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال استقباله أمس، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم، سبل تعزيز قدرات الأردن في مواجهة الأعباء المتزايدة لأزمة اللجوء السوري.
وجدد الملك عبد الله الثاني، خلال اللقاء، تطلع بلاده لتكثيف هيئات المجتمع الدولي ومؤسساته الاقتصادية والإنسانية لجهودها، للتخفيف من التحديات التي تواجهها مختلف القطاعات الوطنية، خصوصا الاقتصادية والخدماتية، جراء استضافة ما يقارب 1.3 مليون سوري في الأردن.
وتناول اللقاء سبل البناء على توصيات مؤتمر لندن للمانحين، الذي عقد الشهر الماضي، والتزام الكثير من الأطراف بدعم الدول المتأثرة جراء أزمة اللجوء السوري، وفي مقدمتها المملكة.
وحول المستجدات الإقليمية الراهنة، جرى تناول تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصا ما يتصل بالأزمة السورية، والجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب والتطرف.
وفيما يتعلق بمساعي تحقيق السلام في المنطقة، جرى التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود لإنهاء حالة الجمود في العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وصولا إلى إحراز تقدم على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.
كما تم، خلال اللقاء، تناول سبل دعم البنك الدولي للأردن في تنفيذ برامجه الاقتصادية وخطط التنمية الوطنية. في هذا السياق، استعرض الملك عبد الله الثاني، مسيرة الإصلاح التي تنتهجها المملكة، خصوصا في المجال الاقتصادي.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولي، إلى ضرورة توحيد الجهود من أجل بناء شراكة عالمية لمحارب عصابة «داعش» الإرهابية ومعالجة جذور التطرف. وقال بان كي مون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، ناصر جودة، إن الجميع مطالبون بضرورة الالتزام وبقوة في العمل المشترك من أجل التوصل لحلول جيدة ومستدامة، تحول من انتشار التطرف والإرهاب، ومعالجة أسبابه الجذرية، مثمنا الجهود التي يبذلها الشركاء في التحالف الدولي بمن فيهم الأردن لمحاربة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية.
وأفاد أنه عبر خلال لقاءاته العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء عبد الله النسور، عن دعم الأمم المتحدة القوي للأردن لاستضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، معربا عن امتنانه لكرم الضيافة والسخاء الذي يعاملون به اللاجئين.
وأكد دعم الأمم المتحدة للمشروعات التي قدمتها الحكومة الأردنية والتي تستهدف خدمة اللاجئين السوريين وتحويلها لفرص تنموية، داعيا المجتمع الدولي لزيادة الدعم المقدم للمجتمعات المحلية ولاقتصاديات الدول المستضيفة للاجئين السوريين.
وقال: «إننا سنعقد القمة الإنسانية العالمية خلال الفترة القادمة حيث ستكون الأولى من نوعها في تاريخ الأمم المتحدة ؛ وذلك للبحث في إطار مستدام يمكن التنبؤ به في تقديم المساعدات الإنسانية»، مضيفا: «إنني سأبذل قصارى جهدي من أجل تحقيق السلم والأمن والتنمية العالمية».
وبالنسبة لسوريا، طالب كي مون بضرورة استمرار وتماسك وقف العمليات العدائية، لأنه يوفر فرصة وزخما لمواصلة الحوار بين الأطراف السورية المختلفة، ويسمح للأمم المتحدة ووكالات المساعدات الإنسانية في تقديم المساعدات للمحاصرين واللاجئين «وهذا ما سنواصل القيام به».
وفيما يتعلق بعملية السلام طالب الأمين العام للأمم المتحدة الجانب الأردني ببذل مزيد من الجهد لتحريك عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة لإحلال السلم والاستقرار في الشرق الأوسط لأن هذه القضية لها تأثيرات كبيرة على العالم.
من جانبه أكد جودة على أهمية استمرار المعارضة والحكومة السورية في وقف إطلاق النار وبشكل دائم للمضي قدما في مفاوضات جنيف.
وقال جودة: «يجب أن نتأكد بأن وقف العمليات العسكرية سيؤدي بشكل واضح وثابت ومؤكد إلى وقف دائم لإطلاق النار، مما يعطي الزخم المطلوب لهذه المفاوضات، وإن هناك التزاما من قبل المعارضة والحكومة للمضي قدما وبخطى واثقة فيها.. وهذا المطلوب من الجميع».
وأضاف: «إننا متفقون مع الأمين العام على أن الدعم والزخم الموجود حاليا في موضوع جنيف، والمستندة إلى وثيقة جنيف 1. والمنبثقة عن القرار الأممي رقم 2254. يجب أن تحظى على الدعم المطلق من الجميع، ونحن في المملكة أعضاء في مجموعة الدعم الدولية المتعلقة بسوريا مثل الأمم التي تعد أحد رعاة المفاوضات».
وكان بان كي مون، التقى على هامش زيارته للأردن، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث أطلعه الأخير على آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، في تصريح صحافي عقب اللقاء، إن الرئيس عباس أشار إلى استمرار سياسة الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية والاعتقالات اليومية، ومواصلة النشاطات الاستيطانية.
وأضاف أنه جرى الحديث خلال اللقاء حول المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار أممي لوقف الاستيطان، كما تطرق إلى الأفكار الفرنسية الهادفة لعقد مؤتمر دولي للسلام تنبثق عنه آلية لحل القضية الفلسطينية.
وأوضح أبو ردينة أن الرئيس أكد دعمه لعقد المؤتمر الدولي، وأهميته لإنقاذ العملية السياسية.
ولفت إلى أن الرئيس عباس، شكر بان كي مون على زيارته إلى مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في لبنان، برفقة سفير فلسطين لدى لبنان أشرف دبور، مشددا على ضرورة الإسراع في إعادة أعمار المخيم.
بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة ضرورة الحفاظ على حل الدولتين، وأن يوفر المجتمع الدولي الدعم للعملية السياسية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.