ميليشيات الحوثي وصالح انتهكت جميع الهدنات.. ولم تزعزع أمن السعوديين

قصف عشوائي على جنوب السعودية أدى لوفاة وإصابة 451 شخصًا وتعليق الدراسة في 864 مدرسة

ميليشيات الحوثي وصالح انتهكت جميع الهدنات.. ولم تزعزع أمن السعوديين
TT

ميليشيات الحوثي وصالح انتهكت جميع الهدنات.. ولم تزعزع أمن السعوديين

ميليشيات الحوثي وصالح انتهكت جميع الهدنات.. ولم تزعزع أمن السعوديين

كشف فريق الرصد والتوثيق الوطني، حجم الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها المناطق الحدودية جنوب السعودية جراء القصف العشوائي للمدنيين، من قبل الميليشيات الحوثية، وأتباع المخلوع علي عبد الله صالح.
وأشار تقرير فريق الرصد والتوثيق الوطني (حصلت «الشرق الأوسط» على أجزاء مما ورد فيه)، إلى سقوط أكثر من 46 ألف قذيفة هاون وصواريخ كاتيوشا على مناطق نجران، وجازان، وعسير، إضافة إلى استهداف المناطق الجنوبية بـ10 صواريخ باليستية منذ بداية «عاصفة الحزم» لإنقاذ الشرعية اليمنية، نتج عنها مقتل 48 مدنيًا من المواطنين والمقيمين، وجرح 403 مدنيين من بينهم أطفال وشيوخ ونساء نتيجة للقصف العشوائي للمناطق والمدن والقرى المحاذية للحد الجنوبي السعودي.
وأوضح التقرير، أن عدد الضحايا السعوديين بلغ 21 شخصًا، منهم 10 أشخاص في منطقة نجران، و10 في جازان، وشخص واحد في عسير، بينما يحمل 27 من الضحايا جنسيات أخرى من المقيمين والعاملين في السعودية، منهم 12 في نجران و14 في جازان وواحد في عسير، ومن بين الضحايا ثلاث سيدات سعوديات وسبعة أطفال، قتلوا في أوقات متفرقة، وبعضهم قتل داخل منزله جراء القصف العشوائي للسكان المدنيين وللأعيان والمنشآت المدنية.
أما الجرحى الذين بلغ عددهم 403 مدنيين، فذكر فريق الرصد الوطني، أن منطقة جازان شهدت إصابة 196 شخصًا، منهم 69 سعوديًا و127 مقيمًا، أما منطقة نجران فبلغ عدد المصابين فيها 167. منهم 66 سعوديا و101 مقيم، ووصلت الإصابات في منطقة عسير إلى 40. نصفهم سعوديون. كما تضرر نتيجة هذا القصف العشوائي أكثر من 1500 منزل، 38 مزرعة، و154 محلاً تجاريًا، و928 سيارة. ولم تسلم المنشآت الحكومية من هذا القصف، إذ تضررت 40 منشأة حكومية، ولا تزال تتعرض هذه المناطق للقصف العشوائي الممنهج ضد المدنيين، بحسب ما أكده التقرير الذي شمل الفترة من 26 مارس 2015 وحتى 15 مارس 2016.
وأشار فريق الرصد والتوثيق الوطني، إلى أن منطقة جازان استأثرت بالعدد الأكبر من القذائف والصواريخ بلغت في مجموعها 32.725، منها 6.634 صاروخ، و26.091 من المقذوفات، أما منطقة نجران فوصل مجموع ما سقط عليها إلى 13.680، منها 1.345 صاروخ و12.335 قذيفة.
وذكر فريق الرصد والتوثيق الوطني، أن القصف العشوائي الذي يشنه الحوثيون والقوات الموالية للمخلوع علي صالح، على المدن والقرى السعودية في الحد الجنوبي بمنطقة نجران ومنطقة جازان ومنطقة عسير (محافظة ظهران الجنوب) أدّى إلى نزوح سكان تلك المناطق من مقار سكناهم وحرمانهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، وبالأخص حقهم وحق أبنائهم في التعليم، حيث جرى إيقاف التعليم في تلك المناطق نتيجة تعليق الدراسة للطلاب والطالبات لجميع مراحل التعليم (رياض أطفال، ابتدائي، متوسط، ثانوي) جراء استمرار القصف العشوائي.
وبلغ مجموع المدارس التي تم تعليق الدراسة بها 440 مدرسة للبنين، و424 مدرسة للبنات، فيما بلغ عدد الطلاب الذين تضرروا جراء تعليق الدراسة في تلك المناطق 36.787 طالب و28.710 طالبة، كما بلغ عدد رياض الأطفال التي تم تعليق الدراسة بها 11 مدرسة، وهو ما أدّى إلى حرمان 465 طفلاً من التعليم.
وأشار فريق الرصد والتوثيق الوطني، إلى أن قيادة التحالف بادرت بالموافقة على الهدنات الإنسانية التي طلبها الرئيس عبد ربه منصور هادي لإيصال المساعدة الإنسانية والطبية للمدنيين الذين يتعرضون للقصف من قبل الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، إلا أن الحوثيين لم يحترموا هذه الهدنات وخرقوها فور الإعلان عنها.
وكانت مدة الهدنة الإنسانية الأولى التي أعلنت عنها قوات التحالف في اليمن 5 أيام بدأت في تمام الساعة 23:00 من يوم الثلاثاء بتاريخ 12-5-2015م وافق عليها الحوثيون والقوات الموالية لصالح، إلا أنه سرعان ما تم خرق الهدنة من قبلهم عند الساعة (25:00) بتاريخ 13-5-2015م، وذلك بإطلاق نار باتجاه قرية بطياش بمنطقة جازان، وتنفيذ عمليات حربية عدة، إلا أن التحالف استمر بالتزامه التام بالهدنة الإنسانية، وضبط النفس مراعاة للحالات الإنسانية، ولرفع المعاناة عن الشعب اليمني.
واستمر الحوثيون في عمليات خرق الهدنة وإفشال وصول المعونات الإنسانية وإعاقة جهود الإغاثة، إذ بلغ مجموع الخروقات 13 حالة تنوعت بين إطلاق نار، ومحاولات تسلل، وقصف مدفعي على الحدود السعودية.
‌أما الهدنة المعلنة الثانية؛ فكانت بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وأعلنت عنها قيادة التحالف لمدة 5 أيام تبدأ مساء الأحد الساعة (24:00) بتاريخ 27-6-2015م. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالهدنة في اليمن، ودعا الحوثيين إلى احترامها، حيث حض في بيان له الحوثيين وحلفاءهم على إعطاء موافقتهم على الهدنة والالتزام بها لما فيه خير جميع المدنيين، وطالب أطراف النزاع بالعمل بحسن نية طيلة فترة سريان الهدنة، كما طالب بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى كل مناطق اليمن، وكذلك إتاحة الوصول السريع والآمن لوكالات الإغاثة الإنسانية إلى الأشخاص الذين يحتاجون مساعدة.
وبدأ الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق بخرق الهدنة الساعة (06:36) بتاريخ 27-6-2015م بإطلاق قذائف هاون على جبل الدود بمنطقة جازان، وتنوعت الخروقات ما بين إطلاق نار، وقذائف هاون، وقصف صاروخي - كاتيوشيا، ومحاولات تسلل للحدود السعودية.
ثم أبلغت الحكومة اليمنية قيادة التحالف أنها قررت أن تعلن عن مبادرة لوقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام بدءًا من الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) وحتى الواحد والعشرين من ديسمبر 2015 بالتزامن مع انطلاق المشاورات في جنيف، واستجابة لذلك أعلنت قيادة التحالف وقفًا لإطلاق النار اعتبارًا من الثانية عشرة ظهرًا بتوقيت صنعاء الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت غرينتش من يوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 مع احتفاظها بحق الرد على أي خرق لوقف إطلاق النار. وفي نهاية المشاورات في جنيف أعلنت الحكومة اليمنية تمديد وقف إطلاق النار. وعليه أعلنت قوات التحالف تمديد فترة الهدنة إلى أن أعلنت عن إنهائها اعتبارًا من 2 يناير (كانون الثاني) 2016 الساعة (14:00) ظهرًا بتوقيت صنعاء. وبدأ الحوثيون والقوات الموالية لعلي صالح بخرق الهدنة الساعة (12:01)، بإطلاق قذائف مدفعية وهاون على مدينة جازان، وبلغ مجموع الخروقات 868 خرقًا تنوعت ما بين إطلاق صواريخ باليستية وتسلل داخل الأراضي السعودية وإطلاق مقذوفات داخل الأراضي السعودية ورماية مباشرة بالذخيرة الحية.



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.