محكمة نيويورك تدرج خامنئي متهمًا بعد بن لادن في هجمات سبتمبر

تقرير قضية «هافليش» : {القاعدة} وإيران و{حزب الله} أقاموا تحالفاً للتعاون فيما بينهم

صورة أرشيفية لأحد أفراد القوات الجوية الأميركية يقف أمام موقع تفجير أبراج الخبر في الظهران بالسعودية في يونيو 1996 الذي أودى بحياة 19 أميركياً (غيتي)
صورة أرشيفية لأحد أفراد القوات الجوية الأميركية يقف أمام موقع تفجير أبراج الخبر في الظهران بالسعودية في يونيو 1996 الذي أودى بحياة 19 أميركياً (غيتي)
TT

محكمة نيويورك تدرج خامنئي متهمًا بعد بن لادن في هجمات سبتمبر

صورة أرشيفية لأحد أفراد القوات الجوية الأميركية يقف أمام موقع تفجير أبراج الخبر في الظهران بالسعودية في يونيو 1996 الذي أودى بحياة 19 أميركياً (غيتي)
صورة أرشيفية لأحد أفراد القوات الجوية الأميركية يقف أمام موقع تفجير أبراج الخبر في الظهران بالسعودية في يونيو 1996 الذي أودى بحياة 19 أميركياً (غيتي)

تكشف «الشرق الأوسط» في الجزء الثاني، من شهادة مسؤولين في وكالة الاستخبارات الأميركية، أمام محكمة نيويورك، التي ساعدت في إيضاح السبب وراء الحكم بتغريم طهران بـ10.7 مليار دولار.
وحصلت الصحيفة على تقرير قاضي محكمة نيويورك الجزئية جورج دانيلز ووثائق وأدلة قضائية جديدة، استند إليها القضاء في القضية المعروفة باسم «هافليش» في إصدار حكم يؤكد علاقة طهران بتنظيم القاعدة، وضلوع المرشد الأعلى للنظام الإيراني شخصيًا و«حزب الله» المباشر في تخطيط وتمويل وتنفيذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. التي أودت بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص في واحدة من أكثر الهجمات دمويّة في تاريخ الولايات المتّحدة.
ونقلت «الشرق الأوسط» أمس في الجزء الأول من هذا التحقيق بالوثائق القضائية مقاطع من شهادة عاملي الـ«سي آي إيه»، تم استخدامها لصالح المدعين ضد حكومة طهران و«حزب الله» اللبناني وتنظيم القاعدة، وكلها نقاط أساسية في القضية. ونقلت أيضا بالوثائق ما أكده شاهدا الـ«سي آي إيه» للمحكمة بأن «التعاون بين (القاعدة) وإيران و(حزب الله) بدأ بتفجير أبراج الخُبر في السعودية عام 1996 وسفارتي الولايات المتحدة في شرق أفريقيا عام 1998 واستهدف المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» قبالة سواحل اليمن عام 2000.
وفي الجزء الثاني من هذا التحقيق الذي يدور حول تقرير قاضي محكمة نيويورك وتداعياته على الإدارة الأميركية الحالية والمقبلة، نستكمل شهادة اثنين من عملاء الاستخبارات الأميركية السريين في قضية هافليش، ونكشف عن تفاصيل إضافية متصلة بالأدلة التي تم تقديمها في وثائق المحكمة. كما يقدم التحقيق لمحة سريعة عن المشكلات التقنية والسياسية التي واجهتها الحكومة الأميركية أثناء محاولة معالجة مشكلة التعاون بين إيران وتنظيم القاعدة.
يقول قاضي محكمة نيويورك الجزئية في تقريره الذي استند إليه حكمه بإدانة النظام الإيراني و«حزب الله» بالتعاون مع تنظيم القاعدة في تنفيذ وتخطيط وتمويل هجمات سبتمبر: «إن المدعين قدموا أدلة مقنعة إلى المحكمة تفيد بأن جمهورية إيران الإسلامية، قدمت الدعم المادي والموارد لتنظيم القاعدة لأعمال الإرهاب، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء من ضحايا هجمات 11 سبتمبر عام 2001. كما قدمت جمهورية إيران الإسلامية دعما شاملا إلى تنظيم القاعدة في جملة أمور، من بينها التخطيط، والتمويل، وتسهيل سفر الخاطفين والتدريب، والخدمات اللوجستية، وتضمن تقديم الخدمات، كالمال، والسكن، والتدريب، ومشورة الخبراء أو المساعدة، وتوفير أماكن اختبائهم، ووسائل النقل.
وأضاف تقرير المحكمة أن الدعم المادي والموارد التي قدمت لـ«القاعدة» كانت من قبل مختلف المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك، ولكن ليس على سبيل الحصر، الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي ومرؤوسيه، من قبل ضباط من فيلق القدس الجناح العسكري للحرس الثوري الإيراني، ومن قبل جهاز مخابرات المرشد الأعلى، وعملاء أو وكلاء إيران من بينهم «حزب الله»، وكانت العلاقة بين النظام الإيراني وحلفائه مع تنظيم القاعدة قبل وبالتزامن وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
ولتوضيح أساس الحكم ومعايير الأدلة التي تم الأخذ بها في القضية، قال مصدر قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط»: «في الولايات المتحدة الأميركية، لدينا قانون الحصانات السيادية الأجنبية الذي يصف بدقة الظروف التي يجوز فيها مقاضاة دولة أجنبية ذات سيادة (أو أذرعها السياسية أو أجهزتها أو وكالاتها) أمام المحاكم الأميركية. في عام 2008، ذكر قانون تفويض الدفاع الوطني بوضوح أنه في حالات التعذيب والإعدام خارج نطاق القانون وتخريب الطائرات واحتجاز رهائن يتم تجاوز قانون الحصانات السيادية الأجنبية، ويجوز للمحكمة الأميركية المطالبة باختصاصها القضائي للفصل في دعوى تخص دولة أجنبية. وقد تمت إجراءات دعوى هافليش على هذا الأساس».
يشترط قانون الحصانات السيادية الأجنبية أن تكون الإعدامات خارج نطاق القانون قد وقعت «بسبب» تقديم دعم مادي. ويكفي شرط العلاقة السببية بموجب القانون بالكشف عن سبب قريب. ويمكن إثبات «السبب القريب» بإظهار «رابط معقول»: بين الدعم المادي المقدم وفعل الإرهاب النهائي. بمعنى أن السبب القريب موجود إذا كانت هناك صلة معقولة بين أفعال المدعى عليه والأضرار التي وقعت على المدعين.
«في قضية هافليش، توصل القاضي إلى أن المدعين أكدوا وجود عدة (روابط معقولة) بين هجمات 11 سبتمبر والدعم المادي الذي قدمته إيران إلى (القاعدة). وقد عدد القاضي تلك الروابط في (إثبات الوقائع والنتائج القانونية). وتوصل إلى أن المدعين أثبتوا أن هجمات 11 سبتمبر وقعت بسبب تقديم المدعى عليهم دعما ماديا إلى تنظيم القاعدة».
وأضاف المصدر القضائي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «العلم بوجود صلة بين إيران وتنظيم القاعدة – فيما يتعلق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر - والسنوات الطويلة التي تلتها من العمليات الإرهابية، كان يتجاوز الولايات المتحدة». وتابع المصدر القضائي: «أكد قضاة ومسؤولون استخباراتيون وغيرهم من المسؤولين الحكوميين والصحافيين في إسبانيا وألمانيا والمملكة المتحدة وغيرها النتائج الأميركية حول العلاقة الإرهابية. وفي بعض الحالات، كانت الحكومة الإيرانية نفسها وأسامة بن لادن هما مصادرها للمعلومات».
هذا وأبان اثنان من أبرز عملاء الاستخبارات الأميركية السريين في قضية «هافليش» في شهادتهما أمام قاضي محكمة نيويورك تفاصيل إضافية حول عمق التعاون بين تنظيم القاعدة وإيران و«حزب الله» في الفترة السابقة على هجمات الحادي عشر من سبتمبر والفترة التالية لها ومن أهما:
أكدت مجموعة من التصريحات المتضمنة في الدليل أنه في الشهور السابقة على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، كان عملاء «حزب الله» قد رسخوا أقدامهم في مجال تجارة الماس الأفريقي بالغرب وكانوا يعملون كوسطاء لتقديم المشترين من تنظيم القاعدة إلى تجار الماس في مونروفيا بليبريا وغيرها من الأماكن. ومن الملاحظ أنه في الشهور السابقة على الهجمات وتحديدا في عام 2000، ذهب عناصر تنظيم القاعدة في حملة شراء مجمومة للماس في مونروفيا بليبريا. وفي المحصلة، اشترى عناصر «القاعدة» ما يعادل 20 مليون دولار من الماس من جماعة متمردي سيراليون «الجبهة الثورية المتحدة». واستمرت مساعي تنظيم القاعدة المحمومة لتحويل أموالهم إلى بضائع لا يمكن تتبعها مثل الماس حتى عشية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث تزعم تقارير بوجود سجلات للمكالمات الهاتفية ترصد مكالمات بين الوسطاء «الشيعة» - من «حزب الله» - والأفغان حتى 10 سبتمبر 2001. وعلى نحو متصل، تؤكد الشهادة أن تنظيم القاعدة استخدم شبكة تهريب الماس بين الغرب وأفريقيا التابعة لـ«حزب الله» لممارسة أنشطته. وتم تحديد اثنين من اللبنانيين التابعين لـ«حزب الله» – تاجر ماس لبناني يدعى عزيز نصور وابن عمه الذي يدعى سامح العسيلي – باعتبارهم همزة الوصل بين تنظيم القاعدة وشركة في بلجيكا تتاجر في الماس. وهناك دليل على أن بعض الأموال التي تم الحصول عليها من تجارة الماس استخدمت لشراء الذخيرة المستخدمة في العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة.
وقبل عدة أيام من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، تم اغتيال أحمد شاه مسعود، القائد العسكري الأعلى للتحالف الشمالي في أفغانستان على يد عناصر تنظيم القاعدة بأوامر من أسامة بن لادن. وكان مسعود أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة.
وأكد الشاهدان الرئيسيان من الاستخبارات الأميركية في قضية «هافليش» أن إيران قدمت المساعدة لأسامة بن لادن في عملية اغتيال مسعود. وزعما أن السفارة الإيرانية في بروكسل ببلجيكا ساعدت عنصري تنظيم القاعدة التونسيين اللذين شاركا في عملية الاغتيال في الحصول على جوازات سفر بلجيكية مزورة وغيرها من الوثائق التي استخدموها لدخول الجزء الشمالي من أفغانستان بزعم أنهم صحافيون يرغبون في إجراء حوار مع مسعود. وتوجد مزاعم بأن الإيرانيين أرسلا الرجلين للحصول على الكاميرا التي تم استخدامها في عملية الاغتيال والتي سرقت من صحافي فرنسي وتم إخفاء المتفجرات المستخدمة في عمليات الاغتيال بداخلها.
- تفجيرات مجمع الرياض في 2003
يزعم شاهدا الاستخبارات الأميركية في شهادتهما أن سيف العدل، أحد قيادات تنظيم القاعدة الذي يعمل من داخل إيران، هو من أمر بشن الهجمات على الولايات المتحدة في الرياض بالمملكة العربية السعودية في 2003. كما يزعمان أن رصد المكالمات الهاتفية يشير إلى سيف العدل باعتباره أحد المشتبه بهم في تفجيرات مجمع الرياض بالمملكة العربية السعودية، وإلى أن هذه الهجمات كانت تدار من داخل إيران.
وفي تصريحاته الحصرية لـ«الشرق الأوسط» قال المصدر القضائي: «إن الحكومة الأميركية لديها تأكيد شامل على الصلة بين إيران و(القاعدة) قبل وبعد 11 سبتمبر. من أهمها وثائق وكالة الأمن القومي».
ووفقا لشهادة العميلين السريين، قبل نشر تقرير لجنة 11 سبتمبر في يوليو (تموز) عام 2004. عثر عضو اللجنة لوري فينر على خزائن ملفات مليئة بآلاف الوثائق المطبوعة في مقر وكالة الأمن القومي في فورت ميد. قام فينر وزميله في اللجنة والمسؤول السابق في «سي آي إيه» لويد سالفيتي بمراجعة الوثائق ووجد ملفات كاملة تشير إلى العلاقة بين «القاعدة» وإيران وبين أسامة بن لادن و«حزب الله». يوضح الاكتشاف المتأخر الذي تم عشية إصدار التقرير الحديث المختصر في تقرير لجنة 11 سبتمبر عن وجود دعم مادي يزعم أن إيران قدمته لـ«القاعدة». اعترفت اللجنة بالحاجة إلى استمرار التحقيقات بقولها: «نعتقد (نحن أعضاء اللجنة) أن هذا الموضوع (تورط إيران في أحداث 11 سبتمبر) يتطلب إجراء الحكومة الأميركية مزيدا من التحقيقات». ويؤكد الشاهدان على أنه لم يتم الشروع في مثل تلك التحقيقات بعد ذلك.
واستنادا إلى تأكيدات مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية، و«برقية وزارة الخارجية» الأميركية التي رفعت عنها السرية، أشار الشاهدان إلى تصريحات إعلامية وعامة أخرى أدلى بها مسؤولون كبار في وزارة الخارجية يعترفون فيها بوجود علاقة بين إيران و«القاعدة»، من بينها:
- في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، اتهم وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية في ذلك الوقت نيكولاس بيرنز – بوضوح - إيران باستضافة «القاعدة»: «تستمر إيران في استضافة كبار قادة (القاعدة) المطلوبين بسبب قتلهم أميركيين وضحايا آخرين في تفجير السفارتين في شرق أفريقيا في عام 1998. وقد طالبنا مرارا بتسليم هؤلاء الإرهابيين إلى بلدان سوف تحاكمهم وتطبق عليهم العدالة. ونعتقد أن بعض عناصر (القاعدة) وغيرهم من التنظيمات المتطرفة ذات الفكر المشابه تستمر في استخدام إيران كملاذ آمن ومأوى لتسهيل عملياتهم».
- ويؤكد الشاهدان على أن كوفر بلاك سفير مكافحة الإرهاب السابق في وزارة الخارجية الأميركية تحدث إلى وسائل الإعلام في عام 2004 مصرحا بأن الحكومة الأميركية تملك دليلا على وجود تعاون بين «القاعدة» وإيران. واستشهد بمنشقين استخباراتيين إيرانيين قدموا معلومات إلى السلطات الأميركية بشأن وجود اتصال منتظم بين الحرس الثوري الإيراني وتنظيم القاعدة.
- أشار سفيران في شهادتهما أمام لجنة مجلس الشيوخ لشؤون الحكومة في فبراير عام 2002 إلى تورط «القاعدة» و«حزب الله» في عمليات الاتجار في الماس بغرب أفريقيا. وصف جوزيف ميلروز السفير الأميركي السابق لدى سيراليون الصلة مع «حزب الله» حيث قال: إنها كانت قائمة منذ أعوام. كما شهد جون لي، الذي كان وقتها سفير سيراليون لدى الولايات المتحدة، في جلسة الاستماع ذاتها بأنه «ليس من المفاجئ أن عناصر (القاعدة) و(حزب الله) مشغولون في غرب أفريقيا بشراء الماس منخفض السعر والمنهوب من سيراليون ويصَرِّفونه في أوروبا وغيرها من المناطق».
- في حوار على برنامج التلفزيون الحكومي «فرونت لاين»، أشار لاري جونسون، نائب مدير مكتب مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية السابق الذي عمل لفترة قصيرة في وكالة «سي آي إيه»، إلى أن وجهة النظر السائدة بأن السنة والشيعة لن يتعاونوا كانت فكرة غالبة في السابق. ولكنه أضاف: «عندما تجد أن شخصا مثل مغنية يجتمع مع بن لادن، وأن مغنية يتنقل بحرية خروجا ودخولا ما بين سهل البقاع وإيران، وسهل البقاع هو المكان الذي خرجت منه المتفجرات التي استخدمت لتفجير المجمع السكني الأميركي في السعودية (تفجير أبراج الخبر عام 1996)، وأن الأفراد المتورطين في تلك العملية التفجيرية لهم صلات وروابط مع بن لادن، ستحتاج إلى التوقف فجأة لتقول حسنا ربما لا يكون الأمر مثلما تصورناه».
- قال الشاهدان أيضا إنه في عام 1997. كانت هناك إشارات في وثائق رسمية خاصة بالحكومة الأميركية إلى صلات تربط بين بن لادن وإيران. تم رفع السرية عن عدد من تلك الوثائق ووضعت في الأرشيف الوطني الرسمي للولايات المتحدة، حيث يمكن للجمهور الاطلاع عليها. أوردت برقية لوزارة الخارجية تحمل عنوان secstate WDC 231842. بتاريخ 8 ديسمبر (كانون الأول) عام 1997، تقريرا عن اجتماع عقده مساعد وزير الخارجية كارل إندرفورث مع ثلاثة من عناصر طالبان، وهو اجتماع سعى إلى عقده زعيم طالبان الملا عمر. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تحث أفغانستان على طرد أسامة بن لادن، وقام ذلك الوفد بطمأنة إندرفورث على أن طالبان سوف تفي بتعهدها ولن تسمح لـ«القاعدة» باستخدام أفغانستان كقاعدة للإرهاب. وكما ظهر في النسخة الأصلية من البرقية، أضاف ممثل طالبان: «إذا تم طرد بن لادن، فسوف يذهب إلى إيران ويسبب مزيدا من المشاكل. وأشار أحمد جان إلى أن طالبان لم تدع أسامة بن لادن إلى أفغانستان؛ بل كان بالفعل في ولاية ننكرهار كضيف على النظام السابق عندما تولوا الحكم. وادعى أن طالبان توقفت عن السماح له بالإدلاء بحوارات عامة وأحبطت محاولات إيرانية وعراقية للتواصل معه».
كما استشهد شاهدا «سي آي إيه» في شهادتهما أمام محكمة نيويورك بمصادر في وزارة الدفاع من بينهم مسؤول برتبة عالية بالإضافة إلى وزير دفاع سابق توثقوا بأنفسهم من الصلة بين «القاعدة» وإيران وما نتج عنها في 11 سبتمبر.
- أشار الشاهدان إلى كي فاليس، محلل وكالة استخبارات الدفاع السابق الذي عمل في قاعدة بولينغ الجوية داخل مركز تحليل استخبارات الدفاع في إجراء أبحاث ودراسات في قضايا الإرهاب. كان فاليس مؤهلا جيدا لأداء وظيفته بعد أن عمل محققا باللغة الفارسية في الجيش الأميركي. في أواخر عام 2000، أتم مهمة مناوبة لمدة عام في مكتب التحقيقات الفيدرالية حيث كان يحقق في الهجوم الذي وقع في أبراج الخبر عام 1996. وتفجيرات السفارتين الأميركيتين في شرق أفريقيا عام 1998. عندما عاد فاليس إلى وكالة استخبارات الدفاع، قيل إنه استخدم «تحليل الروابط» لتجميع الصلات العالمية والمنهجية التنفيذية التي يستخدمها تنظيم القاعدة. اتضح له أن «القاعدة» مستمرة في التخطيط لهجمات أخرى ضد الولايات المتحدة، بل وأيضا أن التنظيم يقيم علاقات وثيقة مع أجهزة استخباراتية وأمنية إيرانية (وزارة الدفاع والأمن). ويؤكد الشاهدان أن فاليس حاول ولم يوفق في إقناع عدد من مسؤولي مركز تحليل الاستخبارات بأهمية ما توصل إليه بالإضافة إلى استنتاجه بأن إرهابيين تدعمهم إيران يخططون لارتكاب هجمات عنيفة أخرى ضد الولايات المتحدة. نقلت الشهادة عن فاليس قوله: «بدأت أعثر على كل تلك الصلات التي تربط بين إرهابيي (القاعدة) والإيرانيين، وخاصة تلك التنظيمات الخاضعة لسيطرة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مباشرة.
كان تنظيم القاعدة وإيران على صلة أيضا بإرهابيين ينتمون إلى تنظيم الجهاد الإسلامي المصري والجماعة الإسلامية المصرية. وقد جاء نائب زعيم (القاعدة) أيمن الظواهري من التنظيم الأول، لينضم إلى أسامة بن لادن في تأسيس (القاعدة) رسميا في عام 1996». كان الشاهدان يحاولان فيما يبدو إثبات أنه لو تم الاهتمام بتحذيرات فاليس، ربما تكونت بنية مفاهيمية داخل أجهزة استخبارات الدفاع يعمل بموجبها متخصصون في شؤون الإرهاب الإيراني ومتخصصون في شؤون تنظيم القاعدة معا بدلا من عملهم منفصلين، وربما كان مثل هذا الجمع بين الفريقين سيعزز من قدرة مجتمع الاستخبارات الأميركي على تعقب سلسلة التطورات التي أسفرت في النهاية عن وقوع هجمات 11 سبتمبر. ووفقا لما ذكره الشاهدان: «أدرك فاليس أن زملاءه المحللين في وكالة تحليل الاستخبارات ورؤساءهم يتعاملون مع (القاعدة) وغيره من التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط والدول الراعية لها كمشاكل منفصلة ولا أحد يعرف عن الصلات التي تربط بين التنظيمات الإرهابية وإيران. استطاع فاليس العثور على الرابط بين (القاعدة) وإيران و(حزب الله) ولكن لم تلق تحذيراته المتعددة اهتماما».
ولاحظ الشاهدان عميلا «سي آي إيه» السابقان أن وزير الدفاع الأسبق دونالد رامسفيلد صرح في أبريل (نيسان) عام 2002 قائلا: «لا شك في أن تنظيم القاعدة انتقل إلى إيران ووجد بها ملاذا، ولا شك في أن التنظيم يخرج ويدخل من إيران إلى الجنوب والعكس وينتشر في بعض الدول الأخرى».
ويقول المصدر القضائي: «استندت محكمة نيويورك أيضا إلى تقارير لمديرين في وكالة الاستخبارات المركزية واتصالات هاتفية تعقبتها الوكالة».
وأضاف: «في حين كان العميلان السريان السابقان في (سي آي إيه) اللذان أدليا بشهادتهما في المحاكمة يؤديان عملهما في الخفاء، فإن الاستنتاجات التي توصلا إليها فيما يتعلق بتعاون إيران و(القاعدة) تم تأكيدها بدرجة ما وبعبارات عامة من مديرين سابقين في (سي آي إيه)».
وتابع المصدر القضائي الأميركي: «أشار الشاهدان إلى أن مدير (سي آي إيه) السابق بورتر غوس أكد أن طهران تؤوي عناصر بارزة في (القاعدة)، ما يسبب غموضا إضافيا (هكذا وردت في الأصل) بشأن تعهد إيران بإحضارهم أمام العدالة». وبناء على شهادة الشاهدين، تزامن تصريح غوس مع معرفة أن «إيران في فترة ما بعد 11 سبتمبر (أصبحت) مقرا معروفا وملائما لاجتماع السنة المتطرفين المنتمين لجماعات جهادية عالمية وغيرها من التنظيمات الإرهابية». واعترف زعيم أحد التنظيمات الجهادية في باكستان بالعمل التنظيمي مع جماعات إرهابية أخرى مشيرا إلى مقاتلين من حماس و«حزب الله» على وجه التحديد. ولدى سؤاله عن مكان إقامة تلك الاتصالات، قال الجهادي الباكستاني إنه «إيران».
لاحظ الشاهدان أنه في شهادة أمام مجلس الشيوخ الأميركي في فبراير (شباط) عام 2003 كرر مدير «سي آي إيه» جورج تينيت ما قاله دونالد رامسفيلد في أبريل (نيسان) 2002، حيث قال: «إننا نرى إشارات مقلقة بأن (القاعدة) رسخت وجودها في كل من إيران والعراق». وأخيرا بالتلميح من جديد إلى (سي آي إيه) أكد الشاهدان أن «التسجيلات الهاتفية التي حصل عليها مسؤولون أميركيون، كانوا يحققون في تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، كشفت أن 10 في المائة من الاتصالات الصادرة من هاتف متصل بالأقمار الصناعية استخدمه بن لادن وكبار مساعديه كانت إلى إيران».
وأخيرا أشار المصدر القضائي إلى وجود تأكيد دولي واسع على الصلة بين إيران و«القاعدة» والتي أدت إلى أحداث 11 سبتمبر وما بعدها. أكد الشاهدان على أن الشرطة الفيدرالية الألمانية أوردت في تقارير قيام عنصر «القاعدة» رمزي بن الشيبة بزيارة إلى إيران قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر بثمانية أشهر. توقف رمزي بن الشيبة، الذي سافر حاملا تأشيرة مدتها أربعة أسابيع في يناير (كانون الثاني) عام 2001، إلى طهران في طريقه لمقابلة زعماء «القاعدة» في أفغانستان. وأكد الشاهدان على أن الدليل على توقف بن الشيبة مسجل في وثائق تضم آلاف الصفحات جمعتها الشرطة الفيدرالية الألمانية في إطار تحقيقاتها في «خلية هامبورغ»: «التي كان قائدها محمد عطا رئيس مجموعة الخاطفين في أحداث 11 سبتمبر. كان رمزي بن الشيبة رفيق عطا في السكن في هامبورغ، وأصبح منسقا رئيسيا في الخطة بعد أن مُنع من الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة. في إطار دوره كوسيط، كان رمزي بن الشيبة ينقل التعليمات ما بين خالد شيخ محمد ومحمد عطا، وفقا لما ورد في تقرير 11 سبتمبر. أضاف الشاهدان أنه بناء على وثائق الشرطة الفيدرالية الألمانية، جاء الدليل على سفر رمزي بن الشيبة من الإيرانيين أنفسهم.
عندما سأل المحققون الألمان السفارة الإيرانية في برلين عن معلومات بشأن سفريات الشيبة إلى دولتهم، أعطى الإيرانيون الشرطة الفيدرالية نموذجا لطلب التأشيرة مكونا من صفحتين مدون فيهما بيانات بخط الشيبة ومعه ملحق بصورة جواز سفره. ووفقا لذلك النموذج تقدم رمزي بن الشيبة بطلب الحصول على تأشيرة سياحة لمدة أربعة أسابيع لإيران في 20 ديسمبر (كانون الأول) عام 2000، حيث وضع علامة أمام السياحة أو الحج كأسباب للسفر. أشار طلب رمزي بن الشيبة أيضا إلى أنه لم يكن يمر عبر إيران في طريقه إلى دولة أخرى ولكن كانت إيران وجهته النهائية. ذكر تقرير صادر عن الشرطة الفيدرالية الألمانية بخصوص ذلك الشأن أنه تمت الموافقة على طلب التأشيرة المقدم من بن الشيبة وأنه سافر إلى إيران في 31 يناير (كانون الثاني) عام 2001. وتم تقديم تلك المعلومات إلى محامي هافليش.
أما ماغنوس رانستورب، الذي كان وقتها نائبا لمدير مركز دراسة الإرهاب والعنف السياسي في جامعة سانت أندروز في اسكوتلندا بالمملكة المتحدة، فقد نوه الشاهدان إلى أن ماغنوس رانستورب في أثناء عمله نائبا لمدير مركز دراسة الإرهاب والعنف السياسي في جامعة سانت أندروز في اسكوتلندا، أكد أيضا على أن تنظيم «حزب الله» الذي يمارس الإرهاب بالوكالة عن إيران، قدم تدريبا على المتفجرات لمفجري السفارتين في شرق أفريقيا. وقال: إن المشتبه بهم المعتقلين في تفجيرات سفارتي شرق أفريقيا ذكروا أن أشخاصا قد سافروا إلى لبنان لتلقي تدريبات على المتفجرات على يد «حزب الله». وورد عن رانستورب قوله: «كشفت الكتيبات العسكرية لـ(القاعدة) تجديدا في صناعة المتفجرات تشمل (آر دي إكس) و(سي 4). ولكن كان هناك اعتراف بأن بعضا من هؤلاء العناصر سافروا إلى لبنان للحصول على تلك الخبرات».
إلى ذلك عمل الإسباني بالتازار غارسون لعدة أعوام كقاضي تحقيقات في المحكمة المركزية رقم 5 التي تحقق في القضايا الجنائية البارزة في إسبانيا ومن بينها الإرهاب والجريمة المنظمة وغسل الأموال. ووصف الشاهدان عميلا «سي آي إيه» السابقان مزاعم غارسون كما يلي: «عندما وجد تنظيم القاعدة أنه تم القبض على كبار قادته قبل 11 سبتمبر، مثل أبو زبيدة ورمزي بن الشيبة وخالد شيخ محمد، واحدا تلو الآخر وتساقطوا على يد القوات الأميركية، عقد مجلس شورى تنظيم القاعدة ومقره في إيران اجتماعا استراتيجيا في شمال إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2002. وعلى الرغم من أن بن لادن لم يكن حاضرا، كان لزاما على التنظيم أن يقرر كيفية استمرار العمل في البيئة الجديدة والخطيرة. قاد ذلك النقاش مصطفى ست مريم نصر، المخطط الاستراتيجي السوري الذي قال إنه حان الوقت لكي يطبق تنظيم القاعدة فتوى كتبها بن لادن في 1998 ونشرها على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. وأخبر التنظيم أن عليهم الحد من التحرك كتنظيم هرمي والعمل بصورة أكبر كشبكة عالمية (لامركزية)».
من ناحية ثانية أشار شاهدا «سي آي إيه» في مراجعهما أيضا إلى الصحافي الباكستاني حامد مير الذي حاور بن لادن قبل أحداث 11 سبتمبر وبعدها. ويؤكد الشاهدان على أنه عندما حاور مير بن لادن في مارس (آذار) عام 1997: «فوجئ أثناء اللقاء عندما تحدث بن لادن عن تحالف بين طالبان وإيران يقوم على موقف مشترك معاد للولايات المتحدة. وكما أخبر أحد عملاء بن لادن مير: (نريد تكوين تحالف على أساس واسع ضد الولايات المتحدة ولهذا السبب نحن على اتصال مع الإيرانيين منذ أعوام كثيرة)».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».


ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

ميسي قبل لقاء السعودية: تعرضت لكدمة بسيطة... هذه فرصتي لتحقيق الحلم العظيم

ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)
ميسي قال في المؤتمر الصحافي إنه جاهز لمباراة الثلاثاء (إ.ب.أ)

قال ليونيل ميسي قائد المنتخب الأرجنتيني، إنه يشعر بأنه على ما يرام قبل المواجهة الافتتاحية للمجموعة الثالثة ضد السعودية، غداً الثلاثاء، بينما يُرجح أن تكون تلك مشاركته الأخيرة في كأس العالم لكرة القدم.
وقال ميسي الذي أجرى تدريبات خفيفة بعيداً عن زملائه، السبت، في مؤتمر صحافي، اليوم، الاثنين: «أشعر بأنني في حالة جيدة بدنياً. أعتقد أنني في فترة رائعة على الصعيدين الشخصي والبدني، ولا أعاني أي مشكلات... سمعت أنهم قالوا إنني تدربت بشكل مختلف. كان ذلك بسبب تعرضي لكدمة، ولكن لا يوجد شيء غريب (يحدث). كان مجرد إجراء احترازي».
وأضاف اللاعب البالغ من العمر 35 عاماً، والذي سيخوض كأس العالم للمرة الخامسة، في قطر، أنه لم يستعد بشكل مختلف للبطولة التي تقام للمرة الأولى في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول).
وأوضح مهاجم باريس سان جيرمان: «لم أفعل أي شيء مميز. لقد اعتنيت بنفسي، وتدربت كما أفعل طوال مسيرتي، مع العلم بأن هذه لحظة خاصة، فربما تكون هذه آخر بطولة كأس عالم لي، وفرصتي الأخيرة لتحقيق هذا الحلم العظيم الذي أحلم به، ونحلم به جميعاً».


مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
TT

مشجعو الإكوادور: لا نستطيع التعبير بالكلمات بعد فوزنا التاريخي في افتتاح المونديال

مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)
مشجعون إكوادوريون يحتفلون بفوز منتخب بلادهم على قطر (رويترز)

احتفل الآلاف من الإكوادوريين المبتهجين، اليوم الأحد، في مدن مختلفة، بالدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية بعد الفوز التاريخي على الدولة المضيفة قطر في المباراة الافتتاحية لـ«كأس العالم لكرة القدم 2022».
وكانت بداية الإكوادور مثالية للبطولة بفوزها على قطر 2-0 ضمن المجموعة الأولى بهدفين بواسطة المُهاجم المخضرم إينر فالنسيا، الذي سجل من ركلة جزاء، ثم بضربة رأس في الشوط الأول. وشهدت المباراة المرة الأولى التي تتعرض فيها دولة مضيفة للهزيمة في المباراة الافتتاحية لكأس العالم.
وارتدى المشجِّعون قمصان المنتخب الوطني وحملوا أعلام الإكوادور؛ تكريماً للفريق، وامتلأت المطاعم والساحات ومراكز التسوق في أنحاء مختلفة من البلاد بالمشجّعين؛ لمساندة الفريق تحت الشعار التقليدي «نعم نستطيع».
وقالت جيني إسبينوزا (33 عاماً)، التي ذهبت مع أصدقائها إلى مركز التسوق في مدينة إيبارا بشمال البلاد لمشاهدة ومساندة الفريق: «تنتابني مشاعر جيّاشة ولا تسعفني الكلمات، لا يمكنني وصف ما حدث. نحن دولة واحدة، ويد واحدة، وأينما كان الفريق، علينا أن ندعمه».
وفي كيتو وجواياكويل وكوينكا؛ وهي أكبر مدن البلاد، تجمَّع المشجّعون في الحدائق العامة؛ لمشاهدة المباراة على شاشات عملاقة ولوّحوا بالأعلام ورقصوا وغنُّوا بعد النصر.
وقال هوجو بينا (35 عاماً)، سائق سيارة أجرة، بينما كان يحتفل في أحد الشوارع الرئيسية لجواياكويل: «كان من المثير رؤية فريقنا يفوز. دعونا نأمل في أداء جيد في المباراة القادمة أمام هولندا، دعونا نأمل أن يعطونا نتيجة جيدة، ويمكننا التأهل للمرحلة المقبلة».
وانضمّ الرئيس جييرمو لاسو إلى الاحتفالات.
وكتب لاسو، عبر حسابه على «تويتر»: «الإكوادور تصنع التاريخ. عندما تكون القيادة واضحة، ولديها رؤية وتعمل على تحقيقها، فإن الفريق يكتب اسمه في سجلات التاريخ...».
وستختتم الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى، غداً الاثنين، بمباراة هولندا والسنغال.
وستلعب الإكوادور مرة أخرى يوم الجمعة ضد هولندا، بينما ستواجه قطر منافِستها السنغال.


مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
TT

مناطيد مهرجان «تازونغداينغ» تُنسي البورميين أجواء النزاع

محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)
محتفلون في مهرجان «تازونغداينغ» (أ.ف.ب)

تجمّع آلاف البوذيين، أول من أمس الأحد، في وسط بورما؛ للمشاركة في إحياء طقوس دينية شعبية شكّل الاحتفال بها فاصلاً ملوّناً، وسط النزاع الدامي الذي تشهده الدولة الآسيوية.
وحالت جائحة «كوفيد-19» وانقلاب فبراير (شباط) 2021 لعامين متتاليين دون أن تشهد بيين أو لوين، هذا الاحتفال باكتمال القمر الذي يصادف نهاية موسم الأمطار المعروف بـ«تازونغداينغ» أو مهرجان الأضواء. وارتفعت مناطيد الهواء الساخن في الليل البارد وعليها صور لبوذا وأنماط ملونة تقليدية؛ ومنها الدب الأبيض.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، تتولى لجنة تحكيم اختيارَ الأجمل منها، الذي يصل إلى أكبر علو ويطير أطول وقت بين 76 منطاداً تشارك في الأيام الخمسة للاحتفالات.
ويترافق هذا الحدث مع كرنفال وعرض رقص تقليدي يوفّر جواً من البهجة بعيداً من أخبار النزاع الأهلي، الذي أودى بحياة ما بين 2400 و4000 شخص في نحو عامين.
وإذا كان الاحتفال بـ«تازونغداينغ» راسخاً في التقاليد البوذية، فإن البريطانيين الذين كانوا يستعمرون بورما هم الذين كانوا وراء مسابقة المناطيد في نهاية القرن الـ19.
ودرَجَ عشرات الآلاف من البورميين والأجانب الفضوليين في السنوات الأخيرة، على حضور هذه الاحتفالات المعروفة على السواء بألوانها وبالخطر الذي تنطوي عليه، إذ تُحمَّل المناطيد بالألعاب النارية التي قد تسبب كارثة إذا انفجرت قبل الأوان.
ويعود الحادث الأخطر إلى عام 2014 عندما قُتل 3 متفرجين بفعل سقوط منطاد على الحشد في تونغي، وسط بورما.


إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
TT

إقصاء ببغاء نادر عن مسابقة يثير غضباً في نيوزيلندا

ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)
ببغاء كاكابو («فورست أند بيرد»)

أثار حرمان أضخم ببغاء في العالم من المشاركة في مسابقة انتخاب «طير السنة» في نيوزيلندا، غضب هواة الطيور الذين هالهم استبعاد طير كاكابو، المحبوب جداً والعاجز عن الطيران، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وثارت حفيظة كثيرين إثر قرار المنظمين منع الببغاء النيوزيلندي ذي الشكل اللافت، الذي يواجه نوعه خطر الانقراض. ويشبه ببغاء كاكابو، المعروف أيضاً باسم «الببغاء البومة»، كرة بولينغ مع ريش أخضر. وسبق له أن وصل إلى نهائيات المسابقة سنة 2021، وفاز بنسختي 2008 و2020.
هذا الطير العاجز عن التحليق بسبب قصر ريشه، كان الأوفر حظاً للفوز هذا العام. لدرجة وصفه بأنه «رائع» من عالِم الأحياء الشهير ديفيد أتنبوروه، إحدى أبرز المرجعيات في التاريخ الطبيعي، والذي قدمه على أنه طيره النيوزيلندي المفضل. لكنّ المنظمين فضلوا هذا العام إعطاء فرصة لطيور أقل شعبية.
وقالت الناطقة باسم هيئة «فورست أند بيرد» المنظمة للحدث، إيلين ريكرز، إن «قرار ترك كاكابو خارج قائمة المرشحين هذا العام لم يُتخذ بخفّة».
وأضافت: «ندرك إلى أي مدى يحب الناس طير كاكابو»، لكن المسابقة «تهدف إلى توعية الرأي العام بجميع الطيور المتأصلة في نيوزيلندا، وكثير منها يعاني صعوبات كبيرة».
وأوضحت الناطقة باسم الجمعية: «نريد أن تبقى المسابقة نضرة ومثيرة للاهتمام، وأن نتشارك الأضواء بعض الشيء».
وليست هذه أول مرة تثير فيها مسابقة «طير السنة» الجدل. فقد تلطخت سمعة الحدث ببعض الشوائب في النسخ السابقة، سواء لناحية عدد مشبوه من الأصوات الروسية، أو محاولات فاضحة من أستراليا المجاورة للتلاعب بالنتائج. والفائز باللقب السنة الماضية كان طير «بيكابيكا-تو-روا»... وهو خفاش طويل الذيل. وهذه السنة، تدافع صفحات «فيسبوك» عن طير «تاكاهي» النيوزيلندي، وعن طير «كيا» ذي الريش الأخضر، وهما نوعان يواجهان «صعوبات كبيرة» وفق منظمة «فورست أند بيرد». لكن فيما لا يزال التصويت مستمراً، يشدد أنصار الببغاء كاكابو على أن إقصاء طيرهم المفضل عن المسابقة لن يمرّ مرور الكرام. وانتقدت مارتين برادبوري المسابقة، معتبرة أنها تحولت إلى «جائزة عن المشاركة» موجهة للطيور القبيحة. أما بن أوفندل فكتب على «تويتر» أن «نزاهة طير السنة، وهي مسابقتنا الوطنية الكبرى، تضررت بلا شك».


بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.


أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».


رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.