مجلس الأمن يدعو لتمكين بعثة الأمم المتحدة في الصحراء من العمل مجددًا بشكل كامل

وزير خارجية المغرب: قرارات تقليصها سيادية لا رجوع عنها

صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي خلال الندوة الصحافية التي أقامها في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي خلال الندوة الصحافية التي أقامها في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

مجلس الأمن يدعو لتمكين بعثة الأمم المتحدة في الصحراء من العمل مجددًا بشكل كامل

صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي خلال الندوة الصحافية التي أقامها في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)
صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي خلال الندوة الصحافية التي أقامها في الرباط (تصوير: مصطفى حبيس)

أعرب مجلس الأمن ليلة أول من أمس عن أمله في أن تتمكن بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) «من العمل مجددا بشكل كامل»، وذلك في أول رد فعل له على الخلاف القائم بين الرباط والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. بيد أن أعضاء المجلس الـ15 لم يتخذوا أي قرار، ولم ينحازوا إلى أي من طرفي هذا الخلاف، مكتفين بالدعوة إلى حله «بطريقة بناءة وكاملة وعبر التعاون».
وصدر هذا الموقف في ختام مشاورات مغلقة أجراها أعضاء مجلس الأمن على مدى ثلاث ساعات بشأن هذا الخلاف، وجاء الإعلان عنه من طرف رئيس مجلس الأمن لشهر مارس (آذار) الجاري السفير الانغولي إسماعيل غاسبار مارتينيز.
وقال مارتينيز إن أعضاء المجلس «أعربوا عن قلقهم العميق» إزاء الوضع الراهن، مذكرين بأن بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة حول العالم، والبالغ عددها 16 بعثة، تعمل بموجب تفويض من مجلس الأمن «لتنفيذ مهام حاسمة»، مؤكدا أن الاتصالات بين الأمم المتحدة والرباط ستستمر لحل الخلاف.
وجاء رد فعل مجلس الأمن في أعقاب تأكيد وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار أن قرارات بلاده بخصوص تقليص بعثة مينورسو في الصحراء «سيادية لا رجوع عنها».
وتعليقا على موقف مجلس الأمن، قال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر لوكالة الصحافة الفرنسية إن «بيان مجلس الأمن بناء بالكامل. إنه يهدف إلى تخفيف التوترات وإيجاد الظروف الملائمة لقيام حوار يتحلى بالثقة بين المغرب والأمم المتحدة».
من جهته، رحب ممثل جبهة البوليساريو في الأمم المتحدة أحمد بخاري ببيان مجلس الأمن، مشيدا بمطالبة المجلس بأن تعود «مينورسو» إلى العمل كسابق عهدها في الصحراء. وأوضح وزير خارجية المغرب، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه بقادة الأحزاب السياسية والنقابات ليضعهم في صورة آخر مستجدات الخلاف بين الرباط وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، أن بلده «لن يسمح لأي كان بالتطاول على سيادته الترابية»، محذرا من خطورة التصرفات الرامية إلى الخروج عن الإطار السياسي لحل نزاع الصحراء الذي حدده مجلس الأمن. وذكر مزوار أن قرارات المغرب «سيادية ولا رجوع عنها وتستند على دعم مختلف مكونات الشعب، التي عبرت عنها بقوة عن طريق مسيرات حاشدة».
وعد مزوار «القرارات الحازمة التي اتخذتها المملكة المغربية بشأن سحب المكون المدني لبعثة الأمم المتحدة في شقه السيادي، قرارات مسؤولة ومتناسبة مع خطورة الانزلاقات التي صدرت عن الأمين العام». بيد أنه قال: إن المغرب «ملتزم بالتعامل والتعاون مع المكون العسكري لبعثة (مينورسو) في إطار المهام المحددة لها»، مضيفا أن «التعاون مستمر على أرض الميدان بين القوات المسلحة الملكية والمكون العسكري للمينورسو، بما يمكن من الحفاظ على وقف إطلاق النار في ظروف طبيعية»، مبرزا أن المغرب عبر غير ما مرة عن استعداده لتقديم الدعم والمساعدة اللوجيستيكية الكافية «لحسن سير مهمة المكون العسكري للمينورسو، وقيامه بالمهام الموكولة إليه في ظروف ملائمة». كما أن الاتصالات، يضيف مزوار، عادية ومتواصلة مع الممثلة الخاصة للأمين العام، كيم بولدوك، مؤكدا أنه «على هذا الأساس، وفي احترام القرارات التي تم اتخاذها، يظل المغرب منفتحا على الحوار البناء والمسؤول واللامشروط، في إطار الاحترام المتبادل».
غير أن مزوار شدد، بالمقابل، على أن هذا الحوار «ينبغي ألا يتجاهل مسببات الوضعية الحالية من جهة، وأن يسعى، من جهة أخرى، لإعادة بناء الثقة وإنقاذ المسار السياسي الذي تضرر بسبب الانزلاقات الخطيرة للسيد بان كي مون»، وذكر بأن القرارات التي اتخذتها المملكة المغربية بشأن سحب المكون المدني لبعثة مينورسو، وخاصة في شقه السياسي: «هي قرارات مسؤولة ومتناسبة مع خطورة الانزلاقات التي صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته لتندوف والجزائر».
ووجه مزوار انتقادات شديدة للأمين العام للأمم المتحدة، وقال: إن الأمانة العامة للأمم المتحدة «تحاول أن تغير مسار المسلسل السياسي عبر التحرر من المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي، الذي يعتبر من طرف معظم الدول ومجلس الأمن، بأنه جدي وواقعي وذو مصداقية».
وقال مزوار إن زيارة بان كي مون الأخيرة للجزائر ومخيمات جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر) «انطوت على نية مبيتة لفرض واقع جديد، والقفز على مقترح الحكم الذاتي، الذي كان محط إشادة من المنتظم الدولي كحل جدي وذي مصداقية، لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء»، مؤكدا على الدعم القوي الذي يحظى به المغرب من قبل أصدقائه الكثر والمؤثرين والذي يعضد الإجماع الشعبي. كما اتهم مزوار الأمانة العامة للأمم المتحدة أيضا بأنها «تحاول بكل الوسائل أن تؤثر على مجلس الأمن، وتشن حربا إعلامية يومية ضد المغرب بهدف واضح هو تحويل الأنظار عن الانزلاقات الخطيرة، التي خرجت عن الضوابط والقرارات المحددة من طرف مجلس الأمن، في تدبير هذا النزاع المفتعل والضغط على مجلس الأمن».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.