«أزمة الدولار» تخنق الريال اليمني.. وتضغط على الاحتياطي

توجيهات بـ«شرعنة» السوق السوداء وتورط بعض البنوك

رجال ينقلون أجولة قمح للفقراء في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
رجال ينقلون أجولة قمح للفقراء في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
TT

«أزمة الدولار» تخنق الريال اليمني.. وتضغط على الاحتياطي

رجال ينقلون أجولة قمح للفقراء في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)
رجال ينقلون أجولة قمح للفقراء في العاصمة اليمنية صنعاء (رويترز)

وصف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، تعليمات من البنك المركزي اليمني بخفض سعر العملة المحلية إلى 250 ريالا مقابل الدولار الواحد، من 215 ريالا، بـ«شرعنة سعر صرف السوق السوداء».
وقال مصطفى نصر، رئيس المركز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن تعليمات البنك المركزي جاءت في إطار توجيهات شفوية للبنوك وشركات الصرافة، لبدء التعامل بالأسعار الجديدة بداية من الأسبوع الحالي، دون إصدار قرار رسمي بذلك. وما زال الموقع الرسمي للبنك المركزي اليمني يعرض الدولار بقيمة 214.87 للشراء، و214.91 للبيع.
وبلغ الاحتياطي النقدي في اليمن (بحسب تصريحات حكومية) نحو 2.3 مليار دولار نزولاً من 5 مليارات دولار، قبل بدء الأزمة الحالية، وتوقع نصر أن يغطي الاحتياطي الحالي قيمة الواردات من البلاد لفترة «ثلاثة أو أربعة أشهر فقط».
وأشار مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن قرار البنك المركزي اليمني تخفيض قيمة العملة «يعكس حجم الأزمة الذي يعانيه اليمن في الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة وعجز البنك المركزي على الوفاء بمتطلبات السوق من النقد الأجنبي».
وحذر المركز من تأثيرات هذا القرار، الذي «سيتسبب في انخفاض السعر غير الرسمي للريال متخطيًا 300 ريال للدولار الواحد، في حال لم تتزامن قرارات البنك المركزي مع حزمة من القرارات والإجراءات لإصلاح السياسة النقدية والمالية». مشيرًا إلى أهمية «العمل على توفير متطلبات السوق من العملة الصعبة، ووقف نزيف العملة المحلية جراء القرارات العشوائية التي تم اتخاذها خلال الأشهر الماضية، محذرًا البنك من الوقوع في مأزق محاولة اللحاق بسعر الصرف غير الرسمي».
وكان الريال اليمني يتداول رسميًا بـ215 ريالا للدولار، ونظرًا لتوقف مصادر النقد الأجنبي، منذ بدء الأزمة الحالية، مثل تصدير النفط والغاز، وتوقف المساعدات والقروض الخارجية، إضافة إلى قرارات غير مدروسة اتخذتها ميليشيات الحوثي بالسماح للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية دون تغطية متطلبات الاستيراد من النقد الأجنبي، تراجعت قيمة العملة المحلية في البلاد بصورة ملحوظة، فضلاً عن شح الدولار في الأسواق.
وكشف المركز، أن «القرارات التي اتخذها البنك المركزي بصرف الحوالات الخارجية بقيمة العملة المحلية، التي لا تعبر عن قيمتها الحقيقية في السوق، خلقت شبكة من مافيا الاتجار بالعملة الصعبة في السوق السوداء تورطت فيها بعض البنوك والعاملون فيها، تزامن ذلك مع تهريب كميات كبيرة من الدولار إلى الخارج مع هروب رجال الأعمال».
وأوضح مصطفى نصر، أنه نظرًا لهذه الأسباب زاد الطلب على الدولار والعملات الأجنبية، مما خلق حالة مضاربة بالعملة خارج الإطار الرسمي، لأن البنوك امتنعت عن بيع الدولار.
وشدد مركز الدراسات الاقتصادي اليمني على ضرورة التزام البنك المركزي بتوفير العملة الصعبة لموردي المشتقات النفطية من القطاع الخاص بالتزامن مع رقابة شديدة على تكلفة الشراء والنقل والبيع في الأسواق المحلية، إذ إن الأسعار الحالية للمشتقات النفطية في الأسواق تصل إلى ضعف الأسعار العالمية.
وأوضح نصر في هذا الصدد، أن ارتفاع الدولار تسبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات في اليمن بصورة كبيرة، مع انعدام المشتقات النفطية وزيادة كلفة النقل والتأمين الذي رفع الأسعار بصورة تجاوز 100 في المائة في بعض السلع، مشيرًا إلى أن البنك المركزي ظل خلال هذه الفترة يغطي الاعتمادات، لاستيراد المواد الأساسية مثل القمح والدقيق والسكر وغيرها، بالسعر الرسمي للدولار، ما أدى إلى تآكل الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية ودفعه للتخلي عند تغطية الاستيراد لبعض السلع الاستراتيجية مثل السكر والأرز.
وأكد أن هذا القرار سيؤثر بشكل سلبي، على أسعار المواد الغذائية الأساسية التي كانت ولا تزال تُغطى من قبل البنك المركزي.
واقترح رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني، إيجاد مصادر بديلة للنقد الأجنبي، والتنسيق مع الجهات المسؤولة لتخفيف القيود على الاعتمادات المستندية لاستيراد السلع، أو اللجوء إلى العملة الصعبة المودعة في البنوك.



قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)
مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)
TT

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)
مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية خلال جلسات تداول الأسابيع الأخيرة.

وأغلق مؤشر السوق يوم الأربعاء عند مستوى 12149.19 نقطة، بانخفاض 0.36 في المائة وتداولات بلغت قيمتها 6 مليارات ريال. وكان أغلق يوم الثلاثاء على ارتفاع ملحوظ ليصل إلى 12193.64 في أعلى إغلاق منذ أكثر من شهرين.

وخلال يوم الأربعاء، بلغ حجم الأسهم المتداولة 620 مليون سهم، موزعة على أكثر من 480 ألف صفقة، سجلت فيها أسهم 90 شركة ارتفاعاً في قيمتها، فيما أغلقت أسهم 138 شركة على تراجع.

وكانت أسهم شركات: «GO» للاتصالات، و«سمو»، و«دله الصحية»، و«العقارية»، و«سيرا» الأكبر ارتفاعاً. أما أسهم شركات: «جاهز»، و«أنعام القابضة»، و«بنان»، و«الزامل للصناعة»، و«أكوا باور» فكانت الأكبر انخفاضاً في التعاملات؛ إذ تراوحت نسب الارتفاع والانخفاض بين 3.36 في المائة و7.16 في المائة.

وكانت أسهم شركات «أنعام القابضة»، و«الباحة»، و«شمس»، و«جاهز»، و«أمريكانا» الأعلى نشاطاً من حيث الكمية، في حين كانت أسهم شركات «جاهز»، و«أرامكو السعودية»، و«الراجحي»، و«أنعام القابضة»، و«سابك» الأكبر نشاطاً من حيث القيمة.

وقال محلل الأسواق المالية عضو «جمعية الاقتصاد» السعودية، الدكتور سليمان آل حميد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قطاعَي البنوك والطاقة كانا من العوامل الرئيسية التي ساهمت في استقرار مؤشر السوق السعودية، وبقائها في منطقة الـ12 ألف نقطة». وأضاف أن «القطاع البنكي في سوق الأسهم السعودية يعدّ من أكبر القطاعات البنكية أرباحاً على مستوى العالم، وهو أحد أبرز الداعمين لمؤشر السوق السعودية». كما أشار إلى أهمية قطاع الطاقة، خصوصاً شركة «أرامكو السعودية»، مع توقعات بزيادة التوزيعات النقدية لتتجاوز 1.96 ريال في العام.

وتوقع الخالدي أن «يستمر مؤشر السوق في الارتفاع خلال الجلسات الـ14 المتبقية حتى نهاية العام الحالي، وأن يصل إلى 12800 نقطة، ومواصلة رحلة النمو والارتفاع وتجاوز 13500 نقطة مع بداية العام المقبل 2025»، مضيفاً أن مؤشر السوق متوجه نحو تسجيل ارتفاعات جديدة مع الأخبار الاقتصادية الإيجابية المستمرة حول الاقتصاد السعودي.

وأشار إلى أن السوق المالية السعودية قد «تشبّعت بشكل كامل من الانخفاض خلال الفترة الماضية، حيث هبط المؤشر من 14 ألف نقطة ليصل إلى نحو 10.1 ألف نقطة، ليشكل بذلك قاعدة في النطاق بين 10 آلاف و12 ألف نقطة. كما وصل معظم أسعار أسهم بعض الشركات الكبيرة إلى قيعان جديدة لم تشهدها منذ 14 عاماً، وهو ما لا يتماشى مع مؤشرات الاقتصاد السعودي خلال الفترة الماضية».

وأضاف أن «الاقتصاد السعودي يتمتع بمكانة قوية وكبيرة، ومن أبرز مؤشراتها ارتفاع الناتج المحلي إلى 2.8 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي 2024، بالإضافة إلى توقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4.8 في المائة عام 2025». كما أشار إلى إعلان «موازنة السعودية بأكثر من 1100 مليار ريال، ونفقات تجاوزت 1200 مليار ريال»، لافتاً إلى أن «سياسة الإنفاق والتدفقات النقدية التي أقرتها الحكومة أصبحت بيئة مشجعة لاستمرار نمو الاقتصاد السعودي، وللمستثمرين المحليين والأجانب. كما أن السعودية أصبحت واجهة لجميع المؤتمرات واللقاءات العالمية الاقتصادية والسياحية والاستثمارية والسياسية. كذلك بلغ حجم الاستثمار في السوق السعودية نحو 400 مليار دولار، والهدف المقبل هو 3 تريليونات دولار».

من جهته، أكد خبير ومحلل أسواق المال، عبيد المقاطي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن سوق الأسهم السعودية «أصبحت محط اهتمام للمستثمرين المحليين والعالميين، بفضل قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، بالإضافة إلى تسجيل الشركات أرباحاً كبيرة، مما انعكس إيجاباً على التوزيعات الفصلية للشركات». وأضاف أن «القيمة السوقية التجميعية في القيعان السعرية تساهم في تحفيز مؤشر (تاسي) وشركاته، مما يعزز المضاربات اليومية واللحظية ويحقق مكاسب مضاربية يومية للمتداولين». كما لفت إلى أن «هذه المكاسب تسهم في تحقيق عوائد فصلية، مما ينتج عنه قمم وقيعان سعرية لأسهم تلك الشركات».

وأضاف أن «السوق تسير في موجات تذبذبية حتى تتمكن من تحقيق أهدافها، سواء على صعيد الهبوط والصعود». وأشار إلى أنه «في الشهرين الماضيين، حين وصل المؤشر العام إلى قمته عند مستويات 12390 نقطة، شهدت السوق تصحيحاً في مسارها لتصل إلى الدعم عند 11590 نقطة، مما أدى إلى فقدان ألف نقطة. لكن السوق استعادت هذه النقاط مجدداً في جلسات التداول العشر الأخيرة». وأكد أن «العامل الرئيسي في هذه الموجة الصاعدة كان القطاع البنكي وقطاع الطاقة».