هل تحسن اقتصاد إيران بعد رفع العقوبات الغربية؟

ثلاثة أشهر «حبر على ورق».. لا أثر على الأسواق.. والمواطن لم يشعر بتغير

هل تحسن اقتصاد إيران بعد رفع العقوبات الغربية؟
TT

هل تحسن اقتصاد إيران بعد رفع العقوبات الغربية؟

هل تحسن اقتصاد إيران بعد رفع العقوبات الغربية؟

بعد اتفاق وصف بـ«التاريخي» في بداية العام الحالي، على رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية والغربية عن إيران، يحاول الاقتصاد الإيراني الخروج من عزلة دولية ومشكلات هيكلية استمرت لسنوات منذ فرض الحظر التجاري الأميركي عليها في نهاية التسعينات والعقوبات الدولية والغربية عليها منذ عام 2006 والتي جرى تغليظها في 2012، فهل سيكون رفع الحظر الدولي عن إيران هو الحل السحري للخروج من أزمتها سريعا؟
رفع الحظر الاقتصادي عن إيران يعني نظريًا استفادة الاقتصاد الإيراني بعدة مزايا على رأسها زيادة الصادرات النفطية وغير النفطية، وتقليل تكلفة التجارة والمعاملات المالية الدولية وعودة العمل بنظام التحويلات المالية الدولية (سويفت)، وكذلك عودة الاستثمارات الأجنبية، وتحديث التكنولوجيا المتقادمة لسنوات طويلة وتطوير الاقتصاد الإيراني الذي يشغل الترتيب الثاني كأكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط بعد المملكة العربية السعودية، والثامن عشر على مستوى العالم وفقا لتصنيف البنك الدولي.
وكانت إيران قد اتفقت مع القوى الغربية على رفع العقوبات المفروضة على قطاعات اقتصادية منذ سنوات جراء أنشطتها النووية. وشملت رفع الحظر على قطاعات اقتصادية حيوية بينها البنوك والتأمين، والنفط والغاز والبتروكيماويات، والنقل البحري والموانئ، وتجارة الذهب والسيارات، وكذلك تحديث أساطيل الطيران المدني وبيع الطائرات التجارية وقطع الغيار للأسطول الإيراني المتقادم منذ سنوات، وفتح المجال أمام الشركات الأميركية الرائدة في هذه الصناعات لعقد صفقات تجارية مع إيران، وكذلك إلغاء عقوبات تمس أجانب ممنوعين من التعامل مع الإيرانيين.
«رفع الحظر على الورق لا قيمة له» هكذا وصف المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي الأسبوع الماضي رفع العقوبات الأميركية عن الاقتصاد الإيراني، أي بعد شهرين ونصف من رفع الحظر.. ووجه الانتقاد إلى الولايات المتحدة للصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الإيراني في التعامل مع النظام المالي الدولي.
وأكد على أن «إيران تواجه مشكلات حقيقية في التعامل النقدي والتحويلات المالية مع البنوك الدولية، بسبب خوفهم من المؤسسات الأميركية والغربية، اقتصاد إيران لم يستفد حتى الآن من الوفود الغربية التي زارت طهران، لعدم التزامها بتعهداتها، ونتوقع أن نرى بعض التحسن الحقيقي، والوعود على الورق لا قيمة لها».
وتوقع البنك الدولي تحقيق إيران لمعدلات نمو في حدود 5 في المائة خلال عام 2016 تزامنًا مع رفع العقوبات الدولية مرتفعًا من 2.8 في المائة بنهاية 2015، إلا أن الاقتصاد الإيراني لم يتمكن من تحقيق ذلك حتى الآن مع رفع العقوبات في بداية العام الحالي.
وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» قال الباحث بمركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، أحمد فاروق: «لا توجد مؤشرات ملموسة تشير إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران، فالأموال التي كانت محتجزة لم يتم ضخها إلى الأسواق بشكل مؤثر، ويتم استخدامها في شراء الطائرات الكبرى، في حين توجد قطاعات استراتيجية أخرى تحتاج للتحديث وضخ استثمارات مباشرة فيها».
وعن جدول الزمني لتنفيذ الوعود المترتبة على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في مختلف القطاعات، قال فاروق إنه لا يوجد إطار زمني محدد، وقد يشهد العام الحالي بعض التطورات مع وعود بضخ مزيد من الأموال في الاقتصاد، ولكن ذلك سيحتاج إلى وقت، ومرهون بالتعاون الحقيقي بين الطرفين.
وحتى الآن توجد قطاعات حيوية في إيران لم ترفع الولايات المتحدة الحظر المفروض عليها للتعامل مع بعض الشركات الغربية بشكل عملي، ومنها قطاعات تأمين ناقلات البترول، وتوجد عدة شركات دولية في انتظار موافقة الحكومة ووزارة الخزانة الأميركية لبدء التعامل معها مثل شركة بوينغ العالمية.

مراقبون: ثمار رفع العقوبات ستذهب لطبقات قريبة من السلطة

وعن إحساس المواطن بأي تغيير على مستوى الاقتصاد المحلي بعد رفع العقوبات، قال الإعلامي الإيراني بويا عزيزي: «لا یوجد إحساس يذكر بالتغيير بعد رفع العقوبات عن إيران، ولا توجد استثمارات تذكر في إيران حتى الآن، والأموال المفرج عنها تنفق في شراء طائرات وأشياء أخرى، وليس لتطوير عجلة الإنتاج الذي يمس المواطنين بشكل مباشر، في الوقت الذي لا تتوفر فيه فرص العمل».
وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أكد على أن انخفاض أسعار النفط العالمية عجز إيران عن وضع استراتيجية قوية لاقتصادها خلال هذا العام، لافتا إلى أن الحكومة الإيرانية تستخدم العائد من صادرات النفط لتغطية عجز الموازنة. وأضاف أن «إلغاء العقوبات -حال جني ثمارها- سيشعر به الطبقات الغنية القريبة من السلطة لكن الطبقة المتوسطة والفقيرة لن تشعر بأي شيء».
أما بالنسبة إلى قطاع النفط فليس أفضل حظًا من باقي القطاع رغم زيادة إنتاج وصادرات إيران النفطية بعد رفع العقوبات الدولية، إلا أن رفع العقوبات الدولية عن إيران تزامن مع تدهور أسعار النفط العالمية ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث وصل سعر برميل النفط إلى 29 دولارا للبرميل في منتصف يناير (كانون الثاني) 2016، بعد أن كان يقدر بنحو 112 دولارا للبرميل منذ عامين تقريبا.
واقترب إنتاج إيران من النفط حاليًا من مستوى 3 ملايين برميل يوميًا حتى فبراير (شباط) الماضي، بعد أن انخفض إنتاجها إلى نحو 2.8 مليون برميل يوميا في السنوات الأخيرة قبل رفع الحظر والعقوبات مطلع العام الحالي. وكانت تنتج ما يقرب من 3.6 مليون برميل يوميا قبل فرض العقوبات عليها.
ولكن مع استمرار هبوط أسعار النفط، فلن يوجد الحافز الكافي للشركات الأجنبية للاستثمار في هذا المجال الحيوي والذي تحتاج فيه إيران إلى مساعدات الشركات الغربية الفنية والاستثمارية.
وعاني اقتصاد إيران من مشكلات متعددة تراكمت على مدار السنوات الماضية، على رأسها البطالة التي تجاوزت نسبة 14 في المائة، بينما بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.8 في المائة في عام 2015، مرتفعًا من نحو 1.9 في المائة في 2014، في حين وصل معدل التضخم خلال عام 2015 إلى 17 في المائة، وذلك بعد أن كان قد بلغ معدلات قياسية في 2013 وصلت إلى 40 في المائة وفقًا للبنك المركزي الإيراني. وصُنفت إيران من أعلى دول العالم في معدلات ارتفاع الأسعار.

مستقبل الاقتصاد الإيراني على المدى القصير

وتوقع صندوق الدولي تباطؤ نمو الاقتصاد الإيراني -رغم رفع العقوبات الدولية- ليتراوح معدل النمو ما بين 0.5 إلى – 0.5 في المائة فقط خلال السنة المالية 2016 / 2015، متراجعًا من نحو 3 في المائة خلال العام المالي 2014 / 2015، بسبب انخفاض أسعار النفط، وتأجيل قرارات الاستثمار التي يحتاج إليها الاقتصاد الإيراني، قبل رفع عقوبات، وفقا لأحدث تقارير الصندوق لعام 2016. ورغم إعلان إيران عن انخفاض اعتماد الموازنة الإيرانية على عائدات النفط إلى نسبة 33 في المائة خلال عام 2015، مقارنة بـ43 في المائة في العام السابق له، فإن تحقيق ذلك ليس بالسهولة عمليًا في ظل انخفاض أسعار النفط بنسب فاقت 70 في المائة خلال العام ونصف الماضيين. وحاجة الاقتصاد المحلي لتطوير وسائل الإنتاج.
ويتوقع الصندوق أن تساعد رفع العقوبات في زيادة إنتاج النفط والصادرات، وتقليل تكلفة التجارة والمعاملات المالية الدولية، وكذلك عودة الاستثمارات الأجنبية، والتي في حال تحقيقها بالفعل، سيساهم ذلك في تسريع معدلات النمو الحقيقي بنسب تتراوح ما بين 4 و5.5 في المائة خلال 2017 / 2016 و4 في المائة على المدى المتوسط.
ولكي يتم الاستفادة من رفع العقوبات الاقتصادية بشكل عملي، ينبغي على إيران عمل إصلاحات شاملة لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي المحلي، وتسريع النمو الاقتصادي الشامل، بالإضافة إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة البطالة المرتفعة، وزيادة الإنتاجية عن طريق جذب التكنولوجيا الحديثة، وفقا لرئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى إيران، مارتن كريسولا. لكن الكثير من مراقبي الشأن الإيراني يرون أن الوصول إلى تلك الأهداف قد يكون «صعبا للغاية»، خصوصا في ظل وجود صراع داخلي قوي بين جناحين سياسيين داخل إيران.



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.