تقدّم بطيء لقوات النظام السوري في تدمر بعد ألف ضربة جوية روسية

سقوطها يفتح الباب أمام تقليص رقعة سيطرة «داعش» إلى 30 %

تقدّم بطيء لقوات النظام السوري في تدمر بعد ألف ضربة جوية روسية
TT

تقدّم بطيء لقوات النظام السوري في تدمر بعد ألف ضربة جوية روسية

تقدّم بطيء لقوات النظام السوري في تدمر بعد ألف ضربة جوية روسية

دخلت قوات النظام السوري بغطاء جوي مكثف من الطائرات الحربية الروسية مدينة تدمر الأثرية من الجهة الجنوبية الغربية وسط معارك مع تنظيم داعش المتطرف، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن قوات النظام استطاعت الدخول من الجهة الجنوبية الغربية حيث تدور اشتباكات عنيفة مع عناصر التنظيم، مشيرًا إلى أنّ هناك عملية عسكرية واضحة للسيطرة على المدينة التي يسيطر النظام على أطرافها الشمالية والغربية والجنوبية الغربية.
«داعش» كان قد طلب من المدنيين مغادرة المدينة في حين «كان تقدّم قوات النظام باتجاه المدينة بطيئًا وحذرًا نتيجة كمية الألغام الكبيرة المزروعة من قبل التنظيم»، بحسب عبد الرحمن، الذي لفت إلى أنّ نحو ألف ضربة جوية استهدفت منطقة تدمر منذ مطلع شهر مارس (آذار) الحالي.
وتعد معركة تدمر وفق عبد الرحمن «حاسمة لقوات النظام، كونها تفتح الطريق أمامها لاستعادة منطقة البادية من داعش وصولاً إلى الحدود السورية العراقية شرقا»، أي مساحة تصل إلى ثلاثين ألف كيلومتر مربع. وبذا تتراجع مناطق سيطرة التنظيم المتطرف في سوريا إلى ما بين 25 و30 في المائة من الأراضي السورية مقابل 40 في المائة حاليًا، وفق عبد الرحمن. وبخسارة البادية سيضطر التنظيم إلى الانسحاب شرقا إلى محافظة دير الزور التي يسيطر عليها بالكامل تقريبًا أو إلى مناطق سيطرته داخل العراق.
في هذه الأثناء، أوضح مصدر ميداني نظامي سوري لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن المدينة التي سيطر عليها التنظيم المتطرف قبل عشرة أشهر، باتت بين «فكي كماشة من جهة جبل الهيل من الجهة الجنوبية الغربية وجبل الطال من الجهة الشمالية الغربية»، مشيرا إلى أن القوات النظامية باتت مشرفة على المدينة من كامل الجهة الغربية وعلى المنطقة الأثرية شمالاً. وبحسب مصدر عسكري في قوات النظام فإن «وحدتين من الجيش تقاتلان حاليًا في تدمر، الأولى مسؤوليتها السيطرة على الجبال المحيطة بالمدينة والثانية وتقودها قوات (صقور الصحراء) تتأهب لدخول المدينة والسيطرة عليها».
هذا، ويسيطر «داعش» على تدمر، التي يسكنها اليوم نحو 15 ألف مدني من أصل 70 ألفا، منذ مايو (أيار) 2015. ولقد عمد في حينه إلى تدمير الكثير من معالمها الأثرية الشهيرة، المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، وبينها قوس النصر الشهير ومعبدا بعل شمين وبل. ولقد أثار سقوط تدمر التي تتوسط بادية الشام، على الفور قلقًا في العالم على المدينة التي يعود تاريخها إلى ألفي سنة. وفي أغسطس (آب) الماضي دمّر مسلحو «داعش» معبدي بعل شمين وبل. وكان عناصره دمروا سابقا تمثال أسد أثينا الشهير. وفي أكتوبر (تشرين الأول)، فجّروا قوس النصر أيضا.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.