المتفجرات.. مفتاح فك طلاسم هجمات بروكسل

«بيروكسيد الهيدروجين» العلامة التجارية لخلايا «القاعدة» و«داعش»

المتفجرات.. مفتاح فك طلاسم هجمات بروكسل
TT

المتفجرات.. مفتاح فك طلاسم هجمات بروكسل

المتفجرات.. مفتاح فك طلاسم هجمات بروكسل

كانت العاصمة البلجيكية بروكسل على موعد، صباح أول من أمس (الثلاثاء)، مع عدد من التفجيرات استهدفت المطار ومحطة لمترو الأنفاق. والمحزن في الأمر أننا سبق أن شاهدنا الكثير من هذه النوعية من الهجمات ضد أهداف مرتبطة بقطاع النقل داخل أوروبا من قبل. من ناحيتهم، ذكر محققون فرنسيون أن المتفجرات التي استخدمها «داعش» في الهجمات التي شنها ضد باريس في نوفمبر (تشرين الثاني)، وأسفرت عن مقتل 130 شخصًا، صُنعت من مادة بيروكسيد السيتون، أو «تي إيه تي بي»، وإذا ما اتضح أن هذه هي المادة المستخدمة في تفجيرات بروكسل، فإن هذا قد يشير لوجود صلة مباشرة بين هجمات باريس وبروكسل. جدير بالذكر أن هذه المادة يجري تصنيعها من بيروكسيد الهيدروجين، مادة شائعة الاستخدام في المنازل وتستخدم في صبغ الشعر. وقد شكلت هذه المتفجرات بصمة مميزة للإرهابيين المتطرفين داخل الغرب على امتداد أكثر من عقد، نظرًا لسهولة الحصول على المواد، على خلاف المواد المتفجرة الأخرى ذات الطابع العسكري، التي تخضع لقيود شديدة في الغرب. بيد أن المشكلة التي تواجه الراغبين في استخدام مثل هذه المتفجرات أنه من الصعب للغاية صنعها، لأن مكوناتها لدى اجتماعها معًا تصبح غير مستقرة بدرجة كبيرة، ويمكن أن تنفجر بسهولة حال التعامل معها بشكل خاطئ. وعليه، فإن صنع قنبلة «تي إيه تي بي» يتطلب تدريبًا شاقًا، مما يوحي أن صانع قنابل ماهرًا نسبيًا متورط في هجمات باريس، نظرًا لاستخدام الإرهابيين عدة قنابل من هذا النوع.
يقول بيتر بيرغن الخبير الأميركي في مكافحة الإرهاب إن مفتاح الأدلة في التحقيق في تفجيرات بروكسل التي هزت العاصمة البلجيكية أول من أمس، وأسفرت عن مقتل 34 شخصًا وإصابة 230 آخرين، هو نوع المتفجرات المستخدمة في مطار المدينة ومحطة مترو أنفاق مالبييك، ومقارنتها مع تلك التي استخدمها تنظيم داعش في هجمات باريس العام الماضي أو هجمات تنظيم القاعدة في لندن عام 2005.
وبيرغن صحافي وأكاديمي مستشار محطة «سي إن إن»، ونائب رئيس مؤسسة «أميركا الجديدة» وأستاذ في جامعة أريزونا الأميركية، وخبير حقيقي في عالم مكافحة الإرهاب، وأول صحافي غربي يلتقي أسامة بن لادن في جبال تورا بورا عام 1997، وفي تلك المقابلة أعلن بن لادن وسط رجاله وحراسه الحرب على أميركا. وقد قابل بيتر بيرغن كثيرًا من رجال «القاعدة» السابقين والباقين، وبعض أبرز مساعدي بن لادن الهاربين من قبضة العدالة. وقال بيرغن وهو مؤلف أكثر كتاب عن القاعدة منها «أسامة بن لادن.. الذي يعرفه» و«10 سنوات مطاردة» إنه إذا تم استخدام قنابل مصنوعة من بيروكسيد الأسيتون فقد يُشير ذلك إلى التحقق من تنفيذ داعش للتفجيرات في بلجيكا بالفعل، بعد إعلان التنظيم تبنيه المسؤولية على وسائل التواصل الاجتماعي، مساء أول من أمس، إذ أعلنت السلطات الفرنسية في أعقاب هجمات باريس التي وقعت في الـ13 من نوفمبر الماضي، إلى استخدام صناعة قنابل مادة بيروكسيد الهيدروجين وهو مكون موجود بالمنزل، ويستخدم لتبييض الشعر قبل صبغه.
لكن بيرغن أشار أيضًا إلى استخدام «القاعدة» تلك المادة في تفجيرات السابع من يوليو (تموز) في لندن في السابع من يوليو عام 2005، حيث دربت «القاعدة» خلية من الانتحاريين البريطانيين يتزعمهم محمد صديق خان على صنع ذلك النوع من القنابل لتسخين وتقطير مُبيّض الشعر العادي، وخلطه مع غيره من المكونات لصنع مزيج متفجر فعال. وفجر صديق خان نفسه صباح يوم السابع من يوليو وهو في قطار أنفاق قرب محطة ادجور رود، ولأنه كان أكبر المفجرين الانتحاريين الأربعة فقد افتُرِض أنه يتزعمهم. وتستمر السلطات البلجيكية الآن في التحقيق في التفجيرات وتتركز الجهود على البحث عن الشخص الذي ترك قنبلة لم تنفجر في المطار قبل أن يغادر، حسبما قال وزير الداخلية البلجيكي، جان جامبون. وكانت خلية الانتحاريين البريطانيين لتنظيم القاعدة أكثر نجاحًا، عندما نفذوا تفجيرات «7/ 7» في لندن (في السابع من يوليو عام 2005).. إذ استخدموا تدريبهم لتسخين وتقطير مُبيّض الشعر العادي، وخلطه مع غيره من المكونات لصنع مزيج متفجر فعال.
وتتجلى مخاطر قنابل «تي إيه تي بي» في قضية ماثيو روغو وكيرتيس جيتون، وهما صديقان كانا يعيشان معًا داخل مدينة تكساس ويبلغان من العمر 21 عامًا. لم يكن قد سبق لأي منهما التدرب على صنع القنابل، وفي عام 2006 شرعا في صناعة متفجرات من صبغة مركزة، لكن المزيج انفجر مما أسفر عن مقتل روغو وإصابة جيتون. ولم يكن لدى الاثنين أي دوافع سياسية، وإنما كانا يرغبان فحسب في نسف إحدى المركبات كنوع من الترفيه.
إلا أن هناك آخرين داخل الولايات المتحدة صنعوا بالفعل قنابل «تي إيه تي بي» بنيات أكثر شرًا بكثير، منهم نجيب الله زازي الذي نشأ داخل نيويورك، ورغب في قتل أكبر عدد ممكن من ركاب المترو في مانهاتن.
وقد تلقى زازي، عضو تنظيم القاعدة تدريبًا على صنع هذه القنابل في باكستان. وفي صيف 2009، اشترى صبغات شعر بالجملة وبأعداد ضخمة في ضاحية دينفر وبنى مصنعًا داخل غرفة بأحد الفنادق الصغيرة لصنع المتفجرات.
إلا أنه نسي النسب المحددة، فبعث بعدة رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى عميل آخر تابع لـ«القاعدة» يدعى أحمد يسأله عن النسب الصحيحة. وهنا، نبهت الاستخبارات البريطانية السلطات الأميركية للأمر، لمعرفتها بأن عنوان البريد الإلكتروني المرسل إليه يخص عميل للتنظيم الإرهابي بباكستان. وعليه، بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي في مراقبة زازي. ومع اقتراب الذكرى الثامنة لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) سافر إلى نيويورك لتنفيذ مخططه، لكن السلطات ألقت القبض عليه.
وصنع هذه القنابل التي تستخدم المبيّضات عملية معقدة، وليست أمرًا يمكن تعلمه من خلال قراءة وصفات لصنع القنابل على شبكة الإنترنت.. إذ تلقى زعيمهم صديق خان تدريبًا على صنع القنابل من تنظيم «القاعدة» في باكستان.
واستأجر المتآمرون شقة في لندن لتكون بمثابة مصنع للقنابل يخلطون فيها المواد الكيميائية، وفي تلك الأثناء ارتدوا أقنعة بسبب خطورة المواد، التي تسببت في تفتيح لون شعرهم بدرجة ملحوظة. كما استخدموا ثلاجة من طراز متقدم للحفاظ على مكونات القنبلة غير المستقرة في محيط بارد للغاية، وفي تلك الشقة صنعوا أربعة أجهزة متفجرة. وقتل 54 مسافرًا عندما انفجرت القنابل في ثلاثة قطارات في مترو أنفاق لندن وحافلة ذات طابقين. وبعد أسبوعين من الهجمات، في الحادي والعشرين من يوليو 2005، فُجرت موجة ثانية من القنابل القائمة على بيروكسيد الهيدروجين خارج لندن، وهي عملية نظمتها خلية من الصوماليين والإريتريين الذين كانوا من الجيل الأول من المهاجرين إلى بريطانيا. ولحسن الحظ، في حين كانت القنابل الأربع مجهزة للانفجار يوم 21 يوليو، ثلاثة منها تحت الأرض وواحدة على متن حافلة في محاكاة للعملية السابقة، فشلت العملية بسبب الصناعة الخاطئة للقنابل».
وكانت القنابل القائمة على بيروكسيد الهيدروجين مرة أخرى العلامة التجارية لخلية من الباكستانيين البريطانيين، الذين خططوا لإسقاط سبع طائرات ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة وكندا من بريطانيا خلال صيف عام 2006.



روسيا تعلن السيطرة على بلدة كوراخوف شرق أوكرانيا

أوكرانيون أمام منزل دمَّره هجوم صاروخي روسي في تشيرنيهيف بأوكرانيا 4 يناير 2025 (رويترز)
أوكرانيون أمام منزل دمَّره هجوم صاروخي روسي في تشيرنيهيف بأوكرانيا 4 يناير 2025 (رويترز)
TT

روسيا تعلن السيطرة على بلدة كوراخوف شرق أوكرانيا

أوكرانيون أمام منزل دمَّره هجوم صاروخي روسي في تشيرنيهيف بأوكرانيا 4 يناير 2025 (رويترز)
أوكرانيون أمام منزل دمَّره هجوم صاروخي روسي في تشيرنيهيف بأوكرانيا 4 يناير 2025 (رويترز)

أعلنت روسيا السيطرة على مدينة كوراخوف في شرق أوكرانيا، بعد ثلاثة أشهر من المعارك، معتبرة أن هذا التقدم سيتيح لقواتها الاستيلاء على باقي منطقة دونيتسك «بوتيرة متسارعة».

ويأتي هذا الإعلان في حين تشن القوات الأوكرانية، التي تتعرض لانتكاسات منذ أشهر في الجبهة الشرقية من البلاد، هجوما جديدا في منطقة كورسك الروسية الحدودية، حيث تسيطر القوات الأوكرانية على مئات الكيلومترات المربّعة منذ الهجوم الذي شنّته في أغسطس (آب) 2024.

ويسعى الجانبان إلى تعزيز موقفهما، في ظل تكهنات كثيرة تسري منذ أسابيع حول شروط مفاوضات السلام المستقبلية، قبل وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

وتعهّد ترمب وضع حد سريع للنزاع المتواصل منذ نحو ثلاث سنوات، من دون تقديم أي مقترحات ملموسة لوقف إطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق سلام.

والولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للمساعدات لكييف، فيما تعتبر روسيا واشنطن عدوتها الوجودية.

وعلى الجبهة الجنوبية، وبعد أشهر من القتال بوتيرة بطيئة لكن مع إحراز تقدم متواصل، قالت وزارة الدفاع الروسية، على «تلغرام»، إن وحدات روسية «حررت بالكامل بلدة كوراخوف، أكبر تجمع سكان في جنوب غرب دونباس».

وتضم المدينة الصناعية، التي كان عدد سكانها قبل الحرب يبلغ حوالى 22 ألف نسمة، محطة للطاقة طالتها أضرار بسبب المعارك.

وتبعد بلدة كوراخوف نحو ثلاثين كيلومترا عن مدينة بوكروفسك المهمة لتأمين الحاجات اللوجيستية للجيش الأوكراني، والتي بات الجيش الروسي على مسافة تقل عن ستة كيلومترات منها.

«وتيرة متسارعة»

ولم يؤكد الجيش الأوكراني بعد خسارة هذه المدينة، مكتفيا بالإبلاغ عن «عمليات هجومية في منطقة كوراخوف».

وذكرت هيئة الأركان على «فيسبوك» أنها «صدت 27 هجوما» في هذا القطاع وأنه تم اتخاذ إجراءات «لتحديد وتدمير المجموعات المهاجمة المعادية».

لكن خريطة المعارك التي نشرها موقع «ديب ستيت»، المقرب من الجيش الأوكراني، تظهر المدينة تحت السيطرة الكاملة للروس.

انفجار طائرة مسيّرة في سماء العاصمة الأوكرانية كييف في أثناء غارة روسية بطائرة من دون طيار وسط هجوم روسيا على أوكرانيا 3 يناير 2025 (رويترز)

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن السيطرة على المدينة تتيح للقوات الروسية السيطرة على باقي منطقة دونيتسك «بوتيرة متسارعة»، معلنة الاستيلاء كذلك على قرية جنوب بوكروفسك.

وأشارت الوزارة إلى أن القوات الأوكرانية حولت المدينة إلى «منطقة محصنة قوية مع شبكة متطورة من مواقع إطلاق النار والاتصالات تحت الأرض».

وسرعت روسيا تقدمها في أنحاء شرق أوكرانيا في الشهور الأخيرة، سعيا للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي لكنها لم تحقق اختراقا واسع النطاق ومنيت، وفقا لكييف، بخسائر فادحة.

هجوم في كورسك

يأتي ذلك فيما يواجه الجيش الروسي صعوبات في أماكن أخرى. ففي منطقة كورسك، وبعد أسابيع من محاولته صد القوات الأوكرانية، أعلن أنه يتعرض لهجوم مضاد.

تسيطر القوات الأوكرانية على مئات الكيلومترات المربّعة في هذه المنطقة منذ الهجوم الذي شنّته في أغسطس 2024، على الرغم من محاولات القوات الروسية المدعومة بآلاف الجنود الكوريين الشماليين، بحسب كييف، لطردها.

وأعلنت موسكو، الأحد، أنها صدت هجوما أوكرانيا جديدا في هذه المنطقة، في حين لم تعلق كييف على هذا الموضوع.

وقبل أسبوعين من تنصيب ترمب، تخشى أوكرانيا أن يتقلص دعم الولايات المتحدة الحيوي بالنسبة إلى قواتها، وأن يجبر الرئيس الجديد الأوكرانيين على تقديم تنازلات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويرفض الكرملين وقف إطلاق النار ويشترط لذلك أن تتنازل كييف عن الأراضي الأوكرانية التي ضمتها موسكو عام 2022 من دون السيطرة عليها بشكل كامل، وعن جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، والتخلي عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهي شروط تعتبرها أوكرانيا غير واردة حاليا.