الحوثيون يرفعون «الراية البيضاء» بقبول قرار إلقاء السلاح

في خطوة مهمة على الصعيد اليمني, أعلن إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممي لليمن، أن أطراف النزاع اليمني وافقوا على هدنة لوقف إطلاق النار في اليمن، تبدأ من منتصف ليلة العاشر من الشهر المقبل، واستئناف المفاوضات الثالثة، بين طرفي الشرعية والانقلابيين، بعد ثمانية أيام من الهدنة، في الكويت، والتي تهدف إلى الانسحاب من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة، واستئناف الترتيبات الأمنية في البلاد، واستعادة الدولة، واستئناف الحوار السياسي في صنعاء، وإنشاء لجنة للسجناء بين الطرفين.
وأوضح إسماعيل ولد الشيخ، خلال مؤتمر صحافي في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك أمس، أنه أجرى محادثات نشطة مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ووفد «أنصار الله» في صنعاء، وأعلن أن أطراف النزاع في اليمن، اتفقت على وقف الاعتداءات في اليمن بداية من منتصف ليلة العاشر من الشهر المقبل، ويلي ذلك جولة من المفاوضات في 18 أبريل في الكويت.
وقال المبعوث الأممي لليمن، إن المفاوضات الجديدة في النصف الثاني من الشهر المقبل، تهدف إلى التوصل إلى اتفاقية مكثفة من النزاع واستئناف الحوار السياسي الشامل استنادًا إلى القرار الأممي 2216. وهذه المفاوضات ستكون مباشرة وجها لوجه بين الطرفين، وتوفر الآلية للتوصل إلى الانتقال السلمي الوطني، وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
وأشار ولد الشيخ إلى أن أطراف النزاع اتفقوا على لجنة وقف إطلاق النار. وتتركز حول 5 مجالات أساسية، تتضمن انسحاب الميليشيات المسلحة، وتسليم الأسلحة الثقيلة للدولة، والترتيبات الأمنية في المرحلة المقبلة، والحل السياسي في استعادة الدولة واستئناف الحوار السياسي في صنعاء، وتأسيس لجنة خاصة للسجناء، من الطرفين، تضمن تبادل كشوف بأسماء وصور، الموقوفين.
وأضاف: «طلبت من الأطراف تقديم أوراق حول هذه المحاور في الثالث من أبريل، وخلال المفاوضات، نؤسس لجانا حول هذه النقاط الخمسة، وكل نقطة ستستعمل بشكل مستقل حول التقدم لكي نتمكن من طرح ورقة مكثفة حول الشروط الخمسة».
وأكد المبعوث الأممي أن هناك مساعي في اليمن على تحقيق الاستقرار الاقتصادي بعد الأزمة، وهناك محاولات لتحقيق اتفاقية تتضمن عمل المؤسسات اليمنية مثل البنك المركزي اليمني، والذي يعتمد عليه الشعب اليمني، في صناعة الوظائف بما يساعد على دعم اليمن اقتصاديا، ويساعد على انتعاش الاقتصاد بعد الانتهاء من الأزمة.
وشدد ولد الشيخ على أطراف النزاع كافة، «الامتناع عن أي تصرفات قد تؤدي إلى زيادة التوترات، من أجل أن نمهد الطريق أمام توقف الاعتداءات، وننتهز هذه الفرصة لنحثهم جميعًا على التحلي بالإيمان، وتمكين تحقيق الحل السياسي».
وذكر المبعوث الأممي أنه اليوم أكثر تفاؤلا، حيث إن الكثير اشتكى من التأخر في حل النزاع.. «ونحن نريد أن نضمن مشاركة كافة الأطراف، وأنا أؤمن بأن ما يحصل من التهدئة على الحدود السعودية خطوة إيجابية ونحن نشجعها، وهذا سيكون بناءً، وحصلنا على تأكيدات من السعودية».
وأضاف: «المفاوضات المقبلة ستكون واحدة من الفرص الأخيرة لإنهاء الحرب في اليمن، وهناك الكثير من الأسباب التي تجعل نجاحها أقرب من أي وقت سابق».
وأشار ولد الشيخ إلى أن الانقلابيين، كانت لديهم الموافقة على تطبيق القرار الأممي 2216، منذ أغسطس (آب) الماضي، وكانت لديهم 20 نقطة، ثم تقلصت إلى 10 نقاط، وأخيرًا سبع نقاط واضحة.
من جهته, قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن الحوثيين قبلوا بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2216»، وذلك في رسالة حملها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، خلال عودته من صنعاء، حيث التقى بهم هناك، إلى الرياض.
وأوضح الرئيس هادي خلال اجتماع استثنائي لـ«سفراء الدول الـ18» بالرياض، أمس، أن المساعي والجهود الدبلوماسية التي يقوم بها المجتمع الدولي، ومنها جهود إسماعيل ولد الشيخ، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، ترمي إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وآخرها القرار «2216»، حيث أبلغه ولد الشيخ بقبول الحوثيين تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي «2216».
وأشار الرئيس اليمني إلى أنه «رغم كل تلك الخطوات الميدانية، فإننا حريصون في نفس الوقت على أرواح الناس ومصالح المواطنين والمجتمع في مختلف أرجاء الوطن، وهذا ما يجعلنا نتعامل بحكمة وصبر أمام مختلف التطورات، الذي يأتي انطلاقا من مسؤولياتنا الإنسانية والأخلاقية تجاه أبناء شعبنا». وأضاف: «للأسف لم يفهم الانقلابيون الذين لا يجيدون إلا لغة السلاح والخراب والتدمير والحصار اللا إنساني الذي تجسده الميليشيا الانقلابية واقعا ملموسا بصورة فجة ومتواصلة في محافظة تعز حيث تجاوز الحقد والانتقام حدوده ومداه في هذه المحافظة المدنية المسالمة والباسلة بصمود أبنائها أمام آلة العدوان الغاشمة».
وعبر هادي عن التعاطي الإيجابي والترحيب من قبل الدولة بكل ما من شأنه العمل على إنهاء الحرب والتمرد وتسليم الأسلحة وإطلاق الأسرى ومؤسسات الدولة وغيرها من إجراءات بناء الثقة، وكذلك تنفيذ النقاط التي أكد عليها القرار «2216»، واستئناف استحقاقات العملية السياسية وخطواتها المتبعة في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ولفت الرئيس اليمني إلى جملة من الصعوبات والتحديات التي أثقلت كاهل المواطن اليمني جراء الحرب الظالمة التي فرضها الانقلابيون الحوثيون وصالح على الشعب اليمني، من خلال اختطاف الدولة وغزو المدن وتدمير المنشآت وقتل الأطفال والنساء والعزل من أبناء الشعب اليمني، والاستئثار بمقدرات الدولة والعبث باقتصادها واستنزاف موارد البنك المركزي لمصلحة مجهودهم الحربي، الذي عملنا على تحييده، وكل الموارد المالية، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا اليمني». وأضاف أن «العقلية الانقلابية الإقصائية العابثة لم تعنها مصلحة الشعب اليمني مطلقا، بقدر السير في مصالحها وأجندتها الضيقة المقيتة خدمة لأطماع وأهداف مكشوفة».
وأشاد هادي بالدول الراعية للمبادرة الخليجية، والدول العشر، وسفراء «مجموعة الدول الـ18»، «التي قاسمت الشعب اليمني الهمّ المشترك، وكانت حاضرة من خلال مراحل الحوار الوطني الذي استوعب مختلف أطياف ومكونات المجتمع، بما في ذلك الشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني».
وقال: «كان سقف الحوار عاليًا ومفتوحًا، وبكل شفافية تناول مختلف قضايا اليمن بصعوباتها وتعقيداتها، وأفرز التوافق والحوار مخرجات الحوار الوطني التي كانت إجماع مكونات أعضاء الحوار، وترجمة لإرادة الشعب اليمني التواق للسلام والوئام والعدالة الاجتماعية، في إطار يمن اتحادي مبني على العدالة والمساواة».
وخلال الاجتماع أكد عدد من سفراء «دول الـ18» على تقديرهم للرئيس اليمني، وحرصه الدائم على السلام، و«هذا ما تجسد في حرصه على مشاركة مختلف أطياف المجتمع اليمني في عملية الحوار الوطني، وقبوله بالحوثيين كمكون في الحوار، فضلا عن موافقته على كل النقاط التي تم وضعها آنذاك، وكذلك حرصه على شراكة الجميع، من خلال حكومة الشراكة والكفاءات، قبل أن ينقلب الحوثيون على الدولة ومخرجات الحوار عقب تسليم مسودة الدستور للهيئة الوطنية المعنية بمناقشتها وإقرارها وبالتالي الاستفتاء عليها». وكانت مصادر سياسية يمنية رفيعة قد قالت لـ«الشرق الأوسط»، أول من أمس، إن المباحثات التي أجراها المبعوث الأممي في الرياض مع القيادة الشرعية اليمنية، «تضمنت عرض جملة من الأفكار المتعلقة باستئناف العملية السياسية، التي تأكدت بأنها ستعقد في الكويت، كما جاء على لسان وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي، في منتصف الشهر المقبل».
ولمحت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» إلى أن الفريق الركن علي محسن الأحمر، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية، بحث مع المبعوث الأممي موضوع هدنة لوقف إطلاق النار، وقالت إن الفريق الأحمر «أطلع ولد الشيخ على خروقات الانقلابيين في التهدئات السابقة»، وإصرار المتمردين «على الاستمرار في سفك دماء اليمنيين وارتكاب مزيد من الجرائم»، وطالب الأحمر الأمم المتحدة بالقيام بـ«مزيد» من الضغوط بهدف إنفاذ قرارات الشرعية الدولية، ومنها القرار «2216»، والاستناد إلى تلك القرارات عند الدخول في أي مفاوضات».
القرار رقم 2216