ثورة الموضة التي عاشتها المرأة في الستينات وشهدت ولادة الفستان القصير، وصلت أخيرا إلى عالم الرجل من خلال البنطلون القصير، وما ترتب عنه من عدم استعمال الجوارب مع الحذاء سواء كان «سبور» أو كلاسيكيا. لا يختلف اثنان أن المظهر درامي ومؤثر، لكنه يبقى مجرد صرعة لا يمكن أن تستمر طويلا.
فالرجل قد يتمرد على الموضة بين الفينة والأخرى، لا سيما عندما يجد تحريضا من صناع الموضة، إلا أنه ما يلبث أن يعود إلى ما تعود عليه لضمان احترام الغير له من جهة، والحفاظ على مكانته عندما يتقدم به العمر أو حين يتوجه إلى مقابلة عمل من جهة ثانية.
فالرجل العادي يحتاج إلى وقت أطول لتغيير ما توارثه أبا عن جد من المرأة. ولو عدنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء لوجدنا أن العملية بدأت في عام 2004 عندما قدم المصمم الأميركي توم براون، مجموعة من البدلات ببنطلونات قصيرة يمكن القول إنها أقرب إلى «الشورتات» الطويلة منها إلى بدلات بالمفهوم التقليدي، من حيث إنها كانت تكشف نصف الساق تقريبا. كان المظهر غريبا استهجنته الأغلبية بينما عانقته شريحة من الشباب من منطلق «خالف تُثر الانتباه أكثر». وكان لهم ما أرادوا، وفي الوقت ذاته وصل توم براون إلى مبتغاه بوصوله إلى جيوبهم، خصوصا أنهم من القلة التي تتمتع بإمكانات شرائية لا بأس بها ويستمتعون بلعبة الموضة. ورغم أن الفكرة لم ترق للكل في البداية، فإنها أثارت انتباه مصممين آخرين التقطوها وطوروها بجعلهم البنطلون أكثر تفصيلا وضيقا من أسفل، ما أضفى عليه أناقة موسومة بقليل من الكلاسيكية التي تشفع للرجل معانقته لها. لم يقتصر الأمر على المصممين الكبار، بل أيضا على خياطي «سافيل رو» المعروفين بأسلوبهم التقليدي، الأمر الذي منح المظهر شرعية أكبر. بالتدريج، أصبح منظر الشباب وهم يتخايلون في بنطلونات قصيرة تظهر من تحتها أحذية بكل التصاميم والألوان ومن دون جوارب، عاديا. وحتى من لا يتمتع بالإمكانات الكافية لتفصيل بنطلونات جديدة، اكتف بثنيه للحصول على نفس التأثير. ووصل إعجاب البعض بالمظهر إلى حد معانقته صيفا وشتاء، رغم أنه لا يتماشى مع الأجواء الباردة. واجتاحت هذه الموضة كل العالم، إذ بحسب البعض فهي لا تتطلب كشف سوى جزء بسيط من الكاحل وبالنسبة للمصممين فهي تمنحهم فرصة لجس نبض ردود الفعل قبل تطويرها في المستقبل. فالاستغناء عن الجوارب لن يطول، لأنها بالنسبة لصناع الموضة قطعة أخرى يمكن بيعها وجني الأرباح منها. وهذا يعني أن استعمالها أجدى من الناحية التجارية، لأن إطلالة تداعب الخيال وتغذي رغبة البعض في الاختلاف من دون فائدة على مداخيلهم على المدى البعيد لا تغني أو تسمن.
حذاء من دون جوارب.. صرعة قابلة للتغيير
عندما يتقاطع العملي مع الحيوي
حذاء من دون جوارب.. صرعة قابلة للتغيير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة