حذاء من دون جوارب.. صرعة قابلة للتغيير

عندما يتقاطع العملي مع الحيوي

من عرض «بيربري» لربيع وصيف 2016
من عرض «بيربري» لربيع وصيف 2016
TT

حذاء من دون جوارب.. صرعة قابلة للتغيير

من عرض «بيربري» لربيع وصيف 2016
من عرض «بيربري» لربيع وصيف 2016

ثورة الموضة التي عاشتها المرأة في الستينات وشهدت ولادة الفستان القصير، وصلت أخيرا إلى عالم الرجل من خلال البنطلون القصير، وما ترتب عنه من عدم استعمال الجوارب مع الحذاء سواء كان «سبور» أو كلاسيكيا. لا يختلف اثنان أن المظهر درامي ومؤثر، لكنه يبقى مجرد صرعة لا يمكن أن تستمر طويلا.
فالرجل قد يتمرد على الموضة بين الفينة والأخرى، لا سيما عندما يجد تحريضا من صناع الموضة، إلا أنه ما يلبث أن يعود إلى ما تعود عليه لضمان احترام الغير له من جهة، والحفاظ على مكانته عندما يتقدم به العمر أو حين يتوجه إلى مقابلة عمل من جهة ثانية.
فالرجل العادي يحتاج إلى وقت أطول لتغيير ما توارثه أبا عن جد من المرأة. ولو عدنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء لوجدنا أن العملية بدأت في عام 2004 عندما قدم المصمم الأميركي توم براون، مجموعة من البدلات ببنطلونات قصيرة يمكن القول إنها أقرب إلى «الشورتات» الطويلة منها إلى بدلات بالمفهوم التقليدي، من حيث إنها كانت تكشف نصف الساق تقريبا. كان المظهر غريبا استهجنته الأغلبية بينما عانقته شريحة من الشباب من منطلق «خالف تُثر الانتباه أكثر». وكان لهم ما أرادوا، وفي الوقت ذاته وصل توم براون إلى مبتغاه بوصوله إلى جيوبهم، خصوصا أنهم من القلة التي تتمتع بإمكانات شرائية لا بأس بها ويستمتعون بلعبة الموضة. ورغم أن الفكرة لم ترق للكل في البداية، فإنها أثارت انتباه مصممين آخرين التقطوها وطوروها بجعلهم البنطلون أكثر تفصيلا وضيقا من أسفل، ما أضفى عليه أناقة موسومة بقليل من الكلاسيكية التي تشفع للرجل معانقته لها. لم يقتصر الأمر على المصممين الكبار، بل أيضا على خياطي «سافيل رو» المعروفين بأسلوبهم التقليدي، الأمر الذي منح المظهر شرعية أكبر. بالتدريج، أصبح منظر الشباب وهم يتخايلون في بنطلونات قصيرة تظهر من تحتها أحذية بكل التصاميم والألوان ومن دون جوارب، عاديا. وحتى من لا يتمتع بالإمكانات الكافية لتفصيل بنطلونات جديدة، اكتف بثنيه للحصول على نفس التأثير. ووصل إعجاب البعض بالمظهر إلى حد معانقته صيفا وشتاء، رغم أنه لا يتماشى مع الأجواء الباردة. واجتاحت هذه الموضة كل العالم، إذ بحسب البعض فهي لا تتطلب كشف سوى جزء بسيط من الكاحل وبالنسبة للمصممين فهي تمنحهم فرصة لجس نبض ردود الفعل قبل تطويرها في المستقبل. فالاستغناء عن الجوارب لن يطول، لأنها بالنسبة لصناع الموضة قطعة أخرى يمكن بيعها وجني الأرباح منها. وهذا يعني أن استعمالها أجدى من الناحية التجارية، لأن إطلالة تداعب الخيال وتغذي رغبة البعض في الاختلاف من دون فائدة على مداخيلهم على المدى البعيد لا تغني أو تسمن.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.