الحوثيون يقتحمون منازل قيادات في تهامة رفضت الانضمام إلى صفوفهم

التحركات تأتي بالتزامن مع تراجع الميليشيات على جميع الجبهات

الحوثيون يقتحمون منازل قيادات في تهامة رفضت الانضمام إلى صفوفهم
TT

الحوثيون يقتحمون منازل قيادات في تهامة رفضت الانضمام إلى صفوفهم

الحوثيون يقتحمون منازل قيادات في تهامة رفضت الانضمام إلى صفوفهم

شنت الميليشيات الانقلابية حملة مداهمات في عدد من مديريات إقليم تهامة، على منازل قيادات حزبية وسياسية مناهضة للانقلابيين، وضباط في الجيش رفضوا الانضمام إلى صفوف الميليشيات، وذلك خوفًا من فرارهم وانضمامهم للشرعية.
واقتادت ميليشيات الحوثي عددًا من الشخصيات الحزبية الذين كانوا موجودين في منازلهم إلى جهة مجهولة، فيما لم تعثر على بعض من تلاحقهم، كما نشر الحوثيون نقاط تفتيش على الطرق العامة في محاولة لخطف الخارجين من المدن.
وبحسب مصدر عسكري، فإن هذه التحركات تأتي بالتزامن مع تراجع الميليشيات وحليفهم المخلوع علي صالح على جميع الجبهات، وإعلان كثير من القيادات الحزبية رفضها الانقلاب، إضافة إلى انضمام ضباط في جيش الاحتياط والحرس الجمهوري للشرعية، وهو ما دفع الميليشيات إلى فرض رقابة شديدة على الضباط الذين لم ينخرطوا في الأعمال العسكرية وابتعدوا عن المشاهد العام في اليمن، خوفًا من انضمامهم إلى الحكومة الشرعية والجيش الوطني. وقال المصدر إن تحركات الجيش الوطني في التواصل مع هؤلاء الضباط والقيادات السياسية، وتمكنه من إخراج عدد منهم من مواقع وجودهم، دفع الحوثيين إلى ملاحقتهم بشكل كبير في الآونة الأخيرة، رغم عدم مشاركتهم في الانقلاب من قبل، أو أنهم من الضباط الذي شاركوا في الأعمال العسكرية مع الميليشيات في وقت سابق ورفضوا الاستمرار.
إلى ذلك، أكد الناشط الحقوقي عبد الحفيظ الحطامي، أن مديرية المحويت في إقليم تهامة سجلت، مع الساعات الأولى من صباح أمس، حملة دهم لعدد من منازل القيادات الحزبية، كما طوقت العشرات من أطقم الميليشيات منازل في ريمة، وأسرت شخصيات؛ من بينها شخصيات سياسية مخالفة لتوجهات الميليشيات، في حين لم تتمكن من اعتقال قيادات عسكرية هربت قبل عملية المداهمة. وأضاف الحطامي أن ميليشيات الحوثي تمارس هذه الأعمال منذ أيام عدة، إلا أن وتيرة المداهمة ارتفعت خلال اليومين الماضيين، موضحًا أن مداهمة الميليشيات تؤكد أنها تلاحق أشخاصًا بعينهم، وفي حال عدم العثور عليهم تعتقل المدنيين، كما وقع في قرية جوادة بجوار سوق علوجة حين اختطفت أكثر من 10 أشخاص واقتادتهم إلى جهة مجهولة.
في المقابل، ردت المقاومة الشعبية في إقليم تهامة على هذه الانتهاكات بتنفيذ هجمات على مقار الميليشيات في مواقع مختلفة؛ إذ استهدفت المقاومة الشعبية المدعو أبو الحسن أبرز قيادات الميليشيا في مديرية حيران، بحسب ما ذكر المركز الإعلامي للمقاومة، كما استهدفت المقاومة مجموعة للميليشيا في المديرية ذاتها نتج عنه مقتل وجرح 7 أشخاص، فيما توعد أبناء المحويت بالرد القوي على انتهاكات الحوثي يشمل كل مواقعهم دون استثناء.
من جهة ثانية، تلقت ميليشيا الحوثي ضربة موجعة بعد مقتل حميد المكرمي، الرجل الثاني لها في محافظة الجوف ومؤسس الفكر الحوثي في مديرية الحزم، خلال المواجهات التي جرت أمس مع المقاومة الشعبية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم