ألمانيا «ترشو» طالبي اللجوء لإقناعهم بالعودة إلى بلدانهم

تقدم لهم مبالغ مالية ودورات تدريبية لإطلاق مشروعات صغيرة

ألمان ومهاجرون يتظاهرون ضد العنصرية تجاه اللاجئين في برلين أمس (أ.ف.ب)
ألمان ومهاجرون يتظاهرون ضد العنصرية تجاه اللاجئين في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا «ترشو» طالبي اللجوء لإقناعهم بالعودة إلى بلدانهم

ألمان ومهاجرون يتظاهرون ضد العنصرية تجاه اللاجئين في برلين أمس (أ.ف.ب)
ألمان ومهاجرون يتظاهرون ضد العنصرية تجاه اللاجئين في برلين أمس (أ.ف.ب)

تهدف خطة توصل إليها الاتحاد الأوروبي وتركيا الجمعة، إلى أن تضع حدا للموجة التاريخية من المهاجرين إلى أوروبا من الشرق الأوسط. لكن ألمانيا، التي نهجت سياسة الباب المفتوح، تواجه مشكلة منفصلة تتعلق بترحيل طالبي اللجوء المتواجدين على أراضيها.
لقد تسبب معدل الوصول السريع في البلد، الذي كان سباقا في فتح أبوابه للمهاجرين، في تكدس طلبات اللجوء التي وصل عددها إلى 770.000 طلب. وتقول السلطات إن نصف هذا العدد من طلبات اللجوء سيتم رفضه، ما يعني أن على الحكومة التوصل إلى طريقة لحمل طالبي اللجوء ممن رفضت طلباتهم على الرحيل. وبالنظر إلى أن مثل هذا الحجم من عمليات الترحيل سيبدو إشكاليا في أفضل الأحوال، فقد توصل البلد إلى حل، وهو أن يدفع لهم مبالغ، يعتبرها البعض «رشاوى».
وندم لوند صادق على الرحلة الشاقة التي قطعها من العراق إلى ألمانيا، ما إن تلقى عرضا من هذا النوع. وبعد مرور شهر على وصوله إلى أرض المهاجرين الموعودة، علق الشاب البالغ 21 عاما في معسكر لاجئين. وكان صعبا على صادق أن يتجاوز حدود المعسكر نظرا لعدم قدرته على الحديث باللغة الألمانية. وبعد ذلك، قدم إليه هذا البلد المغمور بالمهاجرين عرضا مثيرا للاهتمام: عد إلى ديارك، وسنساعدك على بناء حياة أفضل هناك.
وقال صادق عبر «سكايب» من العراق، الذي عاد إليه طواعية في ديسمبر (كانون الأول): «كنت وحيدا وفي حيرة من أمري». وقد اتخذ هذا الخيار بعدما عرضت عليه الحكومة الألمانية تذكرة طيران ومبلغا يصل إلى 6000 يورو (نحو 6.540 دولار) ليستثمر في متجر بقالة صغير في أربيل. وقال: «كنت أود البقاء وقتا أطول في ألمانيا، ولكن العرض الذي قدموه ساعدني على فهم الرسالة. حان وقت الرحيل».
ويكشف هذا العرض عن الفلسفة المعتمدة في هذا الجانب من الأطلسي، حيث لا تعد عمليات الترحيل الجماعي ملاذا أخيرا فحسب، وإنما أداة أقل فعالية من إقناع المهاجرين بأن يختاروا هم الرحيل طوعا. وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة من المكسيكيين الذين يتم ترحيلهم من الولايات المتحدة لكنهم يجدون سبلا للعودة، يحاول الألمان وعدد من جيرانهم الأوروبيين كذلك البحث عن سبل لإقناع المهاجرين بالرحيل بصفة دائمة.
قال يوجينيو أمبروسي، مدير قسم الاتحاد الأوروبي في المنظمة الدولية للهجرة: «إذا قمت بترحيلي وأنا أموت جوعا، وتمت إعادتي وكنت لا أزال أموت جوعا، فكل ما سأفعله هو أنني سأحاول الهجرة من جديد».
وتعرف ألمانيا، مع حقبتها النازية، وذكريات عنف الدولة البوليسية في عهد الحرب الباردة، بمعاملتها الطيبة للمهاجرين غير الشرعيين. ولكن التحدي الذي تواجهه البلاد اليوم غير مسبوق؛ فقد حولت سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها المستشارة أنجيلا ميركل تجاه أولئك الفارين من الحرب في الشرق الأوسط، البلد إلى مغناطيس. وفضلا عن اللاجئين المحتملين من سوريا والعراق، فقد تدفق الباحثون عن فرص العمل من المغرب وبنغلاديش على البلد كذلك، وهذا النوع الأخير من المهاجرين ليس لديه أي فرصة تقريبا في الحصول على حق اللجوء بطريقة قانونية.
ومن أجل إخراج هؤلاء، يجمع رد ألمانيا ما بين الترهيب والترغيب، بما في ذلك عروض المبالغ النقدية الإضافية، ومنح الاستثمار في المشروعات، وحتى الوعود بالتدريب المهني إذا ما وافق المهاجرون على العودة إلى بلادهم.
وبموجب خطة تحفيزية للعراقيين، على سبيل المثال، حصل صادق على ما يصل إلى 1000 دولار كدفعة أولى وينتظر الحصول على 5400 دولار إضافية في الأسابيع المقبلة بمجرد أن تتم الموافقة على مشروع البقالة الخاص به. وتلقى ما يقرب من 100 آخرين من العراقيين وعودا بالحصول على دورات تدريبية لتعلم الإنجليزية، ومبالغ مالية لفتح مطاعم أو مشروعات أخرى. وبموجب هذا البرنامج، حصل أكثر من 5000 شخص من كوسوفو على مدار السنتين الماضيتين على ما يصل إلى 3000 يورو (نحو 3300 دولار)، أو تقريبا متوسط أجر 9 شهور في كوسوفو، مقابل العودة.
وبالنسبة إلى ألمانيا، فإن التأكيد على العودة الطوعية يمكن أيضا أن يمنع حدوث مشاهد مسيئة من الناحية السياسية في المطارات إذا ما أعيد المهاجرون الذين تقطعت بهم السبل، بأعداد كبيرة وبشكل مفاجئ في عمليات ترحيل جماعي.
إلى ذلك، تقوم السلطات الألمانية بترحيل مزيد من الناس قسريا، عبر عمليات مراجعة سريعة للمهاجرين الباحثين عن فرص اقتصادية، والذين ينتحلون صفة اللاجئين. وبعد استهداف جنسيات من دول البلقان، تركز السلطات الآن على جنسيات شمال أفريقيا والأفغان الذين ليس لديهم سبب قوي لطلب اللجوء. وقد زاد عدد المهاجرين الذين جرى ترحيلهم من ألمانيا إلى 20.888 في 2015، وهو تقريبا ضعف عددهم في 2014.
ومع ذلك، فقد كان عدد المهاجرين في ألمانيا الذين عادوا إلى بلادهم طواعية العام الماضي أكبر من عدد من تم ترحيلهم، حيث وصل إلى ما لا يقل عن 37000.
ومنذ خطاب ميركل الشهير الذي رحبت فيه باللاجئين العام الماضي، عبرت الحدود الألمانية جنسيات من عدد كبير من البلدان، حيث قام كثيرون منهم بإتلاف جوازات سفرهم ليجعلوا إعادتهم أكثر صعوبة.
وترفض بعض الدول، وتحديدا في غرب أفريقيا ومناطق من آسيا، استقبال مواطنيها من دون إثباتات راسخة تدل على هويتهم. ففي ديسمبر (كانون الأول)، أعادت باكستان 30 مهاجرا من المرحلين إلى أوروبا لأنها، كما قالت، لم تتمكن من إثبات ما إذا كانوا باكستانيين فعلا.
من جهته، قال كريستيان كلوس، رئيس الإدارة القانونية للمهاجرين في وزارة الداخلية الألمانية: «في الشهور القادمة، سيكون لدينا بضع آلاف قليلة من الأشخاص الذين من المفترض أن يغادروا البلد، والإبعاد لا يمكن أن يكون الخيار الأول. سيتم التشاور معهم للمغادرة بشكل طوعي». إلى ذلك، توصل الألمان إلى اتفاقات مع المغرب والجزائر وتونس لمساعدتهم على التعرف على مواطنيهم واستقبالهم من دون جوازات سفر.
في غضون ذلك، يسعى الألمان إلى تقليل جاذبية بلادهم للمهاجرين؛ حيث جرى تفعيل قواعد جديدة تجبر بعض المهاجرين بموجب الحماية الإنسانية على الانتظار سنتين على الأقل قبل أن يكون بمقدورهم أن يلموا الشمل مع أفراد أسرتهم من الدرجة الأولى، حتى من البلدان التي تمزقها الحرب.
ويقول منتقدون إنه بعد سنوات من التساهل المفرط، تعمل ألمانيا الآن على تصحيح المسار بثمن باهظ، من خلال إجبار المهاجرين على العودة لبلادهم طوعا، مع أساليب ترقى فعليا للإكراه.
وكان أحمد شكيب بلوش، أفغاني عمره 26 عاما، قد وصل إلى ألمانيا قبل ست سنوات لأنه كان مهددا من طالبان، وبدأ حياة جديدة في بفاريا. تعلم الألمانية وأصبح طاهيا في مطعم وحارسا أمنيا. لكن قواعد اللجوء التي تم تشديدها الآن من المرجح أن تكون سلبية عليه. فبعد خمس سنوات، علم بلوش أخيرا في 2015 أن طلبه للجوء قوبل بالرفض. فطعن في القرار، وتلقى إخطارا سريعا بأنه خسر قضية الاستئناف، وتم إلغاء تأشيرة عمله.
والآن يعيش بلوش، عاطلا عن العمل، معتمدا على مساعدة حكومية قدرها 320 يورو شهريا – يقول إنها لا تكفي لأن يواصل إرسال الأموال إلى والديه في بلاده. وصادرت السلطات، رخصة قيادته وبطاقة الهوية الخاصة به وأمرته بالحصول على جواز سفر جديد من السفارة الأفغانية.
ولكن بلوش قال: إنه يخشى أنه إذا فعل هذا، ستقتاده السلطات إلى المطار وتضعه في طائرة إلى كابل، حيث إن السلطات الألمانية توقفت عن تقديم إخطار مسبق بمواعيد الترحيل.
وأضاف بلوش، وهو يغالب دموعه: «كنت أريد حياة جديدة، ولكنهم يجعلون الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لي هنا. أجلس قرب النافذة طوال اليوم وأفكر وأبكي.. لن أعود.. سأموت في ألمانيا».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص لـ«الشرق الأوسط»



أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

TT

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

وقال زيلينسكي، في مقطع مصوَّر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «وزير الدفاع الأوكراني قام بالتواصل مع شركائنا من أجل (الحصول على) أنظمة جديدة للدفاع الجوي، وتحديداً نوع من الأنظمة يمكنه أن يحمي الأرواح في مواجهة أخطار جديدة».

كذلك، عَدَّ الرئيس الأوكراني أن روسيا تسخر من دعوات حليفها الصيني إلى ضبط النفس، حين تطلق صاروخاً من الجيل الجديد على أوكرانيا.

وقال، في المقطع نفسه: «من جانب روسيا، هذا الأمر يشكل سخرية من مواقف دول مثل الصين (...) وبعض القادة الذين يدعون، في كل مرة، إلى ضبط النفس»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك»، ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية، وذلك بعد استخدامه لضرب أوكرانيا.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع مسؤولين عسكريين بثَّ التلفزيون وقائعه: «سنواصل هذه الاختبارات، وخصوصاً في الأوضاع القتالية، وفقاً لتطور الوضع وطبيعة التهديدات التي تستهدف أمن روسيا».