أفكار لرحلة العمر حول العالم

جولات سياحية تطوف القارات الخمس

الأهرامات في مصر
الأهرامات في مصر
TT

أفكار لرحلة العمر حول العالم

الأهرامات في مصر
الأهرامات في مصر

من الأحلام التي تراود الشباب في الكثير من الدول الغربية القيام برحلة حول العالم في فترات تتراوح بين شهرين وعام كامل. وهي رحلات لها شركات متخصصة توفر لسائحيها الكثير من الخدمات الخاصة بتدبير رحلات الطيران الملائمة لمسار الرحلة ومدتها وأيضًا فنادق الإقامة المناسبة لميزانية المسافر.
هذه الفكرة متاحة أيضًا للمسافر العربي، ولكنها تحتاج منه للكثير من الاستعداد والتخطيط قبل القيام بالرحلة التي يسميها البعض رحلة العمر. فالرحلات السياحية حول العالم لا تشبه الرحلات السياحية العادية التي تأتي جاهزة للمسافر. فالسائح حول العالم عليه أن يخطط رحلته بنفسه من حيث مسار الرحلة والوقت الذي يريد أن يقضيه في أي نقطة جغرافية معينة. ولا تتشابه الرحلات حول العالم إلا في قطعها المسافة الدائرية التي تصل إلى 40 ألف كيلومتر.
وتصل مدة الطيران المتواصل حول العالم إلى 40 ساعة، أي أقل من يومين. ولذلك يمكن القيام برحلة حول العالم في فترة شهرين، وإن كانت مثل هذه الفترة لا تتيح رؤية الكثير من معالم العالم.
وأهم جوانب الرحلات من هذا النوع هي فترة التحضير التي تكون قبل السفر. وفيها يحدد المسافر الفترة التي يريد أن يقضيها في التجول حول العالم، والميزانية المرصودة لهذه المغامرة والبلدان التي يريد زيارتها أثناء الرحلة وقضاء بعض الوقت فيها، وربما أيضًا البلاد التي يريد أن يتجنبها لسبب أو لآخر.
وقد يريد المسافر حول العالم أن تتضمن رحلته بعض عجائب الدنيا، ومنها من العجائب القديمة أهرامات الجيزة، وهي الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة. وهناك الكثير من العجائب الطبيعية، منها وادي غراند كانيون في ولاية أريزونا وحاجز الشعب المرجانية البحري في أستراليا، وشلالات انجيل فولز في فنزويلا.
وهنالك الكثير من معالم العالم الحديث التي قد يتطلع السائح الدولي أن تتضمنها رحلته حول العالم، مثل برج خليفة في دبي وساعة بيغ بن في لندن وبرج إيفل في باريس والبوابة الذهبية في سان فرانسيسكو، وربما أيضًا مدينة بيترا في الأردن وتاج محل في الهند.
توقيت الرحلة له أهمية قصوى بحيث يكون المسافر في مواقع عالمية في مواعيد مناسبة من حيث الطقس والمهرجانات المحلية والنشاطات التي يريد المسافر القيام بها. وقد يريد المسافر تجنب مواسم الذروة في بعض البلدان لتجنب الزحام من ناحية وغلاء تذاكر السفر من ناحية أخرى.
وفيما يتعلق بالطقس، فلا بد من تجنب بعض المواقع في شهور معينة من العام مثل عدم الذهاب إلى الشرق الأوسط أثناء فصل الصيف بسبب الحرارة المرتفعة أو أفريقيا في الربيع بسبب الأمطار الغزيرة أو البحر الكاريبي بين يونيو (حزيران) ونوفمبر (تشرين الثاني) بسبب العواصف والأعاصير وجنوب شرقي آسيا بين مارس (آذار) وأكتوبر (تشرين الأول) بسبب فيضانات المونسون.
وهناك نحو 30 احتفالاً ومهرجانًا تقام في بلدان العالم سنويًا، وقد يخطط المسافر رحلته لكي يمر على بعضها أثناء رحلته حول العالم. من هذه المهرجانات: مهرجان ريو في البرازيل الذي يقام سنويًا في شهر فبراير (شباط)، ومهرجان ماردي غرا في نيو أورلينز بالولايات المتحدة في شهر أبريل (نيسان)، وسباق الزوارق التقليدية في هونغ كونغ في شهر يونيو. وهناك أيضًا الجري مع الثيران في مدينة بامبلونا الإسبانية، ومشاهدة رقص الدراويش في مدينة كونيا التركية.
كما يمكن مشاهدة ظواهر طبيعية نادرة مثل هجرة حيوانات وايلد بيست السنوي في محمية سيرنغيتي الأفريقية في تنزانيا في شهر يونيو. أو هجرة الفراش في المكسيك خلال شهر ديسمبر (كانون الأول).
وفي كل الأحوال يجب أن يتيح المسافر لنفسه فترات راحة مناسبة، خصوصًا أنه قد يقوم بمجهود شاق في تسلق مرتفعات أو قطع مسافات في المشي، بالإضافة إلى تعرض الجسم لدرجات حرارة مغايرة وطعام غريب وبيئة جديدة لم يتعود عليها.
ويعتمد المسافر حول العالم على اللغة الإنجليزية في التعامل، كما يعتمد أيضًا على البنية التحتية السياحية في كل دولة. وتقسم كتب السياحة حول العالم الدول إلى ما بين مناطق سهلة وأخرى صعبة سياحيًا. من بين الدول السهلة كل من أستراليا ونيوزلندا وسنغافورة وجنوب أفريقيا وكندا وبريطانيا وأميركا وآيرلندا وإسكندنافيا. أما الدول الصعبة فتشمل الهند وبوليفيا وأوغندا والصين وكمبوديا والسلفادور. وتنصح هذه الكتب بمراجعة الاستقرار السياسي في الدول المختلفة قبل السفر إليها.
وهناك الكثير من الوسائل للسفر حول العالم، ولكن أسهلها رحلات الطيران. ويلجأ البعض إلى العمل على الزوارق واليخوت ثم الانطلاق بدراجات نارية لإكمال الرحلة حول العالم. ولكن المسافر الذي يبغي الراحة أثناء رحلته حول العالم يمكنه أن يحجز رحلة جوية في درجة رجال الأعمال تبدأ وتنتهي في لندن بسعر يصل إلى عشرة آلاف دولار.
وهي رحلة تنطلق غربًا إلى نيويورك ثم إلى سان فرانسيسكو ومنها إلى أستراليا وجنوب شرقي آسيا ثم أفريقيا وأخيرًا أميركا الجنوبية قبل العودة إلى نقطة البداية. ويمكن القيام بالرحلة بداية من دبي ثم السفر شرقًا إلى أستراليا وجنوب شرقي آسيا واليابان ثم الانطلاق إلى الأميركيتين قبل العودة إلى أفريقيا ومنها إلى دبي مرة أخرى.
وهناك من يهوى قيادة السيارات في بعض مقاطع الرحلة. وهنا توجد بعض الطرق المشهورة التي تربط قارات، ومنها طريق نيويورك إلى لوس أنجليس وطوله 4050 كيلومترًا وطريق القاهرة إلى كيب تاون في جنوب أفريقيا وطوله 8000 كيلومتر، وطريق إسطنبول إلى كاتماندو وطوله 17 ألف كيلومتر.
القرار التالي الذي يتعين على السائح اتخاذه هو هل يسافر بمفرده أو بصحبة آخر أو آخرين؟ السفر المنفرد أسهل في التنظيم، ولكنه يتطلب احتياطات أكبر في مسألة الأمن الشخصي. أما السفر مع رفيق سفر، فيتعين الاختيار الجيد من حيث وجود شخص يسافر بميزانية مماثلة حتى يتم اقتسام النفقات بلا مشكلات.
ثم يأتي بعد ذلك حساب التكلفة، وهي ليست فقط تذكرة السفر بالطائرة وتكاليف الإقامة في الفنادق، والطعام المستهلك أثناء الرحلة، وإنما تشمل أيضًا تكاليف التأمين على الرحلة لتغطية مخاطر أي طوارئ صحية، وتكاليف التطعيم والحصول على تأشيرات الدخول من القنصليات المختلفة وأيضًا المشتريات اللازمة للرحلة الطويلة. ويمكن حساب الميزانية اللازمة للرحلة بتخصيص مبلغ يومي للإنفاق في المتوسط. ويمكن تحويل العملات في البنوك أو مكاتب الصرف في الدول المعنية مع تجنب السوق السوداء في كل الأحوال.
وينصح خبراء السفر الشباب المقبلون على رحلات حول العالم بعدم اصطحاب الكثير من الأغراض في حقيبة السفر التي يتعين حملها في بعض مراحل الرحلة، والاعتماد على الضرورات فقط، مع شراء اللوازم الأخرى وبعض الملابس من الأسواق المحلية في الدول التي يزورونها. كما يجب تجنب حمل بعض الأغراض، مثل الكومبيوتر الشخصي ومفروشات النوم وكاميرات غالية الثمن.
ويجب تصوير جواز السفر وبطاقات الائتمان وشهادة التأمين وتركها مع أحد أفراد العائلة أو صديق قبل السفر. ويكفي حمل بطاقتي ائتمان وبطاقة صرف مع بعض النقد في صيغة دولارات أو يورو للإنفاق خلال الرحلة، مع إغفال الشيكات السياحية التي لم تعد تستخدم الآن على نطاق واسع مع انتشار أجهزة الصرف الآلي.
ويتحدث خبراء السفر عن كيفية التعامل مع الصدمات الحضارية مع الانتقال بين دولة وأخرى بثقافات وحضارات ولغات مختلفة. وقد يسبب هذا بعض القلق في بدايات الرحلة ولكنه سرعان ما يتأقلم على التغيير والتنوع ويتعامل معه بواقعية.
من أكبر فوائد هذه الرحلات اكتساب معرفة بالشعوب وعاداتها، وتكوين فكرة مستقلة عن العالم. ويمكن اكتساب بعض العمق في هذه التجربة بالتطوع في مشروعات خيرية أثناء السفر وترتيب ذلك قبل الرحلة بالبقاء لبعض الوقت في مناطق معينة لتقديم العون في ملاجئ الأطفال أو مشاريع العناية بصغار الحيوانات البرية أو جهود العناية بالبيئة. ومثل هذه المشاريع يتعلم منها الشباب من الخبرة والمعرفة ما ينفع طوال حياتهم.
* حقائق حول العالم
- يصل تعداد العالم إلى ثمانية مليارات نسمة
- تقدر منظمة السياحة العالمية عدد السياح في العالم بنحو 400 مليون سائح ينفقون نحو 550 مليار دولار سنويًا ويمثلون نسبة 15 في المائة من الدخل القومي في العالم
- المسافة الدائرية حول العالم تصل إلى 40 ألف كيلومتر
- أقصى ارتفاع في العالم هو قمة إيفرست (8850 مترًا)
- أعمق نقطة في العالم هي حفرة ماريانا في المحيط الهادئ (10920 مترًا)
- أسخن نقطة في العالم تقع في الربع الخالي (58 درجة مئوية)
- أبرد نقطة في العالم هي فوستوك في القطب الجنوبي (- 88 درجة مئوية)



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.