نشطاء بارزون في «كتائب القسام» ينضمون إلى «داعش» في سيناء

أثاروا قلق حماس وبعضهم كان عسكريًا فاعلاً في الحرب الإسرائيلية الأخيرة

نشطاء بارزون في «كتائب القسام» ينضمون إلى «داعش» في سيناء
TT

نشطاء بارزون في «كتائب القسام» ينضمون إلى «داعش» في سيناء

نشطاء بارزون في «كتائب القسام» ينضمون إلى «داعش» في سيناء

أثار انضمام نشطاء بارزين من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إلى تنظيم داعش الناشط في شبه جزيرة سيناء المصرية، على الحدود مع قطاع غزة، والمعروف إعلاميا باسم «ولاية سيناء»، الكثير من القلق في أوساط قيادة الكتائب والحركة في مدينة رفح الحدودية، التي خرج منها الناشطون.
وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن خمسة ناشطين من الكتائب، انضموا للتنظيم من بينهم محمد أبو شاويش (34 عاما)، المساعد الخاص لقائد لواء مدينة رفح في كتائب القسام، ومسؤول الإمداد العسكري سابقا، ومؤسس وحدة النخبة العسكرية في الكتائب برفح، مشيرةً إلى أنه كان مسؤولا عن عمليات كبيرة ضد الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة الأخيرة، وقاد عمليات المدفعية أيضا.
ويعد أبو شاويش الملقب باسم «أبو مالك»، من أبرز الشخصيات في كتائب القسام التي انضمت إلى تنظيم داعش، حيث تشير المصادر إلى أن ذلك يعتبر مفاجأة كبيرة بحكم أنه لا يعرف عنه توجهه السلفي الجهادي من قبل، وأنه كان دائما يظهر فكره المعتدل.
وبحسب المصادر، فإن «أبو مالك» غادر مع زوجته وأطفاله إلى سيناء، ويعتقد أنه سيبقى فيها ليقاتل مع أفراد التنظيم، الذي كانت تربطه علاقة بأفراده، من خلال التنسيق المشترك لنقل الأسلحة والصواريخ والمتفجرات إلى غزة من سيناء، حين كان مسؤولا عن ملف «الإمداد العسكري».
ويضاف إلى «أبو مالك»، أربعة آخرون من نشطاء القسام، منهم عبد الواحد أبو عاذرة نائب أمير سرية عسكرية، وأحد أركان كتيبة الشابورة العسكرية في رفح، بالإضافة إلى ثلاثة نشطاء مقربين منه، اثنان منهم من عناصر وحدة الضفادع العسكرية التابعة لكتائب القسام، والتي كان لها دور بارز في الحرب الأخيرة على غزة، بتنفيذ عملية عسكرية في موقع زيكيم العسكري البحري الإسرائيلي، وشكل حينها مفاجأة للجيش الإسرائيلي.
وأشارت المصادر، إلى أن النشطاء الخمسة البارزين في القسام برفح، انتقلوا إلى سيناء عبر الأنفاق التي ما يزال بعضها يعمل بشكل سري، مشيرةً إلى أن غالبيتهم خرجوا مع زوجاتهم وأطفالهم.
وتقدر المصادر أن بعض من خرجوا من غزة إلى سيناء، لن يبقوا طويلا فيها، وأن بعضهم قد يتوجه إلى ليبيا أو سوريا والعراق، مشيرةً إلى أن ذلك مرتبط بقرارهم الذاتي وفقا للظروف الميدانية المعقدة في سيناء، التي قد تفرض على قيادة تنظيم داعش، تأمين نقلهم إلى خارج مصر من خلال تهريبهم إلى ليبيا، أو نقلهم بجوازات سفر مزورة إلى دولة أخرى، ومنها إلى تمركز تنظيم داعش في سوريا والعراق. وفقا لما تم استنتاجه من تجارب سابقة بمغادرة جهاديين من غزة إلى سيناء، حيث نقلوا منها فورا إلى دول أخرى، بسبب الوضع المعقد ميدانيا في شبه الجزيرة المصرية.
ووفقا للمصادر، فإن 3 جهاديين آخرين، غادروا، في الأيام الأخيرة، غزة، عبر الأنفاق، من بينهم طارق بدوان الناشط السابق في كتائب القسام، الذي قتل شقيقه منذ نحو عام ونصف خلال قتاله مع تنظيم داعش في العراق.
واعتقل بدوان، وهو من سكان البريج وسط قطاع غزة، من قبل حماس، بعد أن ألقى قنبلة يدوية على قوة من الضبط الميداني التابعة لها شرق مدينة دير البلح، منذ نحو عام، وتم تقديمه إلى محاكمة عسكرية، وكان ينتظر حكما بذلك، وأفرج عنه على أن يلتزم مكانه حتى محاكمته، إلا أنه تمكن وزوجته وأطفاله من الخروج من غزة إلى جانب جهاديين آخرين.
ولم يسبق لناشطين من كتائب القسام أن غادروا غزة بشكل مفاجئ للقتال مع تنظيم داعش، إلا أن هذه الحادثة تعد الأولى من نوعها، في وقت كان يسجل فيه حالات بمشاركة عناصر من الكتائب في القتال مع التنظيم بالخارج، لكن بعد أشهر من تركهم العمل بشكل نهائي في القسام.
وأثارت حادثة رفح الكثير من الذهول والصدمة في أوساط نشطاء حماس وقياداتها السياسية والعسكرية في المدينة، قبل أن يتطور الأمر وتطلب قيادة الحركة السياسية توضيحات حول ما جرى، خاصةً أن الحركة خرجت حديثا من محادثات قالت: إنها إيجابية وهامة مع المخابرات المصرية، بعد قطيعة، وأكدت التزامها بضبط الحدود مع مصر ومنع تنقل الجهاديين من غزة إلى سيناء أو العكس.
ولا يعرف مدى أهمية ما جرى على العلاقات المتطورة بين حركة حماس والجانب المصري. ولكن الحركة تحاول إحداث حالة تعتيم إعلامي كبير على ما جرى، منعا لعودة تأزم العلاقات بين الجانبين، ولأسباب داخلية تتعلق بإمكانية أن تشكل هذه الحادثة، دافعا للكثير من نشطاء حماس للمبادرة بالطريقة نفسها والاتجاه إلى القتال مع «داعش»، أو على الأقل تبني فكرها الذي لا ترغب فيه حماس، وكثيرا ما تعمل على محاربته من خلال تنظيم لقاءات دعوية بذلك.
وقتل ما لا يقل عن 13 فلسطينيا من نشطاء القسام في غزة سابقا، خلال قتالهم مع تنظيم داعش في سوريا والعراق. بينما ما يزال نحو 8 آخرين كانوا ناشطين في الكتائب، يقاتلون هناك بالإضافة للعشرات من المتشددين الآخرين الذين غادروا غزة على فترات متفاوتة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.