تفاؤل لبناني بخروقات على مستوى الأزمة الرئاسية بعد الانسحاب الروسي من سوريا

ترقب لموقف جديد قد يتخذه «حزب الله».. وعون مطمئن إلى أن مفتاح قصر بعبدا في جيبه!

تفاؤل لبناني بخروقات على مستوى الأزمة الرئاسية بعد الانسحاب الروسي من سوريا
TT

تفاؤل لبناني بخروقات على مستوى الأزمة الرئاسية بعد الانسحاب الروسي من سوريا

تفاؤل لبناني بخروقات على مستوى الأزمة الرئاسية بعد الانسحاب الروسي من سوريا

يربط القسم الأكبر من الأفرقاء اللبنانيين بين الانسحاب الروسي من سوريا وانطلاق مسار الحل السياسي في المنطقة، فيعولون على خروق مرتقبة في جدار الأزمة الرئاسية المستمرة منذ مايو (أيار) 2014 من منطلق وجوب انتخاب رئيس جديد للبلاد يواكب المرحلة التي يتقرر فيها مصير الجارة سوريا والدول المحيطة في ظل عجز الحكومة الحالية المترنحة عن لعب أي دور في تحصين لبنان أو في رسم استراتيجيات للتعامل مع التطورات المتسارعة.
وتتجه الأنظار إلى الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس التي حدد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي موعدا لها يوم الأربعاء المقبل، لتتزامن مع الزيارة المرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم إلى بيروت التي يسبقها يوم الاثنين زيارة مماثلة للممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني.
وبينما يتوقع قسم كبير من قوى 14 آذار ارتفاعا في عدد النواب المشاركين في «الجلسة الرئاسية» المقبلة بعدما وصل في الجلسة الماضية ولأول مرة بعد عودة رئيس تيار «المستقبل» إلى بيروت إلى 73 نائبا، لا يبدو أن هناك قدرة على تأمين النصاب المطلوب والمتمثل بـ86 نائبا لانعقاد الجلسة، في حال لم يتم التفاهم بشكل مسبق على وجوب وضع حد للأزمة الرئاسية المتمادية.
ويعوّل تيار «المستقبل» على مواقف جديدة قد يتخذها «حزب الله» في تعاطيه مع الملفات الداخلية وعلى رأسها الملف الرئاسي، لتتماشى مع المستجدات الكبيرة التي تشهدها المنطقة وآخرها الانسحاب الروسي. وهو ما عبّر عنه النائب في التيار جان أوغاسبيان لافتا إلى أن «من مصلحة الحزب وأكثر من أي وقت مضى إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ما دام المرشحان الأساسيان لا يزالان من فريقه السياسي»، في إشارة إلى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد حزب الله قادرا وبعد الموقف الروسي الأخير التعويل على انتصارات كبيرة في الداخل السوري أو على عودة الوضع لما كان عليه قبل عام 2011، وبالتالي على استمرار توازن القوى لمصلحته في الداخل اللبناني».
وشدّد أوغاسبيان على أن «الانتخابات الرئاسية لم تكن يوما مسألة عددية - تقنية بل هي مرتبطة إلى حد كبير وبالتحديد في الوقت الحالي بقرار إيراني وبكيفية ترجمة حزب الله الموقف الروسي المستجد داخليًا، مع اقتناعنا بأن مصلحته تقتضي حاليا بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، إلا إذا كان والنظام السوري لا يزالان يسعيان للسيطرة الكاملة على سوريا وفرض أجندة معينة في لبنان بعيدا عن الميثاقية دافعين باتجاه مؤتمر تأسيسي ونظام جديد غير النظام الذي أوجده اتفاق الطائف».
وفيما يترقب الأفرقاء ما سيدلي به أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال المقابلة التلفزيونية المنتظرة مساء غد الاثنين، يبدو تيار النائب عون مطمئنا إلى أن الحزب ورغم كل المستجدات الأخيرة لن يتخلى عن ترشيحه للرئاسة. وفي هذا السياق قال القيادي في «التيار الوطني الحر» ماريو عون لـ«الشرق الأوسط» إن «مفتاح الملف الرئاسي لا يزال في الرابية (مقر إقامة عون)، وبالتحديد في جيب العماد عون، وذلك بالتفاهم والتنسيق الكامل مع حزب الله»، مشددا على أنه «لا إمكانية لتأمين انعقاد أي جلسة لانتخاب رئيس إلا برضا الرابية، وهذا أمر محسوم. وكل من يُراهن على انقلابات ما فهو متوهم».
واعتبر عون أن «الطابة (الكرة) حاليا في ملعب الفريق السنّي، وبالتحديد تيار المستقبل الذي يؤيد المرشح الأقرب للنظام السوري والذي يعتبره عدوه، بإشارة إلى فرنجية، ولا يزال يرفض احترام الميثاق والتفاهم على انتخاب الرئيس الأقوى والأكثر تمثيلا على المستوى المسيحي على غرار ما يحصل لدى باقي الطوائف». وأضاف ماريو عون: «لن نقبل الاستمرار في تعداد الجلسات التي تتم الدعوة إليها لانتخاب رئيس ولن نرضخ لتمييع الواقع الرئاسي»، مشيرا إلى الدخول في مرحلة جديدة من التعامل مع هذا الملف بما يوجب احترام الميثاق. ومن ثم أوضح أن دعوة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» أخيرا لـ«التشمير عن السواعد ليست بعيدة عن الدعوة لتحركات احتجاجية في الشارع»، مستبعدا أن يكون هناك أي تداعيات مباشرة للانسحاب الروسي من سوريا على الملف الرئاسي، «باعتبار أن الطبخة الرئاسية لم تنضج بعد، والأمور لا تزال متعثرة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.