ترامب ينظم فعالياته الانتخابية في أجواء من التوتر بين معارضيه ومؤيديه

اندلاع اشتباكات في مظاهرات معارضة له في نيويورك وأريزونا

ترامب ينظم فعالياته الانتخابية  في أجواء من التوتر بين معارضيه ومؤيديه
TT

ترامب ينظم فعالياته الانتخابية في أجواء من التوتر بين معارضيه ومؤيديه

ترامب ينظم فعالياته الانتخابية  في أجواء من التوتر بين معارضيه ومؤيديه

أول من أمس في نيويورك ضد دونالد ترامب، بينما أغلقوا طريقا رئيسية في ولاية أريزونا (جنوب غرب) حيث تعرض أحد المحتجين للضرب، منددين بعنصرية المرشح الجمهوري الاوفر حظا لكسب ترشيح حزبه للاقتراع الرئاسي الذي سيجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في الولايات المتحدة.
وقالت الشرطة وشهود عيان إن محاولة معارضي ترامب لعرقلة حملته للوصل إلى البيت الأبيض انتهت باعتقال عدد من الأشخاص. وفي تاكسون في ولاية أريزونا أظهر تسجيل فيديو بثته شبكة «إن بي سي» أحد المتظاهرين يرفع صورا لترامب كتب عليها «سيئ لأميركا»، قبل أن تندلع اشتباكات بينه وبين معارضين آخرين من جهة مؤيدي قطب العقارات الثري من جهة أخرى. وظهر أحد المؤيدين وهو يضرب الشخص المعارض، قبل أن يرافقه رجال الأمن إلى خارج التجمع. وأضافت شبكة التلفزيون أن الرجل الذي قام بضربه، وهو من مؤيدي ترامب، اقتيد بعدما أوثقت الشرطة يديه، واتهم بالقيام بهجوم سبب أذى.
في غضون ذلك وفي الجانب الآخر من البلاد، تجمع متظاهرون وسط انتشار كبير للشرطة في ساحة «كولومبوس سيركل» في مانهاتن بالقرب من أحد أبراج ترامب في نيويورك وهم يهتفون «دونالد ترامب، ارحل» و«عنصري» و«معاد لحقوق الإنسان».
كما رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «اطردوا ترامب» و«ابنوا جسورا وليس جدرانا» و«ابنوا جدارا حول ترامب»، في إشارة إلى الجدار الذي يريد ترامب تشييده على طول الحدود مع المكسيك لمنع قدوم مهاجرين غير شرعيين من هذا البلد. كما رفعوا لافتات كتب عليها «لا تسمحوا لترامب بتخريب دستورنا»، و«سنبادل دونالد ترامب واحدا بـ25 ألف لاجئ».
واعتقل شخص واحد على الأقل في الجادة الخامسة الشهيرة في نيويورك خلال اشتباك قصير سيطرت عليه الشرطة بسرعة. ونظمت التظاهرة مجموعة مناهضة للفاشية تطلق على نفسها اسم «كوسموبوليتان انتي فاشيست» قبل أن تنضم إليها منظمات أخرى.
وشارك في المظاهرة عدد من سكان نيويورك الذي يشعرون بالقلق من تقدم ترامب في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين وإمكانية ترشيحه للاقتراع الرئاسي. وقال باتريك والدو لوكالة الصحافة الفرنسية إن ترامب «عنصري ويعتمد التمييز ضد النساء ومعاد للإسلام ومعاد للأجانب، إنه فاشي وهذا سيترتب عليه تبعات كبيرة على مستقبل أميركا». وأضاف هذا المؤرخ البالغ من العمر 31 عاما: «إذا بدأنا بإغلاق حدودنا أمام بعض الأشخاص بناء على معتقداتهم الدينية، فإن ذلك سيكون مخالفا تماما للدستور (...) نبدأ السير على طريق يؤدي إلى وضع يشبه ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ولا أريد ذلك في بلدي».
وكان ترامب دعا إلى منع كل المسلمين من دخول الولايات المتحدة في تصريح أثار جدلا كبيرا خلال الحملة الانتخابية الجارية حاليا. من جهتها، قالت نور (22 عاما) المسلمة المولودة في الولايات المتحدة إن «كل ما يقوله ينم عن عنصرية وخاطئ ويجرح مشاعري».
وخلال المظاهرة حضر عدد من مؤيدي ترامب أيضا، وبينهم جيم ماكدونالد الذي يرى أن «عددا متزايدا من الناس الذين يعبرون عن دعمهم لدونالد ترامب يتعرضون للترهيب». وأضاف: «مع أن هذا أمر مخيف، سنثبت أنه يحق لنا إظهار دعمنا لترامب سواء أعجب ذلك الطرف الآخر أو لم يعجبه».
وقبل مظاهرة تاكسون، قام محتجون مناهضون لترامب بإغلاق طريق رئيسية في أريزونا في محاولة لمنع أنصاره من الوصول إلى تجمع انتخابي كان سيعقده في إطار حملته للفوز بترشيح حزبه لسباق الرئاسة. ويوجد ترامب في أريزونا ليستعد للانتخابات التمهيدية التي ستجرى فيها غدا الثلاثاء.
وهددت الشرطة باعتقال المحتجين، وقال رئيس شرطة منطقة ماريكوبا في الوين الذين يقدر عددهم بخمسين شخصا تجمعوا في جادة «شي بولفارد» وحملوا لافتات كتب عليها «لا لترامب». لاية نفسها، جو اربايو، الذي يدعم علنا ترامب، إنه سيفعل ما بوسعه ليجري التجمع بسلام بينما صعد ترامب إلى المنصة ليلقي خطابه.
وصرح عضو مجلس النواب، جواكين اينريكيز، أن ثلاثة أشخاص أوقفوا وأصيبت آليتان بأضرار. وقال: «أوقف ثلاثة أشخاص لأنهم أغلقوا طريقا عاما وليس لأنهم كانوا يحتجون».
من جهة أخرى، اتهمت قناة «فوكس نيوز» ترامب بأنه «مهووس بشكل مرضي» بمذيعة الأخبار البارزة ميغين كيلي، ويشن عليها حملة كلامية فظيعة. ويأتي هذا الانتقاد في إطار الخلاف المثير بين ترامب والشبكة التلفزيونية النافذة، بعد أن نشر ترامب الخميس ثلاث تغريدات يصف فيها المذيعة الإخبارية التي تجذب أكبر عدد مشاهدين في الولايات المتحدة بأنها «مجنونة».
وقالت الشبكة إن هجمات ترامب الشرسة ضد كيلي، و«هوسه المرضي الشديد ضدها لا يليق بمرشح رئاسي يريد أن يشغل أعلى منصب في البلاد». واندلع الخلاف في أغسطس (آب) عندما أدارت كيلي أول مناظرة بين مرشحي الرئاسة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.