الإعلام اللبناني.. حانت لحظة التجديد أو الانكفاء

العدد الكبير من الصحف لا يتناسب مع حجم السوق الإعلانية.. وتراجع «المال السياسي» «كسر ظهر البعير»

مجموعة من الصحف اللبنانية
مجموعة من الصحف اللبنانية
TT

الإعلام اللبناني.. حانت لحظة التجديد أو الانكفاء

مجموعة من الصحف اللبنانية
مجموعة من الصحف اللبنانية

ترتبط المؤسسات الإعلامية اللبنانية بشكل مباشر في تمويلها بالإعلانات التجارية، والدعم السياسي. فالسوق الإعلانية لا تزال مقبولة، لكن العدد الكبير من الوسائل الإعلامية تلجأ إلى الدعم السياسي من قبل أطراف تؤيدها، وتسوق لأفكارها، حيث إن الغالبية الساحقة من الصحف والمحطات اللبنانية تتلقى دعما ماليا من جهات سياسية محلية وإقليمية.
وكانت ضجة قد أثيرت في لبنان، الأسبوع الماضي، بسبب إعلان صحيفتي «السفير» و«اللواء» عن مواجهتهما لصعوبات مالية، وتأخر دفع رواتب موظفي مؤسسات «المستقبل» وجريدة «النهار»، وتعثر مؤسسات إعلامية أخرى.
وأكد جورج جبور، رئيس نقابة أصحاب وكالات الدعاية والإعلان في لبنان، أن «انخفاض الإعلانات، لكل وسائل الإعلام اللبنانية، في السنوات الخمس الماضية لم يتجاوز الـ10 في المائة إلى 15 في المائة، معلنا أن الإنفاق على الإعلانات لم يتجاوز يومًا، في لبنان، مبلغ مائتي مليون دولار سنويًا. ومع الانخفاض الذي يحكى عنه انكمش المبلغ عام 2015 إلى نحو 170 مليون دولار. حصة التلفزيونات بقيت كما هي، فيما ارتفع الإنفاق على اللوحات الإعلانية، وزاد عددها في الشوارع، واندمجت بعض شركاتها، مما حسن أوضاعها، وانخفضت مداخيل الإعلانات في الإذاعات من 5 إلى 7 في المائة وتأثرت الصحف الورقية بشكل خاص بانخفاض الإعلان فيها بنسبة 25 في المائة وأحيانا 30 في المائة. وإذا ما أجملنا الصحافة الورقية من صحف ومجلات، مع بعضها البعض، فإن الانخفاض لا يتجاوز 15 في المائة».
الأزمة الاقتصادية عالمية، ومن الطبيعي أن يتأثر بلد صغير مثل لبنان، له مشكلاته السياسية وعثراته الداخلية. أما لماذا تأثرت الصحف أكثر من غيرها؟ فيجيب جبور: «لم تؤقلم الصحف نفسها مع المتغيرات. اجتمعنا بهم تكرارًا، ونصحناهم باللجوء إلى الاندماج، أو تقليل عدد الصفحات، أو التوجه أكثر إلى جيل الشباب. للأسف لم تتمكن الصحف اللبنانية من أن تحدّث نفسها». ويضيف جبور: «لا ننسى أن بلدًا صغيرا مثل لبنان، تصدر فيه تسع صحف عربية كبيرة يومية على الأقل، هذا غير واحدة إنجليزية، وأخرى فرنسية، تتوزع عليها الإعلانات، وهذا عدد لا نجده في دول كبرى». ويلفت جبور إلى أن الانصراف عن الورق بات حقيقة واقعة، وبالتالي فإن 15 مليون دولار على الأقل سنويا، من مجمل الإنفاق الإعلاني بات يذهب إلى شركات عالمية، خارج لبنان مثل «غوغل» و«فيسبوك» وغيرها. وهذه الحصة هي التي خسرتها المطبوعات الإعلامية الورقية تحديدًا.
التأقلم مع الواقع الجديد، ليس مهمة الورقي فقط، بل التلفزيوني كذلك. ويخشى أن تكون المؤسسات الإعلامية جميعها بطيئة في قراءتها لما عليها أن تفعله في مرحلة مفصلية، تكنولوجيا واقتصاديًا. صحيح أن الحصة الإعلانية للمحطات التلفزيونية لم تنخفض، لكن هذه المؤسسات، تعاني لأسباب تختلف عن تلك التي تخص الصحف. فمتطلبات محطة تلفزيونية تريد أن تنافس وتتقدم، هي بحدود 30 مليون دولار سنويًا. كانت البرامج المحلية التي تصور تكاد لا تكلف الحلقة منها، أكثر رواتب الموظفين، صارت البرامج الأكثر مشاهدة هي تلك التي تستنسخ عن برامج عالمية، وعلى المحطة أن تدفع حقوقها وتكاليفها. ويعلمنا جورج جبور «أن حلقة المسلسل التلفزيوني كانت تكلف منذ عشر سنوات 5 آلاف دولار وأحيانا 3 آلاف، صارت تحتاج إلى 20 ألفًا، بسبب ضرورة استخدام معدات حديثة، وتقنيات عالية، عدا دفع أجور فنانين قادرين على الإبداع في مختلف الاختصاصات». ويضيف جبور: «عدد المشاهدين لم ينخفض، والإعلانات لم تتراجع، لكن التكاليف ارتفعت بشكل كبير، والمداخيل في المقابل لم تتحسن مطلقًا».
يذكر جبور، الذي إضافة إلى عمله النقابي يملك شركة «إم سي إن» للإعلانات، أن تصوير الإعلان نفسه ارتفعت تكلفته، وكذلك رواتب الموظفين، وتكلفة الإنترنت العالية جدًا في لبنان. «شركتي مثلاً، تضطر لدفع 80 ألف دولار للحصول على خدمة سريعة لتنزيل الأشرطة والأفلام، وهذه تكلفة هائلة بالنسبة لبلد آخر».
موضوع الإعلام يتشعب، ويتعقد إذا ما ترك على مداه. أزمة الصحف جزء من كل وهي الحلقة الأضعف، التي ظهرت عوارضها قبل غيرها.
وإذا كانت الصحف اللبنانية قد بدأت تدق ناقوس الخصر، بحيث وجهت جريدة «السفير» رسالة إلى موظفيها تبلغهم، أن المطبوعة تواجه واقعًا صعبًا، قد يزداد صعوبة، «وكل الاحتمالات مفتوحة للنقاش بما فيها التوقف عن الصدور». رأت جريدة «اللواء» الحل، في تخفيض رواتب موظفيها في الفترة الأخيرة، ووزعت مذكرة إدارية يوم الثلاثاء الماضي، تقول فيها: «حرصًا على عدم تحميل الموظفين أعباء المرحلة الصعبة» فإنها تفتح «باب الاستقالة لمن لا يرغب بالاستمرار». أما جريدة «النهار» بحسب مدير تحريرها غسان حجار، فقد أعلمت موظفيها بالصعوبات التي تواجهها والتي تسعى لحلها. وأكد حجار: «نحن في (النهار) لا قرار لدينا بالإغلاق ولا بإيقاف النسخة الورقية».
ويشرح مدير تحرير «النهار» أنه قد تم تكليف شركة بتقييم أوضاع الجريدة في السنوات الثلاث الأخيرة، وهو ما تلجأ إليه الصحف بين الحين والآخر، وستضع خلاصة دراستها، وحتى حينه لم تتخذ أي قرارات.
التلفزيونات اللبنانية ليست أفضل حالا، فشد الأحزمة على أشده، وتلفزيون «إم تي في» الذي يبدو أنه الأكثر نشاطًا ونجاحًا، لم يدفع رواتب موظفيه منذ عدة أشهر، وبدأ نزوح العاملين فيه إلى محطات أخرى لا سيما «سكاي نيوز» عربية. في ما تعاني المحطات الأخرى، وتحاول تقليص نفقاتها لتجاوز الأزمة.
وأمام هذا الواقع المالي المتدهور لوسائل الإعلام اللبنانية، التي بدأت تشهر عثراتها الواحدة بعد الأخرى، أصدر وزير العمل اللبناني سجعان قزي بيانًا يوم الخميس الفائت، دعا فيه إلى «حالة طوارئ إعلامية»، واقترح «إنشاء صندوق دعم للمؤسسات الإعلامية، يمول من القطاعين العام والخاص ويديره مجلس مشترك». وتساءل قزي إن كان لبنان ينتقل من بلد الإشعاع إلى بلد النفايات المشعة؟ وهل أن الحرية في لبنان التي لم يتمكن أن يقضي عليها أي احتلال يقضي عليها اليوم العوز المادي؟
ويسود خوف في الأوساط الصحافية اللبنانية، إذ إن التسريحات المتوقعة إذا ما تمت وستشمل صحافيين وتقنيين، وعمال مطابع، فإنها تجعل مئات العائلات من دون مدخول، أو حتى إمكانية إيجاد بديل مع معاناة القطاع الإعلامي، على النحو الذي يتم الحديث عنه.
ولتدارس الأمر عقد مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية اجتماعا استثنائيا برئاسة النقيب إلياس عون، حضره محامو النقابة، خصص لبحث الأزمة المستجدة في عدد من الصحف التي لوحت بوقف الصدور، أو باتخاذ إجراءات تطاول العاملين فيها. ورغم أن النقابة أعلنت رغبتها في التصدي للأزمة بتحرك واسع من خلال عقد اجتماعات مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة ووزيري الإعلام والعمل والبحث في وسائل تأمين ديمومة عمل الصحافة اللبنانية واستمراريتها، إلا أن الصحافيين، لم يشعروا بأن قضيتهم، يمكن أن تجد لها حلاً مرضيًا. المشاورات على قدم وساق بين أصحاب المطبوعات. ووزير الإعلام رمزي جريج الذي طمأن إلى أن «الموضوع سيثار في مجلس الوزراء للمطالبة بدعم المطبوعات المتعثرة، وسيزور رئيسي تحرير السفير واللواء، لبحث الحلول الممكنة معهما».
واعتبر وزير الإعلام أن «إعطاء مساعدات مؤقتة لا يفي بالغرض، ومن المهم إيجاد حل دائم يقضي بإعادة النظر ببنية كل جريدة وإعادة رسملتها ودرس أسباب العجز»، مع «وجوب تأمين الدعم في مرحلة أولى».
وقال جريج: «لا يمكن أن نتصور أننا سنصل إلى وقت لا تصدر فيه (النهار) أو (السفير) أو (اللواء)، وذلك سيكون يوما أسود في لبنان»، مؤكدا أنه سيبذل جهده كوزير للإعلام من أجل تخطي هذه الأزمة.



السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
TT

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

قبل عام بالتمام والكمال، فازت الرياض، بتفوق، بتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 وسط حالة من البهجة والسرور في الداخل والخارج ووسط حضور إعلامي استثنائي، نادراً ما شهد مثله المكتب العالمي للمعارض الذي استعاض بهذه المناسبة عن مكاتبه الباريسية الضيقة بقصر المؤتمرات في مدين «إيسي ليه مولينو» الواقعة على المدخل الغربي الجنوبي للعاصمة الفرنسية.

والثلاثاء، كان المكتب على موعد مع جمعيته العمومية الـ175، والاجتماع السنوي الذي ضم ممثلين عن أعضائه الـ184 لم يكن للإعلان عن فوز دولة جديدة بأي من المعارض بأنواعها الأربعة التي ينظمها المكتب الدولي، بل كان الغرض الأول منه الاستماع لوفد اليابان ليعرض التقدم الذي تحقق على درب تنظيم المعرض الدولي المقبل في مدينة أوزاكا ما بين 13 أبريل (نيسان) و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025. من هنا، كان الحضور الكاسح لوسائل الإعلام اليابانية والوفد الرسمي الكبير الذي جاء لفرنسا بهذه المناسبة. ولم يكتف الوفد الياباني بالكلمات التفصيلية بل قرن ذلك بثلة من أفلام الفيديو التي تشرح طموحات أوزاكا.

عبد العزيز الغنام المدير العام لإكسبو الرياض 2030 متحدثاً في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض (الشرق الأوسط)

بيد أن الجمعية العمومية كانت أيضاً على موعد مع وفد المملكة السعودية ليعرض خططه والخطوات التنظيمية التي اجتازتها الرياض التي ما زال أمامها خمسة أعوام قبل الاستحقاق الكبير.

ووقعت المهمة على عاتق عبد العزيز الغنام، المدير العام لـ«إكسبو الرياض 2030» ليلقي كلمة ركز من خلالها على التوجهات الثلاثة الرئيسية التي تعمل الهيئة على تحقيق تقدم بشأنها، تاركاً التفاصيل لمتكلمين جاءوا بعده إلى المنصة. وفي المقام الأول، أشار الغنام إلى أن مدينة الرياض «أطلقت برنامجاً محدداً لتهيئة المدينة، وذلك من خلال دراسة أفضل الممارسات التي اتبعتها الجهات التي استضافت معارض إكسبو في السابق، وحددت المجالات الرئيسية للاستعداد للحدث الكبير». وأضاف الغنام: «أطلقنا، إضافة إلى ما سبق، دراسة لتقييم قدرة الرياض على المدى الطويل في عام 2030 والقيام بالاستثمارات اللازمة». وفي المقام الثاني، أفاد الغنام بأن المملكة «على المسار الصحيح لتقديم ملف التسجيل (للمكتب) لمراجعته بحلول أوائل عام 2025». وزاد: «نحن، في الوقت نفسه، نحرز تقدماً سريعاً حتى نكون جاهزين لتوقيع اتفاقية المقر بمجرد تسجيل إكسبو رسمياً». وأخيراً، وفي المقام الثالث، أشار الغنام إلى تطورات عمل الهيئة المنظمة: «بناءً على ملاحظاتكم ومساهمات كبار الخبراء، قمنا بتنقيح وتحسين موضوعنا العام ومواضيعه الفرعية ومخططنا الرئيسي وشعار إكسبو 2030 الرياض». واختتم كلمته بالقول إن «إكسبو الرياض 2030 ملك لنا جميعاً ونحن ملتزمون بتعميق شراكتنا معكم في كل خطوة على الطريق، بينما نواصل هذه الرحلة الرائعة معاً».

وكانت الكلمة الثانية لغيدا الشبل، من الهيئة المنظمة للمعرض، التي ركزت كلمتها على ما حققته الهيئة «لكسب ثقة المكتب ومواصلة الجهود لتقديم معرض غير مسبوق». وفي كلمتها، تناولت الشبل ثلاث نقاط؛ أولاها هيكلة حوكمة إكسبو. وفي هذا السياق، أشارت الشبل إلى أن «اللجنة العليا لإكسبو ستعمل، على أعلى مستوى، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء على ضمان استمرار إكسبو بوصفه أولوية وطنية وقصوى للمملكة».

وأضافت: «ستتولى شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية. وأخيراً، سيواصل المفوض العام لإكسبو 2030 تنسيقه الوثيق مع المكتب الدولي للمعارض، وسيمثل حكومة المملكة في جميع الأمور المتعلقة بإكسبو». وأشارت أيضاً إلى أن شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، «ستتولى الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية».

كذلك، فصلت الشبل الموضوع العام الذي سينعقد المعرض على ضوئه والذي يحمل رؤية المملكة، وهو «تخيل الغدّ» الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مواضيع فرعية، وهي موضوع «تقنيات التغيير» وكيف يمكن للابتكار والإنجازات العلمية أن تحدث تغييراً إيجابياً. والموضوع الثاني عنوانه «حلول مستدامة» والمقصود بذلك الأساليب المبتكرة للعمل المناخي والتنمية المستدامة وتجديد النظام البيئي التي تدعم التقدم والإشراف البيئي.

فيما الموضوع الثالث محوره «الازدهار للجميع» بمعنى أن «التقدم الحقيقي تقدم شامل، ويعزز عالماً يكون فيه الازدهار واقعاً يتقاسمه الجميع». وأخيراً، أشارت الشبل إلى حضور الهيئة القوي في معرض أوزاكا وما ستقوم به في هذه المناسبة، كما وجهت الشكر للشريك الياباني لتعاونه. وأعقب ذلك فيلم فيديو قدمه مازن الفلاح يبين ما سيكون عليه المعرض المرتقب.