أصدر الدكتور عبد الحق عزوزي، الأكاديمي المغربي المختص في العلاقات الدولية، أخيرا، كتابا بعنوان «لماذا تخلف العرب وتقدم الآخرون»، مطالبا فيه بالاحتكام إلى أدوات الفكر والقواعد داخل المجال السياسي العام كما جاءت به أهم القواعد في مختلف العلوم الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية، والتي هي قواعد وأسس على شاكلة القواعد الرياضية والفيزيائية والطب والهندسة وعلوم الإحياء.
وذكر عزوزي، أن بناء الدولة الحديثة إنما يقوم على ثنائية العلم والعمل السياسي. وهما عاملان لمعادلة توازنية واحدة. فمن دون العلم تنتفي التقنية والتقدم والاحتراف داخل المجال العام للدولة، ومن دون عمل سياسي حقيقي خاضع لأدوات العلوم الإنسانية والاجتماعية الدقيقة فإن إدارة الشأن العام ستفشل، وتضيع بذلك مصالح الجميع. ورأى الكاتب بأنه في كثير من الأوطان العربية تنهار بعض من مظاهر تلك الثنائية فيتلوث المجال السياسي العام وتدخله ميكروبات خطيرة تأتي على الخلايا السياسية والخلايا الرمادية على السواء. «وقد يظن ظان أنه في مجتمعاتنا تكون هذه الخلايا منفصلة عن بعضها البعض. وهذا كلام خطأ. فالخلايا السياسية الصحيحة تحمي وتشجع وتطور وتخلق الأرضية والتنافسية لأهل العلم.. والعلم لا يمكنه أن يسيّس، بل إن الحيادية والموضوعية هما أساسا التقدم العلمي الصحيح».
وأشار الكاتب إلى أن اعتبار الدولة «غنيمة حربية» المتأصل عند بعض ممثلي الأحزاب خطر على السياسة ومستقبل البلدان خاصة إذا لبست لباسا دينيا، كما أن الديمقراطية الحقيقية هي وعي وثقافة وذكاء ودهاء. وفي الفترات الانتقالية لا بد من الدبلوماسية السياسية ونكران الذات والاحتكام إلى المصلحة العليا للبلد ونسيان عوارض الأنانية وحب الذات الحزبية والنظر ببصيرة إلى العواقب والتمعن في تجارب الآخرين والتبحر.
وهو يرى أن الوطن العربي بحاجة إلى إعادة النظر في المنظومة التربوية والتعليمية مجتمعة، وهي التي لوحدها تحقق التنمية الهادفة.. فالمطلوب من العالم العربي الآن هو البحث عن قاعدة تعليمية صلبة ومتمكنة، لأن نهضة الأمم تكون أولا وأخيرا بالعلم، كما حدث في الولايات المتحدة الأميركية واليابان «حيث نجد أن البحث العلمي المتقدم وجودة التعليم هما أساسان في قوة اقتصادهما وهيمنتهما».
ووصف مستوى التعليم في الوطن العربي بالمتخلف بالمقارنة بالمناطق الأخرى في العالم، وهو يحتاج إلى إصلاحات عاجلة لمواجهة مشكلة البطالة وغيرها من التحديات الاقتصادية، إضافة إلى أنه على الرغم من أن معظم الأطفال في كثير من الدول العربية استطاعوا الاستفادة من التعليم الإلزامي، وتقلصت الفجوة بين تعليم الجنسين، فإن الدول العربية ما زالت متخلفة عن كثير من الدول النامية في هذا المجال.
ويذكر هنا أن الدول العربية خصصت خمسة في المائة فقط من إجمالي الناتج المحلي، و20 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم خلال الأربعين سنة الماضية، مما أوجد فجوات كبيرة بين ما حققته الأنظمة التعليمية في العالم العربي، وبين ما تحتاجه المنطقة في عملية التنمية الاقتصادية، واعتبر أن أحد أسباب ضعف العلاقة بين التعليم وضعف النمو الاقتصادي هو انخفاض مستوى التعليم بشكل كبير.
ثنائية العلم والعمل السياسي
ثنائية العلم والعمل السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة