استعاد اليمنيون الذكرى الخامسة لمجزرة «جمعة الكرامة» التي راح ضحيتها أكثر من 47 شخصا من شباب الثورة والمئات من الجرحى، والمتهم فيها الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأتباعه. وتعد هذه المجزرة جريمة تضاف لسلسلة جرائم كثيرة كان ضحيتها أكثر من ألف شاب من شباب الثورة الشبابية الذين انتفضوا عام 2011 ضد حكم صالح، وجرى إخفاء أدلتها وتعطيل إجراءات التقاضي بحسب مصادر قانونية.
ومثلت مذبحة «جمعة الكرامة» يوما فاصلا في نظام علي عبد الله صالح، إذ أعلنت قيادات عسكرية وحكومية رفضها لما قامت بها قوات صالح، وانشق عن نظامه قيادات من الصف الأول أبرزهم الجنرال علي محسن الأحمر، وأكثر من 7 وزراء والعشرات من رؤساء المؤسسات الحكومية والسفراء.
واكتسحت هذه الذكرى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشر اليمنيون صور القتلى والجرحى الذين سقطوا في 18 مارس (آذار) 2011، حيث غرد خالد بحاح نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء اليمني بكلمات مقتضبة عن هذا اليوم بقوله: «جمعة الكرامة؛ ذاكرة وطن، وحلم مستمر».
أما أقارب الضحايا وأصدقاؤهم فقد كانت ذكرى مؤلمة استذكروا فيها ذويهم. يقول مجاهد السلالي، والذي قتل أقاربهم في هذا اليوم: «كثير ممن قتلوا في ساحة التغيير كانوا من أوائل المعتصمين الذين طالبوا بإسقاط نظام المخلوع علي عبد الله صالح، كانوا رافضين للواقع البائس الذي يعيشونه، جاعلين من أنفسهم مثالا للتغيير المنشود»، ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «كان القتلى الذين سقطوا لهم بصمات نجاح وتفوق ولم يكونوا عاطلين أو جهلة».
أما يحيى الثلايا فيستذكر قريبه الذي قتل على يد قوات المخلوع صالح، فيقول: «كان ابن عمي محمد أستاذ اللغة الإنجليزية، وكان رافضا لوجود الحوثيين بجوارهم في ساحة التغيير، بعد أن شاهد وقوفهم بصف صالح».
من جانبه يقول لـ«الشرق الأوسط» المحامي عبد الرحمن برمان عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان الناشط الحقوقي: «إن مجزرة الكرامة، جريمة مروعة بحق الشعب اليمني، ولقيت تنديدا دوليا ومحليا وإقليميا، وقد شكلت الأمم المتحدة لجنة تقصي أوصت في ختام تقريرها بتشكيل لجنة للتحقيق في هذه الجريمة والجرائم التي استهدفت شباب الثورة في الساحات».
ويتابع برمان: «للأسف الشديد كان نظام المخلوع صالح يرفض تشكيل اللجنة وكانت حكومة علي مجور آنذاك ترفض تشكيل اللجنة، وتماطل في تشكيلها، استجابة لضغط دولي، لكن بعد التسوية السياسية وطرح المبادرة الخليجية، أصدرت حكومة محمد باسندوة قرارًا بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن».
وأوضح برمان أن هذه الجريمة وصمة عار استهدفت الشعب اليمني، ولا تسقط بالتقادم، مؤكدا: «يجب إنصاف أسر الضحايا ومحاكمة القاتل ومعاقبته»، مشيرا إلى أهمية أن لا يتأخر تحقيق العدالة في هذه الجريمة التي كانت هي القضية الوحيدة التي وصلت للقضاء».
فيما أصدر مجلس شباب الثورة السلمية بيانا في الذكرى الخامسة لجمعة الكرامة، أكد فيه على أن «هذه الذكرى تحل علينا واليمن يخوض معركة إسقاط النظام القديم بكل وجوهه وسياساته التي كرست الظلم والجهل والتخلف».
واعتبر المجلس الذي ترأسه الناشطة توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل، أن يوم 18 مارس 2011، كان تاريخا فاصلا بين مرحلتين؛ فيه تهاوي نظام التوريث والفساد على وقع دماء الشباب المسالم الذي خرج وأسمع صوته للعالم بأنه لا مكان للصمت ولا لتغييب إرادة الشعوب أمام نظام غرق في وحل رغباته متخليا عن مسؤولياته تجاه المجتمع والدولة بما هي التجسيد الأكبر لتطلعات الشعب».
وأوضح البيان أن مرتكب مذبحة جمعة الكرامة ليس طليقا وحسب، بل لا يزال يمارس القتل بصورة أكثر بشاعة من ذي قبل، في إشارة إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وتابع: «أما الثوار فلا تزال دماء الكرامة تجري في عروقهم، وها هم يخوضون معركة إسقاط القاتل الكبير، متوخين العدالة لا الانتقام، وفي مثل هذه المعارك ينتصر الثوار وتنتصر العدالة».
واعتبر البيان أن جمعة الكرامة ستبقى نبراسًا يضيء درب النضال ويلهم الأحرار في اليمن لأخذ حقوقهم كاملة غير منقوصة وإننا على الطريق سائرون حتى يتحقق لشعبنا كل ما ضحى من أجله ولا مجال للمهادنة مع قوى الفساد والتخلف حتى تلتحق أمتنا بركب الشعوب الحية وأن تكون مقررة لمصيرها دون وصاية من فرد أو أسرة أو جماعة حيث لا مكان في هذا العالم لغير إرادة الشعوب وحلمها في دولة مدنية قوية معبرة عن طموحها.
الحزن يخيم على شباب الثورة في ذكرى مذبحة جمعة الكرامة
بحاح اعتبرها ذاكرة وطن.. ومطالبات بالعدالة وإنصاف أسر ضحايا المجزرة
الحزن يخيم على شباب الثورة في ذكرى مذبحة جمعة الكرامة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة