«المركزي الأوروبي» يتحدى صانعي السياسة المالية

البنوك المركزية متفقة على إضعاف الدولار

شارة (يورو) مضيئة وعملاقة على واجهة البنك المركزي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
شارة (يورو) مضيئة وعملاقة على واجهة البنك المركزي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يتحدى صانعي السياسة المالية

شارة (يورو) مضيئة وعملاقة على واجهة البنك المركزي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
شارة (يورو) مضيئة وعملاقة على واجهة البنك المركزي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

لا تزال البنوك المركزية تحاول تحسين الأوضاع الاقتصادية ومنع وقوع حوادث كبرى، خصوصا مع التباطؤ الذي تشهده الدول المتقدمة، والقلق العام من مزيد من خفض الفائدة التي تتخذها أوروبا واليابان.
فالبنوك المركزية أصبحت في وضع تتحدى فيه صناع السياسة لتحقيق التوازن في معدلات النمو لاقتصاداتهم، خصوصا مع المخاطر الجيوسياسية.
وخلال قمة أوروبية بشأن أزمة اللاجئين عقدت أول من أمس بالعاصمة البلجيكية بروكسل، تحدى رئيس المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، صناع السياسة الأوروبية، وطلب منهم رئيس البنك وضع مسار واضح بالنسبة للاتحاد النقدي، ودعا ألمانيا أكبر اقتصاد في المنطقة إلى السيطرة على الخلافات مع شركائها، إلا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفضت التعليق قائلة: «إنه ليس هناك ما يبرر هذه اللغة».
وأعطى دراغي زعماء العالم رسالة واضحة قائلا: «لا تعتمدوا علينا في كل شيء».
وقال دراغي، في حديثة أمس للصحافيين، إن على السياسيين القيام بواجبهم وإصلاح اقتصادهم، مؤكدا أنه أوضح مسبقا أن السياسة النقدية هي حقا السياسة الوحيدة القادرة على إنعاش الأسواق في السنوات القليلة الماضية، إلا أنها غير قادرة على معالجة بعض نقاط الضعف الهيكلية الأساسية لاقتصاد منطقة اليورو.
وأكد دراغي أن منطقة اليورو تحتاج إلى إصلاحات هيكلية التي ستساهم في رفع مستوى الطلب والاستثمار العام، وتخفض الضرائب، والأهم من ذلك تحتاج المنطقة مستقبل أوضح حول «الوحدة النقدية».
وبادر رئيس المركزي الأوروبي إلى طمأنة المدخرين وشركات التأمين والمصرفيين حول تشوهات السوق المحتملة أو المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي مع جهود التحفيز الأخيرة.
واعتاد دراغي أن يتجنب الصحافيين في هذه المناسبات، إلا أنه هذه المرة أراد أن يرسل رسالته، ولربما لأنه ما زال يشعر بالقلق من أن حزمة الحوافز الجديدة التي أعلن عنها البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي قد تكون سببا في تشجيع قادة الاتحاد الأوروبي للابتعاد عن المشكلات الأساسية التي تمر بها المنطقة، بحسب كريس ويليامسون الخبير الاقتصادي لشؤون دول أوروبا.
وأوضح ويليامسون، في حديثة لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك حدودا لما يمكن أن تنجزه السياسة النقدية من تلقاء نفسها، وعلى الرغم من أن الحكومات في أوروبا مقيدة بحكم العرف عن التعليق على السياسة النقدية للمركزي الأوروبي فإن «قواعد اللعبة» يجب أن تتغير طبقا للمخاطر الاقتصادية التي تتعرض لها المنطقة، خصوصا مع ازدياد «القلق» حول أزمة اللاجئين.
وقال كريس ستون، المحلل الاقتصادي بمجموعة «آي جي» للاستثمارات، إن هناك اتفاقا سريا بين البنوك المركزية قد تم في اجتماع شنغهاي الشهر الماضي على إضعاف الدولار الأميركي، فقد فاجأ كثير من البنوك المركزية المستثمرين بخطط جديدة للتحفيز أو على الأقل تمديدها.
وخفض المركزي الصيني معدل الاحتياطي الأمن (RRR) بنحو خمسين نقطة «أساس»، وخفض البنك النيوزيلندي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة «أساس»، واتبعت النهج نفسه معظم الدول الأوروبية، كما انتقل المركزي الأوروبي إلى التركيز على أسواق الائتمان وتجاوز التوقعات لمزيد من خطط التحفيز، وغاب الفيدرالي الأميركي عن قواعد اللعبة التي يمارسها «الصقور» على حد قول ستون.
واتفق أيضا يواكيم فليس، المستشار الاقتصادي العالمي في «بيمكو» لتداول السندات، مع هذا الرأي، حيث يشتبه في حدوث هذا الاتفاق السري، وقال لبلومبرج: «يبدو أن هناك نوعا من الاتفاق الضمني قد تم في شنغهاي لتحقيق الاستقرار بين العملات الكبرى من خلال استخدام السياسات النقدية وليس عن طريق التدخل بشكل مباشر».
من ناحية أخرى، خفض المركزي الياباني أمس عائد السندات الحكومية لآجل 10 سنوات للمنطقة السلبية، مع استمرار التوسع في برامج شراء السندات.
وتراجعت عائدات السندات العشرية إلى (- 0.135) في المائة، وهو ما يعد رقما قياسيا لانخفاض سعر الفائدة على الودائع مقارنة بما قدمه المركزي الياباني الشهر الماضي.
وطرح المركزي الياباني ما يقرب من 34.5 في المائة من السندات الحكومية في السوق، ومن المتوقع أن ترتفع الحصة السوقية إلى 40 في المائة، وتراجعت العائدات على سندات الحكومة اليابانية منذ أن أعلن المركزي في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقد تضاعفت كمية السندات التي تقدم فوائد سلبية منذ بداية العام الحالي، لتتجاوز 600 مليار ين (5.4 مليار دولار) وفقا لإحصائيات المركزي الياباني.
وقد ألمح أحد صناع السياسة النقدية في أوروبا إلى أن أسعار الفائدة في منطقة اليورو يمكن أن تنخفض مرة أخرى، حيث قال بيتر برت، عضو المركزي الأوروبي، أمس، في تصريح لمجلة «إل إيه ريببليكا»، إن إجراءات التحفيز ما زالت ممكنة، فالصدمات السلبية لمعدلات التضخم قد تكون سببا رئيسيا لتعزيز الاقتصاد بمزيد من التمويل، وأكد أن هناك أدوات أخرى للمركزي الأوروبي، وأن البنك لم يصل إلى الحد الأدنى حتى الآن.



الدولار يستقر بانتظار قرارات البنوك المركزية

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
TT

الدولار يستقر بانتظار قرارات البنوك المركزية

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

شهد الدولار تداولات في نطاقات ضيقة مقابل نظرائه الرئيسيين يوم الخميس؛ حيث واصل النضال من أجل إيجاد اتجاه واضح، في غياب أي إعلانات ملموسة بشأن الرسوم الجمركية من الرئيس الأميركي دونالد ترمب. كما من المتوقع أن تصدر سلسلة من قرارات السياسة النقدية من البنوك المركزية خلال الأسبوع المقبل؛ حيث يُنتظر على نطاق واسع أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة في ختام اجتماع مدته يومان، يوم الجمعة. كما ستُعلن قرارات أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي يومي الأربعاء والخميس على التوالي.

واستقر مؤشر الدولار - الذي يقيس أداء العملة مقابل 6 منافسين رئيسيين بما في ذلك اليورو والين الياباني - عند مستوى 108.31، وذلك في الساعة 05:51 (بتوقيت غرينتش)، بعد مكاسب طفيفة بنحو 0.1 في المائة في اليومين الماضيين. وقد سجل المؤشر انخفاضاً بنسبة 1.2 في المائة يوم الاثنين، وهو أكبر هبوط له في يوم واحد منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بعد تولي ترمب منصبه، وتدفق الأوامر التنفيذية، ولكن دون أي تفاصيل بشأن الرسوم الجمركية، وفق «رويترز».

وهذا الأسبوع، اقترح ترمب فرض رسوم تصل إلى 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك و10 في المائة على الواردات الصينية بدءاً من الأول من فبراير (شباط). كما وعد بفرض رسوم على الواردات الأوروبية دون تقديم تفاصيل إضافية.

وقالت كارول كونغ، استراتيجية العملة في «كومنولث بنك أوف أستراليا»، إن «الرئيس ترمب اتبع نهجاً أقل عدائية مما كان متوقعاً تجاه الصين»، مشيرة إلى «سياسات ونبرة أكثر ليونة من المتوقع بشأن التعريفات الجمركية». وأضافت أن «المعنويات المتعلقة بالمخاطرة تظل هشة، وقد تتغير بسرعة إلى السلبية إذا تبنى الرئيس ترمب نبرة أكثر عدوانية».

وفي السياق ذاته، وقع ترمب، يوم الاثنين، مذكرة تجارية شاملة، وأمر الوكالات الفيدرالية بإجراء مراجعات شاملة لمجموعة من القضايا التجارية بحلول الأول من أبريل (نيسان)، وهو ما يعتبره العديد من المشاركين في السوق تاريخاً محورياً للكشف عن خطط التعريفات الجمركية.

وفي تقرير لمحللي «دي بي إس»، جاء فيه: «مع تولي ترمب منصب الرئاسة، تبقى التعريفات الجمركية على رأس أولويات الحكومة الأميركية، حتى لو لم يتم فرضها في يومه الأول في المنصب». كما أضافوا أنه «في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع المقبل، قد يؤكد بنك الاحتياطي الفيدرالي على مسار أطول نحو تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بسبب السياسات المقبلة من ترمب المتعلقة بالتعريفات الجمركية والهجرة».

وفي الأسواق الأخرى، لم يطرأ أي تغيير يذكر على اليوان الصيني، الذي بلغ 7.2816 مقابل الدولار في التعاملات الخارجية. بينما انخفض الين الياباني بنحو 0.1 في المائة إلى 156.69، مع تسعير الأسواق بنسبة 96 في المائة لرفع ربع نقطة يوم الجمعة.

كذلك، استقر اليورو عند 1.0406 دولار، مع توقعات على نطاق واسع بخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة الأسبوع المقبل. كما بقي الدولار الكندي ثابتاً عند 1.4389 دولار كندي مقابل الدولار الأميركي، وسط توقعات بتخفيض بنك كندا لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة يوم الأربعاء المقبل. وأخيراً، لم يسجل البيزو المكسيكي أي تغيير يذكر؛ حيث بلغ 20.49 مقابل الدولار الأميركي.