الانتقال السياسي محور البحث لدى لقاء دي ميستورا بوفدي النظام السوري والمعارضة

الانتقال السياسي محور البحث لدى لقاء دي ميستورا بوفدي النظام السوري والمعارضة
TT

الانتقال السياسي محور البحث لدى لقاء دي ميستورا بوفدي النظام السوري والمعارضة

الانتقال السياسي محور البحث لدى لقاء دي ميستورا بوفدي النظام السوري والمعارضة

يلتقي ستيفان دي ميستورا الموفد الدولي الخاص إلى سوريا، ممثلين عن طرفي النزاع في جنيف اليوم (الجمعة)، في محاولة للتوصل إلى نقاط مشتركة بشأن مرحلة الانتقال السياسي التي دخل البحث في صلبها الخميس مع المعارضة.
وأعلن مكتب دي ميستورا اليوم، أنّ الأخير سيلتقي الوفد الحكومي المفاوض ظهرًا ووفد الهيئة العليا للمفاوضات بعد الظهر، على أن يتحدث الموفد الخاص للصحافيين في ختام لقاءاته.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف للصحافيين اليوم، ردًا على سؤال بشأن استقبال دي ميستورا للوفدين في يوم واحد «أعتقد بإمكانكم اعتبار ذلك تطورًا إيجابيًا».
ومنذ انطلاق مفاوضات جنيف الاثنين في محاولة لوضع حد للنزاع السوري الذي تسبب بمقتل أكثر من 270 ألف شخص خلال خمس سنوات، كان دي ميستورا يستقبل وفد النظام السوري أولاً ويليه في اليوم الثاني الوفد المعارض. ومع اجتماعاته المرتقبة اليوم، يكون الموفد الخاص قد استقبل كل وفد لثلاث مرات منذ الاثنين.
والتقى دي ميستورا أمس، وفد الهيئة العليا للمفاوضات وقال للصحافيين إنّها قدمت «ورقة جوهرية حول الانتقال السياسي». وتابع: «سندرس (الورقة) بعناية ونحن معجبون بتحضيرهم العميق (...) وآمل أن أحصل على قدر مماثل من الوضوح من الوفد الحكومي» مضيفًا أنّه يجب بدء البحث في «الانتقال السياسي» ومعرفة موقف الحكومة من «انتقال سياسي ممكن».
وأقر دي ميستورا أمس، بأنّ «المسافة بين الطرفين لا تزال كبيرة»؛ لكنّه أكّد أنّ البحث مستمر عن «قواسم مشتركة».
من جانبه، قال هشام مروة، عضو الوفد الاستشاري المرافق للوفد السوري المعارض إلى جنيف لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم، إنّ «الوفد سيناقش اليوم بالعمق رؤيته للانتقال السياسي وكيفية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة بعدما تم التركيز في اجتماع الخميس على ورقتين تتعلقان بملف المعتقلين وإدخال المساعدات الإنسانية»، مضيفا: «ننتظر أيضًا أن نسمع ملاحظات وأسئلة الموفد الدولي بشأن رؤيتنا اليوم، حتى يتوصل إلى دمج بين أفكار الوفد المعارض والنظام».
وقدم الوفد الحكومي الاثنين ورقة إلى دي ميستورا قال كبير مفاوضيه بشار الجعفري إنّها تتضمن «أفكارا وآراءً بعنوان (عناصر أساسية للحل السياسي)» في سوريا.
وفي حين يطالب الوفد المعارض بتشكيل هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، يتحدث النظام في ورقته عن ضرورة الالتزام «بتشكيل حكومة موسعة تشرف على وضع الدستور الجديد»، وهو ما ترفضه المعارضة بالمطلق.
واتفقت مجموعة عمل من الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا ودول عربية في 30 يونيو (حزيران) 2012 في جنيف، على مبادئ مرحلة انتقالية تتضمن هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة؛ لكنّ الأطراف المعنية بالنزاع سورية أم غير سورية اختلفت على تفسير هذه المبادئ التي لم تلحظ بوضوح مصير رئيس النظام بشار الأسد.
ونص القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في ديسمبر (كانون الأول)، على تشكيل حكومة تضم ممثلين عن المعارضة والحكومة خلال ستة أشهر، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا.
والتقى دي ميستورا اليوم، وفدًا نسائيًا من سوريا ووفدًا آخر من معارضة الداخل المقبولة من النظام.
وقال محمود مرعي أمين عام «هيئة العمل الوطني الديمقراطية» لوكالة الصحافة الفرنسية، إثر الاجتماع «أصغى دي ميستورا إلينا أكثر مما تحدث وهو بصدد الاجتماع مع كل الوفود في إطار محادثات تحضيرية قبل اختياره أسماء الوفد التفاوضي الممثل للمعارضة».
وأضاف أنّ وفده سيلتقي دي ميستورا مجددًا الأربعاء. وكان دي ميستورا التقى الأربعاء وفدًا آخر من المعارضة القريبة من موسكو في وقت تصر الهيئة العليا للمفاوضات على أنّها الطرف المفاوض الوحيد الممثل للمعارضة.
ويشكل الاتفاق بشأن «وحدة وسيادة سوريا» القاسم المشترك بين كافة الوفود التي التقاها دي ميستورا، في رفض مباشر لإعلان الأكراد، المستثنين من الدعوة إلى مفاوضات جنيف، النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا.
ويعد الأكراد المكون السوري الأبرز الغائب عن مفاوضات جنيف على الرغم من مطالبة الروس بإشراك ممثلين عنهم في المفاوضات، الأمر الذي ترفضه الهيئة العليا للمفاوضات وتركيا الداعمة للمعارضة.
وقال الباحث في الشأن السوري موتلو جيفير أوغلو للوكالة أمس، إنّ إعلان الفيدرالية يوجه «رسالة سياسية» إلى المفاوضين في جنيف والدول الراعية لهم.
والمناطق المعنية بهذا الإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاث، كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة)، بالإضافة إلى المناطق التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية أخيرًا وخصوصًا في محافظتي الحسكة (شمال شرق) وحلب (شمال).
وسارع النظام السوري إلى التحذير من عواقب «النيل من وحدة سوريا»، بينما أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنّه «لن يقبل» بأي مشروع «استباقي» للتسوية الجاري العمل عليها.
في غضون ذلك، قدمت مجموعة عمل إنسانية تعمل برعاية الأمم المتحدة أمس، اقتراحا لسوريا لنقل وقبل نهاية أبريل (نيسان)، مساعدات إلى أكثر من مليون سوري محاصرين.
وأقر رئيس المجموعة يان ايغلاند أنّ تحقيق هذه الخطة يرتكز بشكل أساسي على نظام الأسد الذي لم يسمح بعد بوصول قوافل الأمم المتحدة إلى 6 من أصل 18 منطقة محاصرة في البلاد.
وحسب دي ميستورا، فإنّ التقدم «بطيء» في الملف الإنساني؛ لكنّه شدّد على أنّه «ما من أعذار» لعدم توزيع المساعدات الإنسانية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.