«الأوقاف» المصرية تنقب عن الفساد وتراجع ملفات كبار مسؤوليها

عقب صدور حكم بعزل الرجل الثاني بالوزارة

«الأوقاف» المصرية تنقب عن الفساد وتراجع ملفات كبار مسؤوليها
TT

«الأوقاف» المصرية تنقب عن الفساد وتراجع ملفات كبار مسؤوليها

«الأوقاف» المصرية تنقب عن الفساد وتراجع ملفات كبار مسؤوليها

تعتزم وزارة الأوقاف المصرية مراجعة الملفات الوظيفية لمسؤولين كبار بالوزارة، بهدف الكشف عن أي وقائع تزوير في المؤهلات الدراسية للقيادات التي تشغل مواقع حساسة ورفيعة بالوزارة، عقب صدور حكم بعزل مستشار الوزير ومتحدثه الرسمي من منصبه في واقعة تزوير، بحسب مصادر مسؤولة بالوزارة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، سوف تفتح تحقيقات في الواقعة خلال الفترة المقبلة.. وحذرت قياداتها من أي تلاعب في أوراق ملفاتهم الوظيفية، وطالبتهم بالالتزام بالشفافية والوضوح وعدم القيام بأي أفعال من شأنها أن تضر بالدعوة وبمظهر الوزارة أمام المصريين».
وأثار حكم المحكمة، أول من أمس، بعزل الشيخ محمد عبد الرازق، رئيس القطاع الديني بالأوقاف، الذي يُعدّ الرجل الثاني في الوزارة، من منصبه رسميًا، عقب قيامه بتزوير الشهادة الأزهرية الخاصة به، غضبًا في الأوساط الأزهرية والدينية.
وقالت مصادر مسؤولة أمس إن «الحكم وضع الوزارة في حرج كبير أمام الرأي العام، خصوصًا أنها المرة الأولى في تاريخ الوزارة التي يحدث فيها هذا الأمر مع أحد قياداتها، خصوصا أن عبد الرازق كان يشغل منصب رئيس القطاع الديني بالوزارة، وبحكم منصبه هو المسؤول عن الأئمة والدعاة الذين يعتلون المنابر لمحاربة الفكر والمتطرف والإرهاب وتصحيح المفاهيم الخاطئة».
وقالت المصادر ان «الأوقاف تتجه لمراجعة جميع ملفات قياداتها خلال الفترة المقبلة، حتى لا تتكرر واقعة المتحدث الرسمي السابق من جديد، الذي قد يواجه اتهامات جنائية بسبب التزوير».
يأتي هذا في وقت ما زالت فيه الدولة المصرية تحاول منع استخدام دور العبادة في أي صراع سياسي في البلاد، بعدما خاضت حروبًا شرسة مع الدعاة المتشددين الذين استغلوا المساجد في الدعوة للعنف ضد السلطة الحالية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) عام 2013.
ووزارة الأوقاف، أكبر وأهم الوزارات الحكومية تأثيرًا في الواقع والمجتمع المصري، في ظل إشرافها رسميًا على نحو 198 ألف مسجد في مختلف ربوع البلاد، تكمل معركتها الآن لبسط سيطرتها على أركان مقر الوزارة بوسط العاصمة المصرية القاهرة، بعزل كل من يخالف القانون مهما كان موقعه، بحسب المصادر المسؤولة.
وسبق أن عزلت الوزارة أكثر من 100 قيادي في مقرها الرئيسي بالقاهرة ومقار مديرياتها بالمحافظات ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية وينشرون الفكر المتشدد في مساجد الوزارة.
وكانت وزارة الأوقاف قد فوضت في أغسطس (آب) الماضي الشيخ عبد الرازق وفق بيان رسمي لها نشرته على موقعها الرسمي، كمتحدث إعلامي وحيد للتحدث باسم الوزارة فيما يتعلق بجميع أمورها وقراراتها، ولا تعتد بأي قيادي آخر يتحدث في وسائل الإعلام.



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.