مصادر مطلعة لـ «الشرق الأوسط»: مباحثات حماس مع مصر لم تحسم كل الخلافات

الحركة رفضت الاعتراف بتورط عناصرها في حادث اغتيال النائب العام

عناصر من كتائب القسام في تدريب سابق بمدينة رفح (غيتي)
عناصر من كتائب القسام في تدريب سابق بمدينة رفح (غيتي)
TT

مصادر مطلعة لـ «الشرق الأوسط»: مباحثات حماس مع مصر لم تحسم كل الخلافات

عناصر من كتائب القسام في تدريب سابق بمدينة رفح (غيتي)
عناصر من كتائب القسام في تدريب سابق بمدينة رفح (غيتي)

قالت مصادر أمنية مصرية لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن زيارة وفد حماس إلى القاهرة قبل أيام، «لم تأت بجديد»، مشيرة إلى أن «حماس لا تريد الاعتراف بتورطها في أي أحداث ولا تريد الاعتراف بالخطأ».
ووصل وفد حماس إلى مصر يوم 12 مارس (آذار) الحالي، بعد أسبوع من اتهام مصر الإخوان المسلمين وحركة حماس بالتورط في اغتيال النائب العام السابق، هشام بركات، الذي قتل في اعتداء بقنبلة وضعت أسفل سيارته، في 29 يونيو (حزيران) 2015 في القاهرة. ونفت حماس حينها تورطها في الاغتيال.
وكان الهدف من زيارة الوفد الذي غادر القاهرة يوم الثلاثاء الماضي، إلى قطر، تهدئة العلاقات المتوترة بين الجانبين. لكن الحركة لم تعلن عن إحراز أي تقدم في هذا الشأن أو بشأن فتح معبر رفح.
وعقب الزيارة، أصدرت حماس بيانا مقتضبا أكدت فيه «أهمية أمن مصر»، وقال موسى أبو مرزوق رئيس الوفد إن الزيارة فتحت صفحة جديدة في العلاقة الثنائية بين الطرفين، وشدد على «إدانة الحركة لعملية اغتيال المستشار هشام بركات»، موضحا أن «وفد حماس أكد أن أمن مصر هو أمن لفلسطين وأن قطاع غزة المتضرر الأكبر من فقدان الأمن في سيناء».
وأضاف على صفحته على «فيسبوك» «عبرنا وبوضوح شديد عن حرصنا على أمن مصر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعلى قيامنا بكامل التزاماتنا بحفظ الحدود وعدم إتاحة المجال للعبث بأمن مصر واستقرارها، ولن يكون القطاع مأوى أو ملجأ لمن يضر بأمن مصر».
وكان عضو المكتب السياسي في حركة حماس، خليل الحية، قال في بيان أصدرته الحركة قبل مغادرتها القاهرة، «نؤكد على سياسة حركة حماس في رفضها لسياسة الاغتيالات السياسية كافة، ولذلك ندين اغتيال بركات».
وأضاف أن الوفد الذي التقى مسؤولين في الاستخبارات المصرية، «أكد على الدور المصري في القضية الفلسطينية وحل مشكلات القطاع وفي المقدمة معبر رفح».
وقال الحية إن أعضاء الوفد دعوا المسؤولين المصريين إلى تخفيف الخناق على قطاع غزة الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا منذ عشرة أعوام.
ولم يوضح البيان الذي جاء على لسان عضو الوفد، ما دار من مناقشات في الحوارات مع مسؤولي القاهرة، خاصة وأن الزيارة دامت ثلاثة أيام متتالية من اللقاءات الطويلة، بخلاف يوم الوصول، الذي التقى فيه الطرفان، بشكل بروتوكولي، لتوضيح جدول الزيارة. وأضاف أن الحركة تقدر دور مصر التاريخي تجاه قضايا الأمة والقضية الفلسطينية بشكل خاص، مؤكدًا على عمق العلاقة بين الشعب الفلسطيني والشعب المصري الذي قدم التضحيات والشهداء في سبيل القضية الفلسطينية المقدسة.
وشدد على حرص حماس على استقرار وأمن مصر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفضها المساس بالأمن القومي المصري، وقال أيضا إن حماس لن تسمح بأي حال من الأحوال أن ينطلق من غزة ما يضر بأمن مصر وشعبها.
وقال أيضا: «نؤكد على واجبنا تجاه حماية الحدود بين قطاع غزة ومصر واتخاذ كل الإجراءات اللازمة في سبيل ذلك، متمنيًا لمصر الأمن والسلامة والاستقرار وحقن دماء أبنائها». ولم يوضح الحية، إن كان ملف الاتهام الموجه لحركة حماس في هذه القضية قد أغلق أم لا من قبل الجانب المصري، خاصة وأن هناك دعوى قضائية تنظر في إحدى محاكم مصر لاعتبار الحركة بناء على هذا الاتهام «حركة إرهابية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم