حماس تتبرأ من الإخوان وتدين اغتيال النائب العام المصري

وفدها قدّم تعهدات بضبط الحدود ووقف «استخدام غزة ضد مصر»

طفل فلسطيني في انتظار دوره مع عائلته للحصول على ترخيص  لعبور معبر رفح (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني في انتظار دوره مع عائلته للحصول على ترخيص لعبور معبر رفح (إ.ب.أ)
TT

حماس تتبرأ من الإخوان وتدين اغتيال النائب العام المصري

طفل فلسطيني في انتظار دوره مع عائلته للحصول على ترخيص  لعبور معبر رفح (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني في انتظار دوره مع عائلته للحصول على ترخيص لعبور معبر رفح (إ.ب.أ)

أنهى وفد حماس أمس، زيارة إلى مصر استمرت أياما، ويفترض أن يكون قد وصل إلى قطر في وقت متأخر من مساء أمس، لإطلاع القيادة السياسية هناك، على نتائج حواراته مع قيادة المخابرات المصرية، قبل أن ينطلق في جولة تشمل دولا أخرى.
ورفض مسؤولون في حماس الكشف عن نتائج الزيارة التي قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إنها كانت تصب في صالح حماس بعد سنوات من القطيعة والجفاء. وقالت المصادر نفسها، إن نقطة التحول في اللقاءات، كانت تبرؤ وفد حماس من الإخوان المسلمين في مصر، ومن أي علاقة تنظيمية أو مالية تربطهم بهم، وتعهده بضبط الحدود، والتعاون في أي مسألة أمنية تمس سيادة مصر.
وبحسب المصدر، فقد تعهد وفد حماس بمنع أي تحركات لعناصر سلفية من وإلى سيناء، ومراقبة أي تعاون بين جماعات في غزة وأخرى في سيناء، بعد أن قدم المصريون معلومات وأسئلة عن سلفيين يلجأون إلى غزة، أو يتعاونون مع جماعات هناك. إضافة إلى مراقبة الحدود بشكل أوسع وأفضل، وسط تنسيق مع الأمن المصري، وعدم التدخل في شأن مصر بأي شكل من الأشكال، ولا حتى على المستوى الإعلامي.
وأكدت المصادر أن وفد حماس، طلب في المقابل، فتح معبر رفح المغلق، ووقف الحملات الإعلامية ضد الحركة، ووقف ضخ مياه البحر في الأنفاق بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، واستئناف مصر لدورها في محادثات التهدئة مع إسرائيل، وكذلك مباحثات المصالحة مع حركة فتح.
وأبدى وفد حماس حرصه على فتح صفحة جديدة من العلاقات، بعدما تدهورت منذ منتصف 2013 عندما تم عزل الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، الذي كان على علاقة متقدمة مع حماس.
وأظهرت تصريحات مسؤولي حماس في الوفد أمس، حرص حماس على إيصال رسائل علنية مرضية لمصر، تعبر عن توجه جديد، بدأ بإدانة اغتيال النائب العام المصري، هشام بركات، والتأكيد على أن غزة لن تكون منطلقا لأي أعمال ضد القاهرة.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، الذي ترأس الوفد في القاهرة، إن الزيارة الأخيرة لوفد الحركة إلى القاهرة، فتحت صفحة جديدة وخطاب مودة مع الأشقاء في مصر.
وشدد أبو مرزوق، في تصريح صحافي، على أن الزيارة لها ما بعدها.
وسخر أبو مرزوق من «التكهنات» حول الزيارة قائلا: «فمنهم من أفشلها في منتصفها، ومنهم من وضع شروطًا ونسبها إلى مصدر أمني، ومنهم من نصب نفسه قيمًا على الشعب وتحدث باسمه، ومنهم من هدد وفد الحركة، بل طلب منهم أن يأتوا ومعهم الأكفان». مضيفا: «انتهت زيارتنا لمصر العزيزة، ولم نجد من هذه التكهنات شيئا، بل على العكس تمامًا، وجدنا مسؤولين يحملون لفلسطين كل الحب، ولقضايا مصر كامل المسؤولية».
وأكد أبو مرزوق أن وفد الحركة عبر وبوضوح شديد، عن حرصه على أمن مصر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعلى الالتزام الكامل بحفظ الحدود وعدم إتاحة المجال للعبث بأمن مصر واستقرارها. وقال: «لن يكون القطاع مأوى أو ملجأ لمن يضر بأمن مصر». وأنهى أبو مرزوق بقوله «إن أمن مصر هو أمن لفلسطين، وإن غزة المتضرر الأكبر من فقدان الأمن في سيناء». وأدان أبو مرزوق عملية اغتيال المستشار هشام بركات.
وفعل الأمر نفسه عضو الوفد عضو المكتب السياسي لحماس، خليل الحية، الذي طالب «الأشقاء في جمهورية مصر العربية بالتخفيف من معاناة قطاع غزة وفي مقدمتها فتح معبر رفح». وأكد الحية في بيان، على سياسة حركة حماس في رفض سياسة الاغتيالات السياسية كافة، مدينًا اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، وكل حوادث الاغتيالات السياسية التي حدثت في مصر. وقال: «إن الحركة تقدر دور مصر التاريخي تجاه قضايا الأمة والقضية الفلسطينية بشكل خاص»، مؤكدًا على عمق العلاقة بين الشعب الفلسطيني والشعب المصري الذي قدم التضحيات والشهداء في سبيل القضية الفلسطينية المقدسة. وشدد الحية على حرص حماس على استقرار مصر وأمنها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض المساس بالأمن القومي المصري. واستخدم الحية جملا محددة استخدمها أبو مرزوق، في مؤشر على الطلبات المصرية، قائلا: «لن نسمح بأي حال من الأحوال أن ينطلق من غزة ما يضر بأمن مصر وشعبها. ونؤكد على واجبنا تجاه حماية الحدود بين قطاع غزة ومصر، واتخاذ الإجراءات اللازمة في سبيل ذلك، متمنين لمصر الأمن والسلامة والاستقرار وحقن دماء أبنائها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».