«الأجهزة الذكية» و«السايبورغ» يقرران مستقبل البشرية في معرض هانوفر

عرف مشاركة 3300 عارض.. واجتذب أكثر من 200 ألف زائر

شريحة مزروعة في يد من شركة «ديجيديل» و جهاز الروتر الذكي «ب - لينكس س. ر. 20» والعارض «موبالي سينما آي 70»
شريحة مزروعة في يد من شركة «ديجيديل» و جهاز الروتر الذكي «ب - لينكس س. ر. 20» والعارض «موبالي سينما آي 70»
TT

«الأجهزة الذكية» و«السايبورغ» يقرران مستقبل البشرية في معرض هانوفر

شريحة مزروعة في يد من شركة «ديجيديل» و جهاز الروتر الذكي «ب - لينكس س. ر. 20» والعارض «موبالي سينما آي 70»
شريحة مزروعة في يد من شركة «ديجيديل» و جهاز الروتر الذكي «ب - لينكس س. ر. 20» والعارض «موبالي سينما آي 70»

في افتتاح المعرض الدولي للكومبيوتر (سيبت) في هانوفر (14 - 18 مارس «آذار» الحالي) لاحقت مشكلة اللاجئين المستشارة أنجيلا ميركل إلى أروقة المعرض، إذ انتصب طفل صغير أمام المستشارة، التي تتوسط رجال الحماية، وحاول أن يناولها بالونًا أبيض كتب عليه شعارًا يتضامن مع اللاجئين، لكنها تجاوزته بعد برهة تردد وواصلت جولتها في المعرض. ورغم الإرهاق الظاهر عليها جربت المستشارة بعض الأنظمة والأجهزة الجديدة وقالت إن «السيبت يطرق أبواب المستقبل».
شارك في معرض «السيبت 2016»، الذي يعتبر الأكبر من نوعه في العالم، نحو 3300 عارض من مختلف بلدان العالم، وينتظر أن يجتذب أكثر من 200 ألف زائر هذا العام. وتعبيرًا عن دور التقنية في عولمة الكوكب كشفت إدارة المعرض، الذي يفتتح للمرة الثلاثين في تاريخه، عن 5 مليارات جهاز تربط بين مختلف سكان العالم اليوم.
وتعتبر الأجهزة الذكية «السمارت» وتقنيات «السايبورغ»، بمعنى الأنظمة التي تدمج البشري والروبوتي، وتقنيات الرقابة والأنظمة الأمنية من أهم نزعات معرض 2016. ناهيكم بتضاؤل حجوم الأجهزة، مع ارتفاع كفاءاتها وقابليتها للخزن، وأنظمة الطيارات الصغيرة دون طيار (الدرون)، التي غزت أجواء المعرض واعتبرت النزعة الثالثة السائدة في عالم ألف تقنية وتقنية.
فاز مصمما البرامج الإلكترونية فيليكس كوسمالا وفريدريك فير، من شركة «الذكاء الصناعي» الألمانية بجائزة المعرض الأولى للتقنيات، ونالا جائزة قدرها 100 ألف يورو. واعترفت لجنة الجوائز بتصميم برنامج «كلايمبتراك» (حلبة التسلق) كأفضل تقنية وأفضل حل رياضي في مجال اللياقة البدنية، إذ يصنع البرنامج عالمًا افتراضيًا، لا يختلف كثيرًا عن الواقع، ويستطيع البشر ممارسة رياضة تسلق الجدران داخله.
من ضمن تقنيات «السايبورغ» التي عُرضت في المعرض، اجتذبت الشرائح الصغيرة التي تزرع تحت الجلد الكثير من انتباه الزوار. وهي شرائح رقيقة جدًا، وترتفع قدرتها على خزن المعلومات إلى 888 بايت، ويمكن للإنسان أن يستخدمها في مختلف فعالياته اليومية.
والشريحة - الكومبيوتر، وهكذا سميت في المعرض، لا يزيد طولها عن 1.5 سنتيمتر، لكنها قادرة على كسر الكثير من الحواجز الإلكترونية التي تقف بين البشر والآلة. ويمكن لمن يزرع هذه الشريحة تحت جلده أن يفتح باب البيت بها، أو باب سيارته، إذا كانا مزودتين بأقفال إلكترونية. ويمكن للمستخدم لاسلكيًا أن يحفظ فيها بعض المعلومات اليومية المهمة كي لا يفقدها.
واستعرض باتريك كريمر من شركة «ديجديل»، وهي واحدة من عدة شركات طرحت هذه التقنية في المعرض، كيفية عمل الشريحة الإلكترونية، وقال للصحافة إنه يشعر بنفسه «سايبورغ». كما عرضت الشركة صورة أشعة أكس تظهر الشريحة التي زرعت تحد الجلد في يد كريمر. وذكر ممثل الشركة أن مثل هذه التقنية نصف البشرية - نصف الروبوتية يمكن أن توضع في خدمة المكفوفين والمسنين، وربما ستكون لها استخدامات عسكرية في المستقبل.
يمكن للمرء أن يحفظ معطيات تذكرة الطيران على الشريحة، وأن يستخدمها لتأكيد الحجز في المطار، بل وأن يستخدمها كتذكرة إركاب (بوردنغ كارد). وتؤكد شركة «ديجيديل» أن الشريحة لا تضر بالصحة، ولا يمكن لأحد سرقة المعلومات منها دون شفرة، كما لا تتأثر بالشمس أو مياه البحر عند السياحة.
المثال على أهمية الأجهزة الذكية (السمارت) في عالم إنسان المستقبل قدمته شركة «بايبس بوكس» بشكل جهاز جامع يمكن ربط جميع الأجهزة المحمولة الذكية والأجهزة المنزلية الذكية عليه. وجهاز الروتر «ب - لينكس روتر س ر 20» مزود بشاشة طولها 10.9 سنتمتر، ويعمل بواسطة أنظمة استشعار حرارية وضوئية. وعلى هذا الأساس يمكن ربط أنظمة الرقابة الأمنية عليه، وكذلك أجهزة التدفئة، ونظام حفظ «كلاود». بإمكانيته أن ينظم درجة الحرارة في المنزل تلقائيا، وأن يشغل أنظمة الإنذار حال حلول الظلام في حالة غياب صاحب المنزل، وأن يطفئها نهارًا مع شروق الشمس.
وقدمت شركة «ابيتيك» التايوانية جهازًا مصغرًا للعرض (بيمر) يتمتع بالقدرة على عرض الأفلام والصور بأحجام كبيرة جدًا رغم صغر حجمه. ويمكن تشغيل جهاز «موبايل سينما آي 70» بواسطة «السمارت فون» أو بواسطة «أندرويد» أو «ويندوز» أو «جهاز لوحي» (تابليت).
ومن شركة «نيتجر» شاهد الزوار عرضًا لكاميرا الرقابة الأمنية «أرليو كيو» التي تتحرك بزاوية 130 درجة، وتسجل الصور والأفلام بدقة عالية. والكاميرا مزودة بأنظمة استشعار للحركة والصوت والخرخشة والضوء، وهذا يؤهلها للتحرك صوب أي خرخشة وتصورها، كما أنه تصور في الظلام، ويمكن تشغيلها بالبطارية عند توقف طارئ في الكهرباء. فضلاً عن ذلك، يمكن لصاحب المنزل أن يشاهد ما تلتقطه من صور، مع إنذار منها، على «السمارت فون» أو على أي لوح إلكتروني محمول، عندما يلج المنزل غريب.
«القفل الشعبي»، من معهد فراونهوفر الألماني للتقنيات الإلكترونية، عبارة عن قفل بالغ التعقيد لحماية المعطيات الشخصية. ويضع القفل الشعبي للأجهزة شفرة معقدة من 12 رقمًا، ويشي بغير صاحبه في الحال. ومنعًا من العبث بالقفل، يطالب القفل الشعبي من يحاول فتح الشفرة أن يبرز هويته الشخصية أمام عدسة صغيرة فيه.
والمرآة الإلكترونية من «مايكروسوفت» مخصصة للمساعدة في المتاجر على اختيار الملابس، وهي مهمة قد تعين النساء في الاختيار وتريح أزواجهن في الانتظار. ومن ينظر في المرآة الإلكترونية لا يشاهد صورته الحقيقة فقط، وإنما يشاهد معطيات تعينه في تجربة الملابس التي يود شراءها. والمرآة تقترح اللون المناسب للقميص الذي يجربه الإنسان، واللون المناسب للجاكيت أو السروال، وربما أفضل حجم يناسبه ويعينه على الظهور رشيقًا بأعين الآخرين.
تمتع رجال لشرطة أيضًا بزيارة المعرض بسبب كثرة الأنظمة الأمنية المطروحة، لكن هانيس امتسرتريتر رئيس شركة «فودافون»، استعرض بنفسه أمام الشرطة جهازًا يلتقط الصور تلقائيًا وهو في جيب الشرطي. وجهاز «بودي كامز»، تمت صناعته بالتعاون مع شركة «موتورولا»، ويلتقط الصور والأفلام لمواقع الجريمة والشوارع والأماكن كما تراه عين الشرطة الذي يحمله.
ويمكن لمن يتأخر في السرير يوم الأحد أن يطلب من جهاز القهوة تحضير القهوة له وهو في السرير، وهو ابتكار انتشر في أميركا، وينتظر أن يصل إلى أوروبا في منتصف هذا العام. والنظام يعمل لاسلكيًا بواسطة «السمارت فون»، وبمدى يتعدى المسافة بين غرفة النوم والمطبخ.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».