البنتاغون يؤكد مقتل وزير الحرب أبو عمر الشيشاني

داعشي أميركي يسلم نفسه للأكراد

وزير حرب {داعش} أبو عمر الشيشاني بين أنصاره قبل مقتله
وزير حرب {داعش} أبو عمر الشيشاني بين أنصاره قبل مقتله
TT

البنتاغون يؤكد مقتل وزير الحرب أبو عمر الشيشاني

وزير حرب {داعش} أبو عمر الشيشاني بين أنصاره قبل مقتله
وزير حرب {داعش} أبو عمر الشيشاني بين أنصاره قبل مقتله

بينما قالت منظمة كردية إن أميركيا داعشيا سلم نفسه لها، وبعد أسبوع من إعلان البنتاغون أن طائرة «درون» (دون طيار) أميركية استهدفت القيادي العسكري في تنظيم داعش، أبو عمر الشيشاني، في واحدة من غارات قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا، دون التأكد من قتله، أعلن البنتاغون مساء أول من أمس أن الشيشاني قتل فعلا في الغارة. وقال المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيس: «نعتقد أنه توفي لاحقا متأثرا بجروحه».
في الأسبوع الماضي، نشر البنتاغون معلومات عن الشيشاني، منها أن اسمه الحقيقي هو ترخان تيمورازوفيتش باتيراشفيلي، وهو شيشاني من جمهورية جورجيا، ومعروف بلحيته الكثة ذات الصبغة الصفراء.
ونشر مركز «سايت» في واشنطن، الذي يتابع فيديوهات ومواقع المنظمات الإرهابية، أن الشيشاني هو القائد المسؤول عن شمال سوريا في تنظيم داعش. وأيضا عضو في مجلس شورى داعش. ووصفه فيديو نشرته داعش في عام 2014 بأنه «القائد العسكري» للتنظيم، وأنه مقرب من أبو بكر البغدادي.
قبل عامين، أعلنت وزارة الخارجية، كجزء من برنامج «هيرو» (مكافأة مالية لمن يساعد على اعتقال إرهابي معين)، مكافأة خمسة ملايين دولار لكل من يساعد على اعتقال الشيشاني، أو قتله. ووصفته بأنه «قائد من قيادات الدولة الإسلامية في سوريا، وله سجل طويل في العمل الإرهابي، ويهدد مباشرة الأمن الأميركي وأمن الحلفاء».
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي، إن الولايات المتحدة تحقق في خبر بأن قوات البيشمركة الكردية اعتقلت أميركيا كان يحارب مع داعش في شمال العراق، ثم سلم نفسه. وأضاف كيربي: «نعمل بشكل وثيق مع المسؤولين العراقيين والأكراد للحصول على مزيد من المعلومات حول هذا الموضوع».
ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» أمس أن الداعشي هو محمد جمال خويس، أميركي فلسطيني. وزار صحافيون من الصحيفة منزل عائلته في ألكساندريا (ولاية فرجينيا) من ضواحي واشنطن العاصمة. لكن، رفض والده، جمال خويس، الحديث إلى الصحافيين. واكتفى بالقول: «كبر ابنى في السن، ولا أعرف أين هو، وهو مسؤول عما يفعل»، وأن الابن ولد في الولايات المتحدة، بينما هاجر والداه، أب فلسطيني وأم عراقية من الموصل، إلى الولايات المتحدة في نهاية القرن الماضي. وقال أقرباء وأصدقاء إن خويس سافر، قبل شهرين، من ألكساندريا مع آخرين، قالوا إنهم ينوون قضاء إجازة في اليونان وتركيا.
من جهتها قالت وكالة أسوشييتد برس أمس إن مقاتلي البيشمركة الأكراد قالوا إن خويس قال لهم إنه دخل العراق عن طريق تركيا، وذهب إلى الموصل. ويحمل رخصة قيادة سيارات من ولاية فرجينيا، ويحمل مبلغا كبيرا من المال، دون أن يحددوا كمية المبلغ.
ونقل تلفزيون «سي بي إس» صباح أمس مناظر من أمام منزل عائلة خويس، وقال إن الوالد رفض الحديث مع الصحافيين. وقال التلفزيون إن السفارة الأميركية في العراق رفضت أن تؤكد ما حدث، وقالت إنها تجمع معلومات عن الموضوع.
وأضاف التلفزيون أن مكتب التحقيق الفيدرالي «إف بي آي» يحقق في الموضوع، وخصوصا إذا كان خويس ذهب إلى الموصل لزيارة أهل والدته، أو أنه كان يريد القتال مع داعش، أو الاثنين معا. وهل ضل الطريق متجها إلى قاعدة داعشية أم أنه تعمد تسليم نفسه إلى الأكراد لإخراجه من منطقة حرب وجد نفسه فيها.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.