فصائل المعارضة المسلحة تجتمع في أنقرة لتشكيل قيادة موحدة

شددت على مواكبة التطورات المتسارعة ميدانيًا ومرحلة ما بعد الانسحاب الروسي

فصائل المعارضة المسلحة تجتمع في أنقرة لتشكيل قيادة موحدة
TT

فصائل المعارضة المسلحة تجتمع في أنقرة لتشكيل قيادة موحدة

فصائل المعارضة المسلحة تجتمع في أنقرة لتشكيل قيادة موحدة

التطورات المتسارعة في سوريا بدأت تفرض واقعًا جديدًا على المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، وفي موازاة المحادثات الشاقة وغير المباشرة التي تخوضها الهيئة العليا للتفاوض مع ممثلي النظام في جنيف، انصرفت الفصائل المسلّحة إلى مواكبتها باجتماعات بدأت أمس الثلاثاء في أنقرة، بهدف تشكيل قيادة عسكرية عليا وغرفة عمليات موحدة، للتنسيق بينها وبين هيئة الأركان، تكون قادرة على مواكبة المستجدات في الميدان، سيما أن انطلاقة اجتماعات أنقرة تزامنت مع بدء روسيا سحب قواتها الأساسية من سوريا.
صحيح أن لقاء أنقرة لم يكن وليد القرار الروسي بالانسحاب من الميدان السوري، إلا أن هذا القرار فرض نفسه على المداولات بالنظر لانعكاساته على الصراع المسلّح، وفق ما أعلن أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحرّ، الذي أوضح أن «البحث عن تشكيل قيادة عسكرية موحدة للمعارضة المسلّحة ليس جديدًا، وهو يأتي في سياق العمل الحثيث لإنشاء مجلس عسكري ذي فعالية كبيرة». العاصمي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اجتماع أنقرة ليس مرتبطًا بالإعلان عن الانسحاب الروسي من سوريا، إنما هو نتاج نقاشات تدور منذ شهرين، وكان التواصل دائمًا مع فصائل الشمال والجنوب»، وكشف أن «الخطوة المقبلة تتمثّل بتشكيل هيئة أركان جديدة ومجلس عسكري جديد، خصوصًا أن الأحداث تتسارع على الأرض، ولا شكّ أن الانسحاب الروسي سيستدعي عملاً ميدانيًا فاعلاً، خصوصًا أن هناك كلامًا عن قرار أممي إذا فشلت عملية التفاوض».
من جهته، أعلن رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر العميد أحمد بري، في تصريح تلفزيوني، أن «لقاء قادة المعارضة السورية المسلحة، يأتي استكمالاً لاجتماع عقدوه في إسطنبول قبل عشرة أيام واتفقوا خلاله على انتداب قادة ثلاثة فصائل عن كل محافظة، إلى جانب قادة الفصائل الكبرى؛ وهي: (جيش الإسلام) و(أحرار الشام الإسلامية) و(فيلق الشام)، بحيث تشكل الفصائل البالغ عددها 36 فصيلا مجمل قوات المعارضة المسلحة».
وأشار بري إلى أن لقاء أنقرة «يمنح التأييد الكامل للوفد المفاوض في جنيف، إلى جانب الاتفاق على تشكيل قيادة عسكرية عليا وغرفة عمليات موحدة، بحيث يتم التنسيق بين هيئة الأركان وجميع الفصائل المعارضة، وبما يؤدي إلى التنسيق أيضا بين غرفة العمليات الرئيسية والأخرى الفرعية التابعة لها في المناطق المختلفة»، مؤكدًا أن المعارضة المسلحة «ما زالت ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار، وهي متوافقة مع المعارضة السياسية الموجودة حاليا في جنيف، لكنها تقوم بالرد على قوات النظام في كل مرة يتم فيها خرق الاتفاق».
التأييد المطلق للوفد المفاوض الذي عبّر عنه العميد بري، أكده أبو أحمد العاصمي أيضًا بقوله: «المعارضة السياسية التي تخوض عملية التفاوض وتحظى باعتراف واسع من الشعب السوري، تحتاج الآن إلى ذراع وقيادة عسكرية تواكبها»، لافتًا إلى أن «الخلاف الذي كان قائمًا بين بعض الفصائل المسلّحة ليس جوهريًا، فما كان يحصل هو أن الفصائل الصغيرة كانت تطالب بتمثيلها في المجلس العسكري بما يوازي الفصائل الكبيرة». وأضاف: «نحن الآن بصدد العمل على إقناع الفصائل الصغيرة بالاندماج بالكبيرة لنكون أمام واقع جديد أكثر تنظيمًا»، كاشفًا أن «المجلس العسكري الجديد يحظى بدرجة كبيرة من التوافق الإقليمي، والدول الصديقة الداعمة للثورة السورية». وشدد العاصمي على أن «(قوات سوريا الديمقراطية)، و(وحدات حماية الشعب الكردي) ليستا جزءًا من الهيكلية العسكرية الجديدة للمعارضة المسلحة، لأن هاتين القوتين تتبعان مباشرة النظام السوري»، مذكرًا بأن «النظام أشاد بدورهما وأعلن أنهما ينسقان معه في كل شيء». وقال العاصمي: «إذا قررا الانخراط في عمل عسكري ضدّ النظام، فعندها قد يختلف تقييمنا لهما». أما ميدانيًا، فقد أعلن قيادي ميداني في «جبهة النصرة»، لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجبهة ستشن هجوما في سوريا خلال 48 ساعة، وذلك بعد ساعات من إعلان روسيا سحب الجزء الأكبر من قواتها من سوريا. وقال القيادي الذي رفض كشف اسمه: «هزيمة الروس واضحة، وخلال 48 ساعة ستبدأ (الجبهة) هجوما في سوريا» من دون أن يحدد المكان الذي سيشهد الهجوم. وأضاف: «هناك عمل عسكري بإذن الله. الروس انسحبوا لسبب واحد وصريح، لأن النظام خذلهم، ولم يحافظ على المناطق التي سيطر عليها، وليس هناك جيش، كما أن ميليشياته مرهقة»، مشيرا إلى أنه «من دون الطيران الروسي، لكنّا الآن في (مدينة) اللاذقية».
وتأتي هذه التصريحات غداة إعلان موسكو أن المهمات الرئيسية المطلوبة من القوات المسلحة قد أنجزت، وتم الاتفاق على سحب القسم الأكبر من القوات الجوية الروسية.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.