المنظمات الإنسانية والطبية: عام 2015 الأسوأ على المدنيين السوريين

وثقت ضحايا حصار التجويع واستهداف المرافق الصحية والأطقم الطبية

رجل من حي الأنصاري في حلب يصرخ بعد أن فقد اثنين من أبنائه في قصف الطيران الحربي للنظام في يناير 2013 (رويترز)
رجل من حي الأنصاري في حلب يصرخ بعد أن فقد اثنين من أبنائه في قصف الطيران الحربي للنظام في يناير 2013 (رويترز)
TT

المنظمات الإنسانية والطبية: عام 2015 الأسوأ على المدنيين السوريين

رجل من حي الأنصاري في حلب يصرخ بعد أن فقد اثنين من أبنائه في قصف الطيران الحربي للنظام في يناير 2013 (رويترز)
رجل من حي الأنصاري في حلب يصرخ بعد أن فقد اثنين من أبنائه في قصف الطيران الحربي للنظام في يناير 2013 (رويترز)

تؤكد المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان، أن السنة الأخيرة كانت الأسوأ منذ بدء الحرب قبل خمس سنوات، إلا أن المشاهد الأكثر بشاعة تمثّلت في حصار التجويع الذي فرضته قوات النظام السوري وحلفائه على مدن وقرى سورية واسعة، بحسب منظمة «أطباء بلا حدود» ومؤسسات إنسانية أخرى، وليس أدل على ذلك من مجاعة مضايا والزبداني ودوما ومعضمية الشام والغوطة الشرقية برمتها، يضاف إليها الحصار الذي فرضته المعارضة على بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في ريف إدلب.
وإذا كان موت آلاف الأطفال والنساء جوعًا وقتلاً مجرد أرقام بالنسبة للنظام وحلفائه، والإصرار على إبقاء مئات مرضى الوباء والتجويع مجرّد أوراق ضغط من وجهة نظر المتجمع الدولي الذي لم يحرّك ساكنًا حيال هذه المأساة الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، فإن صرخات المنظمات الدولية لم تصل إلى آذان صنّاع القرار في العالم، ولم تحرّك ضمير المجتمع الدولي الذي يرفض أن يخدش خاطر بشار الأسد طيلة أشهر الحصار والتجويع، ويتحاشى توجيه أصابع الاتهام له، لكن منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، لم تتردد في تصنيف حصار التجويع بـ«جريمة حرب» ارتكبها الأسد والميليشيات الداعمة له.
وأفادت 30 منظمة غير حكومية دولية بينها «أوكسفام» و«المجلس النرويجي للاجئين» و«الجمعية الطبية السورية الأميركية» ومنظمات أخرى، في تقرير أصدرته بعنوان: «سوريا.. تأجيج الصراع: مدى إخلال الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالتزاماتها في سوريا»، بأن «العام الماضي كان الأسوأ على الإطلاق بالنسبة إلى السوريين، مع استمرار أطراف النزاع في نشر الدمار ومنع وصول المساعدات وفرض الحصار على عدد أكبر من المدنيين».
وتؤكد المنظمات المشار إليها في تقريرها أن «السوريين يتركون خلفهم أسوأ سنة مرّت عليهم لغاية اليوم». وتشير إلى أن «تصاعد وتيرة العنف؛ بما فيه الضربات الروسية» التي بدأت نهاية سبتمبر (أيلول) جعل مليونا ونصف المليون شخص إضافي بحاجة إلى المساعدات الإنسانية»، مسلطة الضوء على «فرار نحو مليون شخص من مساكنهم، منذ مارس الماضي، وتضاعف عدد الأشخاص المقيمين في مناطق محاصرة ليصل إلى قرابة نصف مليون، بحسب الأمم المتحدة، فيما تقدّر منظمات إنسانية أنّ الرقم أعلى من ذلك». وأحصى التقرير «تسرّب 400 ألف طفل من المدارس، ليصبح العدد الإجمالي أكثر من مليوني طفل من دون تعليم».
من جهتها، حذّرت منظمة «أطباء بلا حدود» الطبية الدولية من أن المدنيين يتعرضون لهجمات عنيفة في النزاع الدائر في سوريا الذي دخل عامه السادس، مع وجود 1.9 مليون نسمة تحت الحصار، ومع إغلاق الحدود في وجه اللاجئين، ومع عمليات القصف المتفاقمة على المرافق الطبية والمناطق المكتظة بالسكان.
المنظمة كشفت عن حصيلة ضحايا النزاع في صفوف المدنيين، بالاستناد إلى البيانات التي جمعتها من المستشفيات والعيادات التي تدعمها في شمال غربي وغرب ووسط سوريا، والتي يبلغ عددها 70 مرفقًا طبيًا. وأكدت أنه «تم توثيق 154.647 جريح حرب، و7.009 قتلى حرب في هذه المرافق في عام 2015، وشكّل النساء والأطفال ما نسبته 30 إلى 40 في المائة من إجمالي عدد الضحايا».
ووصفت الرئيسة الدولية لمنظمة «أطباء بلا حدود» الدكتورة جوان ليو، البيانات التي جمعتها المنظمة بـ«المفجعة»، عادّة أنها «ليست سوى صورة عن حصيلة أكبر بكثير». وأكدت أن «عدد الجرحى والقتلى خارج المرافق المدعومة من قبل المنظمة غير محدد، ومن المرجّح أن يكون الوضع الحقيقي أسوأ بكثير».
وأفاد تقرير «أطباء بلا حدود» أن البيانات «وثّقت تعرض 63 مستشفى وعيادة مدعومة من قبل المنظمة لقصف صاروخي أو مدفعي في 94 حادثًا متفرّقًا في عام 2015، مما أدى إلى تدمير 12 مرفقًا طبيًا، ومقتل 23 موظفًا من الطواقم الطبية، كما شُنّت 7 غارات إضافية على 6 مرافق طبية مدعومة من قبل المنظمة، 4 من هذه المرافق تقع في جنوب سوريا».
وتطرقت المنظمة الدولية إلى مأساة مضايا، فقالت: «التجويع ما كان إلا نتيجة استعمال أسلوب الحصار، مما تسبب بوفاة 49 شخصًا في شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين، ويقّدر عدد الأشخاص الموجودين تحت الحصار في غيرها من المناطق السورية بقرابة النصف مليون، ومن بين هذه المناطق المحاصرة محافظتا حمص ودير الزور، حيث دعت منظمة (أطباء بلا حدود) مرارًا إلى ضرورة السماح بإجلاء أكثر الحالات الطبية حرجًا خارج المناطق المحاصرة، وإلى السماح بتقديم الإغاثة الإنسانية المستدامة في هذه المناطق».
بدوره، دعا الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» يان إيغيلاند، قادة العالم إلى «بذل جهود لدفع الأطراف المتنازعة، التي قام البعض منهم بتسليحها، إلى وقف الحرب». وقال: «على هؤلاء القادة تبني عملية سياسية شاملة تنهي هذه المأساة التي امتدّت على مدى خمس سنوات لتكون وصمة عار على جبين إنسانيتنا».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.