أفق الحل السياسي لا يزال غامضا.. رغم دخول الحرب السورية عامها السادس

تعثّر المفاوضات سيدفع إلى تصعيد عسكري تنخرط فيه الدول الإقليمية

شاب من حي الخالدية بمدينة حمص يسير وسط دمار الأبنية المحيطة (رويترز)
شاب من حي الخالدية بمدينة حمص يسير وسط دمار الأبنية المحيطة (رويترز)
TT

أفق الحل السياسي لا يزال غامضا.. رغم دخول الحرب السورية عامها السادس

شاب من حي الخالدية بمدينة حمص يسير وسط دمار الأبنية المحيطة (رويترز)
شاب من حي الخالدية بمدينة حمص يسير وسط دمار الأبنية المحيطة (رويترز)

مع دخول الحرب السورية عامها السادس، يبدو أفق الحلّ السياسي مقفلا حتى الآن، رغم انطلاق العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة في جنيف، خصوصًا مع غياب مقومات نجاح الحلّ السياسي المفترض أن تنطلق من مخرجات جنيف 1. الذي ينصّ بشكل صريح على إنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية، لا مكان لبشار الأسد فيها، وهذا ما يرفضه النظام السوري وحليفه الروسي، الذي شكّل دخوله العسكري في سوريا تحولاً جذريًا في مسار الأحداث.
وتبدو فرص نجاحات هذا الحلّ ضئيلة جدًا إن لم تكن معدومة، وفق ما تؤكد قيادات في المعارضة السورية، ومحللون سياسيون، وليس أدل على ذلك سوى إعلان وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، عن رفض النظام للبند الذي أدرجته الأمم المتحدة على جدول أعمال المحادثات، وينص على إجراء انتخابات رئاسية في سوريا في غضون 18 شهرًا.
عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة سمير النشار، اعتبر أن «المرحلة الأخيرة أظهرت غياب القواسم المشتركة في الوضع السوري العام، سواء بالنسبة للثورة والنظام أو بالنسبة للقوى الإقليمية والدولية». ولفت إلى أن «التناقضات بدأت تتجلى بشكل واضح في المواقف الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأطراف السورية».
وأبدى النشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اعتقاده أن «أجل المحادثات السياسية في جنيف سيكون قصيرًا، ويكفي الإشارة إلى ما قاله وليد المعلم عن رفض النظام إدراج الانتخابات الرئاسية في غضون 18 شهرًا وفق ما أعلنت الأمم المتحدة»، مشيرًا إلى أن «هذا الموقف يتعارض مع ما تتمسك به المعارضة لجهة تنحي الأسد في بداية المرحلة الانتقالية، وهذا ينسجم مع موقف المملكة العربية السعودية الذي عبر عنه وزير خارجيتها عادل الجبير عندما شدد أمام وزراء الخارجية الأوروبيين على حتمية رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية».
أما الباحث في معهد كارنيغي لـ«الشرق الأوسط» يزيد صايغ، فرأى أن «الهوة لا تزال واسعة بين القوى الكبرى بما يخصّ الأزمة السورية»، لكنه اعتبر أن «عدم التوصل إلى حل سياسي سينهي اتفاق الهدنة، ويعود القتال تدريجيًا»، مشيرًا إلى أن «الأميركيين باتوا مقتنعين بضرورة تقديم تنازلات، لكنهم في الوقت ذاته غير مستعدين للقبول ببقاء بشار الأسد إلى ما لا نهاية».
وإذا كان الأميركيون يرفضون المساومة على ضرورة رحيل الأسد، فإنهم وبحسب الصايغ «يشترطون رحيله في بداية المرحلة الانتقالية أو على الأقل في وسطها أو نهايتها، غير أن هذا الموقف لم يقبل به الروس حتى الآن، لكن السؤال المركزي، هل سيسمح للأسد بالترشح لدورة رئاسية جديدة؟ هذه نقطة جوهرية».
ومن الواضح أن ما قاله وليد المعلّم عزز قناعة المعارضة بعدم جدوى المحادثات السياسية، إذ أكد النشار أن موقف وزير خارجية الأسد «عبّر بشكل واضح عن الاختلاف الجوهري في الموقف السياسي بينه وبين حاميه الروسي، وهذا يؤشر إلى عمق التباينات داخل المعسكر الواحد»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن «المعارضة السورية بدأت تتحفظ على المواقف الأميركية التي تقدّم تنازلات على حساب الثورة». وقال: «إذا جمعنا هذه المؤشرات نرى أن هناك تباينًا بين إيران والروس، ونرى أيضًا أن تركيا توجهت إلى إيران الخصم اللدود للمملكة العربية السعودية».
ويعزو محللون تحرك المجتمع الدولي باتجاه الحل السياسي في سوريا، إلى أزمة المهاجرين التي ساهمت في تغيير الأولويات، لا سيما بالنسبة إلى الغربيين الذين كانوا يطالبون في بداية النزاع برحيل الأسد فورًا.
ويؤكد هؤلاء أن «الهاجس الأوروبي المتعلق بتدفق اللاجئين كان أحد العوامل الرئيسية التي دفعت في اتجاه إعادة النظر في السياسات تجاه سوريا، وجعلت من فرض الاستقرار على المدى القصير أولوية مطلقة، على حساب أهداف أخرى سياسية أو استراتيجية». ولاحظ المحللون أن «الصور المروعة لجثث أطفال على الشواطئ بعد غرق مراكب كانوا يسافرون فيها بطريقة غير قانونية، هي التي هزّت العالم، وجعلت الدول الأوروبية تغلق حدودها أمام عشرات آلاف الفارين من الحرب بحثا عن الأمان».
ولا يخفي النشار أن «الإخفاق المتوقع لمحادثات السلام في جنيف، سيعقبه فترة من التصعيد العسكري في سوريا، سيكون للقوى الإقليمية النافذة دور فيها، لا سيما الروس وإيران، والمملكة العربية السعودية ودول التحالف الإسلامي، وسيكون لهذا التصعيد آثاره السلبية على المنطقة ما لم يؤخذ برأي قادة الدول الداعمة للثورة السورية، لا سيما ما يتعلّق بحتمية تنحي الأسد عن السلطة في أي عملية سياسية قادمة».



إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
TT

إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)

استحوذ إرهاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال اليومين الأخيرين على مجمل النقاشات التي دارت بين قيادات الشرعية والمسؤولين الأميركيين، وسط تطلع رئاسي لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية وتجفيف مواردها المالية وأسلحتها.

وتأتي المحادثات اليمنية - الأميركية في وقت يتطلع فيه الشارع اليمني إلى اقتراب لحظة الخلاص من الانقلاب الحوثي واستعادة صنعاء وبقية المحافظات المختطفة، بخاصة عقب التطورات الإقليمية المتسارعة التي أدت إلى هزيمة إيران في كل من لبنان وسوريا.

وذكر الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، استقبل في الرياض جيسي ليفنسون، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وبحث معهما العلاقات الثنائية، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز الشراكة الوثيقة بين الجانبين على مختلف الأصعدة.

وطبقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، تطرق اللقاء إلى التهديدات الإرهابية التي تغذيها الميليشيات الحوثية والتنظيمات المتخادمة معها، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والاعتداءات، وأعمال القرصنة المستمرة على سفن الشحن البحري بدعم من النظام الإيراني.

واستعرض العليمي - وفق الوكالة - جهود الإصلاحات الحكومية في المجال الأمني وأجهزة إنفاذ القانون وسلطات مكافحة الإرهاب وغسل الأموال والجريمة المنظمة، والدعم الدولي المطلوب لتعزيز قدراتها في ردع مختلف التهديدات.

وفي حين أشاد رئيس مجلس الحكم اليمني بالتعاون الوثيق بين بلاده والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، قال إنه يتطلع مع الحكومة إلى مضاعفة الضغوط الدولية على الميليشيات الحوثية، بما في ذلك تصنيفها منظمة إرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها وتسليحها.

تأكيد على دور واشنطن

وشملت اللقاءات الأميركية في الرياض عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الرحمن المحرمي، ونقل الإعلام الرسمي أن الأخير ناقش مع السفير الأميركي، ستيفن فاجن، آخر المستجدات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والعسكرية في اليمن.

وتناول اللقاء - وفق وكالة «سبأ» - التداعيات الاقتصادية والإنسانية في اليمن والمنطقة، في ظل استمرار تصعيد ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر. كما تم بحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين لمكافحة الإرهاب ودعم جهود السلام والاستقرار في المنطقة.

النقاشات اليمنية - الأميركية ركزت على الدعم الأمني لمواجهة الإرهاب (سبأ)

واستعرض اللقاء، حسب الوكالة، الجهود التي يبذلها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن.

وفي هذا السياق، جدد المحرّمي حرص المجلس على تنفيذ الإصلاحات الداخلية ومكافحة الفساد لتحسين الخدمات الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين، مؤكداً على أهمية الدور الأميركي والدولي في دعم هذه الجهود.

ونسب الإعلام الرسمي إلى السفير الأميركي أنه «أكد دعم بلاده لجهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة في مواجهة التحديات المختلفة، مشيداً بالجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات الراهنة».

دعم المؤسسات الأمنية

وفي لقاء آخر، الاثنين، بحث وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني مع السفير الأميركي ومدير مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، الوضع الأمني في البحر الأحمر والتهديدات الحوثية المستمرة للملاحة الدولية، وبحث التعاون الثنائي لتطوير القدرات الأمنية للمؤسسات اليمنية.

وفي حين أكد الوزير الزنداني التزام الحكومة بمواصلة الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب والتطرف، شدد على أهمية الشراكة الدولية في هذا المجال.

وزير الخارجية اليمني مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي (سبأ)

إلى ذلك، بحث وزير الداخلية اليمني إبراهيم حيدان مع المسؤولين الأميركيين تعزيز التعاون الأمني في مجال التكنولوجيا وأمن واستخدام المعلومات لمكافحة الإرهاب والتصدي للتحديات الأمنية التي تواجه اليمن والمنطقة.

وحسب ما أورده الإعلام الرسمي، أكد حيدان خلال لقائه السفير فاجن والمسؤول في الخارجية الأميركية ليفنسون على أهمية دعم جهود الحكومة اليمنية لتعزيز الاستقرار ومواجهة التنظيمات الإرهابية والميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني التي تهدد أمن وسلامة اليمن ودول الجوار.

وأشار حيدان إلى الجهود التي تبذلها وزارته في إعادة بناء الأجهزة الأمنية وتطوير الأنظمة الرقمية لتحسين قدراتها العملياتية، رغم التحديات التي تواجهها البلاد في ظل الظروف الراهنة.

وعود أميركية بدعم القوات الأمنية اليمنية في مجال التدريب وبناء القدرات (سبأ)

ونسب الإعلام الرسمي إلى رئيس مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، جيسي ليفنسون، استعداد بلاده لدعم الجهود الأمنية في اليمن من خلال التدريب وتقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات.

يشار إلى أن الحوثيين في اليمن يخشون من حدوث إسناد دولي واسع للحكومة الشرعية يؤدي إلى القضاء على انقلابهم واستعادة صنعاء وتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكان زعيمهم عبد الملك الحوثي قد طمأن أتباعه بأن الجماعة أقوى من نظام بشار الأسد، ولن يستطيع أحد إسقاطها لجهة ما تملكه من أسلحة إلى جانب ما استطاعت تجنيده من عناصر خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.