بوتين يقرر سحب القوات الروسية من سوريا اعتبارًا من اليوم

القرار محاولة لتوفير أجواء الثقة في جنيف.. ودعوة للقوى الخارجية بالتوقف عن تدخلها

الرئيس الروسي بوتين مجتمعاً مع وزيري الخارجية والدفاع أمس في مكتبه بالكرملين عندما أعلن عن سحب القوات الروسية من سوريا (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي بوتين مجتمعاً مع وزيري الخارجية والدفاع أمس في مكتبه بالكرملين عندما أعلن عن سحب القوات الروسية من سوريا (أ.ف.ب)
TT

بوتين يقرر سحب القوات الروسية من سوريا اعتبارًا من اليوم

الرئيس الروسي بوتين مجتمعاً مع وزيري الخارجية والدفاع أمس في مكتبه بالكرملين عندما أعلن عن سحب القوات الروسية من سوريا (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي بوتين مجتمعاً مع وزيري الخارجية والدفاع أمس في مكتبه بالكرملين عندما أعلن عن سحب القوات الروسية من سوريا (أ.ف.ب)

في خطوة غير متوقعة فاجأت الداخل والخارج على حد تقدير الكثير من المراقبين، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عن قراره بسحب القوات الروسية من سوريا اعتبارا من اليوم 15 مارس (آذار) الجاري. وفي لقائه الذي أجراه أمس الاثنين مع كل من وزير الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو، قال بوتين بأن الدفع بالقوات الروسية إلى سوريا وما أنجزته من مهام خلال ما يقرب من نصف العام، كانت في مقدمة الأسباب التي ساهمت في بدء الحوار الذي بدأ في جنيف بين الأطراف السورية.
بدا القرار الروسي بالانسحاب من سوريا مفاجئا للإدارة الأميركية، حيث ظلت إجابات المسؤولين الأميركيين حول تعليقهم على القرار الروسي أنه سيتم بحث الأمر والسعي للحصول على مزيد من المعلومات. وأشار مسؤول رفيع بالبيت الأبيض إلى احتمال إجراء اتصال تليفوني بين الرئيس أوباما والرئيس فلاديمير بوتين للتباحث حول هذا القرار والحصول على تفاصيل القرار والتوجهات الروسية حيال سوريا بعد الانسحاب العسكري.
ورحبت المعارضة السورية، بالقرار، قائلة إن الانسحاب الجاد سيضغط على السلطات السورية ويعطي محادثات السلام قوة دفع إيجابية. ونقلت «رويترز» عن سالم المسلط، المتحدث باسم (الهيئة العليا للمفاوضات)، أنه إذا كانت هناك «جدية» في تنفيذ الانسحاب فسيعطي ذلك دفعة إيجابية للمحادثات، وستشكل عنصرا أساسيا للضغط على النظام، وستتغير الأمور كثيرا نتيجة لذلك.
وأكد بوتين أن القوات الروسية أنجزت ما وضعته من مهام في بداية العمليات العسكرية، مشيرا إلى أن قرار الانسحاب سوف يسري فقط على الجزء الأعظم من القوات الروسية بما يعني الإبقاء على القاعدة البحرية في طرطوس والقاعدة الجوية الرئيسية في حميميم، وهي المناطق التي تعهد بوتين بالدفاع عنها بما تملكه قواته من أسلحة برا وبحرا وجوا، بما يعني الإصرار على استخدام منظومات صواريخ «إس - 400» والقوات البحرية الموجودة في شرق البحر المتوسط.
وقال بوتين بأن «الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية، على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية». وإذ أشاد بما قامت به القوات الروسية بكافة أفرعها في سوريا من نجاحات في سوريا، قال بوتين بأنه يأمل أن يكون قراره «دافعا إيجابيا لعملية التفاوض بين الأطراف السورية التي بدأت حوارها في جنيف» و«عنصر ثقة لدى هذه الأطراف». وكشف ديمتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين عن أن القرار الذي حرص الرئيس بوتين على إعلانه على مرأى ومسمع الملايين في الداخل والخارج عبر القنوات الروسية التلفزيونية جاء بالتنسيق مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وجرى إبلاغه إلى السوريين. وأشارت مصادر دبلوماسية روسية في تعليقها إلى «الشرق الأوسط» على قرار الرئيس بوتين إلى أن قرار الرئيس بوتين، دعوة مباشرة إلى القوى الخارجية الأخرى التي تدعم هذا الفصيل أو ذاك من فصائل المعارضة السورية بما فيها المسلحة إلى التوقف عن دعمها لهذه القوى والتحول نحو ممارسة الضغوط اللازمة لدفعها إلى المزيد من التقارب لبحث السبل المناسبة للتوصل إلى التسوية المنشودة.
ومن جانبه أطلع شويغو وزير الدفاع الروسي الرئيس بوتين على ما حققته القوات الروسية من إنجازات منذ بدء العمليات الجوية الفضائية الروسية في سوريا في 30 سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وكذلك خلال فترة وقف إطلاق النار التي بدأت في سوريا اعتبارا من 27 فبراير (شباط) الماضي بموجب الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا مع الولايات المتحدة.
ونقلت مصادر روسية عن السلطات السورية ما قالته حول أن روسيا تعهدت بمواصلة دعم سوريا لمحاربة الإرهاب، وهو ما أكده فيكتور أوزيروف رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس الاتحاد - المجلس الأعلى للبرلمان. وكان أوزيروف أكد أن سحب القوات لا يعني وقف توريد السلاح للحكومة السورية، مشيرا إلى أن سحب القوات الروسية لا يعني الامتناع عن الالتزامات الخاصة بتوريد السلاح والتقنيات العسكرية للحكومة السورية، فضلا عن تدريب الخبراء العسكريين. وقال أوزيروف «إن مساعدة القوات الفضائية الجوية الروسية وفرت الظروف المناسبة أمام الحكومة السورية للتعامل مع الإرهابيين من خلال قواها الذاتية».
وأشار مسؤولون بالبيت الأبيض والخارجية الأميركية والبنتاغون، إلى أن واشنطن تسعى لمعرفة المزيد عن القرار الروسي بالانسحاب من سوريا. ورفض جوش آرنست المتحدث باسم البيت الأبيض التعليق على الانسحاب الروسي من سوريا، مشيرًا إلى أنه لم يطلع على التقارير التي تحدثت عن الانسحاب، وأضاف أن إدارة أوباما أعربت مرارا خلال الشهور الماضية عن إحباطها من الدعم العسكري الذي تقدمه روسيا للأسد وأن الولايات المتحدة طالبت مرارا بتنحي الأسد.
وتابع المتحدث باسم البيت الأبيض، قوله: «لقد تحدثنا كثيرا حول كيف أدى التدخل العسكري الروسي إلى دعم نظام الأسد وجعل الجهود المبذولة لإحداث عملية انتقال سياسي أكثر صعوبة».
في السياق، أشار محللون سياسيون، إلى أن بوتين بقرار انسحابه المفاجئ من سوريا يرسل رسالة للمجتمع الدولي أنه المسيطر على مجريات الأمور في سوريا، وأن روسيا يمكن أن تجلب الكثير من الحلول إلى طاولة المفاوضات.
ومنذ بدايات الضربات الروسية والتحرك العسكري الروسي داخل سوريا وجهت الولايات المتحدة الأميركية انتقادات لاذعة ضد التحركات العسكرية الروسية في سوريا واتهمت موسكو باستهداف مواقع المعارضة السورية بدلا من استهداف مواقع تنظيم داعش.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.